قراءة أولية في مظاهرات جمعة الغضب العراقي

قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)

الحوار المتمدن-العدد: 3288 - 2011 / 2 / 25 - 20:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

شهدت الجمعة 25 شباط 2011 اكبرتظاهرات شعبية قي تاريخ العراق شملت ليس العاصمة ومراكز مدن المحافظات بل أقضية ونواح ايضا..وهذا يعني انها انتفاضة شعبية ضد وضع عام وواقع حياتي معاش.والمفارقة ان هذه التظاهرات أوجزتها عبارة خطت على لافتة تقول :

(الديمقراطية أوصلتكم للمناصب والديمقراطية اوصلتنا للمطالب)

والسبب الرئيس الذي أدى الى جمعة الغضب هو احتقان انفجر من يأس وأحباط ونفاد الصبر من أداء حكومة سابقة ارتكبت خمس خطايا كبيرة ،هي:

1. شرعنة الفساد بمنحها المسؤولين فيها رواتب ضخمة وامتيازات خيالية تعادل اضعاف ما يأخذه ارفع مسؤول في المنطقة ،ووضع أنفسهم فوق المساءلة والقانون.

2. سكوتها عن محاسبة مسؤولين كبار ارتكبوا جرائم فساد بعقود وصفقات لم يشهدها تاريخ العراق والمنطقة.

3. تزايد البطالة بنسب قياسية لاسيما بين الخريجين، وافقار الشعب واهمال مدنه التي صارت هي الأسوأ في العالم مع أن العراق هو البلد الأغنى.

4. تشكيل حكومات محلية ومجالس بلديات في المحافظات على اساس المحاصصة الحزبية ومن اشخاص معظمهم لا يتمتع بالكفاءة والنزاهة.

5. عدم اعتذار الحكومة الحالية لشعبها وتقديمها تبريرات غير مقنعة للناس.



والغريب في تاريخ الديمقراطية ان الشعب ينتفض غضبا ضد حكومة شكلها برلمان انتخبه هو ..فأين الخلل: في الجماهير التي انتخبته؟ أم في العملية الانتخابية؟ أم في الحكومة المنتخبة ديمقراطيا؟

ان الاجابة على ذلك نجده في الاهزوجات والشعارات التي رافقت التظاهرات ،اليكم عددا منها:

· الشعب يريد اصلاح النظام

· نفط الشعب للشعب موللحراميه

· جينه نطالب بحقنه من ذوله الحراميه

· 25 شباط نهاية الفاسدين

· سنخرج حقوقنا من جيوبهم

· نطالب باجتثاث الفاسدين

· كافي بوك ونهب ..والله عيب

· نريد وزراء بنغلادش لأنهم يعملون بضمير!

· وين الكهرباء ياكامل الزيدي( محافظ بغداد)

· رفع مهفة عراقية مكتوب عليها: مكيف يدوي!

· رفع فوانيس وعلب نفط فارغة..اشارة الى انعدام الكهرباء وشحة النفط ومشتقاته(البنزين حيث تقف السيارات طوابيرامام محطات التعبئة)

· صورة لأصبع السبّابة مقطوع طرفه البنفسجي ومكتوب تحتها:نادمون!.



هذا يعني ان الحكومة السابقة التي صار العراق في زمنها رابع أفسد دولة في العالم ،وسرقة المال العام بنوعيه المشرعن والخفي، والخطايا الأخرى التي ذكرناها كانت السبب الرئيس لما حصل ،فضلا عن سببين جديدين :تشكيل حكومة محاصصة لا يتمتع معظم وزرائها بالكفاءة والخبرة ،وأوسع حكومة في تاريخ العراق..مترهلة ومستنزفة لخزينة الدولة.

ولأول مرّة بتاريخ الأنظمة الديمقراطية ..تسوّر الحكومة والبرلمان نفسيهما بحواجز كونكريتية وآليات عسكرية ،وتستخدم العيارات النارية في تفريق مظاهرة بين المشاركين فيها من انتخبها..فيما البرلمانيون في الدول الديمقراطية لهم مكاتب في مناطقهم أبوابها مفتوحة لاستقبال الناس وليسوا متجمعين في منطقة واحدة ومسورين أنفسهم بحمايات بشرية ومصدات كونكريتية.

ومع كل السلبيات التي رافقت التظاهرات فأنها حققت نتاائج كبيرة. فللمرة الأولى تجبر محافظين ومجالس بلدية على الاستقالة ويثبت المتظاهرون انهم قادرون على اسقاط اي مسؤول فاسد.وما ينبغي التقاطه من هذه النتيجة انها تمهد لخطوة اكبر هي اضعاف المحاصصة في مجالس المحافظات والبلديات التي جاءت بأشخاص غير كفوئين وغير نزيهين..وكسرها لحاجز الخوف وتحولها الى انها صارت هي التي تخيف السلطة ..فمن جميل ما ردده المتظاهرون اهزوجة تقول: (موحان لا تطلع بعد ..الشعب متحلف بيك)و(انشلعك والله انشلعك...)وكلاهما موجهتان لآثنين من المحافظين .

ان كسر حاجز الخوف هذا يفضي الى تظاهرات اوسع واقوى مستقبلا ما لم تقم الحكومة باجراءات آنية تتمثل بتشكيل محكمة من قضاة مستقلين لمقاضاة الفاسدين الكبار وارجاع المال العام الذي اغتصب بفساد مشرعن او بسرقة ،وتحديد راتب اعلى مسؤول بالدولة بعشرة ملايين دينارا ..نزولا.

وما لم تقم الحكومة بهذه الاجراءات في غضون اسبوعين فان المطالب الخدمية تحتاج الى تشريع من قبل البرلمان واجراءات تنفيذية من قبل الحكومة ..وهذه تحتاج الى وقت ..لن يصبر عليها ناس نفد صبرهم وانتفضوا ..وخرجوا بنتيجة: ان ما حصل اثار الشجاعة فيهم ..والخوف في السلطة!.

مساء الجمعة 25 شباط 11

#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل