عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 3177 - 2010 / 11 / 6 - 18:38
المحور:
الادب والفن
عندما تجلسُ بين يدي نانشه ، سيباغتكَ النسيانُ ، فجأة ، فلا تتذكر وجه المرأة التي رأيتَ ، ولا الذي حصل لكَ معها في منامكَ .
من الصعب أن تدركَ ، ساعتها ، أنك أنفصلتَ عن الزمن ، أن سِحرا آخر يُفلتكَ من أسر ضعفكَ البشري ، وأن الطريق الذي سلكتَ ، أن الأهوال والمهالك ، التي خرجتَ منها هيكلا عظميا ، قد اختفتْ من ذاكرتكَ أيضا ، فيما نانشه تتصفحكَ مثل كتاب ، تنظرُ إلى وجهكَ المغبّر بوقار ، ولؤلؤة ما تشعُّ في داخلها ، سرعان ما تثب من مقاطع كلامها لتستقر بين يديك .
لستَ مضطرا لأن تروي لها ما رأيتَ ، لكن وجودكَ في حضرتها لابد أن يكون مبررا ، وليس أمامكَ إلا أن تبتكرَ مناما آخر ، حلما مقنعا ، يجعلها مجذوبة إلى جوهركَ ، الذي من عروقه تتشعبُ الجواهرُ ، كي تستخرج عدتها الثمينة من الألغاز والتيجان والرموز ، ولتخبركَ أن ما رأيتَ لم يره أحدٌ من قبل ، غير أنه يستحقُ عناء أن تكون عليلا يجهلُ ما علته ، أو عارفا يعرفُ أن معرفته مرضٌ لا شفاء منه .
عندما تخرجُ منها ، ستجد نفسكَ أمام مهمة آخرى ، لا أعذب منها ، ولا أشقّ : أن تبحث عن امرأة حلمكَ الذي ابتكرتـه ، امرأة منامكَ الغريب الذي لم تره ، وأن تحقق رؤياكَ ، كما فسّرتها لكَ نانشه ، ولا سبيل إلى ذلك ، لا سبيل إلى القبض على مستحيلكَ الخاص إلا بالشِعر ، إلا بهذا : إلا بأن تواصل انفصالكَ التام عن الزمن .
.................
نانشه إلهة سومرية ، وظيفتها تفسير أحلام الآلهة .
[email protected]
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟