أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - رسالة الى الشاعر سلام كاظم فرج















المزيد.....

رسالة الى الشاعر سلام كاظم فرج


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 3224 - 2010 / 12 / 23 - 11:56
المحور: الادب والفن
    


رسالة الى الشاعر سلام كاظم فرج
عبد الستار نورعلي

تمهيد
هذه الرسالة كُتبت في البدء تعليقاً على مقالة الشاعر الصديق سلام كاظم فرج الموسومة (قراءة عند سفح القصيدة) المنشورة على موقع المثقف بتاريخ الأحد 19/12/2010 ، وذلك عن قصيدة الشاعر فائز الحداد النثرية (حين تغزلين الضوء) ، وبتأثيرٍ مما ورد في المقالة من طروحات وآراء قيمة طالت المداخلة في تطرقها وتناولها لأمور أدبية عديدة فارتأيت عندها نشرها منفصلة . وعساي وُفِّقْتُ فيما رميْتُ اليه.

الرسالة

الصديق العزيز الشاعر سلام كاظم فرج،

تحليلك يشرع ابواب موجبات الرؤية لولوج دواخل النصوص النثرية المشعورة ، ولنسمها ماشئنا قصيدة نثر أو شعر منثور أو نثر شعري أو نثر مركّز أو أية تسمية أخرى ، فلا فرق ، وبما أنّ مصطلح (قصيدة النثر) هو التي شاع في الاستعمال والاشارة الى هذا اللون وأضحى هو السائد ، لذا يُستخدَم توسعاً ودلالةً واسماً لهذا الفن.

حقاً قد غابت القواعد وتهشمت الشروط والضوابط وارتبكت كيفية التمييز بين نثر مركز يستخدم جماليات اللغة في ايصال فكرة أو حالة أوتجربة حسية وبين قصيدة النثر . ولذا دخل الميدان هذا كلُّ مَنْ يمتلك مقدرة ولو بسيطة في الكتابة ليُسمّي نفسه شاعراً حين يكتب نصاً نثرياً انشائياً بسيطاً يلعب فيه بشيء من المجازات الغرائبية أحياناً دون وعي وفهم لما يكتبه ، اضافة الى النشاز التعبيري الشاذّ والمرتبك والمُشوَّه . وهي أزمة ضاعت في خضمها المقاييس مما حفّز الكثيرين على أنْ يديروا ظهورهم لهذا اللون فيعودوا الى الأصول من الموروث الشعري لكي يكتبوا فيه ليكون لهم صوت شعري راسخ البناء مثلما الكلاسيكي في اعتقادهم ووفق اتجاههم الأدبي وميلهم الذوقي . ومن المبتدئين الموهوبين شعرياً والمتابعين والمطلعين كثيرون قد توجهوا الى العمود ليثبتوا كونه شعراء حقيقيين . وربما لأنّ الشعر العمودي له ضوابط وقواعد صارمة معروفة إرثاً شعرياً تاريخياً يستطيعون بالدراسة المنهجية والممارسة اتقانها والكتابة فيها ، مع علمنا بوجود الكثير من صغار أو أنصاف الشعراء يكتبون قصائد على منوالها وفيها الكثير من الجامد والتقليدي والضعيف وحتى اختلالات وزنية لعدم معرفتهم والمامهم الكافي بالأوزان وقواعدها .

وقد تكون فعلاً هذه الشروط والقواعد المنهجية قيوداً تلجم الانطلاق الحسي واللغوي والتعبيري لكنها على الأقل قيود تعبّد طريق السالك فيها بقواعدها وشروطها والتزاماتها الشعرية واللغوية . كما تفتح أمام متناول نصوصها بالتحليل والدراسة والنقد هداية الوصول الى اسباب التوفيق والابداع أو الاخفاق فيها ومدى نجاح أو نكوص مبدعها.

إنّ ظاهرة انتشار وتوسع وكثرة من يكتب نصاً نثرياً وهو يتخيل أنه يبدع قصيدة نثر عن جهالة وعدم معرفة وإلمام ومتابعة ودراسة لَشيء مفزع صادم ومربك . إنّ للمواقع الألكترونية الكثيرة دوراً كبيراً ورئيساً في انتشار هذه الظاهرة ، لأنّ الكثيرَ منها تركت الحبل على الغارب في النشر دون ضوابط فنية أدبية وخاصة تلك التي يديرها أناس لا علاقة لهم بالثقافة عموماً وبالأدب والابداع خصوصاً ليتمكنوا من التمييز بين المنتج الحقيقي الأصيل المبهر والدخيل الضعيف . وهو ما يدفعنا وغيرنا الى المطالبة الصارمة بأن يكون من يلج هذا الميدان موهوباً أولاً ، ومتقناً لأدواته الفنية ثانياً ، وعالماً متسلحاً بالقديم الموروث مثلما الجديد المحدث ثالثاً ، ومثقفاً ثقافة واسعة رابعاً ، ليكون كفءً وقادراً وأهلاً لأنْ يجدّد أو يكتب الجديد قصيدة نثر كانت أم غيرها فيها قدر كافٍ من الشروط الواجب توفرها لتُحتسب شعراً.

وأقول لك الحقَّ : لقد برمنا بالكثير مما ينشر من هذا اللون وسط هذه الموجة الطاغية التي اختلط فيها الحابل بالنابل والغثّ بالسمين ، بحيث تاه السمين في موجة الغثّ العارمة ، هذا على الرغم من أننا نكتب فيه أحياناً ونتناول نصوصه بالتحليل والاشارة والاشادة حين نجد مبدعاً حقيقياً يستحق الوقوف عنده وخارج الاسماء الكبيرة المجددة فعلاً والتي لها بصمتها الابداعية التجديدية الواضحة التي لا خلاف عليها.

أما بالعودة الى الشاعر فائز الحداد فهو أحد الاسماء الشعرية الكبيرة التي تتقن فن الشعر واللغة وسبرَ غور كنوزها لاستخراج المبهر مما لم يُستخرج . فهو في عموده الشعري قوي البناء مكتمل النماء ثرّ العطاء كما هو في نثره المشعور (قصيدة النثر) . وهنا لابد لي أن أدلو بقولي في فعل الأمر (تصابرْ) الذي أشرت اليه انت في متن استعراضك التحليلي . إن صيغة الفعل (تفاعَلَ) تعني المشاركة في الفعل بين اثنين أو أكثر مثلما نقول (تعاون وتشارك وتساعد وتصارع وتقاسم ....) ، وتعني أيضاً (التظاهر) بالفعل أي أنه غير متوفر في الفاعل فيحاول الايحاء والايهام للسامع بتوفره فيه مثل (تمارضَ ، تناوم ، تشاعَر ، تغافلَ ، تغابى ، تشاغلَ ...) ، ومن معانيها أيضاً (المطاوعة) أي قبول أثر الفعل والانقياد له مثل (تباعدَ ، تناثرَ ، تقادم ...) .
فما الذي أراد الشاعر فائز الحداد بفعل طلبه (الأمر) أن يوحي الينا ؟
تصابرْ ... بترياق الانتظار!
أرى أنه يطلب من المخاطب (نفسه ربما) أن يتلبس بالصبر ويطيع أثره ويتحمل ثقله ووقع نصله الممض المؤلم الثقيل كي يقدر على الانتظار باحتساء ترياقه خدراً يساعده في ذلك. فهو قد استخدم صيغة (تفاعل) بمعنى (المطاوعة) وبدليل اسخدامه الثاني لصيغة اخرى من صيغ المطاوعة في الفعل المزيد (تفعّلَ) في فعل الطلب (الأمر) الثاني (تقوّى) :
تقوّى على طيّ أجنحةَ البدء ،
وأنتَ تحلّق أعزل الخيار ...

بمعنى تلبّسْ القوة واقبلْ أثرها وأنت تكاد تضعف أمام الانتظار ووقع الصبر الثقيل . وإنْ كان استخدامه فعل الطلب (الأمر) خارج قاعدته النحوية التي تقول بأنّ الفعل المضارع المقصور يكون مبنياً على حذف حرف العلة (الألف) ، فكان عليه أنْ يقول (تقوَّ) ، فلربما أراد يصيغته هذه خروجاً على القاعدة النحوية وثورة عليها وعدم انصياع لقيود اللغة الملجمة احياناً للابداع ، فلا أعتقد أنه كان غافلاً نحوياً أو ساهياً لحظة خلق القصيدة أو عند اعادة النظر فيها، وكما اشرتَ أنت .

وأنت تعلم أن القواعد اللغوية النحوية والصرفية رغم منطقيتها وثقلها وجمودها المقيِّد كثيراً لما نقول ونكتب إلا أنها تفتح مغاليق المعاني الكامنة خلف الجمل المشكلة من الألفاظ واشتقاقاتها وعلاقاتها البنيوية . ومصنفوها وواضعوها وممنهجوها ، وهم مكتشفوها من اللغويين نحويين وبلاغيين ، بحثوا في اللغة طويلاً لاستنباط المضامين المعنوية الدلالية التي تحملها الكلمات في استخداماتها اليومية والابداعية التسجيلية ليُشرعوا أبواب الفهم والادراك أمام نوافذ عيون وعقول المتلقين حين يقفون أمام النصوص المكتوبة او المسموعة دون فهم بعض الألفاظ والعلاقات بينها، وخاصة في القرون اللاحقة فيما بعد الجاهلية وصدر الاسلام ، لأنها ابتعدت عن جذور اللغة في طبيعتها الاستخدامية الدلالية المعنوية اليومية لايصال القول المراد بين المتحادثين أو القرّاء والتي كانت تلك الألفاظ وعلاقاتها هي وسيلتهم في التواصل بمادتها المفهومة، فقد كانت هي لغة العرب نطقاً وتواصلاً انسانياً تعاملياً عاماً وكتابياً وابداعياً . فما كانت بغريبة أو غامضة عن مداركهم ووعيهم المتوارث واستخداماتهم لها . ولذا وُجدت الشروح اللغوية والدلالية المعنوية على تلك النصوص شعريةً كانت أم نثرية أدبية كحاجة ضرورية لأضاءة مضامينها وايصال ما يريده مبدعوها ، لأنها كانت غامضة المعنى غريبة عن مدارك الناس العاديين والقراء المتابعين من غير المتسلحين بسلاح اللغة في أصولها ومعاني ألفاظها وبلاغاتها ودلالاتها الاشتقاقية. ولربما ماقاله بعض اللغويين عن ضرورة غموض الشعر هو في هذا السياق لكي لا يهبط الى مستوى الضعف اللغوي والاشاري اليومي العامي العادي المتداول الى حد الافراط والتفريط . فحين قال ابن الأثير : "الشعر ما غمض فلم يعطك غرضه إلا بعد مماطلة." وكذلك عبد القاهر الجرجاني حين قال :"ليس في الأرض بيت من أبيات المعاني لقديم أو محدث إلا ومعناه غامض." قد يكون رأيهما في السياق الزمني الذي كانا فيه وهما باشارتيهما هاتين لا يعنيان الغموض بمعنى الانغلاق والتعقيد والاستعصاء على المدارك والرؤية بقدر ما كانا يعنيان الصور والألفاظ والمجازات والعلاقات اللغوية والترميز ونحن نعرف تخصّصهما اللغوي والبلاغي. وبالتأكيد فإننا لا يمكن لنا أن نعتبر ما يُسمى بالشعر التعليمي مثلاً شعراً بالمعنى الفني خارج نظمهِ الشكليّ . أو أن نعدّ منْ يصف مهفةً (مروحة يديوية بالعامية العراقية) أو قاطرة حين دخلت لأول مرة الى بلداننا شعراً:
ومحبوبةٍ في القيظ لم تخلُ من يدٍ ... وفي القرِّ تجفوها أكفّ الحبائبِ
إذا ما الهوى المقصور هيّجَ عاشقاً...أتتْ بالهوا الممدودِ منْ كلّ جانبِ
* * *
وقاطرة ترمي الفضا بدخانها .... وتملأ صدر الأرض في سيرها رعبا

أو ألفية ابن مالك ، أو ماشاكلها مما جاء في تاريخ الشعر العربي.
ولكنْ ليس كل وضوح قتلاً للنص مثلما أشرتَ ، فمن الوضوح ما هو سهل ممتع مستعصٍ حتى على الكبار . وأنا أعرف أنك بالوضوح هنا تشير الى قصيدة النثر دون غيرها . لكنني قرأت الكثيرين من الشعراء والنقاد والأدباء يرون هذا الرأي ويقولون به ، وربما لتبرير ما يكتبون من طلاسم وألغاز وأحاجي ويسمونها شعراً . ولا بد لي هنا أنْ أشير ثانية الى أنّ الوضوح ليس قتلاً حين يكون ناظمه عارفاً خبيراً بما يكتب وما يقول وعن خلفية معرفية وفنية وموهبة لا يُشقّ لها غبار . ومحيط إرثنا الشعري كنز لا ينضب من أمثلة الوضوح الجميل الباهر والسهل الممتنع والمستعصي على غير مبدعه والمضيء والمدهش:
قال كثيّر عزّة يخاطب جمله:
حيتكَ عزةُ بعد الهجرِ وانصرفتْ ... فحيّي ويحكَ مَنْ حيّاكَ يا جملُ
لو كنتَ حييتها مازلتَ ذا مقةٍ .... عندي وما مسّكَ الإدلاجُ والعملُ
ليتَ التحيةَ كانتْ لي فأشكرها ... مكانَ: ياجملُ ، حُييتَ يا رجلُ

وقال ديك الجنّ:
يا طلعـةً طلعَ الحِمامُ عليها ... وجنى لها ثمـرَ الردى بيديها
روّيتُ منْ دمها الثرى ولطالما ... روّى الهوى شفتيَ منْ شفتيها

وقال أحمد شوقي:
خدعوها بقولهم حسـناءُ ..... والغـواني يغرهنَ الثناءُ
أتراها تناستْ اسمي لمّا ... كثرتْ في غرامها الأسماءُ
نظرة ، فابتسامة فسلامٌ .... فكلامٌ ، فموعدٌ ، فلقاءُ

كما قال في قصيدته الشهيرة (ياجارة الوادي):
شـيّعتُ أحلامي بقلبٍ باكِ ... ولممْتُ من طرق الملاحِ شباكي
ورجعتُ أدراجَ الشبابِ ووردهِ ... أمشي مكانهما على الأشواكِ
وبجانبي واهٍ كأنّ خفوقهُ ... لما تلفّتَ جهشةُ المتباكي
ويحَ ابن جنبي كلُّ غايةِ لذةٍ ... بعد الشبابِ عزيزةُ الإدراكِ
...........
ياجارةَ الوادي طربْتُ وعادني ... ما يُشبهُ الأحلامَ منْ ذكراكِ
.......

وقال نزار قباني:
لو كنتِ في مدريدَ في رأس السنهْ
كنا سهرنا وحدنا
في حانةٍ صغيرهْ
ليسَ بها سوانا
تبحثُ في ظلامها عن بعضها يدانا
كنا شربنا الخمرَ في أوعيةٍ من الخشبْ
كنا اخترعنا ربما جزيرهْ
اشجارُها من الذهبْ
أثمارُها من الذهبْ
تتوّجينَ فوقها أميرهْ

وقال الجواهري:
أي طرطرا تطرطي ... تقدّمي ، تأخّري
تسنّني ، تشيّعي ... تهوّدي، تنصري
وقال:
حييتُ سفحكِ عنْ بعدٍ فحييني ... يادجلة الخيرِ يا أم البساتينِ
وقالَ:
حسناءُ رِجلكِ في الركابِ ... ويداكِ تعبثُ بالكتابِ
وانا الظميءُ إلى شرابكِ ... كانَ منْ ريقي شرابي
حسناءُ لم يعسرْ طلابي ... لو كان ما بكِ مثلُ ما بي
لكنْ بكِ المرحُ اللعوبُ وسحرُهُ ودمُ الشبابِ
وبي الذي لا شيءَ يعدلُ سحرَهُ إلا التصابي
وخطَ المشيبُ كأنهُ .... كَـلاً تهيّأ لاحتطابِ

قال المعري:
علّلاني فإنّ بيض الأماني فنيتْ والظلامُ ليس بفانِ
ليلتي هذه عروسٌ من الزنجِ عليها قلائدُ منْ جُمانِ

وقال أبو فراس الحمداني:
أراكَ عصيَّ الدمعِ شيمتكَ الصبرُ ... أما للهوى نهيٌ عليكَ ولا أمرُ
بلى، أنا مشتاقٌ وعندي لوعةٌ .... ولكنَّ مثلي لا يُذاعُ له سرُّ

وقال معروف الرصافي:
أنا بالحكومةِ والسياسةِ أعرفُ ... أألامُ في تفنيدها وأُعنَّفُ
وقال:
منْ أينَ يُرجى للعراقِ تقدّمٌ ... وسبيلُ مُمتلكيهِ غيرُ سبيلهِ
لا خيرَ في وطنٍ يكونُ السيفُ عند جبانهِ والمالُ عندَ بخيلهِ

فهل هذا الواضحات وأمثالها من ألوف القصائد والأبيات والنصوص منذ الجاهلية حتى اليوم مقتولةٌ منسيةُ لا تردِّدها الألسن وغائبةٌ غارقةٌ في النسيان؟

وحتى في قصيدة النثر هناك وضوح ممتنع باهر الصياغة مدهش الايحاء مذهل الصور والمضامين باسق البناء.
يقول أدونيس في قصيدة (المهد):
أتحدَّثُ مع عَدَنٍ وتوحي إليّ صنعاء تسيرُ معكَ الأولى وتُقْبِلُ
إليكَ الثانيةُ فيما تجلسُ حولَهما الجبالُ كمثلِ شُهُبٍ هدَّها السيرُ.
صنعاءُ ـ تسندُني أشجارُ السِّدرِ تُظللني أشجارُ العرعرِ
تحضنُني بيوتٌ أعشاشٌ تواكبُني مُدرّجاتٌ سلالمٌ وحينَ أنخفضُ
في تهامة وألتبسُ بعُشبِ الأقاليمِ تتخطفني نباتاتٌ تتآلفُ معَ
الصخرِ ونباتاتٌ تعشقُ الملوحةَ وتنفجِرُ أمامي الأوديةُ حقولاً

يقول انسي الحاج في قصيدته (غيوم):
هل يحبُّ الرجل ليبكي أم ليفرح،
وهل يعانق لينتهي أم ليبدأ؟
لا أسأل لأجاب ، بل لأصرخ في سجون المعرفة.
ليس للانسان أنْ ينفرج بدون غيوم
ولا أن يظفر بدون جزية.
لا أعرف منْ قسّم هذه الأقدار ، ومع منْ هذا فإنّ قدري أنْ ألعب ضدها.
هلمي يا ليّنتي وقاسيتي،
يا وجهَ وجوه المرأة الواحدة،
يا خرافة هذياني،
يا سلطانة الخيال وفريسته،
يا مسابقة الشعور العدد ،
هلمي الى الثواني المختلجة نسرق ما ليس لأحد سوانا..
وهمُكِ أطيبُ من الحياة وسرابُكِ اقوى من الموت.

يقول قاسم حداد في قصيدة (المحرق):
أزقّتها المتربة
تجاعيد أطفالها الشاحبة
زرقتها،
ريشة التاج في عرسها
بحرها يحرسُ الفقرَ فيها
ويجتازها
تحضر الآن، في غيم برلين
رغم المسافات
تقترح الكتب الغائبة
أسمعُ نومَ النوارس في معطف الليل
أسمعها في الظهيرة
أركضُ،
والشمس خلف الخطى التائبة
يا أيّها الولع المرّ
يا منتهاي البدائي
أيتها المدن الغريبة
أنساكِ و أذكّرها وحدها ..
فرساً سائبة.

وتقول الشاعرة اللبنانية جوزيه الحلو في قصيدتها (قضبان النجوم التي...):
قلتَ:
أنتِ ماءُ الزهر
وفردوس عدن سراب
من دون شقائق النعمان
أنتِ ولع الليل بطرف ثوبكِ الأحمر
وركوع الموت من اجل قبلة على شفتيكِ
أنتِ قصبُ السكر وكحول الليل
وهبوب الرياح المهاجرة
في كلّ مكان
وتيه اللقاح

وهناك الكثير الكثير من الواضحات الجليات المُستَسهَلات ، لكنها عصياتٌ ممتنعاتٌ على غير المبدعين الحقيقيين ، فلا تعطي أنفسها إلا بشقّ الأنفس.
والنصوص أعلاه نماذج على سبيل المثال لا الحصر.

وأخيراً وليس آخراً ، لقد أصبْتَ إذ رميتَ ، وأجدْتَ إذ رأيتَ (أنّ قصيدةَ النثر تُستنشق ولا تُفسّر). فهي حقّاً تُستنشَقُ بنفَسٍ عميق ، وتُقرَأ بأناة وانتشاءٍ وهي تُحتسى نبيذاً ممزوجاً بالحسّ وعصيراً متشرباً بالفؤاد ومِنْ دنان الغوص فيما وراء الشكل والمضمون لغةً وصورةً وايحاءً ورمزاً . وهذا لا يكونُ إلا في القصائد ... القصائد!

مع فائق التقدير والتحيات والمحبة والامتنان ، فلكَ الفضلُ فيما أنا أدليْتُ فيه بدلوي هنا .
سلامي ...

عبدالستار نورعلي
الخميس 23 ديسمبر 2010

رابط مقالة الشاعر سلام كاظم فرج:
http://www.almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=41563:2010-12-19-02-08-57&catid=34:2009-05-21-01-45-56&Itemid=53

رابط قصيدة الشاعر فائز الحداد (حين تغزلين الضوء):
http://almothaqaf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=41305&catid=35&Itemid=55



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحسين بن علي (ع)
- هل نسمع سعدي الحلي اليوم يغني؟
- قالَ عراقيٌّ
- قرّرتُ متابعة المسلسلات التركية
- على باب عبد اللطيف الحسيني
- في البدء الروح
- هلهوله للكرسي الصامد!
- كاترينا
- غونار أكيلوف قصائد
- في ذكرى المرحوم أبي رائد عيسى رؤوف الجواهري
- أأبا فراتٍ والجراحُ فمُ
- صاحبتُ محموداً
- أنا ابنُ الصباح
- الجنتان الى ابنتيّ جوان ونور
- أنا مغرمٌ بالشعر، لسْتُ بشاعرٍ
- نصوص لم ترَ النورَ (2)
- قصائد لم ترَ النورَ
- كلُّ القصائدِ في الملامح واحدهْ
- برومثيوس حبيساً *
- ولذاذةُ الكرسيِّ تعصفُ بالعراقِ


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - رسالة الى الشاعر سلام كاظم فرج