أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - الكذب على الأطفال














المزيد.....

الكذب على الأطفال


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3183 - 2010 / 11 / 12 - 21:47
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


الكذب على الأطفال كان زمان يعتبروه الناس حرام, بس اليوم أضحكوا عليهم أولاً وبعدين حرموا الضحك عليهم لأنهم أصلاً وأصلاً وأصلا لا يصدقون كذبنا عليهم بسهولة ,واليوم أتحداكم إذا بتقدروا تضحكوا عليهم زي ما كان أبائنا يضحكوا علينا , أي صدقوني الكذبة اللي بكذبها عليهم وأنساها يذكرونني هم بها كلما عدتها على مسامعهملإأرتبك كثيرا من كذبي عليهم وأشعر وأنا أكذب بأنهم سيكتشفون كذبي ولن يصدقوني للأبد فأعيد التوازن إلى لساني لأثبت لنفسي بأنني صادق ولستُ كاذباً, الأطفال اليوم ذاكرتهم قوية جدا ويعرفون كل كبيرة وصغيرة, والغريب في الموضوع أن أهالينا كانوا يضحكون علينا بسرعة وبأي كلمة وبأي شيء ولكننا اليوم لا نستطيع الضحك على أبنائنا بنفس الطريقة التي كانوا يضحكون فيها علينا فلا الكلمة البسيطة التي كنّا نصدقها يصدقونها, ولا الهدية أو الأُعطية الصغيرة التي كانوا يعطونها لنا أهالينا يقبلون فيها, والحياة أصبحت معقدة ليست عند الكبار فقط لا غير وإنما أيضا عند الصغار.

وشاهدتُ اليوم منظر جارنا وهو يركضُ مسرعاً إلى الشارع حاملاً ابنته الصغيرة بين يديه وهو يعصرها عصراً بذراعيه من شدة حنانه ولهفته عليها وهي تصرخ من وقعة كانت قد وقعتها على يديها مما أدى إلى إصابتها بعدة جروح وكدمات وخدوش , وذكرني هذا المشهد -خصوصا- والأب يقول لها (خلص بكره ابتكبري وابتنسيها..أنت قويه..شنّاعه...بنّاعه)وكان وجه الطفلة يقول بأن أباها غير صادق,وفعلا ذكرني هذا المشهد بمنظري أنا حين كنتُ وأنا طفل صغير أبكي بصوتٍ عالي ومرتفعٍ جدا كلما أحسستُ بالضيق أو كلما وقعت على الأرض وجرحتُ من يدي أو نَزفتُ من رأسي وكانت جدتي أو أمي تركض أليّ واحدةٍ منهن باتجاهي لتواسيني وهي تقول لي:خلص قوم... انهض ..هذه بسيطه بكره ابتكبر وبتنسى وبتعد هذي الأيام لوليداتك(أولادك), وكنتُ آكل من هذا الكلام كثيرا على مائدتنا اللغوية وأتشجع وأقوم مثل الحصان الجامح ,وبكل كبرياء مهما كان الألم كبيرا أو صغيرا وكنتُ أتناسى كلَ أوجاعي وأقول (عادي خلص ما فيش إشي) طبعاً دون أن أقبض من أي أحدٍ منهم أية تعويض ومرةً وأنا بسن ال14 سنة ضربتني سيارة خصوصية صغيرة ونزفتُ يومها من فمي وما زالت آثار 6 ندب في فمي من الداخل, والمهم أنني تشجعت وقمت من خلال تشجيع أبي وأُمي بقولهم(أنت بطل..شجاع...شنّاع ..قوي)وكنتُ يومها أحلم بأن أمسك بيدي فطبول فاشتراه لي الرجل الذي ضربني وحين أمسكت بالفطبول وضعته في سلته ونسيتُ كلَ أوجاعي.

وفعلاً ها أنا أروي لأولادي كيف كنتُ أقفز وأقع على الأرض, وأحياناً إذا وقع أحد أولادي على الأرض ِوقعة شديدة وكبيرة ومؤثرة أضطر لمواساتهم بالكذب فأقول لهم : مره وأنا في عمركم ومن جيلكم وقعت عن ظهر هذااااااااك الجبل البعيييييد..أنتوا شايفينه؟ فيردون عليّ أحيانا غير مصدقين وهم يقولون: لا يا بابا الكذب حرام, فأقول: ليش هو أنا كذاب؟ فيقولون: مش كذاب بس كيف بدك تقع عن هذاك الجبل! والله لو كان حكيك صحيح كان متت من أيامها , فأرد عليهم وأقول:ما هو أنا كنت بطل قوي شنّاع منّاع قوي -(هذه كلمات سجع للأطفال) – كنت آكل سبانخ مثل بوباي (بوباي) فيقولون: شو كمان كاين عامل حالك بوباي فأبتسم وأقول: أنا (المقاتل ساموراي الياباني) ...أنا الرجل الآلي ...وكلمة من هنا وكلمة من هناك وقصة من هنا وقصة من هناك أستطيع أن أنسيهم جراحهم وخدوشهم, وأستنتجُ أحيانا بأن زمننا كان بريئاً أكثر منهم فأنا مثلاً كنتُ أصدق كل أكاذيب أبي وأمي وجدتي وجيراني دون أن أناقشهم ولكن أولادي اليوم لا يصدقون كذبي بسهولة فأتعبُ نفسي جدا لسرد الكذبة وتطويرها يومياً فآخر مرة كذبتُ عليهم اضطررت إلى مراجعة مصادر علمية خاصة بالتربية النفسية فهذا الجيل ليس من السهل أن نضحك عليه بكلمة واحدة (خلص بكره ابتكبر وابتنسى وابتعد هذه الأيام لأولادك) ,لا, المسألة معقدة تعقيدا كثيرا, أي صدقوني أولادي حتى أكذب عليهم بحاجة إلى عشرة مصادر علمية أو بحاجة إلى مخرج سينمائي وكاتب سيناريو من الدرجة الأولى حتى أستطيع بمساعدتهم أن ألفلف لهم أي موضوع مش مثل أيامي أنا حيث كان الكذب بسيطاً وسهلاً وممتعاً أنا اليوم ألجأ إلى الرشوة لتمرير الموضوع عليهم فأعطي المصاب ربع دينار أردني (25) قرشا لينسى أي موضوع أو لينسى جرحه.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات لعبة حقيرة
- الأرض المحروقة
- الشفافية مصطلح أردني
- فاقد حاسة الذوق
- الدراجة حررت المرأة والمصنع حرر الرجل والمرأة
- الأصحاء عقليا
- غير قابل للتطور
- أستطيع الإرضاع
- يا ديّان
- أكلت نصيبي
- سرقوا نظارتي
- أنا المستفيد من تخلف المرأة
- هزي يا نواعم
- وسام الحمير من الدرجة الأولى
- أمي توصيني على الحكومه
- متى سنصبح مثل العالم والناس؟
- الحلم الوردي
- المرأة هي المجتمع المدني
- أول إنجيلٍ قرأته
- علي بابا والأربعين حرامي


المزيد.....




- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...
- لافروف يعلق على اعتقال شخصين في ألمانيا بشبهة -التجسس- لصالح ...
- اعتقال عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين من جامعة كولومبيا الأمي ...
- استياء عربي من رفض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي أثناء اعتقال شاب في الضفة الغر ...
- فيتو أميركي يفشل مشروع قرار منح فلسطين العضوية في الأمم المت ...
- مساعد وزير الخارجية الأسبق: عرقلة منح فلسطين عضوية بالأمم ال ...
- اعتقال أكثر من 100 شخص خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين في جامعة كو ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - جهاد علاونه - الكذب على الأطفال