أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - التخويف بالبديل














المزيد.....

التخويف بالبديل


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3267 - 2011 / 2 / 4 - 07:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دائما كان التخويف بالبديل واحدا من أهم الأسلحة التي تلجأ إليها الدكتاتوريات للحصول على تأييد الخارج والداخل, ومصر لم تكن استثناء من هذه القاعدة. وإن ما من أحد بإمكانه أن ينكر أن التغيير العراقي الذي نتج عن الإطاحة بصدام حسين في العراق كان لعب دورا رئيسيا في جعل هذه الورقة أشد تأثيرا, وهو رأي ليس غرضه تنقية صفحات ذلك الحكم البغيض بقدر ما هو تأكيد على ظلامية الحالة الراهنة. ومن المهم أن لا ننسى ذلك الاستقبال الذي حظي به التغيير العراقي بين شعوب دول إقليمية عدة والآمال التي كانت عقدت عليه في بدايته, حيث ظلت هذه الشعوب بانتظار التحولات الإيجابية التي كان مؤملا أن ينتجها ذلك التغيير لكي تكون له انعكاساته السياقية على مجمل أوضاع المنطقة, غير أن نتائج التغيير الخائبة سرعان ما أطاحت بآمال هذه الشعوب وجعلت أنظمتها الدكتاتورية أكثر قدرة على المطاولة.
صدام حسين الذي أدت به ممارساته الفردية المستبدة وحروبه الكارثية إلى عزلة جماهيرية واضحة سرعان ما أغرق نفسه في لعبة التخويف من البدائل, واضعا نفسه غير بعيد عن ثنائية التناحر المذهبي البغيضة.
لكن صدام لم يكن وحده في تلك الساحة, فلقد سبقه البعض من أعدائه إلى الريادة, بحيث لم يخلو دخوله إليها فيما بعد من ردة فعل لحماية سلطة لم تتقن جيدا بناء دولتها الوطنية المتحضرة. ولست مجبرا الآن على الدخول في مماحكة من نوع هل كان صدام طائفيا أم لا, لأنها ستخرجنا عن موضوعتنا الأساسية أولا, ولأنها تحتاج إلى شرح لا توفره هذه المقالة, ولا يشجع عليه أيضا تراث اللحظة الذي لا ما زال يتحرك بدرجات من الحساسية والتعقيد وبتوظيفات لا تتيح الحصول على أجوبة عادلة وهادئة وموضوعية منصفة.
لقد كان من أهم أسباب فشل انتفاضة الجنوب هو أنها ظلت انتفاضة للجنوب ولم تتوفر لها مقومات النجاح لكي تكون انتفاضة عراقية شاملة. ويبقى من الحق أن نقول إن إدانة صدام, كونه استخدم مكونات الحالة المذهبية لصالحه, لا ينفي حقيقة أن صدام لم يكن لوحده من فعل ذلك. وفيما بعد سوف يتأكد أن الخطاب السياسي لبدائله كان أعنف طائفية من تلك التي عبر عنها خطابه مما يؤكد على أنه لم يكن ذهب إلى ذلك الخيار بإرادته لوحده, وأن هناك من يتحمل قبله ومعه مسؤولية التأسيس والشحن. ورغم التأكيد على دكتاتورية صدام, وعلى بشاعة جمهورية الخوف التي أسسها وتسيدها فإنه لا يمكن نكران أن خطابه السياسي كان يملك مساحة تنوع يفتقد إليها خطاب بدائله الذي كان تمركز حول حالة رفض سلبية لم تفلح بتقديم البديل الإيجابي المطلوب, وحول حالة شد وشحن طائفي أدى إلى تأسيس نظام لا تسمح بنيته بأي تطور جدي على صعيد بناء وطن ناهض ومجتمع موحد ومتقدم.
والحق أن لعبة التخويف من البديل لم تنتهي, فلقد أتقن البدلاء هذا الخطاب حتى بدا وكأنهم لا يملكون غيره, فالتخويف من سلطة الشقيق المذهبي ما زال يجري, ليس لتأسيس سلطة علمانية ودولة مدنية تضعف إمكانات التفرد والتسلط, وإنما لبناء سلطة وفكر طائفي نقيض, وبهذا إنتقل العراق من طائفيته الخجولة إلى طائفيته المشرعة بخطاب واضح وفاعل. وسيؤدي الخوف من البديل والتخويف به إلى تعطيل قدرة الدولة العراقية على تأسيس خطاب سياسي وطني موحد.
في مصر تنبع لعبة التخويف بشكل أساسي, وخاصة في الوقت الحاضر, من إمكانات أن يهيمن الإخوان المسلمون على الأوضاع السياسية, وهي مسألة من الحق لها أن تبعث التوجس والخوف داخل مصر وخارجها.
في الداخل سوف يتعرض الخطاب الثقافي المصري المتحضر إلى تراجع مخيف. صحيح أن الأخوان بات لهم كمٌ وكيفٌ مؤثر, لكن الصحيح أيضا أن أغلبية الشعب المصري لا تتقبل خطابهم السياسي والاجتماعي, وأن الثنائية الدينية التي يشكل المسيحيون طرفها الآخر غير مستعدة أبدا للقبول بدخول قوي للإخوان على خط السلطة. فعلى امتدادات قريبة من حدود مصر تؤكد التجربة السودانية على مقدار ما يمكن أن يؤسس له الإسلامويون من مخاطر على الوحدة الاجتماعية والجغرافية. إن تجربة الانفصال الجنوبي لا تخلو مطلقا, بل هي متخمة, بكل ما يؤكد على ظلامية هذا الطريق على مستقبل شعب مصر الموحد, ومثلها فإن التجربة العراقية قد أدت إلى بناء حالة تراجع ثقافي مهد الطريق إلى مجموعة الجرائم التي ترتكب بحق المسيحيين.
على صعيد الخارج سيبدو المأزق أشد خطورة, إذ ليس هناك ما يمنع الخوف أو يقلله من إمكانية أن تمتد تأثيرات الصعود الإسلاموي المصري إلى عموم المنطقة بدأ من الساحة الفلسطينية واللبنانية وعبورا إلى الساحة الأردنية والسورية وبما يمنح إسلامويو إيران أرجحية مخيفة للغلبة الإقليمية في معركة شديدة السخونة, الأمر الذي سيجعل الطرف الأمريكي يلقي بثقله كاملا في خدمة الموقف العسكري الإسرائيلي.
إن من حق السلطة المصرية أن تمسك بتلابيب هذه المعادلة لكي تستثمر حالة الخوف والتخويف من البديل, فالسياسة قد تسمح إلى حد ما باستغلال هذا الاسلوب, ولكن ليس إلى الحد الذي يجعله عماد اللعبة وركيزتها الأساسية وسلاحها الأفضل, وغالبا ما تفقد السلطات قدرتها على توظيف هذه اللعبة بشكل جيد إذا لم ترفقها بتحولات من شانها أن تضيق هوامش الأخطار الأخرى ضدها, وإن من الجهالة أن نعتقد أن بإمكان هذه اللعبة أن تستمر على فاعليتها, وخاصة حينما يصيب النظام مرض فقدان التوازن, والشعب الذي يصل إلى حالة البؤس والفاقة وفقدان الضمانات لن يكون على استعداد للقبول بمعادلات سياسية لا تطعمه رغيفا ولا تسقيه شرابا, وأول تلك المعادلات التي سيرفضها هي معادلة التخويف بالبديل.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبارك..بين البحر وبين النار
- مبارك.. الدخول إلى الحمّام ليس مثل الخروج منه
- الكلام ثلاث
- مشكلة شلش مع العراق أم أنها مشكلة العراق مع شلش
- شيطنة القاتل.. متابعة لمحطة العنف الأمريكي الأريزوني – القسم ...
- شيطنة القاتل.. متابعة لمحطة العنف الأمريكي الأريزوني
- انفصال الجنوب السوداني ونظرية المؤامرة
- المسلمون في الغرب.. الخطر الساطع آت
- على هامش الجرائم ضد المسيحيين
- السرقة بين عهدين.. الصحراوي والخضراوي
- نحن شعب لا يستحي.. ولكن, هل تستحي أنت
- وهل هناك بعد عبادان قرية
- لاء الحسين و لاء صدام بن حسين
- أسانج المُغْتَصِب.. أسانج المُغْتصَب
- في بيتنا... أسانج
- وقفة رابعة مع شهداء الكنيسة
- لو كان يدري ما انتصر
- من أزمة الحكومة إلى الحكومة الأزمة
- هل كان الحكم الملكي طائفيا – 4
- فاز المالكي بخصمه لا على خصمه


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - التخويف بالبديل