أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - اغنية النقطة تحت باء بغداد ..














المزيد.....

اغنية النقطة تحت باء بغداد ..


عبد العظيم فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 2821 - 2009 / 11 / 6 - 16:56
المحور: الادب والفن
    



ترانيمـُكِ يحفظـُها رعاة الصباح ، الذين يصنعون النايات من قصب صوتكِ :
أنتِ التي ، من أجل مروركِ ، يخرُّ المطرُ صعقا ، وترتدي الجداولُ هواجسَ زوارق الأطفال ، فيما الفرحُ يتصاعدُ ، كالبخار من مظلة حاجبيكِ ، نجلسُ عرايا تحتها ، متلاصقين على رصيف الهوى ، ثالثنا الشيطانُ : ينسجُ من وساوسنا قميصَ المغفرة .

أكتبُ اسمكِ على سياج الشـِعر ،
وأرسمكِ نهرا يفيضُ منه الفجرُ الى البحيرات ،
ثم
أغوص عميقا
لأجمع البلور المزروع في قيعانكِ .

كنتُ أطوفُ معكِ الشوارع ، مصفـّرا بلحن حزين ، نعبرُ من خلاله الأزقة الى الساحات ، ثم ننحدر الى المقاهي : تدخلين السينما ، وأنتظركِ ، فنحن مفلسان ، غير أني ، من افق شفتيكِ ، إذ تسردين ما يجري على شاشة روحكِ ، تنطلقُ سحابة الانفجارات والحرائق ، مربوطة الى الارض بخيطٍ من الدم :

ـ كان فيلما رديئا ..

ثم تنحنين ، فجأة ، فأنحني معكِ : نرفعُ ريشة مكسورة سقطتْ من هديل المآذن ، أو ننظف جسد ترنيمة نسفتها عبوّة ناسفة في حنجرة كنيسة : نلفها بخصلةٍ من شعركِ الأسود الطويل ،
نـُطلقها
كما حمامة ونضحكُ ، مثل طفلين يكتشفان الطيران لأول مرة ، غير أنكِ تقطعين ذلك كله ، وتجلسين ، مقرفصة ، في الظلام :

ـ ليتني لم أدخل السينما . كان فيلما مرعبا :
رأيتهم يفركون قميص السماء ،
فتسقط زرقتها ، قطعة بعد قطعة .
آه ،
هناك كائنات من تبن تعفلطُ اللحظة بالتراب .
هناك أطفال يدفعون الهواء ، لأنه كسيح
هناك اشجار يتدلى من أغصانها العواء ،
وهناك ..

تتوقفين .

تبتسمين بأجفانكِ ، وقد شعرتِ بي حزينا :
ـ أما زلتَ تكتب رسائل العشـّاق في الأزقة ؟!

أيتها المنتخبة ، من بين الصبايا ، كي تصيرَ اماً ، أيتها المختارة ، من بين الامهات ، كي تعود صبية ، يا من تمد رأسها ، من نافذة الهيام ، كلما عدتُ من سفرٍ طويل ، لتسألني :
ـ أما زلتَ تسكر ، يا حبيبي ؟!

تمازحيني .

تضربيني برقة كتفيكِ ، فينكسر العمود الفقري لطيف كآبتي :
ـ أما زلتَ تعشق القمر ؟!

لكنكِ تواريتِ خلسة ، ولم أعد اعرف أينكِ :
في أية مشرحة ؟!

هل أنتِ موجودة على الأرض ،
أم
تبتكرين الطيران ، فوق ، لأجنحة الملائكة ؟!

كما أن شناشيلكِ شاحبة جدا .
شناشيلكِ تلك .
تلك التي كلما وصلتُ عاريا ألقت عليّ قميصها ،
فأرتدُ شاعرا :
أعيشُ داخله من دون بدني .

ها أني أطوفُ المرايا
بحثا عن وجهكِ المرسوم بريشة الف ليلة وليلة :
لا أثر ، وليس سوى التجاعيد محفورة ، كالخنادق .

هل
هذا هو نصيبكِ من الصعود الى ذروة الألم ،
أم
هي حصتكِ من بناء عمارة الحضارة ؟!

أيتها المولودة تحت القصف ، ومن معاينة الأقاصي ،
والتي كلما تهتُ في العاصفةِ مدَّ برقُ جنونكِ ، نحو متاهتي ، خيطا من السـِحر أسحبه معجزة بعد اخرى ،
فيـُمطرني ثملا ، أرودُ حاناتكِ بصحبة الصعاليك والفلاسفة :
أسمعُ حكمة من أفواه مجانينكِ ،
أو
أتسلقه لأكتبكِ على سياج الشعر ،
أو
أرسمكِ نهرا يشق طريقه نحو لا تناهيكِ في الخرائط ،
الى أن تصيرين جنة ، تفيض غاباتها من خواطر الشجر ، فأعود طفلا اركضُ في الجهات ، لأجمع الرعاة الذين كانوا ، عبر القرون ، يعزفون اغنية النقطة تحت باء بغداد ، تحت نوافذ مدن العالم .




#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الف منفى ومنفى ..
- خالد المعالي يعود الى بلاده ..
- لا حمامة ، لا طوفان ، و لا سفينة ..
- اغنية الشخص الثالث ..
- اغنية كسوط يجلد نفسه ..
- كيف تكتبُ قصيدة نثر .. ؟!
- العالم عندما القصيدة نثرا 21
- العالم عندما القصيدة نثرا 20
- العالم عندما القصيدة نثرا 19
- العالم عندما القصيدة نثرا 18
- العالم عندما القصيدة نثرا 17
- العالم عندما القصيدة نثرا 16
- العالم عندما القصيدة نثرا 15
- العالم عندما القصيدة نثرا 14
- العالم عندما القصيدة نثرا 13
- العالم عندما القصيدة نثرا 12
- العالم عندما القصيدة نثرا 11
- العالم عندما القصيدة نثرا 10
- العالم عندما القصيدة نثرا 9
- العالم عندما القصيدة نثرا 8


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - اغنية النقطة تحت باء بغداد ..