أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - لا تلوموني على كثرة الكتابة














المزيد.....

لا تلوموني على كثرة الكتابة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3144 - 2010 / 10 / 4 - 19:45
المحور: حقوق الانسان
    


لا تلوموني يا أصحابي على الكتابة..فأنا خُلقت لأمارس معكم الحب بفن الخطابة..ولأمارس معكم الطهر بفن الحداثة..ولأكون مسطرة فوق دفاتركم وثقالة أوراقٍ على قصائدكم...أنا خلقت لأمتص المداد من دم الطهر ومن دم العفاف ومن روح الأناقة..لا تلوموني يا أصحابي على كثرة الكتابة لأن أحزاني كثيرة وآلامي كثيرة وجراحي كثيرة..لا تلوموني يا أصحابي على هندسة الوراثة فأبي مات ولم يسقط القلمُ من بين أصابع يديه وجدي رحمه ألله كان يروي قصص الهوى للجالسين في مضافته فأرسل رأسه في آخر قصةٍ رواها للوراء وأسنده على الحائط ومات وهو يروي ويقصُ ويحكي بالحكايات وكانت الناسُ تختلفُ إليه وكأنه خياطٌ يقص لهم الثياب...وأنا في داخل رأسي هذا المرض المتوارث عن الآباء والأجداد ولن يخرج منه ما دمتُ أتنفس وأشتمُ رائحة الهواء , لقد عشت من حياتي ما يقربُ من خمس سنواتٍ وأنا أقرأ في كل يومٍ من ثماني إلى عشر ساعات متواصلاتٍ ولم يسمح لي أحد طوال هذه المدة بالتنفيس وبالتعبير عن نفسي ولم تسمح لي أي حكومة منذ 1991-2005- بنشر أي قصيدة لي أو أي مقالٍ لي ما عدى مقالٍ واحد في جريدة الرأي سنة 1993م ومقال في مجلة أسفار سنة 1994م ومقال في مجلة عرار سنة 1995م , وها أنا اليوم أنتقم لنفسي من كل الحكومات التي منعتني من الكتابة وأنتقمُ لنفسي من كل الأجهزة الأمنية التي فرضت عليّ الرقابة الصارمة ومنعتني من دخول أي نشاط ثقافي داخل الأردن وما زالت هذه الرقابة إلى اليوم تفعلُ بي فعلتها , فسامحوني على نشر مقال أو مقالين في كل يوم فأنا مكبوتٌ جدا من العدسية والأغوار الشمالية إلى خليج العقبة.

ويا أصدقائي : حين حاول علماء الأمراض تحديد ما هية المرض الذي أصاب (تشارلز داروين) قرر البعض بأنه مرض (الشاغاز-الشاقاز ) وهو مرض ينتقل بواسطة بعض الحشرات اللادغة, ولكن توصلت بعض الأبحاث الأخيرة بأن الأعراض التي كان يشكو منها (داروين) لم تكن الشاغاز بل كانت مرضاً في عقله بسبب قلقه وبحثه المستمر وهو بذلك نقلَ كثيرا من صفات جده لأمه وهو (أرازاموس) الذي عاصر (هنري تيودور الثامن) فعاش كجده طوال حياته متفلسفا ومتخاصماً حتى مع أصدقائه , وأنا أقول مع الذين قالوا بأن المرض كان في عقله, وأنا لا أستثني نفسي ولا أدحض التهم التي تتهمني بأنني مريض في عقلي ولساني وقلبي , فأنا أيضا مريض في عقلي مرضا يجعلني أقوم من النوم لتدوين بعض أفكاري وملاحظاتي عن الحياة والدين والاجتماع والتاريخ ,ومريض في قلبي الذي لا ينفصلُ لحظة واحدة عن الحب وعن الاشتياق لعذاباته ولا تكادُ تمرُ عليّ دقيقة إلا وأتذكرُ شيئا أكتبه أو أتذكرُ شيئاً قرأته من عشر سنواتٍ ولم أدونه فأقوم فورا من أجل الانتقام لنفسي وتدوين ما فاتني تدوينه من ملاحظات وأفكار تجعلني أحياناً أدخلُ في صراعٍ مع نفسي ومع القراء والناس, ولا يكادُ بأن يمرَ عليّ يومٌ إلا وأتلقى به رسالة من معجبٍ بكتاباتي أو كارهٍ لها أو من إنسان يضيف لي شيئاً جديدا لم ألحظه أنا.

وصدقوا عني أو لا تصدقوا بأنني أرى في منامي كل إنسان أنا مهتمٌ به وبأفكاره وكثيرا ما أحاور في منامي بعض كتاب الحوار المتمدن وأحياناً أتصلُ بالموتى , ونادرا جدا ما أقوم من نومي لأكتب موضوعا كنتُ أحلم بأن أكتبه قبل ظهور عصر الإنترنت , فبفضل الإنتر نت رفعت الرقابة عن نفسي بيدي وبفضل الإنترنت والحوار المتمدن وجهت رصاصة قاتلة لكل الحكومات السابقة التي منعتني أو كانت وما زالت تمنعني من الكتابة, وهدمتُ تاريخا طويلا من الذكريات المستطيلة وبفضل الانترنت تجاوز كل قواعد وقوانين النشر والرقابة التي تفرضها الليبرالية المزيفة والمتوحشة في بلادي .

إن الكتابة التي سببت ألما كثيرا لي ولغيري من الناس هي عبارة عن مرضٌ ثقافي في رأسي وفي قلبي وفي كافة أنحاء جسمي وهي مرض من الصعب الشفاء منه أو قُل بأنني أرفضُ الشفاءَ منه , ومن يمشي على خريطة جسدي يشاهد التقرحات تلوى التقرحات على مفترق الطريق بين العينين وبين أقواس قُزح الهلالية الشكل , ومن يرقدُ ساعة فوق جسدي سيسمع وسيشاهد بأم عينيه الفلاسفة والمؤرخين وهم يخرجون من دمي على شكل بقع حمراء ومن ينصت لي خاشعاً وقلبه مطمئن تمام الاطمئنان سيدرك بأنني أسعى لتحقيق معجزة في عالم الفن والحب والعشق والكتابة, والكتابة سقطت مثل حبات المطر على كافة المنحدرات العميقة والمنحنيات الخطرة على جغرافية الجسد ودبت الكتابة واستوطنت في كل أعضاء جسمي حتى النخاع الشوكي ولم يسبق لي أن قدتُ مقاومة مسلحة ضد هذا الاستعمار الذي يبني ركائز حضارته في أمعائي وأجزاء جسمي الملتوية , وهي في دمي تسري كالكوكائين في دماء المدمنين واليوم الذي لا أكتبُ به مقالاً أشعرُ بحكة غريبة في جلدي , فجلدي يرعاني رعيانا قويا من شدة حبي للكتابة ومن شدة أشواقي إلى المعرفة.

وأنا لا تحدني في الكتابة حدود ولا مسافات ولا أتقيد برؤية أحد وأنا كل قراراتي تخرجُ من رأسي بعد أن تعششَ به فترة احتضانٍ كما تجلس بعض الأمراض في الجسم فترة أحتضانٍ طويلة أو قصيرة لتظهر بعد ذلك على شكل أعراض.

إنها المشيئةُ والإرادة الإلهية أو غير ذلك حتى أنني أشعرُ أحيانا بأن أبي وأمي قد نذروني للكتابة ووهبوني للقلم كما كانت الناسُ قديماً تَهِبُ أبنائها للآلهة لكي يصبحوا كهنة وسدنةً وخدام للمعابد.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت جدي
- نزهة المشتاق في كشف النفاق
- أسبوع راحه
- سمفونية الحياة
- فلسفة الوجود
- سأعيش أكثر من جلادي
- فوائد الشاي الأخضر
- من هو الأفضل؟
- لعبة الرجل
- زيادة براغي
- أسوأ أنواع الاستعمار
- الكلمات الحبشية في الآيات القرآنية
- دين الملك
- بشاره الخوري
- بالون لميس
- الفرق إكبير
- كثر الشد برخي
- مساعدة الضعفاء
- الهبيله
- فن الكذب


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - لا تلوموني على كثرة الكتابة