أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - حدث في مطار القاهرة وليس في مطار بن غوريون















المزيد.....

حدث في مطار القاهرة وليس في مطار بن غوريون


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26 - 15:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قالوا قديماً ان الموانىء تكشف حياة الناس ، حيث يتحول الميناء الى ارض يقف عليها المسافر الذي لا يهمه ما رأي الآخرين به ، فهو على عجل ولن تسجل ملامحه في ذاكرة أي انسان ، في المقابل اهل البلد والعاملون في الموانىء لايتذكرون الوجوه التي تاتي وترحل ، لذلك يكون غالباً سلوكهم مشوباً بالبرود الممزوج بالمصالح الشخصية والكسب المالي ، لا يحاولون حمل دفء العلاقات وتقاسيم الوجوه بصورة جدية وحميمية ، فهم في حالة وداع واستقبال ، دون النظر جيداً في حقيقة الاعماق البشرية ، وقد اتصف الذين يسكنون ويعملون في الموانىء بصفة عدم الجدية في العلاقات الانسانية ، حتى لُقب اصحاب السلوك العابر ( بالسلوك المينائي) .

واليوم المطارات في العالم لم تعد - خاصة في السنوات الأخيرة - مجالاً للطيران والسفر بقدر ماهي مجالاً لمعرفة سياسات الدول والخوف والارتياب والتميز والعنصرية ، في المطارات تظهر حقيقة الخداع التي تمارسها الاجهزة السلطوية وكذب الشعارات والخطابات ومدى الزيف الذي تغلفه جمعيات حقوق الانسان بالعبارات الرنانة .

في المطارات تعرف الشعوب الى أي فئة تنتمي ، فئة الضعف ام القوة ، حسب جواز السفر يكون الاحترام والتقدير ، او التجاهل ورميك في مجاهل الزمن حتى يعذبك المسؤول وتعترف بقوته وسيطرته ، كل مسافر يحمل على ظهره تاريخ وسياسة وقوة قادته وعنفوانهم وكرامتهم.

في المطارات هناك(الناس اللي فوق والناس اللي تحت) وهناك الناس الذي يئن (التحت ) من شدة بؤسهم واحتقارهم وعقابهم .

احدى النساء الفلسطينيات صرخت في مطار القاهرة : الشعب مات ، الشعب مات .. عندما جلست الى جانبها سألتها لماذا صرخت ، ومن الذي مات ؟ قالت بألم انها منذ اسبوع في المطار مرمية على الارض ، ولا تعرف لماذا يمنعون سفرها ، ومثلها الكثير هناك ، واشارت الى احدى زوايا المطار ، رأيت العشرات يفترشون ارض المطار ، ينامون بين الحقائب والاكياس ، وقالت الشعب الفلسطيني مات ، لأنه يسكت يومياً على الاضطهاد والاعتقال والاهانات ، وكذلك القادة ماتوا لأنهم يسمحون باهانة شعوبهم .

كأن هذه المرأة كانت تصرخ في البرية ، لم يلتفت اليها احد ، ولم يحاول احد المسؤولين تفسير هذا الانتظار القاسي الطويل ، الذي اتسم بالاحتقار الانساني ، اكثر من المحافظة على الامن والامان .

الفنان دريد لحام في مسرحية كاسك ياوطن قال ( لما بضربك الغريب شي ولما بضربك ابن بلدك شي آخر ) والفلسطيني في المطارات العربية صورة ليست قريبة من صورة ذلك اللاجىء الذي حرم من وطنه وعلى الآخرين التعاطف معه ، بل صورة المطارد الذي يجب القاء القبض عليه ووضعه في السجن ، او صورة المجذوم الذي يخاف منه الآخرون ، هناك حبلاً يلفون به الفلسطيني ويجرونه الى حافة الاتهام ، عليه بعد مشقة وتوسل ان يثبت انه برىء ولا يملك النوايا لفعل الاجرام والارهاب .

الصديقة الصحفية صابرين ذياب من مدينة طمرة في الجليل ، صحفية نشيطة ولها صداقات مع كبار الكتاب والصحفيين المعددوين على الناصرية والفكر القومي ، على راسهم الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل ، وكلما سافرت الى القاهرة تفتش في مطار بن غوريون ، طبيعي في ظل العنصرية والعربي المتهم دائماً بانه قنبلة موقوتة.

لكن هذا الاسبوع تعرضت لعملية تفتيش مهينة في مطار القاهرة ، الحادث عادي في اجواء تمطر يومياً مطراً اسود ، تصريحات وسلوكيات مصرية ، تفسرها الوقائع اليومية ، اغلاق معبر رفح وزيارات لمسؤولين مصريين لتل ابيب والعكس زيارات لوزراء وقادة اسرائيلين ، يعقبها لوم وتقريع القيادة الفلسطينية ودفعها الى التنازلات وتشديد الحصار على قطاع غزة ، غير رمي الكرة في الملعب الفلسطيني دائماً وبشكل اتهامي مقيت ، حتى تحولت صورة السياسة المصرية الى صورة سيريالية غير واضحة المعالم وبحاجة الى خبير في العلوم السياسية والتاريخية وفلسفة الشعوب لمعرفة كيف يفكرون ؟؟؟

لكن غير العادي ان التفتيش كان من قبل ضباط ومجندة اسرائيلية ، في مطار القاهرة وقبل الصعود الى طائرة العال تم استدعاء صابرين للتفتيش واكتشفت ان الامن المصري لم يحاول التساؤل عن هذا الاجراء وتعمد تجاهل الموضوع ، لقد ادخلها الضابط والجندية الى غرفة في مطار القاهرة وتم تفتيشها بطريقة تبعث على القهر .

والمحزن ان العيون المصرية رأت ذلك ، ولم يحاول احدهم التدخل والاعتراض على انتهاك حرمة المطارالمصري ، بل تم التفتيش الاسرائيلي بمنتهى الهدوء والاستفزاز ، لم يحاول احد المصريين معرفة ماذا يجري في الغرفة المغلقة التي دخلت فيها صابرين .





كنا نعرف ان للمطارات وجهاً واحداً قد يتفاوت في الخدمات والهندسة والشكل والفخامة ، لكن في اسرائيل المطار له عدة وجوه الوجوه ، اذا كانت الابواب الزجاجية الدوارة تعبر عن حيرة الانسان والدوران حول نفسه بطريقة تدفع لتأمل السذاجة ، فأن الابواب في مطارات الاسرائيلية لاتعرف هل هي دائرية ام مربعة ام مثلثة لأن من الممكن ان تدخل مثلث التحقيق والسؤال والجواب ، او مربع الانتظار والاستفزاز والنظرات والهمهمات . لكن ان يصل الانتهاك الى مطار دولة عربية -القاهرة -وهناك ايضاً يعاقب الفلسطيني من قبل الاسرائيلي فهذا مخجل ومزري ، منذ زمن طردنا عبارة -وظلم ذوي القربى – لكن لم نتوقع ان يصمت القربي ايضاً في ارض تعتبر جزءاً من– أحلف بسماها وبتربها – على رأي عبد الحليم حافظ وهو يغني للأبطال العبور في حرب اكتوبر .

صديقتي صابرين مندهشة من هذا التصرف المصري الذي وصل الى حد اغتيال الكرامة التي يجب ان تنتفض وهي تنتهك ، وعاتبة على الصمت والسكوت ، وهي تؤمن ان مصر (الاحرار) لابد ان ترفض السلوك المشين الذي انتهك سيادتها على المطار .

رغم ان الاعلام نشر هذه الحادثة الا ان لا تفسير من السلطات المصرية حول هذا الموضوع .

عندما كانت بريطانيا تحتل الهند ، كانت النساء البريطانيات اللواتي يسكن الهند يلدن اطفالهن على احدى السفن البريطانية ، لأنهن كن يعتبرن السفينة البريطانية جزءاً من بريطانيا الام ، وحتى يكون الطفل بريطاني مئة بالمئة .

هل غرفة في مطار القاهرة يستطيع فيها الاسرائيلي التحقيق والتفتيش هو جزء من فكرة اسرائيل الكبرى التي مازالت مسيطرة عليه .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنوسة والطلاق والنساء المسترجلات
- عندما يبكي الرجال في غزة
- ما اتعس الوطن حين نصبح اشجارا للقطع
- وانا مالي يا بوي وانا مالي
- اليوم الكئيب الذي يفلت من السنوات الاربعين
- بكم تباع كيلو الأنوثة ؟؟
- بعد الموائد العامرة مشاعر متضاربة
- ارزة وزيتونة في حبة قطايف
- قانون الجرافات فوق المواطن
- الثعلب على موائد رمضان
- -بيل غيتس- امام موائد الرحمن
- باب الحارة يؤدي الى الكازينو
- الموت في اسرائيل
- في زمن الشعير نلجأ الى الحمير
- باب توبة العملاء من البلاستيك
- شعوب رهينة لمزاج الحكام
- احسد شاليط
- ابشر أيها الفلسطيني ، وصلت القصيدة
- واكا.. واكا في الحديقة الخلفية للثورة الفلسطينية
- فضائيات تبث من تحت التنورة


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - حدث في مطار القاهرة وليس في مطار بن غوريون