أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ييلماز جاويد - الإستعمار .. شكلاً وجوهراً















المزيد.....

الإستعمار .. شكلاً وجوهراً


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 3137 - 2010 / 9 / 27 - 08:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ماذا يريد المستعمرون من العراق ، من المنطقة أو حتى من العالم كله ؟ هدف المستعمرين على المدى البعيد هو الإستخواذ على خيرات البلدان الأخرى لمصلحة حفنة من الرأسماليين في البلد الأم .

لا يختلف هذا الهدف بين مستعمر وآخر وكذا لا يختلف في شموله دولة دون أخرى . بل أن الدول الإستعمارية تتصارع فيما بينها للحصول على أكبر مساحة للنفوذ الذي يؤهلها لتحقيق الحد الأقصى من النفع .

لغرض الوصول إلى الهدف المنشود يقوم المستعمربتغيير سياساته وخططه وبرامجه . فقد مرّ الإستعمار بأدوار مختلفة منذ نشوء الرأسمالية وإستفحال سيطرتها على إقتصاد الدولة في موطنها مما تطلّب التوسع في السيطرة على مناطق خارج أراضيها . في البدء كان الأسلوب الكولونيالي الإستيطاني المدعوم بالإحتلال العسكري ، حيث تحركت أساطيل تلك الدول وجيوشها وغزت البلدان الأخرى ، وشجّعت رعاياها على الإستيطان وإنشاء المشاريع الإستخراجية والتجارية والصناعية بقصد نقل المواد الخام المستخرجة وكذلك ريع المشاريع الأخرى إلى الوطن . وبمرور العقود ، وبسبب نمو الوعي الوطني لدى الشعوب المستعمَرَة وتعارض مصلحة الشعب مع مصالح المستعمِرين حدثت إنتفاضات وثورات إضطرّت المستعمرين إلى تبديل أسلوب الحكم من السيطرة العسكرية إلى تأسيس حكومات بإدارة مدنية ولكنها تقوم بنفس المهام بواجهة جديدة . ولكن الشعور الوطني المتأجج لدى الشعوب بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وإنتشار الأفكار التحررية والتقدمية جعل عمر هذه التجربة قصيراً إذ قامت ثورات في بعض البلدان مما إضطر المستعمر إلى تبديل أسلوبه من جديد . وقام بتغيير الحكام المدنيين الأجانب بآخرين من أبناء البلد والحفاظ على مفاتيح السيطرة لدى المستشارين الأجانب الذين كانوا يديرون سياسة البلد من خلف الستار . وقد ربط المستعمر هذه الحكومات بإتفاقيات عسكرية وأخرى إقتصادية بذريعة ضمان سلامة البلد والحفاظ على كيانه ضد الإعتداءات الخارجية . لقد مارس المستعمرون هذا الأسلوب في العديد من البلدان ، ولغرض ضمان إدامة مثل هذه الأنظمة أقامت نوعاً من الديمقراطية الشكلية ، من دستور ومجلس نواب وحكومة ورئيس دولة يتم إنتخاب أعضائها في إنتخابات محكومة النتائج سلفاً . لقد حاول المستعمرون البريطانيون تمرير هذا الإسلوب من الحكم في العراق فترة نفوذهم ، وإبتدعوا أسلوب قيام حزبين مواليين لهم ، يكون المواطن محدداً في إختياره مرشحي أحدهما . فقد كان تأسيس نوري السعيد حزباً وصالح جبر حزباً آخر ضمن هذه الخطة . ولتنامي الوعي الوطني لدى الشعوب فقد أصبح هذا الأسلوب من نظام الحكم غير صالح مرحلياً ، فلجأ المستعمر إلى أسلوب قيام ( ثورات ) إنقلابات عسكرية بحيث تقوم مجموعة عسكرية من مواطني البلد ( منتقاة من المستعمِر ) بالسيطرة على نظام الحكم وإعلان نظام جديد يحملُ أفراده الجنسية الوطنية ويدعون معاداة الإستعمار كذباً ، ويتوكلون بتأمين مصالحه . والأمثلة على هذا الأسلوب عديدة وملموسة وخاصة في العقود المنصرمة .

تركّز الصراع بين الدول الإستعمارية ، بعد الحرب العالمية الثانية ، بسبب خروج الدول الإستعمارية الأوربية خاسرة وبلدانها مدمّرة ، مما فسح المجال للولايات المتحدة ، التي لم يتأثر إقتصادها كثيراً في الحرب ، للدخول في الصراع بزخم أكبر والحلول بديلاًعنها بالإستحواذ على مناطق نفوذ ها . لقد كان الصراع بين الدول الإستعمارية شديداً رغم إستمرار الحرب الباردة بينها مجتمعة في أحلاف وبين الإتحاد السوفييتي ( السابق ) وحلفائه . و بعد ضمور نفوذ الدول الإستعمارية الأوربية ، أصبحت الولايات المتحدة أحد القطبين في العالم ، وأصبحت تتحكم في مصير معظم البلدان الخارجة عن نفوذ الإتحاد السوفييتي . لقد أدى نمو الوعي الوطني في بعض البلدان التي كانت قد ( تحررت ) من النفوذ الإستعماري إلى تأسيس منظمة الدول غير المنحازة ، إلاّ أن هذه المنظمة لم ترقَ أن تكون قوة ثالثة في موازنة الصراع الدولي . لقد إستمرّ هذا الصراع قرابة أربعة عقود ، حتى سقوط النظام السوفييتي وإنفراط عقد الإتحاد السوفييتي إلى دول منفردة ، سقطت معظمها تحت نفوذ الولايات المتحدة وحافظ قسم منها على سيادة شكلية ، فأصبحت الولايات المتحد القوة العظمى الوحيدة في العالم ، وتدّعي مسؤوليتها عن كل كبيرة وصغيرة في شؤون العالم دون إعتبارٍ للمواثيق وقرارات المنظمات الدولية . وأعلنت عن قيام نظام عالمي جديد ، يعتمد مبادئ نوع جديد من الإستعمار : التجارة العالمية الحرة ، العولمة ، ومبادئ حقوق الإنسان في الحرية الفردية والنظام الديمقراطي ( طبعاً كما هو في المفهوم الأمريكي ) .

في موضوع العراق : غزت الولايات المتحدة العراق في عام 2003 مستخدمة القوة العسكرية ، والعراق عضو كامل في هيئة الأمم المتحدة . وغيّرت نظام الحكم فيه ( ورجائي أن لا يُفهم من هذا دفاعي عن النظام السابق ) ، ونصّبت حاكماً عسكرياً ، سرعان ما إستبدلته بحاكم مدني ، وضع أسس نظام حكم بديل عن النظام السابق : مجلس حكم ، ثم دستور وإستفتاء ، وقانون إنتخابات ، وإنتخابات ( مجلس نواب ) وتشكيل حكومة . لم تكن هذه الحكومة من يوم تأسيسها لحد اليوم مختلفة بشكل جوهري عما كان عليه النظام السابق في توفير وتأمين ما يحقق للمستعمر أقصى المنافع ، بل قد تزيد ، دون إعتبارٍ لمصالح الشعب . إن المستعمر لا يكتفي بنفط العراق ، كما يتم تصوير أطماعه من قبل بعض المحللين قصيري النظر، ولا هو يكتفي بالمواد الخام التي تنتجها البلدان الأخرى التي تحت نفوذه ، بل هدف المستعمر أن تكون جميع البلدان كالبقرة الحلوب يمتص خيراتها بجميع وسائل النهب والسلب الإستعمارية . يريد المستعمر أن تكون لشركاته الإستثمارية الإمتيازات الخاصة في تنفيذ المشاريع المربحة ، والحق في تحويل أرباحها إلى الوطن الأم . يريد أن يكون لمواطنيه مواقع الإدارة العليا والخبراء في تلك الشركات وحقهم في تحويل فضلة دخلهم إلى الوطن ، بينما يشغل أبناء البلد الوظائف الوسطية والدنيا برواتب لا تكفي لتوفير مستوى معيشي محترم لهم ولعوائلهم . يريد المستعمر أن يكون البلد مستهلكاً للمنتجات المصنوعة في مشاريعه ، سواء منتجات الشركات المؤسسة محلياً أو المنتجات المستوردة من المصدر، فيحقق الأرباح الطائلة من تصريف منتجات شركاته في أسواق أوسع . يريد المستعمر أن تكون هذه البلدان في صراع فيما بينها مما يشجعها على شراء وسائل الدفاع عن نفسها ، مثل الطائرات والغواصات والدبابات والأسلحة الأخرى وأعتدتها مما يحقق الأرباح الخيالية له . جميع تلك الخطط ترمي إلى تحويل البلد إلى كيان يخدم مصالح المستعمر ، تحت ظل حكومة ، منتخبة من الشعب ( شكلياً ) ، ومدينة للمستعمر في بقائها على سدة الحكم برضائه .

نفس السيناريو الذي أراد تطبيقه المستعمر البريطاني في أواسط القرن الماضي ، تريد الولايات المتحدة تطبيقه الآن ، في العراق ، وتعتبر خطتها سائرة في مسار صحيح لحد الآن ، حيث برزت بعد الإعلان عن نتائج الإنتخابات العامة الأخيرة كتلتان سياسيتان على الساحة السياسية ( كتلة علاوي وكتلة المالكي ) تتناطحان من أجل تشكيل الحكومة . في الحقيقة لا تختلف هاتان الكتلتان عن بعضهما بشكل جوهري ، مهما تمّ التطبيل لإختلافهما ظاهرياً ، وعلى الخصوص في السياسة الخارجية للعراق وفي تأمين مصالح الولايات المتحدة فيه والمنطقة بصورة عامة . أما في السياسة الداخلية فيمكن تعليل الإختلاف بينهما في البحث إلى أي شريحة إقتصادية من المجتمع تنتمي مصالح كل كتلة . فمن المعروف أن كتلة المالكي تمتدّ جذورها الإقتصادية إلى ملاك الأراضي الإقطاعيين وشيوخ القبائل ورجال الدين ، أمّا جذور كتلة علاوي فتنبع من كنف البرجوازية العراقية والإستثمارات الصناعية والعقارية والتجارية . وبهذا يمكن القول أن نزوع كتلة المالكي يكون نحوالعودة بالعراق إلى الوراء ، بسبب مصالحها الطبقية ، وإعادة صياغة القيم الإجتماعية بقيم الماضي والعهود المظلمة . بينما يكون نزوع كتلة علاوي نحو السير إلى أمام ، وتشجيع المشاريع الصناعية والتجارية والعقارية ومكافحة البطالة لرفع مستويات المعيشة بضمنها تشغيل النساء ، مما يؤهلهن للحصول على حقوقهن .

وقد قيل بعدم إمكان حصول شيئ في العراق غير ما تريده الولايات المتحدة ، إلا أن الولايات المتحدة ، عملاً بمبدأ تحقيق أقصى المنافع بأقل الكلف مع توفر الضمانات في إستمراريتها لأطول مدة ستقرر إيداع الأمانة لدى إحدى الكتلتين ، فمن منهما يا تُرى سينجح في هذا المزاد ؟

إننا في مرحلة تاريخية دقيقة ، وليس لنا خيارات كثيرة ( إن كان لنا خيار في الأصل ) ، فلا بد أن نختار، مكرَهين ، الأفضل بين الموجودين ، عسى أن تأتينا فرصٌ أخرى لخيارات أفضل



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخُلودُ للطيبين
- عِبَرٌ لَمِن إعتَبَرَ
- لِنكافِح الفرقة والإنعزالية
- لِعبُهُم .. ورَدُّنا
- العُنفُ ... أم النضال السّلمي ؟
- تصحيحُ المسار
- النظرية والواقع
- التمنّي .. وَلِمَن ؟
- الثورُ ... والسّكاكين
- وحدةُ الشعب تدحرُ المتآمرين على مستقبله
- ما هو كسبُنا في الإنتخابات
- من وحيِ الإنتخابات
- أين الخطأ ؟
- مَلامِحُ النّجاح
- حِزبُ البعث والحركة الصدّامية
- مستقبل نظام الحكم في العراق
- الإجتثاثُ والبعثيون
- عَودة إلى درس المعلّم الأوّل
- عَودَةُ البعثِ . . وعيدُ الجيش
- الأمنُ !! أكاذيبُ مسؤول


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ييلماز جاويد - الإستعمار .. شكلاً وجوهراً