أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - السوريون والمسالة اللبنانية: أسرار الصمت















المزيد.....

السوريون والمسالة اللبنانية: أسرار الصمت


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 944 - 2004 / 9 / 2 - 10:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا تثير السجالات اللبنانية حول التجديد والتمديد والانتخاب وتعديل الدستور غير درجة متدنية من الاهتمام في الأوساط السورية، بما في ذلك أوسع دوائر المثقفين السوريين. ففيما عدا دائرة صغيرة بالغة الضيق وقد لا تتجاوز بالفعل بضعة أفراد في ذروة الهرم السياسي السوري فإن موقف السوريين لا يعدو قلة الاهتمام أو الاستغراب. وفي بضع السنوات الأخيرة انضافت دائرة صغيرة أخرى تعترض على الصيغة الحالية للعلاقة السورية اللبنانية وتدعو إلى انسحاب القوات السورية من لبنان وإقامة علاقات تقوم على الندية والشفافية والتعاون المثمر.
وينبغي لفتور الاهتمام السوري أن يكون أمرا مستغربا بشدة بالنظر إلى أن لبنان الجار الأقرب لسوريا وأن هناك ما قد يصل إلى نصف مليون عامل سوري تعتمد معيشتهم وأسرهم على عملهم في مجالي الإعمار والزراعة بالخصوص في لبنان، هذا فضلا عن أن الصحافة اللبنانية هي النافذة التي أطل منها المثقفون السوريون المستقلون والمعارضون على قرائهم السوريين بالذات أولا، وعلى اللبنانيين المهتمين ثانيا، وعلى العالم ككل أخيرا. ويتعارض الفتور السوري العام تعارضا تاما مع الحدة، سلبا أو إيجابا، التي يتميز به موقف قطاعات واسعة من اللبنانيين حيال سوريا. وبينما يشكل الموقف من سوريا محور استقطاب رئيس في الحياة السياسية اللبنانية فإن الموقف من الشأن اللبناني لا يكاد يكون موضع اهتمام جاد حتى في أوساط كثير من المعارضين السوريين.
وإلى اللامبالاة بوقائع السياسة والحكم اللبناني ثمة الاستغراب والحيرة حين يقال للسوريين إن نظام حكمهم هو "الراعي الإقليمي" للسلطة اللبنانية أو أنه "الناخب الرئيسي" للرئيس اللبناني، أو أن رئيس سوريا هو "رئيس الرؤساء اللبنانيين الثلاثة" حسبما كتب صحفي لبناني قبل أيام، أو أن السياسة اللبنانية "تقتصر على مشاجرات محلية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب" فيما "القرارات تتخذ في دمشق" وفقا لما نسبه باتريك سيل إلى "أحد أبرز الصحفيين اللبنانيين" (جريدة الحياة، 13 آب).
وقد يكون مثار الاستغراب الأول هو أن بلدنا يتحكم ببلد آخر، أعقد وأكثر حيوية و"تقدما"، ويهيمن على نخبه السياسية ويسيطر على التفاعلات الداخلية بين مكونات المجتمع اللبناني ذاته. الاستغراب كذلك من أن اللبنانيين الذين نشتغل لديهم عمالا أو مثقفين لا يكفون عن الشكوى من سيطرة نظام حكمنا على شؤونهم وتدخله في تفاصيل حياتهم السياسية. وليس في استغرابنا عنصر دلال او اصطناع للبراءة. إنه مصنوع، بالأحرى، من مزيج من عدم الثقة بالنفس ومن عدم الثقة بنظام حكمنا.

وبينما يتلقى نقص الاهتمام دفعا قويا من التعقيد الظاهر للمشهد السياسي اللبناني ومن عدم خضوع الدور السوري في لبنان إلى قاعدة مطردة يسكن إليها العقل، فإن الأصل فيه هو نقص اهتمام السوريين بالعملية السياسية في سوريا نفسها. بعبارة أخرى تشكل لامبالاة عامة السوريين بالشأن اللبناني جزءا من لامبالاة أوسع حيال القضايا التي يعييهم فهم سلوك نظامهم فيها. وقد يستاء اللبناني من أن السوريين يهتمون بالشان العراقي أكثر من اهتمامهم بالشأن اللبناني، لكن قد يرضيه أن نقص الاهتمام هذا هو من صنف قلة الاهتمام بالشؤون السورية ذاتها، وبالخصوص تلك التي تتصل بنظام الحكم في البلاد، وأنه مصنوع من مزيج من النفور من نظامهم ومن الخوف منه ومن العجز عن استيعاب دوفاع سلوكه، أو تشخيصها بالمصلحة الذاتية لنخبة السلطة وبتمديد بقائها في الحكم. إلى ذلك فإن الهيمنة السورية العسكرية والأمنية في لبنان ما تزال مغلفة بتلك الاعتبارات الرهيبة التي تغلف قضايا السياسية والسلطة في سوريا حتى اليوم تقريبا: غلاف "الأمن القومي" و"المصالح العليا" والخوف والأسرار. ورغم تراجع الرهبة المحيطة بمناقشة القضايا السياسية الداخلية في بضع السنوات الأخيرة إلا أن الانطباع الذي يمنحه هامش حرية التعبير المتاح لكتاب سوريين في لصحافة اللبنانية عن مدى تراجعه خاطئ أو مبالغ فيه.
لكن قد يكون السبب الأقوى لعدم اهتمام السوريين بالشأن اللبناني سبب إدراكي إن جاز التعبير. فليس في مخططاتنا الإدراكية ولا في تكويننا النفسي الحديث ولا في ذاكرتنا الحية ما يسعف في فهم وتأويل تجربة هيمنة دولتنا على بلد آخر. وهذا لأنها تجربة تتعارض تماما مع تجاربنا التاريخية الحديثة والمعاصرة، وهي في الجوهر تجارب معاناة من هيمنة الغير علينا. ومن البديهي أن تقترن هذه التجربة مع سيكولوجية الضحية، وهي حالة نفسية تعوق تكوين فكرة صائبة عن علاقات التسلط المحتملة التي تدخل فيها سوريا كطرف فاعل (العلاقة مع الأكراد المحليين حاليا، والعلاقة مع الفلسطينيين المحليين حاليا ومنظمة التحرير ككل سابقا). وإذا وضعنا التأويل الرسمي للعلاقة السورية اللبنانية الحالية جانبا فإن أقرب تأويل مستقل يبرز واقع الخطر الإسرائيلي ووقائع التكوين الديني والمذهبي المتشابك كمحددات لهذه العلاقة. ومن الواضح أن هذا المدخل لتصور العلاقة بين البلدين التوأمين يجنح إلى تثبيت صيغتها الحالية لا إلى مراجعتها.
يبقى أن نضيف أن موقف الأرياف السورية من لبنان، ومنها تنحدر الأكثرية الساحقة من العمال السوريين في لبنان، من نوع موقف تلك الأرياف من المدن السورية لكنه في الغالب أشد عنفا. فلبنان في عين الفلاح الحوراني أو القادم من الجزيرة هو المدينة المبهرجة المترفة، هو لا يفهمها ويشعر بالغربة فيها وهي تزدريه ولا تعترف به. ليس العامل لسوري، الفائض عن حاجة بلده والمزدرى في لبنان والبعيد عن أقنية السياسة والسلطة والإعلام في البلدين، عنصر دفع لمواطنيه نحو التفكر في العلاقة اللبنانية السورية.
ولا تحسن إلى نفسها وإلى لبنان أصوات لبنانية ترفض الهيمنة السورية ولا تبدي أدنى استعداد لفهم وقائع تتصل بتكوين لبنان الحقيقي حتى لو كانت بعض جوانب هذا التكوين حديثة مثل حزب الله. والمشكلة في طرح هؤلاء أنهم يعرقلون بلورة إرادة عامة لبنانية من أجل التغيير والسيادة، ويعزز سلوكهم زيادة الطلب على الدور السوري كضابط للتفاعل اللبناني الداخلي، ويضعف مواقف السوريين الناقدة لهيمنة بلدهم على لبنان.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرغبة في تقديس حكامنا؟!
- أدونيس يهدر فرصة أن يبقى ساكتا
- الجفاف السياسي يجعل المجتمع سهل الاحتراق
- حوار حول بعض قضايا الحاضر السوري
- شكوى من فخري كريم وتوضيح من ياسين الحاج صالح
- سنوات الأسد الثاني الأربعة وتحدي -الاستقلال الثاني- لسوريا
- عرب وأميركيون وديمقراطية
- إعادة هيكلة الوعي القومي الكردي
- حظر الأحزاب الكردية ونزع مدنية المجتمع السوري
- المسألة الأميركية في النقاش السوري
- عن الحياة والزمن في السجن - إلى روح الصديق المرحوم هيثم الخو ...
- ماذا فعلتم بجمعيات الأكراد؟
- المثقفون وقضية امتهان الإنسان
- حول مفهوم اليسار الديمقراطي وسياسته
- غاية الإصلاح: إبدال نظمنا الكاملة بنظم ناقصة
- أوربا تخطئ بإضعاف سوريا
- حزيران 1967 وما بعده تفاعلات الحرب والسلطة
- أخطاء تطبيق في الماضي وانتخابات حرة في ...المستقبل
- اضمن طريق للديمقراطية في العالم العربي -تغيير النظام- في ... ...
- عرض كتاب -صور محطمة: نهضة حركة تحطيم الأيقونات النضالية في س ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يسيطر على معبر رفح من الجانب الفلسطيني ويرف ...
- فرنسا: ارتفاع الهجمات المعادية للسامية بنسبة 300 بالمئة في ا ...
- ولي عهد السعودية يتصل برئيس الإمارات.. وهذا ما كشفته الرياض ...
- فولودين: بوتين يعد ميزة لروسيا
- الجيش الاسرائيلي: قوات اللواء 401 سيطرت على الجهة الفلسطينية ...
- في حفل ضخم.. روسيا تستعد لتنصيب بوتين رئيساً للبلاد لولاية خ ...
- ماكرون وفون دير لاين يلتقيان بالرئيس الصيني شي جينبينغ في با ...
- تغطية مستمرة| بايدن يحذر من الهجوم على رفح ومجلس الحرب الإسر ...
- فلسطينيون يشقون طريقهم وسط الدمار ويسافرون من منطقة إلى اخرى ...
- جدار بوروسيا دورتموند يقف أمام حلم باريس سان جيرمان!


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - السوريون والمسالة اللبنانية: أسرار الصمت