أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - العالم عندما القصيدة نثرا / 28














المزيد.....

العالم عندما القصيدة نثرا / 28


عبد العظيم فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 2894 - 2010 / 1 / 20 - 21:41
المحور: الادب والفن
    


كان آدم تحت الشجرة يبحثُ عن معناه ، وكانت حواء تحت الكلمة تجمعُ حطبا ، وهما من العزلةِ بحيث انتظر الشاعرُ أن يولدَ ، قبل أن يخنقَ العلنُ براءة سرّهما ، لئلا يتعلم الفمُ كيف ينطقُ : آه ، فيولدُ مكتظا بالدموع وبالرغبة ، لكن ما حصل هو هذا : الرجلُ يدخلُ في الكلمة حيث العذراءُ تبحثُ عن نفسها ، والعذراءُ تدخلُ في الشجرة حيث الرجلُ يجمعُ حطبا ، ثم يختلطان في كون من الرعشة ، فلا تميـّزُ الغبطة ُمسامَ بعضيهما ، وهي تفورُ كنافورة من براعم ودهشة ، فالرجلُ حلّ بمائه وهشاشته في العذراء ، والعذراءُ حلتْ بخصوبتها وقوّتها في الرجل ، وبقي الشاعرُ كما هو : رغبة مكبوتة ، تسبحُ في أصلاب أزمنة لم يُعلن عن تقاويمِـها بعد .

عندما سمع بنفيهما الى خارج الجنة ، كان الشاعرُ لا يزال نطفة في ظهر رجل يطاردُ عذراء أخرى ، هائمة على وجهها في العالم . بَيدَ أنَّ ذلك لم يمنع أن يحفرَ نفقا في حصار الاسطورة ، فيهزَّ شجرة المخيلة ، بغية أن يستقبلهما في جنائن الشِعر ، حيث البراءة تشعُّ ، ناصعة ، من داخل الكائن ، لكن الشجرة لم تتحرك ، فالشتاء مقفرٌ جدا ، حتى أن الأفكارَ، في عروق الكلمات ، قد تجمّدتْ من شدة البرد .

الشاعرُعليلٌ مصابٌ بأمراض الهواء ، وبالشمس الجميلة. في قصائده مزارٌ تؤمه عذراء نافرة ، يلاحقها رجلٌ كلما فكـَّر أنه أبوه ، خرج وقتله : لم يهزّ شجرة الخطيئة إلا تقرّبا من البُعد : تنصلا عن العلة ، ونكاية بالمعلول ، ولم يرتكب جريمة الشِعر إلا لأنه توّاقٌ إلى مرارته الخاصة ، حيث الحَجرُ من سلالة النبع ، والنبعُ جوهرُ العطش .

طالما شعرَ أن حنظلَ الخيال فائقُ الحلاوة ، فقاد نفسه ضد نفسه . نفضَ عن أكتافه غبارَ النجوم ، ورضي بشمعة ضئيلة في زاوية مقهى ، أو بمنفضة سجائر في ركن حانة ، حتى نال شرفَ الخيانة العظمى ، منتظرا اعدامه ، شنقا ، بحبل الاضطراب .

في الطوفان لم يعتصم بجبل ، إنما تآخى مع الغرق : في القعر ، لبث ينحتُ من طين المأزق كهيئة الملاك : نفخ فيه من روحه ، ثم صعد مع أنفاسه الى السطح ، وجيوبه ملأى بأراض جديدة ، فيما الشيطانُ ، مثل مغفل ، يلوّح له بأوطان ، ابتكرها قبل أن يحترفَ الغواية.

ها هو أمام محنة نبيلة :

آدم وحواء في المتاهة ، وما من دليل إلا القصيدة ، وهي نائمةٌ في شجرة المخيلة ، مثل أفعى كسولة ، ملتفة حول الأغصان ، تأبى النزول ، كما أن الحجر الذي رماه نحوها تحوّل ، في الطريق ، إلى فراشة ، ظلتْ تحومُ حول رأسه مدة طويلة .

نار ،
أم فانوس ،
هناك ؟

لم يتركَ السؤال معلقا مثل محكوم بالشنق ، إمعانا بعذابه يتـأجل تنفيذ الحكم به ، بين مرة ومرة ، ذلك مما دفعه إلى أن يفكُّ الحبلَ من حول عنق الرجل ، ثم يطلقُ سراحه ، متأهبا لاستقبال ابتسامته ، وهي تلتفّ ، مثل وسام ، حول عنقه .

الفراشة تحومُ حول رأسه ، و رأسه ملوية ٌمن الأحلام والضباب ، تتقاذفه العواصفُ ، من عاصفة إلى عاصفة ، حتى يصل ، أخيرا ، الى مشارف هذه الورقة ، فترتجفُ شجرة ُالمخيلة ، وينقشعُ الضبابُ عن آدم وحواء ، يهبطان متعانقين ، على ريشة الصدفة ، ومن وسطهما يمرّ الخيط ُ السري ، الذي يعرفُ الطريق إلى القصيدة .

إحدى يديه ترسمُ لهما تفاحة .
يده الثانية تمسحُ التفاحة .

ـ هل ينبغي للشاعر أن يكون بلا يدين ؟!

يرفعُ يديه ، ملوّحا لهما بالابتعاد ، فيبتسمان ، تاركا ليد الكتابة حرية أن تشعلهما دموعا ، ورغبة .




#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكتشاف ريلكه : الملاك وديانة الفن
- العالم عندما القصيدة نثر / 27
- العالم عندما القصيدة نثرا / 26
- العالم عندما القصيدة نثرا / 25
- العالم عندما القصيدة نثرا / 24
- العالم عندما القصيدة نثرا / 23
- العالم عندما القصيدة نثرا / 22
- الحبُ ، عندما القصيدة نثرا / 2
- الحبُ ، عندما القصيدة نثرا / 1
- الملوية ..
- الحالمُ
- قصيدة الالم
- اغنية الذئب الجريح ..
- اغنية أوركاجينا أمير الدراجي
- اغنية فارسية ..
- مقطع من شعرها الطويل الطويل ، الطويل ..
- ليس ثمة ما نفعله ، يا أنكيدو ..
- ماذا أفعلُ بكل هذه المصابيح ؟!
- اغنية النقطة تحت باء بغداد ..
- الف منفى ومنفى ..


المزيد.....




- برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع التخصصات عبر ...
- دورة استثنائية لمشروع سينما الشارع لأطفال غزة
- تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا: معركة ضد مشروع استعماري متجدد ...
- انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السي ...
- محمد حليقاوي: الاستشراق الغربي والصهيوني اندمجا لإلغاء الهوي ...
- بعد 35 عاما من أول ترشّح.. توم كروز يُمنح جائزة الأوسكار أخي ...
- موقع إيطالي: هذه المؤسسة الفكرية الأميركية تضغط على إدارة تر ...
- وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم ...
- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - العالم عندما القصيدة نثرا / 28