أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - في الجلجثة














المزيد.....

في الجلجثة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3193 - 2010 / 11 / 22 - 21:02
المحور: حقوق الانسان
    


في عيد الشكر وفي عيد رأس السنة وفي كل عيد وخصوصاً يوم مولدنا ويوم مولدك أبكي عليك وأنا أستحضر صورتك أمامي: ماشيا ..معجباً بنفسك وأنت تموت أو وأنت تفتدينا ..خارجا إلى الجلجلة تجرُ بخطواتك جرا من شدة الخيلاء بنفسك ..وهم يضحكون خلفك كما يضحك عليّ اليوم كل من بيده قرار جلدي... في (الجلجثة) خارج القدس القديمة قادوك وسحبوك مثل حملٍ وديع وهم لا يدرون بأنهم يسحبون قدس الأقداس وسر الأسرار والديان يرمقهم ويشاهدهم وهم يصلبون أبناءه ودماءه تنزف على الأرض وصراخه يعلو في السماء والكل يتناقل الأخبار بشرا وملائكة من خلال برقيات مستعجلة وإيميلات حقيقية على صلب الابن والروح وعلى صلب كل ابن, في الجلجلة قصتنا جميعنا وذريتك جميعها تتشاطرُ هنالك أنغام الحزن على صوت إيقاع خطواتك الجريئة التي سيتردد أو تردد صداها في معظم بقاع الأرض ...على الأرض الطيبة التي يخرج منها الطيبون الأوفياء للصليب, وفي قصة الصلب في الجلجلة أو (الجُمجمة) نلاحظ هنالك ونقرأ قصتنا جميعنا ونشاهد هنالك صلبنا جميعنا ونلاحظ هنالك حرق مشاعرنا على الإنسانية والرحمة التي غادرت آخر معاقلنا ومنازلنا الكئيبة, ونشهدُ هنالك آخر شمعة مضاءة وآخر الابتسامات ....في الجلجلة لا ترتفع أصوات الحمير ولا أصوات الصراصير بل أصوات الحملان الوديعة الزاهية التي تلبس أحلى ما لديها من حلة لتطهر بدمائها وجه هذا العالم الذي ينجسه الدجالون بسحرهم وكذبهم ودجلهم ....في كل دقيقة وفي كل ساعة, في الجلجلة أشهدُ بأن منظرك هو منظري وأقسمُ بأن أباك هو نفسه أبي ...وبأن أمك هي أمي وأم كل من قادوه إلى الجلجثات في كل العواصم التي تحتقرُ الحرية والمساواة بين الجنسين وبين العلمين وبين ألوان البشر ..وأشهدُ بأن أمك هي أمي بنفس الملابس وبنفس الدموع ..وبأن صوت حزنك هو صوتُ حزني..وبأن الخشبة نفسها الخشبة التي رأيتها في شوارع اربد وعمان ...منظرك هو منظري..وقصتك هي قصتي مع الزمن ومع الصيارفة وأصحاب المعالي والقيافة والفخامة والنيافة .... وفي الجلجثة أستمع لصوت بكائي وفي الجلجثة أشهد منظر أمي وهي تقبرنا أنا وإخوتي بيدها قبرا روحيا جراء أعمال التصفيات الثقافية التي يقودها الزعران والسوكرجية وهم هُم الذين صلبوك في الجلجثة وإن اختلفت الأسماء والوجوه تبقى القلوب البيضاء بيضاء تشبهك وتشبهني وتشبه كل من آمن بك وتشبهني أنا بالذات وخصوصا حين أرفع صوتي بالثغاء مثل حملٍ وديع ذبحوه في مسلخ على القُرب من ناصية الشارع ...وتشبه أمي وإخوتي الذين أشبههم بمنظر أمك وهي تشهد في الجلجثة على جلدك وصلبك , وكانت أمك شاهدة على صلبك وجلدك وهي متربعة القدمين ترنو إليك وعيونها يملأهما الحزن على مصير العالم الذي افتديته بدمك وما زالوا يكيدون لك حتى بعد صلبك على طريقة صلب المجرمين والزناة والحرامية اللصوص وعن يمينك مذنبٌ وعن شمالك مذنب والناس منهم قعودٌ ومنهم وقوف صامتون لا ينبسون ببنت شفا لهم والعصافير تطير من حولك وهم يجرونك والصليب على كتفيك وما زال عشاقك يصلبون خارج العواصم العربية في الجمجمة(الجلجثة) وفي عمان وفي دمشق وفي بيروت التي أصبحت كلها جلجثات ,وكذلك شوارع بغداد التي أصبح كل شارع فيها (جُلجُثة) .

في الجلجلة حيث لا صوت إلا صوت الجلادين وزلا ثغاء إلا ثغاء الثكلى والمتعبين والمرهقين والبكائين , في الجُلجثة حيث لا شمس تطلع إلا لتحرق ولا رياح تهبُ إلا لتضربك على رأسك ولا نجمة تطلع إلا ليستدل على مكانك بواسطتها السماسرة والجلادون, في الجلجثة حيث أكلوا من لحمك وشربوا من دمك وأخذوك من بيتك ومن بين أحضان أمك وأبيك مثل دجاجة اقتلعوها من تحت شجرة زيتون رومية, في الجلجثة سحبوك وضربوك وطعنوك من الخلف ومشوا بعد ذلك يبكون عليك واختلطت بعد ذلك أصوات الحمقى مع أصوات الأذكياء واختلطت أصوات الخونة مع أصوات الأوفياء وأنت يا لك من مصلوب ويا لك من أجمل صليب على وجه الأرض.

في الجلجثة أنا مثلك قادوني في آخر مرة حيث تعوي الكلاب وحيث لا أسمع إلا أصوات السلاسل وبرقيات التهديد المستعجلة جدا جدا جدا , في الجلجثة ما زلتُ أراك كلما صحوت من نومي على صوت الناي الحزين في حنجرتي, في الجلجثة أراك كل يوم كلما أنظر إلى نفسي وأبكي على أحزاني وآلامي وأوجاعي الحزينة في الجلثة أستمع إليك كلما اعتليت بصوت نحيبي ونواحي على أربعين عاماً قضيتها من عمري .

في شوارع مدينتي أتذكرك وأبكي عليك آلاف الدمعات وملايين الجلاجل حين أشعرُ بعطشي وجوعي .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرق الجبين
- براءة الأطفال
- الهجوم وسيلة للدفاع
- رسالة إلى الشعب الأمريكي
- تشابه أسماء
- ما زلتُ أنتظر الرحيل
- العقل السليم في الجسم السليم
- الكذب على الأطفال
- الانتخابات لعبة حقيرة
- الأرض المحروقة
- الشفافية مصطلح أردني
- فاقد حاسة الذوق
- الدراجة حررت المرأة والمصنع حرر الرجل والمرأة
- الأصحاء عقليا
- غير قابل للتطور
- أستطيع الإرضاع
- يا ديّان
- أكلت نصيبي
- سرقوا نظارتي
- أنا المستفيد من تخلف المرأة


المزيد.....




- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...
- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - في الجلجثة