خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3124 - 2010 / 9 / 14 - 22:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اثار مقالي المذكور سابقا عددا من التعليقات التي ارى انها تحتاج الى اجمال الرد عليها في مقال, علما ان بعض هذه التعليقات لم يكن له علاقة بموضوع المقال, فالمقال بصريح العبارة يوجه اتهاما مباشرا لبعض الاقلام التي تدعي اليسار في حين انها ليست في الواقع اكثر من اقلام ليبرالية لا يسارية تحللت من التزاماتها القومية الوطنية الديموقراطية, مدعية انها اممية وانها تدعوا الى المحبة والتالف والتاخي غير المشروط بين المجتمعات.
انها اقلام يسحب اصحابها من اذانهم حين يتذيلون الجمل المنمقة عن الاممية والتاخي والتالف والمحبة. وهي بضاعة الصهيونية الرخيصة التي انساقوا خلفها فوضعتهم الصهيونية في مواجهة مع مصالح وامن ومستقبل مجتمعاتهم القومية الخاصة.
تتنوع دوافع اصحاب هذه الاقلام, ففردية وانانية بعضهم هي التي تموضعهم في هذا الاطار, في حين ان فراغ الجملة اليسارية التي يحفظها البعض الاخر من المحتوى النظري السياسي السليم هو الذي يغرر بهم, فاليسار عندهم تركيب لغوي من السلفية الماركسية وتفرعها الاكاديمي. اما القسم الاخير فهو صاحب رد الفعل السياسي العاطفي الذي يدعي التعالي عن الشوفينية والعنصرية ولا يفطن الى انه يغرق في امواج حماستها,
لقد قرأت باهتمام كافة التعليقات التي وردت على مقالي المذكور واوجه للجميع الشكر النابع من احترام حقيقي بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف, مع مواقفهم من المقال. لكني سارد عليها بطريقة مغايرة عن المعتاد.
فتصويبا لمعلومات خاطئة عند البعض فان قلمي ليس قوميا عربيا ولا متطرفا اسلاميا ولا اؤيد كافة اشكال العمل العسكري الارهابي. وعلى ذلك اشكر دلالتي الثقافية التي تمكني من التمييز تماما بين نضال التحرر والعمل الارهابي, بل واميز عملياتها المشتبهة التي قد يساء تفسير تباين جوانبها. وبذلك لا يحق لاحد ان يحمل قلمي اتهامات شوفينية او ان لونه عنصري مداده الحقد.
وهنا علي ان انتقد شوفينية من طرح موضوع العنف الممارس في العراق. فانا ضد تواجد الصهيونية في فلسطين ومحاولتها تحديد مصير القومية الفلسطينية فكيف لي ان اجيز الاختراق الاستخباراتي الاقليمي في العراق الذي حمل المقاومة العراقية الحقيقية الشبهات, ومن قال انه ليس لي تقييما خاصا لما كان سائدا في العراق وما استجد عليه, ومع ذلك فانا لا اطرح هذا التقييم للتداول والحوار فلم تعجز الماجدة العراقية بعد عن ولادة كفاءات تنجز المهمات العراقية الفكرية والبرنامجية والعملية,
إن الشيء الوحيد الذي سبق وان ذكرته عن العراق هو مغازلة لذكريات جميلة قضيتها في هذا البلد الاصيل, لم اشعر معها باغتراب ولا بتعالي فوقي من اهله, وقد اشرت الى ذلك في مقال سابق حول موقع الحوار المتمدن, لكن السؤال الذي اوجهه هنا لاصحاب وجهة النظر هذه هل يليق التخلي عن مبدئية الموقف واعتبار اسرائيل بلد شقيق بداعي المجاكرة ورد الحقد بالحقد. واين في ذلك نجد الانسجام والتناغم الفكري الذي يطبع عادة النهج اليساري. قولا وفعلا؟
هنا نجد العلاقة بين يعقوب ابراهيمي واصحاب وجهة النظر هذه, فمن بين كل اللذين قالوا له شنه طوبه كنت الوحيد الذي لم يردها لي, ليس سهوا بل لمبرر اعرفه تماما؛ فانا وجهت هذه الامنية له كيهودي ولاحبته ولكل يهود العالم لكني لم اوجهها له كصهيوني. وهو يرفض اي علاقة اقليمية لا تبدأ من حال القبول بالصهيونية. لا باليسارية.
اما اؤلئك اللذين يرون ان الحل بات ( فرديا ) من الليبراليين اللذين يدعون اليسارية, فلا جدوى من محاورتهم فكريا لان المسالة تتعلق بالتاسيس التربوي في مرحلة الطفولة, حيث من المعروف ان التاسيس في الطفولة تربويا هو الذي يحفظ مباديء السلوك ويوجهه نفسيته حتى لو طرأ تغير على اشكال السلوك بتاثير الحصار الاجتماعي او التحصيل الثقافي,
الامر الاكثر اهمية هنا هو تعريف اليسار الذي هو بالتاكيد ليس تراكم للممارسة الليبرالية او تجميع لانفراديتها مجتمعيا فاليسار كنهج وظاهرة هو نتاج لمدلول ثقافي مادي ديالكتيكي تاريخي يتحصل عنه حالة انشداد وانحياز اصطفاف سياسي للصيغة العلمية للحياة, وهو بالتاكيد خارج اطار حصار سلفية النص التي يدعوها التونسي العفيف الاخضر ( تعاويذ صنمية ), وربما في ذلك يكمن معنى كلمات ماركس في انه لم يكن ماركسيا,
اليسار اذن حالة نضال ثقافية سياسية افقها الاعلى الاممي القومي مطلب التنظيم العلمي للصيغة المجتمعية للانسانية, لكن حدها الادنى المتغير الى الارتقاء الدائم هو انجاز مهماتنا المباشرة وفي هذا الاطار يشتبك الاممي والقومي والطبقي والديموقراطي والوطني مشروطا بوضوح قراءة مسار تحققها التاريخي,
بهذا الصدد لا يجد مدعي يسارمثل يعقوب ابراهيمي له مكانا فهو لا يدرك كيفية مسار اشتباك العرقي مع الطبقي مع الثقافي لا في تاريخ فلسطين ولا في تاريخ المسالة اليهودية نفسها رغم انه يدعي كما يقول في تعليقه انه خبير في الثقافة العربية. وانا اصدقه انه خبير في الثقافة العربية لكن بطريقة استخباراتية تدرس الثقافة النفسية للسلوك ( العربي ) اي العرقي لتوظيف ردود فعله, لكنه لا يدرس السلوك القومي الفلسطيني وإلا لأدرك ان التسوية الراهنة لا تضع حدا للقضية الفلسطينية بل سيعاد طرح القضية الفلسطينية والمسالة اليهودية مستقبلا, لان موضوعية الموقع الفلسطيني في الصراع العالمي يجعل الصراع حولها وبها ذي الية استمرار واسترجاع, ولا يمكن التحرر من هذه الالية إلا بالتحرر القومي الفلسطيني ( الخاص ) فقيام دولة و مجتمع غريب في فلسطين مصيره السقوط. حتى لو كان امبراطريا.
فالسيد يعقوب ابراهيمي في رؤيته الفكرية لا يمكن ان يكون مادي جدلي تاريخي, بل سلفي من اتباع ابراهام ليون الذي اسس لماركسية صهيونية بادعاء ان الغيتو حفظ العرق الاسرائيلي اليهودي من الانصهار وعزله عن ظرفه القومي الموضوعي. وهو قطعا لا يتمثل الحل الماركسي للمسالة اليهودية الذي اعتبرها من مكونات الاثنية الثقافية الروحانية للقوميات بعد ان تجاوز التطور الحضاري مستواها الاثني العرقي المباشر وانكفأ الى المستوى الثقافي الروحاني وان حلها نهائيا يكمن في انجاز حل المعيقات الديموقراطية لمسار التطور القومي التي تتاطر فيه,
لقد فضل اليسار الصهيوني ( الهوى العرقي القبلي الديني ) على منجزات القرن التاسع عشر الفكرية, فانحاز الى المقولة الاثنية والية انقسامها السياسي الاجتماعي ضد عملية الانصهار القومي, وكجزء من حالة نهج استعماري وظف الدم اليهودي في خدمة الاستعمار العالمي هنا ( بريطانيا ) الذي اجاد تاريخيا اللعب على هذه التناقضات, لذلك لم يكن مستغربا ان يكون الصراع المذهبي هو القضية الرئيسية التي استرجعتها الديموقراطية الامريكية في المجتمع العراقي بل وتعتبر الان المعيق الرئيسي الذي يمنع فعلا انفلات العراق من وضع ما قبل الدولة الذي تركه عليه غزو الديمقراطية الامريكية للعراق. واعتذر عن هذه المداخلة.
ما هو الموقع السياسي لمدعي اليسار من الصهاينة. هل يستطيع احد ان ينكر انهم يتموضعون خلف الحاخام تماما كما ان هناك من يدعي اليسار فلسطينيا وهو في الحقيقة عرقي قومي عربي يقوده اغلب الاحيان شيخ المسجد بصورة عامة, واغلب الاحيان شيخا قليل العلم حتى بالاسلام بصورة خاصة.
ان جوهر اليسارية الصهيونية غير منفلت من تقاطع المقولة الدينية العرقية القبلية الماقبل تاريخية مع مقولة العنف العسكري الارهابي الحديث لذلك يشكل افناء النوع وابادته الطابع الرئيسي للنهج الصهيوني, واليسار الصهيوني هو جزء منه فهو درجة من درجات الاصفرار اليميني. ولا يشكل ابدا جزءا من الاخضرار البيئي حتى لو كان داخل راسه حديقة ازهار, فاي يسارية واممية هذه التي تستدعي تابوت العهد و تقود الى فلسطين اؤلئك اللذين عاقبهم الله فتاهوا في صحراء العقاب الرباني.
إن التحدي الموضوع امام من يدعي اليسار من الصهيونية في اسرائيل لا يكمن في التشكيك بعدالة نضال التحرر القومي الفلسطيني من خلال ادعاء مناصرة المطالب الفلسطينية بل يكمن في اخلائهم المواقع المواطنية الفلسطينية التي يحتلونها والعودة الى اصولهم القومية حيث لم يعد هناك _لاسامية _ ولا _هلوكوست_ وحتى يعود يعقوب ابراهيمي الى اطره ( الرفاقية ) الشيوعية العراقية فانه لن يكون في نظري اكثر من صهيوني اصفر.
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟