عن حياد العراق الديموقراطي !!!

فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 - 13:05
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

مثل صدمة تـقفل الهواء ، تتكرر الأختيارات الخطأ وكأنها سيرة مكتوبه لبلادنا .
ويتقرر ان يقاطع العراق - الديموقراطي - غدا التعبير عن نفسه في مناسبة تعنى بتعزيز الديموقراطيه في العالم . ويَغيبُ العراق - الديموقراطي ، بدعوى الوقوف على الحياد في القضايا الدوليه ، مع خمس دول اخرى فقط ( كوبا – الصين – روسيا – كازاخستان – المغرب ) عن حضور مراسم منح جائزة نوبل للسلام لسجين الحقوق الديموقراطيه الصيني ليو تشياوبو- 54 سنه ، غدا الجمعه الموافق العاشر من كانون اول 2010 في اوسلو .
وليو تشاو بو شخص واحد ، وقد لايعني هذا الشخص شيئا لمسؤول رسمي يمتلك القرارفي بلادنا او صاحب تنظيم مسلح اوسياسي او ولي امر ما ، وربما هناك من يرفض هذا القياس بين موقف العراق وقيمة شخص واحد مهما كان ، برغم انه استطاع ان يرسم صورة مكشوفه للصين العملاق الأقتصادي في الألفيه الثالثه ويجسد موقفها الرافض لحقوق الأنسان والديموقراطيه .
لقد اسهم الكاتب والأستاذ الجامعي ليو تشاو بو في احداث مواجهة القمع الجماعي في الصين عام 1989 كما شارك في كتابة ميثاق 80 الذي يطالب فيه الآلاف من النخب الصينيه بدولة ديموقراطيه تضمن الحقوق الثقافيه والأنسانيه للمكونات الأنسانيه للمجتمع الصيني و ضمان حرية التعبير والصحافة والتظاهر . و حكمت عليه المحاكم الصينيه بالسجن مدة 11 عاما وحرمانه لمدة سنتين من حقوقه الأنسانيه داخل السجن لأنه عمل على : المساس بسلطة الدولة . وقد شكل موقف العراق من مقاطعة منحه جائزة نوبل للسلام للعديد من المراقبين على ان العراق - يفشل في اول اختبار دولي لأظهار شجاعته .
وكانت الصين قد نظمت حملةً اعلاميه ودبلوماسيه لحث شركائها واصدقائها على مقاطعة الجائزه في تعبير عميق عن تمسك الأدارة الصينيه بقوانين الماضي التي تقمع الحريات وتذوب الجميع في بوتقة واحده ولون واحد . وقد فسر البعض موقف العراق بأنه نمط من تعلّم فن اعلاءالمصالح على المباديء مع شريكه الكبير في عقود اقتصاديه كبيرة جدا وفي مجالات النفط والطاقه وهما المجالان الأساسيان اللذان يعتمد عليهما العراق في بناء مشاريعه .
الصحفي البريطاني توني هالبن اعتبر قرار المسؤول العراقي وقوفا مع ادعياء الديموقراطيه في العالم وان القرار هزّ صورة العراق واثار شكوكا حول مستقبل الديموقراطية فيه بحسب الكاتب .
*
وقد ذكرت التقارير الدوليه التي نشرت بشأن العراق احصائيات تم الأشارة اليها والتذكير بها بهذه المناسبة والتي تخص الوضع الأنساني للعديد من السجناء حيث ذكرت منظمة العفو الدوليه وجود اكثر من ثلاثين الف سجين تنقطع المعلومات عن وجودهم بسبب سرية التحقيقات او لأن تهمة الأرهاب من المرونة بشكل تمنح السلطات العراقيه الرسميه صلاحيات واسعه وغير محدده بشأن المعتقلين الذين لم تكن تهمتهم كذلك ، كما اشارت التقارير الى ان منظمات المجتمع المدني العامله في العراق تحتفظ بقوائم تضم خمسة عشر الف اسما لسجناء ومفقودين يمثلون مكونات المجتمع العراقي الذي كان يسعى الى الحصول على حقوقه الثقافيه واستحقاقات وجوده بعد سبع سنوات من الحكم الجديد ، وقد اشار الصحفي داميان وايتوورث الى ان تلك التقارير والأحصائيات تمثل صدمة للمجتمع الدولي الذي عزز احتلال العراق واسقاط الحكم الدكتاتوري بغية اقامة الحكم الديموقراطي الذي يتحمل مسؤولية ضمان حقوق الأنسان واقامة النظام الديموقراطي ، لكن هذا النظام حتى لم يقل كلمة شكر لقوى التحالف التي قدمت خسائر انسانية تزيد على خمسة الاف جندي ومابين واحد الى ثلاث ترليونات دولار من الخسائر الماديه بحسب وايتوورث .
*
وغالبا كانت هناك تجارب سابقه وكثيره يمكن تذكرها وهي تشير الى اهمية تكوّن الفكر السياسي والديني التنويري وجدله في ادارة البلدان وعلاقاتها ومواقفها و في اخراج صيغ الحياة وقوانينها الحاكمه ومرونتها وخصوصيتها وعلاقاتها مع العالم .
ففي عام 1826 ارسلت مصر اولى البعثات الرسميه لطالبي العلم الى فرنسا ، وارسلت الدوله مع مجموعة الطلبة اماما دينيا يعظهم ويفقههم في اصول دينهم ويعمق ايمانهم ويتقدمهم في الصلاة ، لكن رجل الدين هذا رفض ان تنحصر مهمته في الخارج في هذه الحدود فأقبل كما طلاّب الدورة على تعلّم اللغة الفرنسية وقراءاة آدابها وعلومها وقوانينها وصيغ الحياة فيها حتى غدا رجل الدين رفاعه الطهطاوي واحدا من ابرز التنويريين في القرن التاسع عشرفي منطقتنا .
وحين عاد رفاعه الطهطاوي الى بلاده تركت افكاره و كتاباته اثرا واضحا في فكر مصر والبلدان الأخرى ضمن حركة تنوير جديده ، وقد حث على استيعاب العلوم والحداثه وتعلم صناعة القوانين بغية تحسين الحياة وبنائها واعلاء شأن التمدن والمعرفه وان الوطن محبة وانه اساس الفضائل و ان علم الحقوق والنواميس وعلم احوال البلدان وتدبير المعاملات هي ضمان لحقوق الناس في كل بلاد .. واتساءل كم من ساسة العراق ورجال دينه الذين عاشوا الغربات يستطيعون تمثيل تلك الديناميكيه التي لاتهز صورة العراق ، حتى لو في حفل تكريم سجين

#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات