|
لهذا المساء رائحة الأمس
محمد بقوح
الحوار المتمدن-العدد: 2471 - 2008 / 11 / 20 - 06:16
المحور:
الادب والفن
1- هذا الزمن المغربي الجريح ، كتاب مفتوح على المزيد ، من صرخات حجارة الصٌبار الجليل . ترى من يسقي شجرة الملح ، في أزقة مدن الضياع ، سوى أهازيج صقور ، هي الآن ماضية في وضع اللمسات الأخيرة ، لشكل اللعبة و لون الخريطة المصدرة ..؟ عنقود حروفها العقيمة هي .. يبست ، و كلماته الحمراء هو .. المسافرة ، على متن صهوة بحرنا الغاضب ، لن يرعبها رصاص المرايا .. هو .. زمن حالم ، و يئن تحت أقدام الأمكنة ..، أمكنة باتت تخدم سلطان رياح شمال ، تتشكل فصوله القديمة ، و ما بين سطوره العميقة ، من حرارة الغموض البليغ ، و القادم من هندسة البارحة ،.. زمن عاد يصول خاطبا ، و نزيفُ عين الأسئلة الفياضة ، هو سيد المواقف الحالية .. فطوبى لزمن رديء ، تُرك وحيداً على جسر من قصب .. لعلها تقلبات طقس السياسة الجوفاء ، و في ساحات الشوارع المعطلة ، عادت صقور الأمس ، تلعب معنا ، نحن الحجارة الحارقة ، لعبة محارات الغميضاء ، و بداخل الغرف المثقوبة ، و المعلقة من أنوفها العليلة ، علينا تطل أحزان أشباه الرجال ، في عالم صغير ليست له رائحة ..
2- من حرارة صراخ جسد صيفنا الشهي ، إلينا تسافر خفاقةً معاني حروب الصقور . طيورنا الصديقة للبحر الهائج ، غادرت منذ عام أدغال الغابة ، مع الطلعة الأولى لفجر المدينة ..هو ليس انسحاب من ساحة لعبة التاريخ ، بل عودة جيوش زبد الجبل إلى فاكهة موجه العاتي . أما قلب حقول التراب ، المنتشرة حدائقها الصفراء ، في رؤوس ركاب هذي السفينة، فمازال ينبض بالشمس ثمة شيء من نور السواعد الواشمة ، يطل باسما من أفق جبل صارخ و في حالة تأهب قصوى ..، لذا لابد من مواصلة صعود سلم علامات المدى ، لجني المزيد من حروف تشتهيك ..، و أكتبها ليلا جميلا ، يخرج من زمن الدوائر ، ليكسر العمود اللعين ، ثم يعود غانما بشرى سقوط هذه الأبواب .. قلعهم الشاهقة ، كأنها أبراج رمل ، داخل أنابيب الثلج احتفلت بالولادة الأخرى للبحر القادم .
3- هو صمت آخذ في تحريك حروفه الأولى ، بإشعال أولى شرارة الرفض الآهل بدلالات أسئلة من نار حامية ، قرأتها مع أقراني ، في حضرة ظلال الأشجار الصديقة ، قرأت أمتع النصوص الحبلى ، برائحة هذه الزنزانة الدافئة و الممزوجة ، بعطر رائحة الجسد الفاضح لعوراتهم العارية ..، تلك التي اكتوت بلهيبها البهي، مرايا الشمس قبل طلوع الفجر .. ، هي أسئلة بحر جميل و معطل خانته أمواجه اسمه الوطن .
4- أشتهيك يا وطني المحترق ، الذي يمشي شامخا ، بين عواصف الزلازل . أشتهيك يا وطني المنفي ، وراء غابة تعلمني كيف أحرس الشجر ، و بمحارات الحجر أكسر عناصر الظلام في الزقاق الملتحي . و تحت خيمة سماء أوثان من قصب ، يدخنها ببطء شديد هذا الزمن الجاري ، كنهر البراري ، تسقط اليوم أمطار حبلى بالثمار ، هي قربان جديدة قدمت في عيد السواعد لسلطان من ورق شفاف . لدماء صرخة الحجر أجنحة من نار ، و لن يستطيع الدخان محو كلمات ، تقطر دما مفحما ، سطرتها خفافيش الليالي الباردة ، هذه التي حولت الأجساد إلى صرخة من تراب.
5- هم الآن كأهرام من رمال ، يكبرون فرادى ، و يموتون غرباء ، و جباههم البراقة ، كساحات الملاعب المزهرة ، تتسع لكل دماء غاباتنا العطشى بها يمتدون و يتسلقون أجسادنا الواقفة ، خائفين من السقوط الجميل ، الذي نصب خيمة من وبر الجِمال ، ينتظر وصولهم الأخير ... و أنت الأكبر يا وطني يا غالي .. يا رحيم.
6- لهذا المساء رائحة الأمس القريب .. أبواقهم الكثيفة و المزروعة ، في أمكنة جسدي العليل بغليان الشمس ، و في حضرة جند الحجر المتسائل ، هناك ثمة صدأ عقيم متسلط ، يشرب الكأس تلو الأخرى غير مبال ، و في كل مساء يرقص المعنى المضاد للون الغروب ، مزينة هيئاته الأنيقة ، بتشكيلات أوسمة نجاح الليل البهيم ، في خدمة الجسد الكبير الآهل بعروض رقصات ذئاب مغارة الخفافيش . كيف احترفت النعامة لعبة تسلق الأرقام و الانبطاح ، تحت الأقدام حتى الثمالة ، و الأحجار على أرصفة الميناء ، احترفت لعبة الاحتراق و الانتظار ، فوق منصة صمت ، يشتهيه البحر كمحطة للغيمة العادلة .؟
7- هي أبراج من قصب ، لاهثة وراء كسرة عظم ، هو طعم لها وليس إلا ، هي رغبات مجنونة متحالفة ، مع نظام كهربائي لا يفكر إلا في تعبيد الأسلاك ، بخيط يدمي لعابا ، تنسج هويتها التافهة الخدعة ، و ببطاقة فيزا تنفث أرصدة بيضاء ، تمكنها من المرور الأسرع ، إلى جنان الضفة السفلى تحلم بالتحليق الأقدس . هي أشبال غيلم بليد، بنشوة ظاهرة ، تدخنها أحجار الطريق القادمة لا محالة ..
8- هي أنثى مركبة ، من أهازيج احتفالات أرباب الكراسي العتيقة ، و بمعاني عمامات شيوخ أحزاب القبائل المتواطئة و المسافرة ، عبر سواعد رجال متعبين ، كأظرفة الإدمان ، تمتص رحيق تراب هذا الوطن ، المسكون بجلالة الأحجار، التي اختارت شهوة السكوت ..فوق جسر ملتهب ..حتى ينطق التاريخ بعدالة عرس التيه .
9- هي أنثى ..، من فاكهة القدر المحشو بغياب آثم ، الذي أنصف الرياح الجارفة ، و لم تنصف دهشة البحار المنفية ، داخل زنزانة ، تكتب لون الرماد الذي يستعد للصراخ الجميل .
10- حين نقرأ بعضا ، من مشاهد تاريخ هذي الحروب الصغيرة الجارية ، في حقول مساء لم تكتمل فصوله بعد ، لن نفاجئ بسحر مهارة أصابع الأيدي في أعلى طبقات سحب هذه القلعة المقدسة ، التي تحرس أحجارنا ، و جراحنا الغائرة ، من غزوات الشمس الحليفة تهزأ بهم ، و بجرأة الموج تحفر عموديا في العيون . هي ، كعادتها منذ الأمس البعيد ، و في أغلب أعياد السواعد ، تصرخ مدمرة في وجه من تشاء ، و تنبطح حتى يغمى عليها لمن تشاء ، و تغتال ، حتى آخر ذرة ، من تراه من الحروف يستحق الاغتيال . و حين يغتال الشجر بتواطؤ مزين بالقوافي ، بين الراعي و فلكه الحالم ، بالمزيد من ضوء الجراح ، فتلك علامة الساعة الجميلة ، لا ريب فيها آتية .
#محمد_بقوح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نظرية السلطة الرمزية عند بيير بورديو
المزيد.....
-
سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال
...
-
الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
-
من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام
...
-
دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-.
...
-
-سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر
...
-
البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة)
...
-
تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
-
المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز
...
-
طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه
...
-
بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال
...
المزيد.....
-
طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11
...
/ ريم يحيى عبد العظيم حسانين
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
المزيد.....
|