عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2898 - 2010 / 1 / 25 - 17:45
المحور:
الادب والفن
آتونابشتم بورتريه شعري
" لقد تصوّرك لبي ، كاملا كالبطل على أهبة القتال
فإذا بي اجدك ضعيفا مضطجعا على ظهرك
فقل لي كيف دخلت في مجمع الالهة ، و وجدت الحياة الخالدة ؟ "
جلجامش يخاطب أتونبشتم / ملحمة الطوفان / ترجمة طه باقر / ص 152
مثل إله جُنَّ من مقالب شعبه ، أقطعُ الليل جيئة وذهابا ، ، رغم أني كتبتُ ما قد رأيتُ : هي رؤيا تجلّت لي وحدي ، في لحظة نادرة ، فأخلصتُ لها .
الطوفانُ نقد ، وهو يقتربُ ، والهروب شِعر ، وما من مَهرب إلا الخيال .
لا غابة أو بستان في هذه البلدة ، وأنا لم أجمع خشبا لبناء السفينة .
" إذهب الى الجحيم أنتَ والشعر والطوفان ، أما نحن فسنعتصم بالجبل ".
وما من جبل ..
هذا ما يجعلُ الأمر محيّرا :
لم أدّعِ الشِعر ، فأنا عادة لا أخبر أحدا عما أكتبُ ، مع ذلك فهم يخنقون الإشراقة ، و يؤدون أدوارهم بإتقان يبعثُ على الجنون .
ـ " لماذا تفعل بي هذا ، يا إلهي؟ "
صرختُ في معابد " شروباك " لكن لا يبدو عليه أنه كان يسمع ، وسط سيل الحجارة : ينبجسُ صوبي من مسام الجدران ومن النوافذ ، وأنا راكع أمام تمثاله الضخم ، فخرجتُ الى البيت ثم جلستُ القرفصاء في زاوية نفسي .
اظنني استغرقتُ طويلا في التحديق الى مخطوطة القصيدة ، ربما توغلتُ عميقا في داخلها : حفرتُ الليل والنهار ، محاطا بقبائل الارق ، حيث لا أرض هناك ولا سماء ، حتى خـُيـّل إلي أني قد اخترقتُ العصور ، فرأيتُ ما رأيتُ : جلجامش ، في الأخير ، منهوش القلب ، يطرق بابي ، أملا بالعثورعلى سر الخلود .
إن الأمر ليس إلا تلك الأعشاب الغامضة في أقاصي الباطن ، تنمو فتأخذ شكل قصيدة .
آه ..
مَن يقنع هذا المجنون أن الشِعر يلقى على أكتاف الشاعرأمتعة ثقيلة جدا ، قبل أن يمنحه موهبة العبور فوق مياه الأبدية ، وحيدا ؟!
..................
اشارة :
"شروباك " هي المدينة التي كان يسكنها اتونابشتم عندما جاءه خبر الطوفان من قبل الاله " ايا "
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟