أدعية شرانية

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 21:45
المحور: كتابات ساخرة
    

بعض الموهومين يعتقدون بأن الذي لديه شعراً أحمر على رأسه يكون غالبا مزاجه متعكر بعض الشيء, وهذه افتراضية ليست صحيحة أو لم يثبت لها أي دليل إلا في بعض الأشعار والقصص الأدبية ,أما النساء العربيات فأعتقد أنا أن غالبيتهن يملكن مزاجاً عِكراً وغير صاف ٍ وذهنهن غير صافي وذلك بسبب البيت ومتطلباته وثقل الأحمال لذلك الأطفال في البيوت يعيشون كما عشت أنا في منزل كان مزاجه بعض الشيء عكر وغير صافي وأجواءه غير هادئة ولم أكن أسمع طوال النهار إلا أدعية الشر مثل : (ريتك بالموت اللي يحشك حش) وطوال عمري وأنا أستمع للأدعية الشرانية من نساء حارتنا على أنفسهن وعلى أولادهن وعلى عمرهن وعلى مستقبلهن وأستغرب جدا من أين يأتين بهذه الأدعية التي لم أقرأ مثلها لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في أي كتاب ديني, وقد يبدو لنا جميعا بأن الدعاء بالشر جزء من حياتنا فنحن لا نسمع من المساجد في أغلب الأحيان إلا أدعية اللعن والسب والشتم ,ومعقول في ناس زينا بتمنوا الموت والشر لأولادهم مثلنا أو مثل نسوان حارتنا؟, أنا واحد من الناس اللي عاش طفولتة على إعادة واجترار وتكرار الأدعية الشرانية يعني بحياتي ما طلبت من أمي شيء غير أمي أترد بدعاء شراني حتى أصبح ذلك على لسانها عادة وطبع وفطرة وسليقة وجِبلةً وجيناً ثقافياً وإن لم تكن تقصد الأذية لنا وأعتقدُ بأن جلسة نساء حارتنا بدون هذه الأدعية لا تكون جلسة حلوة بمعناها الروتيني وستبقى الجلسة بدون أدعية مجرد جلسة خالية من المتعة وكنتُ وما زلتُ أستمع إليهن وهن يقلن ) دعيت اليوم على أولادي أدعيه بتحتّ ورق الشجر) ومعنى هذا: من شدة الأدعية وقسوتها يتساقط ورق الشجر على الأرض, ومن أين لنساء حارتنا وخصوصاً أمي هذه القدرة على اختراع الأدعية مثل (ريتك تطلع ما ترجع)أو (أنتوا جيل بعبع بوكل ما بشبع بطلع ما برجع) ومين بعبع هذا! يعني تطلع من باب الدار ولا تعود إليها , وكمان إذا طلب الولد أن يأكل فورا تقول أمه له ( آكوله توكلك أكل) والمقصود من ذلك : أتمنى وحش يأكلك أو مرض يأكلك, وكمان إذا حكا الولد بدي أنام فورا أو غالبية النساء بحكن أو بجاوبن بهذا الجواب(نومة جدي) وشو يعني نومة جدي؟ معناه واضح جدها في القبر ميت وتتمنى لطفلها أن يموت أو كأن تقول له: 0نومه ما منها قومه) وكمان في أدعية سجع مثل دعاء (يبقى وراك إبريق وقدامك إبريق ألله لا ييسرلك طريق) و)و( وراك جاجه وقدامك جاجه ألله لا ييسرلك حاجه) و(تتعبط إشجَره من قلّة المَره) ومعناه: ألله يجعلك من دون زوجه تبقى تتحضن بالشجر وتضاجع الشجر مضاجعة زوجية, وكذلك دعاء (تبقى عَجب وأطرافك عجبْ).

الأدعية اللي نسوان حارتنا بحكنها كلها أدعيه شرانيه وما بسمعش أدعية خير حتى المساجد في نهاية الخُطبة تجد الشيخ يسب ويلعن ويشتم بأمريكيا وبإسرائيل علماً أن السكر الذي يأكله والطحين الذين يعجنه والأرز الذي يطبخه كل ذلك من أمريكيا ومعظم الاختراعات التي بين يديه هي من إسرائيل أو من اليهود بشكل عام ومن أمريكيا , فلماذا نعض اليد التي تمتدُ إلينا , ولماذا تتمنا الأم المسلمة الشر لأبنائها , هذا موضوع يجب أن لا يُسكت عنه ويجب أن ندرسه بعناية.

وهل قرأ أحدكم مثلا أدعية شرانية عن الدنمركيين أو عن الأمريكان أو عن الألمان ؟ أو على الأقل إن كانت موجودة فهل تعادل في خطورتها خطورة أدعية المسلمين؟ ولا ننسى القول بأن العرب أيضاً يستعملون دعاء المسبة للتحبب كقولهم (ألله يقصف عمرك) أو (ألله يقطعك) وكذلك التصغير للتحبيب في اللغة فهم يصغرون الأسماء للدلال والغنج وأحياناً للتحقير أي أن التصغير يكون للتحبيب وللتحقير.

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل