عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2859 - 2009 / 12 / 15 - 19:53
المحور:
الادب والفن
المخلّص
تأتي الصرخة ُ من كل مكان ، إلا من الجثة ، لكن لا أحد يسمع ، فعشتار صمّاء ، في مجلس الالهة : لا شيء يلهب خيالها الا النار ، تلتهم اور ، معبدا بعد آخر ، حتى تأتي على الصرخة .
كنتُ الناجي الوحيد من الحريق .
خرجتُ ورأسي شعلة .
خرجتُ عاريا ، وقد صممتُ أن أوسّع من معجزة نجاتي ، فدخلتُ سوقا مقفرا إلا من الدخان : سرقتُ سنارة وخيط ، وسلكتُ زقاقا جانبيا ، لا اعرف الى اين يفضي ، حتى وجدتني في نهايته ، حيث بحيرة كبيرة جدا بحجم دمعة ، تتلألأ مالحة ، بانتظاري .
رميتُ سنارتي وجلستُ أترقب قريبا من الحافة ، الى أن تحرك الخيط وخرج ديموزي من العالم الأسفل ، مشتعلا وجميلا مثل نيزك ، فزغردتْ السومريات من النوافذ ، ومن فوق السطوح ، لكن .. لم يبد عليه أنه مهتم : نظرَ اليّ بعتب مَن يعرفني جيدا ، هزَّ رأسه ، رمى السنّارة بوجهي ، ثم غطس ، عائدا ، الى قلب الدمعة .
............................................
# اشارة :
حسب رأي الباحثين ، فإن الإله " ديموزي " الذي تبكيه العراقيات ، في الاساطير السومرية والبابلية ، كل عام ، هو الأصل الذي تطورت عنه فكرة " المخلّص " ، التي صارت متنفسا للكبت والقمع ، في الاوساط الشعبية ، طيلة قرون طويلة من الاضطهاد ، في العراق . ومن المعروف أن " عشتار " ذات الالف وجه ، متقلبة المزاج ، وإذا ما وجدت شيئا يسؤها تلجأ الى النار والحرائق ، كعقوبة .
سيكون مفيدا أيضا ، من اجل توسيع دلالة القصيدة اعلاه ، أن نذّكر بعلاقة الحب بين ديموزي وعشتار ، والتي انتهت بشكل مأساوي بنفي ديموزي الى العالم الاسفل .
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟