|
خربشات - مرغريتا - الصغيرة ..!
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 3167 - 2010 / 10 / 27 - 21:49
المحور:
الادب والفن
وصلتني رسالتها الثالثة ، الأولى كانت رسالة حب هيروغلوفيه من عشتار الى أدونيس . لم أستطع فك رموزها .. كانت دوائر ...دوائر صغيرة .. الثانية كانت رسماً لكلمات .. بالوناً أحمراً وعشرة خيطان قزحية .. الثالثة هرشت ما تبقى من شعري ، ماذا تعني ..؟! على غير العادة ، فنجان القهوة ينتظر ، يدي تسند خدي تنتظر خبراً ، كلبي الصغير يحدق بي بقلق . سافرت الذاكرة نحو الماضي الذي لن يعود .. ما إسمك الثلاثي وزمن ولادتك ، وإنتماءك .. الى الحبل السري للحياة .... ألديك وطن..؟ ! أنت مطلوب بلا حلم ..بلا وطن .. إسقط أحلامك ، فالحلم بوابة العشق ، نحو الزحام والبحر والشمس . إحمل كابوسك وإرحل ، وإحلم بإمرأة لها جدائل كنعانية . فما تبقى لك هو الحلم .. صمت الزمن ، وأنا أجالس الزمن وأحتسي الفراغ نبيذاً . غداً عندما تكبر ، ويمتلئ جسدها الغض ، هل تتذكر ما قلت لها يوماً .. قالت ماذا يعجبك ..؟ قلت ، الحب والخبز والحرية ، والأطفال .. قالت : أنا لست صغيرة ، أشارت بأصابعها لعدد سنواتها الثلاث والنصف . أجبت ، أنت طفلة كبيرة وجميلة . كم نتمنى أن نصبح أطفالاً .. نلعب ونغني ونشتم بصوت عالٍ ، ونتف على الأرض ..حاولنا مرات عده أن نبصق نحو فوق فعادت الى الأرض ضحكنا لجهلنا لماذا تسقط البصقة على الأرض .. ثم نلاحق مظاهرة صغيرة تخترق شوارع المدينة " فليسقط واحد من فوق " قالوا " وعد بلفور " ..؟! من هو بلفور ؟؟ ثم بعد ذلك نضحك وكأن ما حدث لم يحدث . تعبت يدي من حمل نصف رأسي ، أودعت النصف الأخر فوق راحة يدي الأخرى .. ثم تعبت من السنين . جلست يداي فوق طاولة مكتبي الصغير القديم .. تنتظران معي قرع الجرس ، أيهما أسرع لفتح الباب ..؟ أحضرت لك رسالة من مرغريتا ؟ قالت جدتها ، والإبتسامة تملأ عينيها . بيد أن مرغريتا طفلة كبيرة فقط ثلاث أصابع ونصف ، ولا تعرف القراءة ، لكنها تغني ، وترقص البالية ، وتمختر بحذاء أمها ، وتحب الطيور والأزهار .. وتعشق صوت المطر وهو ينقر شباك نافذتها ، كعصفور يعزف لحن بيانو جميل . وتحفظ عن ظهر قلب معظم قصص الأطفال ، الأرنب السعيد ، والقط ذي الحذاء الذهبي ،والكلب " لولو" الذي قضى ليلة الميلاد وحيداً . تألمت كثيراً لحالة ، بل هطلت دموعها حزناً على وحدته .. فقد تغيب بابانويل عن حفلة الميلاد بلا عذر . إنتظر " لولو " طويلاً حتى الصباح .. لكن الصباح لم يأتي كان السواد قد إلتحف بياض الثلج وسرق " لولو " الى عالم أخر. فيما كان " القط ذي الحذاء الذهبي " ينتظر أخر المساء بقايا طعام وكلمات وإبتسامات ليلة الميلاد . ويتمطى بتثاقل كسول أحسده فلا عمل ولا واجبات منزلية خاصة بعد منتصف الليل . مرغريتا ، في مستشفى الأطفال منذ أسبوع ، والقلق ينتظر ، موعد نشرة أخبارها اليومية . منحني مرضها مزيداً من الحرية الفردية داخل المنزل ، بسبب غياب الرقابة الناعمة ، لكنه صادر عقلي ووضعه على عتبة سريرها الصغير . قال الطبيب ، أن مستوى تفكيرها أكبر بكثير من عمرها الزمني . لذا إضطر الأطباء للتعامل معها ليس كطفلة ، بل بمنطق الكبار .حتى أن الطبيب إضطر الى شرح طبيعة مرضها ، فقالت : والأن ماذا تنوي أن تفعل ..؟ أجاب الطبيب : سنعطيك إبرة فيها دواء ... فمدت له يدها دون خوف . على المقعد الخشبي العتيق جلست " مرغريتا " الصغيرة ورئيس البلدية . ذات مرة في حوار مفتوح . كيف يمكن للأطفال تعلم العلم ..؟! عندما يتعلمون أهمية طرح السؤال بلا خوف. هذا قانون التطور ، القديم يفسح المجال للجديد . اليوم يلغي الأمس ، والغد يلغي اليوم . آه .. الرسالة .. تذكرت .. أين الرسالة الثالثة ؟ وجدتها .. توقعت رسماً ما لمنزل لم يكتمل بناءه بعد ، سقفه من الطوب الأحمر ، تعلو سطحه مدخنة .. أو رسماً لشجرة حور أو زيتون وهي تعرف كم أحب أشجار الزيتون المقدسة ، زيتون الناصرة والكرمل وعكا ، أو ربما رسماً لسمكة بلا بحر ، أو طائراً فوق غيمة .. فهي لا تعرف رسم بندقية .. ربما رسماً لإبتسامة شفتين ..كانت رسالة معطرة بعطر العطر.. فتحت الرسالة بأناقة وحرص شديد ، ورقة بيضاء حملت نقطة واحدة ، وإشارة تعجب " . ! " . بقي فنجان القهوة في مكانه ساخناً .. صامتاً ، عاد كلبي يحملق في وجهي مجدداً ، إستراحت يداي الى طاولة المكتب .. طار الزمن يبحث عن لغز " . ! " ما أجمل البحث عن جواب لسؤال محير ، فقد كان لجدي ، شجرة صبار وزيتونة قديمة ونخلة . سيمون خوري : أثينا 26 / 10 / 2010
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل - الإله - مؤلف كتب ..أم خالق الحياة ..أو قاتل للإيجار ..؟
...
-
موقع الحوار المتمدن / هذا الملاك الجميل ..
-
من بحر عكا.. الى بحر أثينا ؟
-
صراع - القات - والأيديولوجية / في اليمن - الديمقراطية - ؟!
-
من يستيقظ أولاً ...يصبح بطلاً قومياً ..؟!
-
سقوط أخر سلالة - الملكة بلقيس - / هيلاسيلاسي .. أسد أفريقيا
-
إنه .. عصر الزهايمر الفكري ..؟!
-
- كارلا بروني - ليست عاهرة / منظمات ترميم الصمت هي العاهرة ؟
...
-
تأملات ..قيثارة ..وبيانو .. وعود
-
الصيف .. صديق الفقراء والعشاق / والمهاجرين والمتعبين ..
-
ملائكة - الحوار المتمدن - تغني للفرح ... ولنكهة الحناء .
-
ملاءات بيضاء ...وقمرُ أحمر ..؟
-
أسطورة خلق أخرى/ في عشرة أيام ..!؟
-
ماذا يريد الإنسان من الحياة ..؟
-
أبو مين ..حضرتك ..؟!
-
لماذا يعشق البحر النساء ..؟
-
كتالونيا
-
مطلوب دولة حضارية .. تستقبل / اللاجئين الفلسطينيين من لبنان
...
-
الطبيعة الا أخلاقية / لإسطورة الخلق الميثولوجية ..؟
-
إنه.. زمن التثاؤب..؟
المزيد.....
-
سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح
...
-
منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز
...
-
فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي
...
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
-
رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة
...
-
الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
-
صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|