أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - التجار يحكمون المدينة















المزيد.....

التجار يحكمون المدينة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3204 - 2010 / 12 / 3 - 18:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان النبي محمد تاجراً وهذا ما لا ينكره لا سُني ولا شيعي ولا ملحد ولا علماني, وكان أيضاً أولُ خليفة له تاجراً, وأيضاً ثاني خليفة تاجراً ,وبهذا يكون التشريع التجاري قد غلب على التشريع الإنساني من حيث تطبيقات الشريعة ,لذلك كان الناس وما زالوا يطلقون على شريعته مصطلح(التجارة مع الله).

ونحنُ نعرفُ مثلاً بأن الحزب الجمهوري ينشر مبادئه وأفكاره في حالة وصوله إلى السلطة, وينشر بمقابل ذلك الديمقراطيون فلسفة حكمهم إذا وصلوا إلى السلطة أسوة بالجمهوريين, وكذلك الشيوعيون , وذا حكم المجرمون المدينة أو إذا استولوا على السلطة بالقوة فإنهم حتماً سيملئون المجتمع بجرائمهم وسيحمل كبار المجرمين حقائب دبلوماسية وزارية وسينشر المجرمون ثقافة الإجرام في كل مكان , وإذا استولى الفنانون على السلطة وزاحموا المجرمين فإنهم سيبدلون حكوماتهم بحكومات فنية وسينشون فلسفتهم الفنية في كل مكان وستمتلئ المجتمعات وشوارعه بالفنانين وبالمبدعين من شتى أنواع الفنون, ولكن ما الذي سيحدث للناس إذا استولت طبقة التجار على الحكم أو إذا استولت عليه بالقوة؟من المؤكد أن الغش سيصبح شطارة وسيدرسون في الجامعات مبادئ الغش والنهب والاستغلال .

أخطر شيء هو أن تصبح الطبقة الحاكمة في المجتمع طبقة تجارية كما يقال اليوم مثلاً عن شيوخ بعض الدول في الخليج العربي بأنهم يتاجرون ويملكون الشركات الكبرى والضخمة لذلك هنالك توجه عام من قبل المفكرين ومحاربي الفساد من أجل منع الحكام من أن يتاجروا ومن أن يملكوا كبرى الشركات التجارية لأن المصيبة ستقع إذا امتلك التجار شركاتٍ تُمطر ذهباً أو بمعنى أدق إذا امتلكوا الدجاجة التي تبيض ذهباً أو إذا امتلكوا البقرة الحلوب مع تنظيم القوانين والدساتير والتجارة معاً بحيث يصبح التاجر هو القاضي والخصم معاً, لذلك هنالك توجهات من أجل ألفصل بين الطبقة الحاكمة والطبقة التجارية, وذلك كله من أجل حماية المواطن من قسوة التجار وجشعهم.

ولكن الموضوع مختلف تماماً إذا تحول التجار إلى حكام يحكمون الوطن والمواطن فهذه المصيبة أكبر من الأولى لأنه في الحالة الأولى قد تحكم العائلة المالكة وتتاجر دون أن تضع قوانينَ رسمية مناسبة لعقليتهم أو نابعة من عقلية تجارية ففي الصورة الأولى ينبع التجار من طبقة الحُكام أي أنهم يطلعون من تحت عباءة الحُكام وفي الصورة الثانية ينبع الحُكام من طبقة التجار أي أنهم يطلعون من تحت عباءة التُجار لذلك ينعكس فكرهم التجاري على فلسفة الحكم ونظريات الحكم السياسية والاجتماعية.

والسؤال هنا هو:هل تصلح العقلية التجارية لقيادة المجتمع والناس وتأسيس دولة وإنبراطورية(إمبراطورية) على ضوء العقلية التجارية التي تستغل ضعف الناس وسذاجة عقولهم وغالبا ما تستغل حاجتهم للسلعة أو حاجتهم إلى بعضهم البعض وخصوصا في مجتمع تكافلي قديم يقوم على أسس مرعية من التكافل الاجتماعي بين أفراده وأعضاءه من الأهل والأقارب؟

أظن أن الموضوع مختلف تماما بالمقارنة مع وضعنا الحالي لو مثلاً تشكلت الحكومات من طبقات التجار والشهبندرات لأن مجتمعنا اليوم ليس مجتمعا تكافليا بل هو مجتمع كُتلي صناعي يقوم على مبدأ دولة القانون والمؤسسات وتكافؤ الفرص والمساواة بالحقوق وبالواجبات بين كافة الشرائح التعليمية واحترام القوانين والدساتير, ولكن قبل تأسيس الدول الصناعية لم تكن الناس تحترم التجار بل كانوا على العكس يتعاملون معهم بسبب الحاجة وبعد أن تنتهي حاجتهم إليهم كانوا يركلونهم بأرجلهم وبعيونهم ويصفونهم بأقذع الأوصاف ولم تكن الناس أو الوجهاء والمخاتير يسمحون للتجار بأن يتوسطوا المضافات في المجالس العشائرية وقال لي رجال كبار في السن من أن جدي وهو أحد وجهاء المنطقة التي أعيشُ فيها حالياً لم يكن يسمح للتجار بأن يجلسوا إلى جانبه بل كان يُقعدهم بجانب الأحذية على عَتَبة ديوانه ذلك أن الوجهاء كانوا ينبذونهم بسبب رغبة التجار في استغلال الناس ,لذلك كان التجار في المجتمعات التكافلية محتقرون جدا وكان المجتمع دوما يقاوم محاولاتهم في السيطرة عليهم .
ولكن كيف تمكن في العهد الإسلامي مجموعة من التجار السيطرة على الناس؟

من المؤكد أن المعارك التي خاضها المسلمون دليل واضح على عدم رغبة الناس بطريقة حكمهم لذلك اتخذوا السيف والقتل وبنفس الوقت الموت في سبيل الله والتجارة مع الله سلاحا ثقافيا وطبعاً الأمثلة كثيرة في الدين الإسلامي عن التجارة مع الله وقصة(أبا الدرداح) مشهورة مع اليتيم الذي اشترى له من جاره نخلة ببستانه وقصره فقال له الرسول: لك في الجنة بساتين لا تُحصى ولا تُعد من كثرتها, فكل شيء في الإسلام يقابل بأضعاف أضعافه وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن العقلية الإسلامية وهي عقلية تجار ومتاجرين .

ومن ملاحظاتي على أي مفكر أنه يسقط أدواته المعرفية على أي موضوع يتحدث عنه ومن ملاحظاتي على غالبية الناس أنهم يضيفون عباراتهم أو أدواتهم المهنية على أي شيء يتحدثون عنه, فمثلا نلاحظ بأن الطبيب يصف بعض الناس بالمورفين المزيل للألم وبعض الذين لا يعجبونه يصفهم بالسرطان أو بالأورام الخبيثة, وميكانيكي السيارات يقول عن الناس المزعجين بأصواتهم بأن صوتهم مثل ماتور الديزل ,وكذلك كل مهني أو حِرفي يسقط أدواته المهنية على الأشياء التي يعبرُ عنها.

وبعض الناس تنعكس صفاتهم المهنية على أخلاقهم فمثلا (اللحام- الجزار) يرى القتل شيئا عاديا بل أنه يستطيع أن يقتل شخصاً آخر ويقطعه إرباً إرباً ويخفي جريمته في أقل من ساعة دون أن يشعر به أحد ويستطيع تشريح الجثة وكأنه ذئبٌ يمزقها بأعصاب هادئة.

وما بالكم بكل هذه الصفات والتشبيهات الحقيقية وخصوصا حين يصبح التجار العالميون قادة فكر ومنظرون يُنظرون لحياتنا اليومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
ولا أريد الابتعاد كثيرا لأنني سألقي بالضوء على (محمد) نبي الإسلام هذا التاجر الذي بدأ حياته راعيا ومن ثم تاجرا وتحول بعد ذلك إلى نبي ورسول وورثه من بعده صحابة خلفاء خلفوه في الحكم وفي التجارة فجاء دينه مطابقاً لمهنته التجارية بحيث يحسب للإنسان كل شيء تجاريا وبأن التعامل مع الله هو تجارة مع ألله والحسنات ومضاعفة أعدادها , فكل ذلك تجارة وأسلوب تجاري للدعوة, وكذلك أخذ الجزية والزكاة والصدقات ليضعها في بيت مال المسلمين كل ذلك تجارة حقيقة أو إن دلت على شيء فإنما تدل على أن المُنظّرُْ الأول والمُشرعُ الأول الذي شرّع للدين الإسلامي ما هو في حقيقة الأمر إلا تاجرا أسقط أدواته المهنية على رسالة دينية.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزياء الحراميه
- أسعار تشجيعية
- المرأة العربية لاجئة سياسية
- يسافرون للعلاج!
- الطلاق بالثلاث
- في الجلجثة
- عرق الجبين
- براءة الأطفال
- الهجوم وسيلة للدفاع
- رسالة إلى الشعب الأمريكي
- تشابه أسماء
- ما زلتُ أنتظر الرحيل
- العقل السليم في الجسم السليم
- الكذب على الأطفال
- الانتخابات لعبة حقيرة
- الأرض المحروقة
- الشفافية مصطلح أردني
- فاقد حاسة الذوق
- الدراجة حررت المرأة والمصنع حرر الرجل والمرأة
- الأصحاء عقليا


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - التجار يحكمون المدينة