أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - جدلية الفكر و قيم الإنحطاط














المزيد.....

جدلية الفكر و قيم الإنحطاط


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 3121 - 2010 / 9 / 10 - 09:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ثمة علاقة صراع بين قيم الفكر التي تهدف إلى البناء و مقاومة الفساد بكل مظاهره ، و قيم الانحطاط السائدة في واقع كل المجتمعات ، و التي تحظى أكثر بقبول الفكر الانهزامي الجامد ، و العاجز عن إحداث الطفرات النوعية ذات الفعالية في مستوى الفعل العقلاني الخالص .
هكذا ، يحصل اختلاف جوهري إن لم نقل تناقض صارخ بين نمطي التفكيرين معا ، التنويري و العقلاني بطابعه التقدمي و التغييري الطامح إلى التأسيس و البناء ، و التقليدي النصي الراكض بطابعه السلفي و المحافظ على المعايير السائدة و القيم الشائعة بين عامة الناس ، و كذا المهيمنة بتوجيه مقصود و مفروض ، من قبل القوى الاجتماعية و السياسية الحاكمة ، ذات السلطان القوي سواء المادي أو الرمزي .

لكن ، حين نعود إلى التاريخ ، سنجد أن جل المراحل التي شهدها هذا التاريخ كانت تعرف هذا النوع من الصراع القديم و الجديد بين ، الفكر الإيجابي و المفكر النزيه و الخالص الذي يبغي الصالح العام ، و يقاوم و يناضل من أجل أن تسود و تحيى قيم الفكر الحقيقية بين الناس ، و الفكر السلبي و المفكر الانتهازي طوعا و اختيارا أو جهلا ، و الذي يمارس عملية التفكير المحدود الفعالية داخل دائرة النص الضيقة ، التي هي أصلا مقيدة و محاصرة أو موظفة من قبل جهات قوية عليا سلبية و متسلطة و متحكم فيها ، ارتباطا بمصالحها و أهدافها .
ففي المجال الفلسفي مثلا ، لا أحد يشك في أن قضية محنة أبو الفلاسفة سقراط تعتبر من القضايا الأساسية و الخطيرة ، التي ستبقى وصمة عار على جبين التاريخ الفكري البشري ، ليس فقط لأن الفيلسوف اليوناني سقراط كان ضحية الفكر التقليدي المحافظ ، بوجهه السياسي و الاجتماعي الذي كان مسيطرا في عصره ( أثينا ) ، بل كانت الفلسفة التنويرية ذات النزعة النقدية لقيم الانحطاط و الثبات ، هي المعنية بهذه المحنة بالذات .. أي تم إعدام الفيلسوف سقراط ، لا لأنه ناقش مع الشباب قضايا فلسفية حساسة ، تتعلق بمبحث المعرفة و علاقتها بمصير ذات الإنسان ، و بكيفية فيها الكثير من الجرأة و القوة العقلانية المعتمدة على الجدل و الإقناع ، رغم أن هذا العامل لا يقل أهمية في موضوعنا ، و لكن السلطة ببعدها السياسي الحاكم المستبد ، و الاجتماعي التمييزي و الطبقي و كذا الفلسفي المتواطئ ، كانت تعتبر فيلسوفنا سقراط حاملا لمشروع فلسفي و فكري مختلف جديد و خطير ، كان يهدد مصالح الطبقة الحاكمة و المسيطرة ، سواء سياسيا أو اجتماعيا أو فكريا أو فلسفيا ( نستحضر هنا بالخصوص فلسفة السوفسطائيين ) ، لهذا يجب وضع - حسب اعتقادهم - الحد لهذا الفكر النقدي الثائر الجديد ، قبل أن يتقوى و تكون له شعبية أوسع و أكبر من شعبية الفكر السلطوي السائد . و هنا تكمن خطورة التفكير الفلسفي السقراطي ، في زمنه ، و بالتالي سيبقى التاريخ يذكره بهذا الاختيار الأخلاقي بالدرجة الأولى ، لأنه قاومهم فكريا ، و لما ثبت فشلهم في التصدي لأفكاره الفلسفية و النقدية الرافضة للوضع العام كما هو ، ارتأوا و قرروا التخلص منه جسديا ، ليتم إعدام الجسد .. جسد سقراط الحكيم ، و يبقى الفكر النقدي .. العقل المعرفي حيا و فاعلا في التاريخ ..الأبدي .

و إذا تركنا المجال الفلسفي و انتقلنا إلى المجال الديني ، و الذي يمكن اعتباره من أهم المجالات الحيوية ، التي يراهن عليها فكر السلطة التقليدي المحافظ لبسط سيطرته و تعميق هيمنته ، بحكم الاقتراب الكبير الموجود بين ما هو ديني و العقلية الشعبية العادية ، سنلاحظ نفس المعطيات المرتبطة بكون معظم المفكرين الإسلاميين مثلا الذين تجرؤوا و تناولوا بعض القضايا الأساسية ، في المجتمع من وجهة نظر نقدية مختلفة ، ووجهوا بكل أشكال العنف المادي و الرمزي ، و نستحضر هنا محنة المفكر و الفقيه القدير ابن تيمية ، و كذا حديثا محنة المفكر المصري المجتهد نصر حامد أبو زيد ..

هناك دوما إذن ، صراع - و الصراع جزء من الحياة و سبب التطور - و جدل بين فكر سائد محمي و موجه و مستفيد ، و فكر معارض و ثوري رافض للقيم السائدة و طبيعة التعاملات العامة و الخاصة ، التي تجري تحت مظلة الفكر السائد المهيمن ، بدعوى أنها تعاملات و أخلاقيات و عقلية عاجزة أو أرادت أن تكون كذلك ، تفتقر إلى اللمسة الإنسانية التي يطمح إليها كل مواطن ، يرغب أن يعيش سعيدا و كريما في بلده الأم ، و مجتمعه الأكبر الذي هو الحياة ، كالعدالة و المساواة و الديمقراطية الحقيقية ، التي تعني جميع مواطني المجتمع ، بما فيهم الفقراء و المعوزين و الأطفال و النساء ... و هلم جرا .



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخفاش الأنيق - قصة قصيرة
- تيمة الجنون في رواية مدن الملح - نص التيه نموذجا - ( بحث )
- الكرسي الأعرج
- قصيدة يسكنها بحر
- هذا المساء ينقب عن وجهه في الشمس
- صهيل السبت الأسود
- غربة الفلسفة من منظور جيل دولوز
- بهاء شذرات نيتشوية
- حديث حول البحر
- قصة قصيرة الميزان العجيب
- نص المدينة و أبوابها الأربعة
- رقصة الأوثان
- كلاب قبيلة الشلال
- شهوة الصمت
- يبس الوقت
- رجال من تراب
- المزيف
- الحريق
- الخراب
- أنشودة الزورق


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - جدلية الفكر و قيم الإنحطاط