أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بقوح - شهوة الصمت














المزيد.....

شهوة الصمت


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 2517 - 2009 / 1 / 5 - 03:57
المحور: الادب والفن
    


انتظرت حتى اختفت قدماي في عمق التراب .
الحافلة الحمراء المرقعة في جهاتها الأربعة ، يبدو أنها لن تصل أبدا ..
تذكرت مهزلة الثقب الواسع ، الذي بدأت تتفاقم رائحته الكريهة ، في أسفل الكرسي الجلدي .. كرسي سائق الحافلة طبعا ..
فكرت في ركوب سيارة الأجرة الصغيرة . لا أثر للسيارات ، و بدلا منها رأيت عربات ممسوخة ، يجرها آدميون .. أو هكذا بدت لي ، أنا على الأقل .
جاءتني فكرة ، و هي محاولة الحفر في التربة ، حيث وجدت جسدي، كما لو نبت مزهوا كقصبة فارعة ، في شارع المدينة هذا الصباح . و لما التصقت أصابعي الصلبة بوجه التراب ، عند مستوى ركبتي اليسرى، أصبت بخيبة أمل ، لأنني وجدت أصابعي عارية من مخالبي ، التي أمضيت دهرا طويلا معتنيا بها ، من أجل ظرف قاس كهذا . قلت ما الفائدة من جسد مشدود إلى تربة صلبة ؟ و ما الفائدة أيضا من أصابع خالية من أظافر كأصابعي ؟ . فأدخلت يدي اليمنى داخل قميصي لأجذب خنجرا كانت تلازمني في أسفاري ، لأقطع بها ما تبقى من مهزلتي .. أقطع أصابعي العشرة ، و أرميها قطعة قطعة للكلاب الضالة .. و بدل أن أخرج الخنجر بقيت يدي ملتصقة بصدري. دون أن أفهم ماذا يحصل لي ..أنا الذي لم أكن أنوي، سوى الوصول مبكرا، إلى مكان عملي ، لأقوم بواجبي أحسن قيام .. ككافة البشر في هذا العالم الشاسع ..
نظرت يمينا و يسارا، فوجدت الناس المنتظرين معي ،على قارعة الطريق ، يتبادلون أطراف الحديث ، فرحين و مزهوين ، منهم من اختلى بعشيقته يغازلها ، و منهم من اختار ركنا يقهقه متسليا بلعبة "الضاما"، وسط سحب متعالية من الدخان الكثيف ، في حين حاولت بدوري المناداة على أي شخص من كل هؤلاء ، حتي يعرفني بحالي ، و يخبرني بمن أكون ؟؟ لكن ، لحسن حظي ، وجدت فمي الواسع ، سعة الحلم ، خاليا حتى من أدق عناصر لساني .. فلم أر حينذاك مانعا ، من مواصلة مسيرة هذا الانتظار الطويل ، المغسول بمياه شهوة الصمت ..



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يبس الوقت
- رجال من تراب
- المزيف
- الحريق
- الخراب
- أنشودة الزورق
- أيها العابرون في وجهي
- يوم أزرق
- قواعد اللعبة
- شرارة .. سمك السردين
- الإشارة أبلغ من ضربة سيف من خطاب مخشب
- سلاما يا سيدة الشموس
- توظيف الجنون في الكتابة الروائية
- لهذا المساء رائحة الأمس
- نظرية السلطة الرمزية عند بيير بورديو


المزيد.....




- بمشاركة 300 دار نشر.. انطلاق -معرض إسطنبول للكتاب العربي- في ...
- الصدق أحلى يا أصحاب. قصة للأطفال جديدة للأديبة سيما الصيرفي
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي حماية ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها؟ ...
- مجتمع ما بعد القراءة والكتابة: هل يصبح التفكير رفاهية؟
- السعودية.. تركي آل الشيخ يكشف اسم فنان سوري سيشارك وسط ضجة - ...
- المحرر نائل البرغوثي: إسرائيل حاولت قهرنا وكان ردنا بالحضارة ...
- مجاهد أبو الهيل: «المدى رسخت المعنى الحقيقي لدور المثقف وجعل ...
- صدر حديثا ؛ حكايا المرايا للفنان محمود صبح.
- البيتلز على بوابة هوليود.. 4 أفلام تعيد إحياء أسطورة فرقة -ا ...
- جسّد شخصيته في فيلم -أبولو 13-.. توم هانكس يُحيي ذكرى رائد ا ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بقوح - شهوة الصمت