أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - متى سنصبح مثل العالم والناس؟














المزيد.....

متى سنصبح مثل العالم والناس؟


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3162 - 2010 / 10 / 22 - 18:02
المحور: كتابات ساخرة
    


أنا مش عارف متى سنصبح مثل الناس العاديين الذين ينامون في ألليل ويصحون في النهار , والذين تكون حياتهم منسجمة مع بعضها البعض, يعني اللي أفكارهم منسجمة مع سلوكياتهم, واللي أحلامهم العاطفية منسجمة مع تربيتهم لأطفالهم , واللي حياتهم السياسية منسجمة مع مؤسسات الحكم المدنية التي تحكمهم.

فلو كنتَ يا صاحبي موسيقيا.. ومررت بجانب فرقة موسيقية وهي تعزف وشعرت بانسجام جميل في المقامات وفي الإيقاعات فإنك حتما سترتاح أنت وأذنك وقلبك ومشاعرك وراح تشكر بالعازفين, ولكن لو مررت بجانب فرقة موسيقية وكان الموسيقيون يعزف كل واحدٍ منهم مقاماً مختلفاً عن الآخر, فإنك حتما لن ترتاح وستتعب أذنك وسيتعب قلبك وعقلك وتفكيرك ومشاعرك وراح أتسب وتشتم بالعازفين .

وهذه هي حياتنا كعرب فنحن غير منسجمين ونسب ونشتم الذين سنوا الأنظمة والقوانين, ودائما أسمع الناس في الشوارع وفي الجلسات العائلية الرسمية وغير الرسمية وهم يقولون: يلعن أبو هيك دوله ويلعن أبو هيك قانون هامل , وحين تتقدم من ألذي يسبُ ويشتم لتسأله ..لماذا؟ سيبث لك نشرة أخبار مؤلمة,فتكادُ أن تكون حياتنا السياسية والاجتماعية مثل سمفونية موسيقية تعزف معزوفة كلها نشاز, فكل عازف لديه مقامه الخاص الذي يعزف عليه بخلاف زميله , وكذلك مؤسسات الحكم السياسية المدنية فكل مؤسسة لديها برامج وأجندات تتعارض بشكلٍ آلي مع برامج المؤسسات الأخرى, فمثلا مؤسسة القصر سواء أكانت مَلكية أو جماهيرية فإنها وراثية وأنا لا أعترض على ذلك وليس من حقنا أن نعترض ولكن على الأقل هذا هو الواقع وأنا هنا أصف الواقع ,ورئاسة الحكومة لديها شعارات علمانية ومن المفترض أن تكون الحكومة حكومة علمانية علماً أن مجلس النواب الأردني كمثال بسيط على واقعنا نجده مؤلفاً من بؤرات مؤسسية قديمة أي من مؤسسة القبيلة عشائري من وجهاء عشائر ومخاتير حارات, وتنتظر الحكومة ومؤسسة القصر من هذا المجلس التشريع ومراقبة الأداء الحكومي وسن الأنظمة والشرائع واللوائح والقوانين والتعليمات والإرشادات .

وهنا أريد أن أقص عليكم رؤية حقيقية قد رأيتها بأم عيني سنة 1999م وهي ما زالت إلى اليوم على نفس الحال.... فمنذ الصباح الباكر في ذلك اليوم استيقظتُ على صوت أمي وإخواني وهم يتمتمون فرحين بوجود التلفزيون الأردني في قريتنا , وكان أخي ينظرُ بعين نصفها يدمع ونصفها باللون الأحمر وقد نهض من نومه بقميص نومٍ أزراره كبيرة بخلاف قميص نومي الذي كان عبارة عن تي شيرت قطني وبنطال ثقيل مصنوع من الصوف , وبدأت أدقق بنظري في التلفزيون وكانت المذيعة تبتسم لرجل طاعن في السن وهو يقول: أنا أقطع الخشب منذ 30 سنة من الأحراش.

وترد المذيعة بكلمة يا سلام!!وكلام قال العجوز : أقطع وأنشر بالخشب وبالأشجار ,كلما تنهدت المذيعة وقالت امممم يا سلام !! وهي معجبة بهذه الروح الشعبية التقليدية المحافظة على القديم, وكانت مخرجة البرنامج تشرب القهوة السادى بينما يمسك الرجل الكبير بمنشاره ويقطع بأشجار البلوط الحرجية, والكل مبسوط ويقولون : والله من أيام جد جده وهو يقطع بالشجر ,والمنظر كان مدهشا تغطيه أغنيات قديمة من التراث تغني على المهباش والعقال والميجنا والكوفية, وبعد أن فرح الرجل بدوره وبما تحدث به قامت المخرجة بتقديم هدية للرجل المحافظ على التراث الذي ما زال يقطع الأشجار ليستعملها في مدفئته بدل استعمال وقود الكاز.

ولكن في صباح اليوم التالي جاءت مؤسسة وزارة الزراعة الأردنية لتلعب هي الأخرى دورها ولتعزف مقاماً آخر مختلف كل الاختلاف عن مقام التلفزيون الأردني وفرضت على الرجل الطاعن في السن غرامة مالية كبيرة عن كل السنين التي مضت أي منذ كان الختيار شابا صغيرا , وذلك بسبب إساءته للأشجار وتقطيعه لأغصان شجر البلوط دون إذنٍ مسبقٍ من وزارة الزراعة حيث يضر هذا العمل بالغابات الحرجية وكذلك يضرُ بالطبيعة وبجمالها الساحر, وقد أبدى الرجل الكبير والطاعن في السن أسفه واعتذاره واعترف بأنه كان يكذب على الناس والجماهير وبأنه لم يقم بحياته بقطع أي غصن من أي شجرة بلوط وقال الناس حين شهدوا معه بأن ذلك كان رغبة التلفزيون من أجل إعداد برنامج متميز عن الحياة القديمة, علما أن الشهود الذين شهدوا معه كانوا قبل ذلك بيوم أي في يوم تصوير البرامج قد شهدوا أمام التلفزيون بأن هذا الرجل يقوم بتقطيع شجر البلوط ليشعله دفئا في مدفئته الخشبية وبأنه كان منذ 50 خمسين سنة يعيش على هذه الشاكلة ويرفض استخدام زيوت النفط.

أرأيتم كما سمعتم؟ كم هي المؤسسات الحكومية بعيدة كل البعد عن الانسجام مع بعضها البعض؟ فوزارة الزراعة ترى بأن قطع أشجار البلوط اعتداء صارخ على الأشجار الحُرجية, بينما التلفزيون الأردني يرى الموضوع تمسكا بالعادات وبالتقاليد وبالحياة الريفية الجميلة وبالتراث, وهكذا هي مؤسساتنا في كل شيء تجدها غير متجانسة مع بعضها البعض.


وبصراحة هذه معزوفة موسيقية غير منسجمة مع بعضها ومصابة بحالة نشاز فهنالك راقص يرقص في وادٍ بعيد وهنالك عازف يعزف في وادٍ آخر , فمؤسسات حكم كل مؤسسة غير منسجمة وغير متطابقة مع بعضها البعض هذا يعني أن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والقضائية مختلفات كل الاختلاف , فما هو هذا النوع من الحكم السياسي ؟ هل هو فوضي (أوليغارشي) أم هو علمٌ جديد؟.

مجلس النواب مجلس عشائري ويصلح بأن يكون اسمه (مجلس الشيوخ الأردني) فكل النواب تفرزهم قواعدهم العشائرية حتى الذين يدعون بأنهم من أصول حزبية وطنية فكلهم ينادون بضرورة اختلاف السلطة التشريعية عن السلطة القضائية وعن سياسة الحكومة, متى سنصبح من البشر؟



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحلم الوردي
- المرأة هي المجتمع المدني
- أول إنجيلٍ قرأته
- علي بابا والأربعين حرامي
- مشغول جدا
- ارضاع الكبير
- أحلمُ بالتغيير
- أدعية شرانية
- أطالب بعودة الاستعمار
- الحاكم والجلاد
- احتفظ بنصائحك لنفسك
- باب النجار إمخلّع
- انسوني يا أصدقائي
- الغريب
- إخراج القرآن
- ظل الغراب
- لا تلوموني على كثرة الكتابة
- بيت جدي
- نزهة المشتاق في كشف النفاق
- أسبوع راحه


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - متى سنصبح مثل العالم والناس؟