-بيل غيتس- امام موائد الرحمن

شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3094 - 2010 / 8 / 14 - 18:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

"بيل غيتس" امام موائد الرحمن
شوقية عروق منصور

رسمة كاركاتير في احدى الصحف العربية تظهر الفقر حين يسقط في اكوام النفايات لتصبح انسانية البشر عبارة عن اصابع تقلب الزبالة كي تلتقط لقمة تسد الرمق ، الرسمة تظهر طفلين يبحثان عن الطعام بين النفايات ويقف وراءهما زوج من القطط ينظران الى الطفلين ويقولان – بكره في رمضان بنرتاح لانو الفقرا بروحوا على موائد الرحمن - .
لا مبالغة في هذه الرسمة لأن الفقر في العالم العربي لا تعلم به النسب والدراسات ، وهواكبر من العناوين التي تحاول الدول العربية تصديرها للخارج للتمويه وذر الرماد في عيون الشعوب الغربية ، حيث تحاول تغطية شمس الجوع والفقر بعباءات الوجوه السمينة وكروش الأنظمة التي تمشي متثاقلة حين يتم استعراضها في المناسبات وفي الأموال حين تتبرع بها الأسر الحاكمة الى الدول الغربية ابان المحن من زلازل وفيضانات .
حتى اليوم لايوجد احصائية حول الفقر والفقراء بصورة واضحة ، بوجد دراسات تشير وتنبه من ثورات الجوع لكن الواقع يبقى صادقاً ويتجلى بعضه في شهر رمضان عبر الدعوة للتبرعات للعائلات المستورة وفرش موائد الرحمن ، ونكتشف ان المجتمعات العربية مغطاة بطبقة من الخجل وتحت الخجل الجوع يحفر .
المبالغة حين تتحول دول عربية نفطية غنية الى واجهات زجاجية لعرض الثروات المحصورة في طبقة عليا من الشعب دون ان تعرض الطبقات الفقيرة المختبئة في الداخل وفي الدهاليز وتعاني من وجوع وحرمان وبطالة .
في شهر رمضان نرى ونسمع عن " موائد الرحمن "كثيراً في الدول العربية التي يقيمها الأثرياء للفقراء ، كي تدخل هذه الموائد الى ميدان المسابقات في كميات اللحوم وكثرة الصحون ، وما ان ينتهي شهر رمضان حتى تكون وسائل الاعلام قد نفخت هذا الثري او ذاك وصنعت من موائده سفناً تنافس سفينة نوح التي انقذت البشرية فهؤلاء الأغنياء اطعموا الفقراء وقدموا لهم اللقمة الساخنة في شهر رمضان .
ولم يتساءل هؤلاء الأثرياء ماذا بعد شهر رمضان ؟! كيف يتدبر هؤلاء الفقراء حياتهم ؟ او انهم لا يسألون لأن شهر رمضان انتهى وضميرهم رجع الى حساباته الأرضية وانتهت حساباتهم السماوية وعلاقتهم مع الخير والحسنات دخلت في الثلاجة حتى السنة القادمة وكيف سيكون شكل شهر رمضان وما هو مردوده الاعلامي عليهم.
ولم يفكروا ان هؤلاء الفقراء تركوا للجوع ينافسون القطط والكلاب في مكبات النفايات ، وفي أفضل الحالات للطوابير الخبزالمهينة .
(بيل غيتس) رجل أعمال أمريكي ، ناجح اسس (شركة مايكرو سوفت) ويعد من أغنى أغنياء العالم قرر ان يتبرع بنصف ثروته للأعمال الخيرية ، ثم وجه دعوة لأغنياء امريكا للحذو مثله ، وفعلاً استجاب لدعوته أربعون ثرياً ، قرروا ان يتبرعوا أيضاً بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية في امريكا .
الخبر عادي حين نتكلم عن شعوب متحضرة تعرف قيمة الانسان وتسعى الى وضعه في اطاره الانساني الذي يستوجب دعم الفقير و
رفعه ونزعه من مستنقع الفقر والحاجة وتقديم ابسط الأشياء الضرورية لكي يعيش قي احترام .
ولكن نحن نتباهى بثرواتنا حين ننقلها الى الاحفاد لتتحول الى مرايا بشعة نرى بها أنانية الأجيال ، ونعشق الأرقام حتى وضعها في سبائك الذهب ونتباهى بمعرفة المعاني الحقيقية في الدين الاسلامي ولكن هل يوصف عمل " بيل غيتس "بانه عمل كافر !! لم نسمع عن ثري عربي قام بالتعليق على تصرف هؤلاء الأثرياء الأمريكين مع العلم انهم يحاولون تقليدهم في حياتهم . فقط احد الاثرياء العرب ويعيش في الغرب وصف تصرف (بيل غيتس بالغباء والاستخفاف ) .
في بريطانيا شركات – لتلميع وتنظيف السمعة السيئة - مقابل اموال تستطيع الدول والشخصيات الهامة التي احيطت بها السمعة السيئة اللجوء لهذه الشركات للقيام يتنظيفها امام العالم .
لكن المضحك ان زبائنها من الشخصيات العربية ،( شو بدها تنظف تتنظف هذه الشركات ). وقد انضمت بعض الدول العربية ايضاً الى هذه الشركات لتنظيف سمعتها من الأرهاب والقمع اما الفقر فمسألة داخلية .
ترى الا يدرك هؤلاء ان التنظيف الحقيقي حين يشعر هؤلاء بالانتماء لمجتمعاتهم ، وعندما تصبح القدوة الحسنة من الداخل وليس (بيل غيتس) وغيره .

#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل