أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ظل الغراب














المزيد.....

ظل الغراب


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 19:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من الذي قتلَ الغراب.!.

لا بد بأنه الوهم الذي أصاب المؤرخين أنفسهم فجعلهم هذا لا يقبلون بالتعايش مع الآخرين.

وكثيرون هم الذين قتلتهم الأوهام , حتى المؤرخين أو قل بأن المؤرخين الذين يبالغون في تمجيد تاريخهم المزور وخصوصاً العربُ منهم يقتلون الملايين من الناس الذين لا يرون تاريخ أسلافهم الحقيقي والمبالغة في تعظيم الشخصيات جعل اليوم كثيرا من العرب بل الملايين من المسلمين يموتون وهم مؤمنون بأن لهم تاريخا كبيرا وعظيما وفي حقيقة الأمر ما هو إلا تاريخ مزور ومشوه للأحداث , لذلك اليوم لا يقبل العربُ بالحياة المدنية ويريدون إقامة مجتمع من المستحيل تحقيقه على أرض الواقع وهو غير موجود إلا في الكتب التي أوقعت الناس في الأوهام .

رأيتُ في حياتي التي عشتها طولاً وعرضاً أناساً عملوا بأشياء أكبرُ بكثير من حجم إمكانياتهم وفتحوا شركات وصدقوا أنفسهم بأنهم عمالقة وفي لحظة بين عشية وضحاها اكتشفوا الوهم الذي عاشوا به فانقلبت الأوهام بهم وانعكست على تصرفاتهم فلم يستطيعوا تصديق ذلك حتى أنهم لم يستطيعوا الرجوع إلى أحجامهم الحقيقية وبقوا في الوهم يعانون من الأمراض النفسية حتى ماتوا بأمراضٍ مثل السُكري أو السكتات الدماغية والقلبية.

وأنا ما دمتُ أعرف حجمي الطبيعي فإنني لن أتعرض لأي أزمةٍ نفسية لأنني قبل أن أتعلم هذا الدرس وقعت كثيرا في حفرٍ من الأوهام نصبها لي أعدائي أو أصدقائي عن غير قصدٍ منهم, فالمبالغة في تصوير الذات وحجمها تضرُ جدا بصاحبها.

لقد كنتُ وأنا طفل صغير أنامُ على ضوء (البلورة) وكنتُ كلما مددتُ يدي أراها بحجم الجدار كاملا وكلما مر أبي من جنبي أو أمي كنتُ أقول : شو هذول وحوش؟ وكان إخوتي يخافون جدا من هذا الظل الطويل ولكن أبي كان يقول لنا : هذا حجمكم الذي ترونه واللي بتشوفوه مش هو حجمكم الطبيعي أنتم صغار جدا جدا وأقل بكثير مما ترونه شوفوا حالكوا واعرفوا حجمكم وكل انسان يجب أن يتوقف أو يجب أن تت وقف مطالبه عند حجمه الحقيقي , وأدركت ذلك , وقص عليَّ أبي قصة الغراب الذي وقع ضحية للوهم والخداع , لذلك أنا لا أرى ظلي على الأرض, وإن ما يتصوره الإنسان عن نفسه من أوهامٍ ومن أشياء مصطنعةً من خياله ما هي في حقيقة الأمر إلا ظل الغراب الذي رأى خياله على الأرضٍ كبيرا وطويلاً فظن في نفسه بأن هذا الحجم هو حجمه الحقيقي وكان ينظرُ إلى نفسه بإكبارٍ وبإجلالٍ كبير وكان كلما رأى عصفورا يمرُ من جانبه يظنُ بأنه لو قام باصطياده فإنه لن يكفيه ولن يسد جوعه ورمقه, وكان ظله يزداد طولاً كلما ابتعدت عنه أشعة الشمس وكان جوعه وعطشه يزداد حجما مع مرور الوقت , وكان إصراره كبير بأن حجمه كبيرٌ جدا ولن يسد أي طيرٍ صغير جوعه ولن يكفيه أبداً, ومرت الساعات بالغراب وجوعه يشتد وظله يزدادُ طولاً, وكان ينظرُ إلى الحيوانات الكبيرة الحجم معتقدا اعتقادا جازماً وحقيقياً بأن حجمها هذا هو نفسه ظلها بنفس الوقت الذي ينظر إلى ظله على الأرض ولا يرى حجمه الحقيقي, وقد اشتد الجوعُ على الغراب حتى مات في آخر النهار من شدة الجوع والعطش.

ولكن هل حقيقةً ماتَ الغرابُ من شدة الجوع والعطش أم أنه مات من أوهامه وخيالاته ووسواسه؟

هل الجوعُ هو من قتل الغراب؟ أم أن ظله هو المسئول عن قتله ؟

من قتل الغراب؟

الوهم أم الغرور؟

لا بدّ بأن الغراب قد قتله وهمه وكتعاليه على الحقيقة.

وكثيرون هم الذين يقتلهم الوهم أو كثيرون هم الذين قتلهم وهمهم وخداعهم لأنفسهم.
لا أحد يستطيع أن يخدع أحد وفي الواقع أن الإنسان هو من يقوم بخداع نفسه.

أنا مهما زاد ظلي وخيالي فإنني لا أصدقُ هذا الوهم وهذه الخرافة, وكلما رأيتُ ظلي على الأرض يمتد كلما أعود بعقلي وبتصوراتي إلى حجمي الحقيقي إنني أتواضع جدا أمام إمكانياتي لكي لا يأت يومٌ عليّ أرى به نفسي أكبر من حجمها فيقتلني الغرور.

قصة الغراب وقعت مع رؤساء الدول الذين تصوروا أنفسهم عمالقة وإذا بهم يهزمون أمام أبسط الجيوش, والإنسان المغرور الذي يصدق ظله المُزيف يتعرض للانتكاسات النفسية أمام أبسط الأحداث التي تحدث معه.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تلوموني على كثرة الكتابة
- بيت جدي
- نزهة المشتاق في كشف النفاق
- أسبوع راحه
- سمفونية الحياة
- فلسفة الوجود
- سأعيش أكثر من جلادي
- فوائد الشاي الأخضر
- من هو الأفضل؟
- لعبة الرجل
- زيادة براغي
- أسوأ أنواع الاستعمار
- الكلمات الحبشية في الآيات القرآنية
- دين الملك
- بشاره الخوري
- بالون لميس
- الفرق إكبير
- كثر الشد برخي
- مساعدة الضعفاء
- الهبيله


المزيد.....




- شاهد تطورات المكياج وتسريحات الشعر على مدى الـ100 عام الماضي ...
- من دبي إلى تكساس.. السيارات المائية الفارهة تصل إلى أمريكا
- بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل: ما هي الدول المنخرطة؟
- السفارة الروسية: طهران وعدت بإتاحة التواصل مع مواطن روسي في ...
- شجار في برلمان جورجيا بسبب مشروع قانون - العملاء الأجانب- (ف ...
- -بوليتيكو-: شولتس ونيهمر انتقدا بوريل بسبب تصريحاته المناهضة ...
- من بينها جسر غولدن غيت.. محتجون مؤيدون لفلسطين يعرقلون المرو ...
- عبر خمس طرق بسيطة - باحث يدعي أنه استطاع تجديد شبابه
- نتنياهو: هناك حاجة لرد إسرائيلي ذكي على الهجوم الإيراني
- هاري وميغان في منتجع ليلته بـ8 آلاف دولار


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ظل الغراب