أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - مقطع من شعرها الطويل الطويل ، الطويل ..














المزيد.....

مقطع من شعرها الطويل الطويل ، الطويل ..


عبد العظيم فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 2824 - 2009 / 11 / 9 - 22:49
المحور: الادب والفن
    


بقيتْ مخلصة لخطوط جَمالها الذي كان أنيسنا ، في وحشة الصحراء ، إذ يهبط الليلُ بكامل مطارقه على الثكنة ، فيستيقظ ذئبُ الحاجة ، في مقاطعات أجسادنا القاحلة ، باحثا عن أنيابه في سلة الماضي ، لكنها الآن حبلى ، لم تضع مولودها البكر بعد ، ربما لكثرة ما ضاجعها من جنودٍ في وقت واحد ، كنشيدٍ في الحرب يسمعه الجميعُ ، من مذياعٍ أدمنَ نشر ثياب القتلى والأحياء على حبال الأثير ، ولم توقفه إلا المعجزة ُ: عندما تتجلى عارية وتمشي ، وحدها ، في المعسكر ، فيرتدي القتلى ثيابَ الأحياء ، في نشرات الأخبار ، وتمتد رؤوسنا ، تلقائيا ، من ملاجيء نعيشُ فيها كالجرذان : نقرضُ حبالَ حياتنا من أجل أن يكفَّ الانتظارُ عن تسلـّق سياج عزلتنا ، فيما هي تردّدُ ، مثل طيف ، اغنية نسيناها لكثافة البرق ، الذي يخرُّ في صحوننا ، ساعة يعلن البوقُ نفيره العام ، وهو يأمرنا بالهرولة حتى الصباح ، أو بحفر الخنادق .

كانوا يبعثون بنا ،
أحيانا ،
لجرّ القتلى من نظراتهم ،
حيث بين الدموع الاخيرة نقرأ عتابا حزينا الى الله ، وهناك رسالة إليها :
هي المعشوقة الكلية الحضور ، بعد غيابهم .

يحدثُ أيضا أن نجدها مرسومة على الشراشف ، مع مقطع من شعرها الطويل ، ينحدرُ طوال الأسرّة : لكل واحد حصته . لكل واحد اقليمُ من ضواحي بطنها ، وضبابٌ من تلول سرّتها ، فيما ساقاها المشعّان ، كسماء صافية النجوم ، يغطيان أجسادنا بدفء نادر ، فنضاجعها بحنان تحت شمس المخيلة .
ذلك مما يجعلها أكثرَ الأساطير حقيقية ، فمن عينيها يزحفُ كلُ القتلى في حروب التاريخ ، عائدين كجيش ٍ ساخط ٍ من عفونة الشجاعة ، ملقين عنهم سلاحهم وجروحهم ، غير عابئين بالجهة التي منها سيأتي الموتُ ، بغتة ، ويجرفنا معهم بتياره الى العالم الآخر ، ممسكين بقبضة من حرارة الحياة المخبؤة بين طيّات جسدها.

كانت امرأة متوَهَمَة ، مع ذلك فقد كانت تلوّح بنيراها ، وهي مرسومة على سرير الخطوط ، بعد أن شكـّلتْ تقاسيمَ عريها مخيلاتُ جنود معزولين عن العالم : لابثين كانوا تحت خوذ تمنعُ أحلامهم من التحليق حول فوّهتين غامضتين ، مرسومتين على جبهتي قتال صدرها ، أيام كان الرملُ يقررُ نهاية الهارب منا بأقل لسعة عقرب ، بعضة أفعى ، أو بيد أقل رقة من أياد اولئك المجهولين الذين كوّنوها ، لهفة بعد لهفة ، عطشا بعد آخر ، مثل واحة يشربُ منها الجميعُ ، وتشربهم في آن واحد .

كنا قد حلمنا بها كل على انفراد ، فخلقناها خطا خطا : رسمناها بأظافرنا وحرابنا على حائط ، في صحراء ، في ثكنة ، هدمها من بعدنا جنودٌ قادمون من بلاد اخرى ، في حرب غامضة ، ففرتْ الى الشوارع باحثة عنا : نحن عشاقها الهائمين في أماكن شتى من العالم . نحن الذين لم نمتْ بعد ، رغم أننا لم نعد أحياء أيضا ، ففي مخيلة كل واحد منا نسخة أصلية من غنائها الخرافي ، من هذيانها المضيء في عتمة الشعارات ، ومن جسدها المقمر النبيل ، الذي لا يمكن محوه من على صفحة الشراشف ، التي نحتفظ ُبها كأوسمة هزيمة أو انتصار : نبسطها يوميا على أسرّة موتنا المحتمل ، في أية لحظة ، وفي أجسادنا شبقٌ غامض ، هو الزلزالُ الذي يضرب قيعاننا ، كلما نقصَ قليلا مقدارُ الفجر في كؤوس الخيال التي نكرعها ، ونحن نحفرُ مسام الظلام الكثيف في أحشائنا ، بحثا عن ذلك المقطع الذهبي من شعرها الطويل الطويل الطويل ، الطويل .



#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس ثمة ما نفعله ، يا أنكيدو ..
- ماذا أفعلُ بكل هذه المصابيح ؟!
- اغنية النقطة تحت باء بغداد ..
- الف منفى ومنفى ..
- خالد المعالي يعود الى بلاده ..
- لا حمامة ، لا طوفان ، و لا سفينة ..
- اغنية الشخص الثالث ..
- اغنية كسوط يجلد نفسه ..
- كيف تكتبُ قصيدة نثر .. ؟!
- العالم عندما القصيدة نثرا 21
- العالم عندما القصيدة نثرا 20
- العالم عندما القصيدة نثرا 19
- العالم عندما القصيدة نثرا 18
- العالم عندما القصيدة نثرا 17
- العالم عندما القصيدة نثرا 16
- العالم عندما القصيدة نثرا 15
- العالم عندما القصيدة نثرا 14
- العالم عندما القصيدة نثرا 13
- العالم عندما القصيدة نثرا 12
- العالم عندما القصيدة نثرا 11


المزيد.....




- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - مقطع من شعرها الطويل الطويل ، الطويل ..