أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - عدنان القطب .. السكون المؤجل !!














المزيد.....

عدنان القطب .. السكون المؤجل !!


محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد


الحوار المتمدن-العدد: 3228 - 2010 / 12 / 27 - 21:15
المحور: الادب والفن
    


كجسد ٍ مسكون ٍ بالصمت الجلل ، إخترقتني شظيتك النافذة ، حارة ً ، ندية ً ، موجعة ، مزقـّت الأنسجة ، وفتت الخلايا النابضة بالسكون ، وألقمتني هدوءاً غريباً ، وكأن الأمر لا يعنيني ، بل وكأن الحدث في غير دنياي ، لكن الصدمة المديدة إنتهت ، وبدأ الوجع البارد الرهيب ينهش أضلاعي ، وكمنتْ لي الحقيقية المـرّة التي كنت أتهرب منها ، في أقرب منحنى ، لقد غادرتـَنا بهدوء مريب يا عدنان القطب الى الأبد .
أجل .. الجراحات العميقة تشرع برحلتها رويدا رويدا ً ، إنها كسكين مغروس ، ينام برهة ً ، ثم تحركه يدٌ خفية ليتضاعف الألم ، بفظاظة القساة ! بعد أن إكتشفتُ الآن ، الآن وحسب ، بأنك ستغيب طويلاً ، رغم إني لم أكن قد رتبتُ كريات دمي لهذا الإحتمال الوافد المفاجئ بعد ، فتقلصت الى داخلي وسددت مسامات يقظتي ، وإنكفأتُ على تلك السويعات المشتركة التي جمعت بيننا ، بعيدا ًعن الموجبات الدنيوية الضاغطة التي تفرق ولا تجمع ، والتي ننوء بثقلها في كل زمان ومكان ، سويعات كنت َ تملأها بكل الرزانة والسلاسة والنداوة المعروفة عنك ، و بحشدك المفردات الأنيقة التي كنت تجيد إختيارها ، وبالحضور البهي الذي كان يفيض من حولك .
هل غادرتنا فعلاً دون عودة ؟
أتراني لا أصدق ذلك حتى الآن ؟
عندما كان أصدقاؤك ومحبيك وأهلك يوارون التراب على جسدك في تلك المقبرة القابعة على التلة التي تشرف على مدينتك الأثيرة على قلبك ، كنتُ أخالك بجنبي نتحدث عن الغائب ومآثره ، لكن جلال الموت يأتي متجهماً ، موحشاً ولا يعرف لغة المجاملة ، إنه يتحدث بلغته الصريحة الباردة ، ليقول إنه أنت يا عدنان ، تشد الرحال الى حيث إلتئام الرفقة المؤجلة مع حسين عبدالله ، الصديق بل التوأم الحاضر الغائب ، الذي كنت تصّر على وجوده معك أينما حللت .
عدنان القطب ..
كنت تلاحقني دون كلل لكي تحظى بمساحة الود التي احررها لمجلتك الزاخرة بالمحبة الهلال ، وكنت دوماً أستغل صبرك الجميل وأستنفذ كل الوقت المتاح ، بل وأسبب في إرباك إصدار العدد كثيراً ، وها إني أكتب مساحة ودي هذه المرة لك ، دون أن تلاحقني نداءاتك ، وإلتفافك الجميل ، وأسلوبك المرن ، إنني أغمس كلماتي في كل المرارة التي تركتها من خلفك وكنتُ أتمنى إنني لو لم أكتبها أصلاً .
أبا محمد ..
كيف أرثيك وأنا الذي لا أجيد أسرار هذا الفن العتيد ؟ إنني اعرف أن صياغة الجمل في المناسبات هي صنعة المحترفين ، لهذا تركت الأمر لدخيلتي ، وأدرك أن الحياة تواصل دورانها ، وستشلني وغيري إهتماماتها الصغيرة وأحزانها الراسخة وأفراحها القصيرة ، وسنكمل المسير دونك بعد أن يلتئم الجرح الغائر ، واعرف يقيناً بأننا سنجد متسعاً من الوقت يوماً ما لنلاقيك حيث أنت ، وتكون حصاة القدر قد حرّكت السكون المؤجل في قعر البحيرة الداكنة وأحالته الى عرس للأحبة !!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عدنان القطب ، قصصي وإعلامي وصحفي من كركوك ، له مجموعة قصصية قصيرة جداً بعنوان (آمال)



#محمد_حسين_الداغستاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراجع الحدس !!
- تحولات آمنة محمود الصادمة
- الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبالون الإختبار الكبير !
- السطوة الثاقبة !!
- قحطان الهرمزي ومحنة المدينة العصية ! *
- رائحة الأهل !
- طائر الوسن
- كيف أجدك ؟؟
- نحو إستراتيجية للأمن الإجتماعي في العراق
- دعيني أفترض !
- الجذور تستطيل باسقات !! (*)
- عصف السنين
- متى تتوقف الحرب على غزة ؟
- غبش إستيقظ تواً !
- أين ندفن جثمان الشهيد كامل عصام الداغستاني ؟
- محنة الشيشان في ديالى .. الى متى ؟
- بيادر الريح
- سجال آخر المشوار - قراءة موجزة في قصص جليل القيسي القصيرة جد ...
- أنظر خلفك !
- اللهيب البارد


المزيد.....




- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي
- حي المِسكيّة الدمشقي عبق الورق وأوجاع الحاضر
- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين الداغستاني - عدنان القطب .. السكون المؤجل !!