|
الخراب
محمد بقوح
الحوار المتمدن-العدد: 2498 - 2008 / 12 / 17 - 02:00
المحور:
الادب والفن
لعل الدروب ، التي لا تقود روادها الوافدين ، إلى معانقة موج البحر ، قسرا تطاردهم لا محالة رصاصاتها الظمأى ، حتى آخر زاوية مهملة ، في زنزانة الحرفِ ، حيث يعتقل الحلم ، و بمكعبات ثلج هذا السؤال ينمو الضجر الجميل . حبلى أنتِ .. يا زينة الخطاب و الصورة ، و بوهج شهواتك القزحية ، الآتية من صيف الأمس ، بك تبحر الذات مدفوعة بالأيدي الجسورة .. عالقة هذه الأنثى ، من أطراف خيط عنكبوت أعرفه ، و يتجاهل وقع صرخات البحر المختزنة خلف ستار الرماد . و بين تجاعيد وجهي الترابي تزهر اليوم حروقٌ ، غذتها تناقضات السؤال الصعب في حقل تحميه خيانة الموج لأهله ، هو الآن يزحف نحوي و أشتهيه . و بما تبقى من أغصان النار ، في خنادق الروح أمتد مخترقاً خرافات هذا البناء المطاطي المشوه لتاريخي الطويل ، الذي أنجبك في ليلة عاصفة ، وعليه تشهد فحولة هذي الجبال الشاهقة . أنتِ واهمة يا سيدة بلا اسم ، حين تصرين على الحفر العمودي ، تحت أقدام صخوري ، لإسقاط بحري .. و ركوب عنادك الجميل ضد عناصر خبزي و شيء من هويتي ، التي دنسها التقليد ، سيقود هذه السفينة العاشقة لتحرير السواعد قبل الأفواه ، المنسوجة أعضاؤها من رجال ، صنعوا التاريخ من أزمنة جميلة ، تكدح تحت سقف القر ، إلى مغارة في جوف وحش يتربص بضحاياه غافلين .
هو الوجه الآخر لتكوينات أرواحك القاتمة ، و المنتشرة في كل أمكنة حديثك الذي ألبسته الشمس ، جنان هذا الشوق الأزرق ، سواء في لحظات عراء النجوم ، أو وقت اختمار سوطك الجارف ، ضد عصياني المدمر الآن ، لكل أشكال الخرافة المؤسسة خطئا على نعش الأسلاف ، أبدأ معك يا صغيرتي الغارقة ، في بحر عجزك الخائف لعبة أخرى ، لم تقرئي قواعدها الهاربة ، في تاريخك القصير ، و المحشو بأكياس قديمة ، من أنفاس دمي المقدس .
...لماذا أنتِ ، يا فاقدة الاسم و الفعل ، مصرة على قتل عرائس الحرف في بساتين كلمات خريطة الضجر ، التي صنعتها تجاعيد كل أقلام الوطن ؟ لماذا تبتسمين في وجهي ، و أحيانا ، في السر الجميل ، تهمسين في أذني ، أنك العاشقة الوحيدة في الكون ، لسفينة هذا الجسد المنفي ، وراء أدغال نخل عادت ، قبل لحظات ، من رحلة عرس في زنزانة الصمت ..؟
قد أكون حالما بمجاهل كون جميل ، يكتب قصيدة الحفر الجليل ، عبر هذي الأخاديد القادمة من بيوتك الكريمة ، و لكن .. لا يمكن أن أنتمي إلى حلم ، يدخن الوقتَ ، في جرار قبيلة مجرورة ، و في مقهى قابع على حافة السقوط ، كلون الرماد ، يتناسل مزهوا بلونه العاتي . لعل هذا التفاعل المغسول الوجه ، بصراع صخور البحر هو قبلتي ، و إليه أصير ...
أقرأ.. في رواية كتبها الذئب، الذي هو أنتِ ، عندما كان ، يقول الراوي ، في فترة نقاهة بإحدى عواصم الكتابة : ( أكتوي بلهيب الوحشة ، حين لا أجدني أسبح ليلا في فلكي ، و بين علامات الاحترام و التبجيل المفرط ، من لدن أعزائي الخرفان الودودين .. و في ذات صباح نادر في حياتي ، ربما لن يتكرر في الأيام المتبقية من مكتوب قدري ، بينما كنت أتناول وجبة فطوري الممزوج بأكواب البيرة الممتازة في حديقة قصري ، رفقة بعض ضيوفي ، الذين قدموا من أوطان متعددة من عالم الغاب و الإنس ، و إذا بعاصفة مطرية تربك الحضور ، و يفاجئ الجميع بحشرات و ديدان كثيفة ، تتساقط مع الماء كسلاسل طويلة نازلة من السماء ، في عراء مدينة ، أحكمها بفن سياسة الألواح ، و لم يتردد حرسي من التقرب إلى عين المكان ، لاكتشاف جديد هذا الزمان .. فجرى الخدم يمنة و يسرة ، خائفين من غضبة حلزون أو لسعة دود .. من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من صحون الأكل و كؤوس المشروب ، لكنني ، أنا المشدود من لساني حتى قدمي ، إلى صوت أبي الكذاب ..، لم أتحرك من فوق عرشي الأخضر .. لأنني قرأت ، و قال راو آخر ، يؤمن بما أقرأ ، في إحدى الوصايا الغالية عندي ، و التي تركها لي جدي : الذئب الأكبر ، مخطوطا في القلب ، و ما زلت أذكرها و أحفظ أدق تفاصيلها ، تلك التي تقول في وصيتها التاسعة بالضبط ما يلي : " عندما تفاجأ بانقلاب الرعية عليك، يا بني .. لا تتحرك من مقامك العالي ، مهما حصل ، و في أحسن الأحوال ، يمكنك أن تنزل ، بسرعة البرق ، من فوق عرشك الفاتن ، و تخفي تكوينات جسدك الطاهر تحته ، و ترتل لطف آيات الله الكرسي ، حتى تحميك الأقدار من عصيان الرعية .. ، إن لغدرهم ، يا بني ، شوك مسموم ، إذا أصابك ، حفظك الله و رعاك ، لن تنجو من الموت المحقق" . و الله أعلم .
#محمد_بقوح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنشودة الزورق
-
أيها العابرون في وجهي
-
يوم أزرق
-
قواعد اللعبة
-
شرارة .. سمك السردين
-
الإشارة أبلغ من ضربة سيف من خطاب مخشب
-
سلاما يا سيدة الشموس
-
توظيف الجنون في الكتابة الروائية
-
لهذا المساء رائحة الأمس
-
نظرية السلطة الرمزية عند بيير بورديو
المزيد.....
-
مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم -
...
-
أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل
...
-
مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
-
دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي
...
-
بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي
...
-
رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم
...
-
إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا
...
-
أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202
...
-
الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا
...
-
متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|