أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم ازروال - الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 6















المزيد.....

الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 6


ابراهيم ازروال

الحوار المتمدن-العدد: 3088 - 2010 / 8 / 8 - 04:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الاعتراب في واقع انسداده
نقد تصور الجابري للأمازيغية

بقلم : إبراهيم أزروال

الجزء السادس

8- من الأهازيج إلى التهيئة الثقافية :
لا يقدم الجابري أي مساءلة نقدية للمسار الفكري والتاريخي للحركة الوطنية المغربية، رغم اتضاح محدودية اختياراتها الفكرية والسياسية ، ومصادمة أجهزتها التصورية لكثير من المكتسبات المنهجية والابستمولوجية للعلوم الإنسانية والاجتماعية .والحقيقة أن الخطاب الابستمولوجي ، كثيرا ما يرتد إلى المواقع الإيديولوجية – الفقهية ، ليسم المناولة الفكرية المقترحة بميسم كلامي –فقهي لا جمجمة فيه.لا يغيب الدين كإشكالية في فكر الجابري ، إلا ليحضر كايديولوجيا محايثة للفكر وثاوية في عمق المعالجة.وبما أنه يستبعد النقلة الحداثية في مقاربة الدين ، فإنه يضفي صفة قروسطية على الدولة – الأمة ويستبعد الاختراق الابستيمي الحاثي للنسق العقدي اليهودي – المسيحي ، ويستعيد ،الصور الميثية للمتخيل الإسلامي .
لا يظهر ناقد العقل العربي ، أي رغبة في نقد بيانية الحركة الوطنية ، ولا في استشكال متخيلها السياسي .فمن غرائب كتابات الجابري في هذا الإطار ، إصراره على نقد العقل البياني والأشعرية والقياس والتصوف من جهة وإحجامه على نقد خطاب الحركة الوطنية رغم بيانيته وقياسيته وأشعريته و أعرابيته اللغوية .فكيف تصير أعطاب و أعطال العقل النظري والعملي العربي ، مزايا وامتيازات خطابية ،لا بد من دعمها وتكريسها في خطاب الحركة الوطنية رغم اندراجه ، المفهومي والآلي ، في العالم التصوري للعقل المنقود؟ كيف يدرج الخطاب الوطني في التحديث الفكري ، وهو لم يبرح الحدود النظري لعلم الأصول والمالكية الأشعرية المنفتحة على العرفان ؟ كيف تحارب الحركة الوطنية الصوفية الطرقية ،علما أنها مدينة للمقولات والمفاهيم والتصورات الأشعرية والجنيدية؟
لا يكتفي الجابري بمحاباة العقل العربي كما تمثلته الحركة الوطنية المغربية، وتقديم قراءة تراثية لتراثها الخطابي ، بل ينافح عن أعطابها الإستراتيجية ، ويكثر من الاستنتاجات المدخولة ومن تسويغ ما لا يقبل التسويغ إلا من منظور متمركز ، عقديا أو فكرانيا .
(...ولنأخذ مثال الحركة الوطنية ، فهي ركزت على العروبة والإسلام لأن المستعمر أراد أن يجرد الهوية المغربية من عنصرين أساسيين فيها هما : العروبة والإسلام ، وهذا مشروع مكتوب ومعروف ، وحين دافع الوطنيون عن هذين المكونين لم يكونوا يلغون باقي المكونات الثقافية المغربية ،الأهازيج الأمازيغية كانت موجودة أيام الحماية ، تغنى في الأسواق وفي الإذاعة كما هو الحال اليوم ، نفس الشيء بالنسبة للملحون ولمكونات أخرى ، و إذن فالحركة الوطنية لم تحارب الثقافة الشعبية كما لم تمنع التعدد ، لقد حاربت الطرقية المتعاملة مع الاستعمار ، حاربت البدع في الدين ، هل هناك من يستطيع القول إن الحركة الوطنية في المغرب قد همشت فعلا شيئا من الثقافة الشعبية سواء كانت من الدراجة أو من الأمازيغية .)
(- محمد عابد الجابري – لم يعد الانغلاق ممكنا – حوار أجراه بهجاجي والمسناوي ونجمي – أفاق – العدد : 2-1992- ص: 73).
تنهض بنية هذا المخرج ، على المنافحة غير المسوغة عن خطاب استئصالي ، ثقافيا ،ميتافيزيقي ، تصوريا ، وجدالي ، منهجيا .فمن مفارقة الرشدية الجديدة ، إلغاء الفضيلة الشرعية تحت ضغط الاستيهام الاعترابي ، وإلغاء الصرامة المنهجية والتنكب عن مدارج البرهان.وحين يختار الخطاب ، المخاتلة والمغالطة ، وتغليظ حجب المسكوت عنه، فإنه يخرج من حد المعقول إلى حد اللامعقول .
وللتدليل على لا معقولية هذا المقتبس نورد الملاحظات التالية :
- اعتماد المشروع الكولونيالي الفرنسي ، على المجاورة المؤسسية ، وعلى تأليف واحتواء البنيات الثقافية التقليدية باسم السياسة الإسلامية ،
- اندراج الجمهورية الفرنسية الثالثة في إبدال دولتي حداثي ، وفي إطار علماني ، واضح خصوصا بعد قانون1905،
- التركيز عن انخراط التصوف الطرقي في المسارات الاستعمارية والسكون عن مساهمة المحميين المباشرة أو غير المباشرة في تعبيد مسالك الاستعمار، علما أن ثمة نقاشا واسعا جرى بين متفقهة العصر . يقول أبو المواهب الكتاني ما يلي :
( والى هنا ينتهي المراد من الشق الأول من صرخة أبي المواهب الكتاني ، ثم هاهو يأخذ في ذكر مفاسد الاحتماء بالأجنبي وما إلى ذلك في العبارات التالية :
" والمفاسد الدينية والدنيوية المترتبة على موالاتهم الواقعة والمتوقعة ، ويأباها الإسلام ومن فيه عذوبة طبع ، وانقياد للشريعة المطهرة : كثيرة جدا لا حصر لها ولا عد ولا إحصاء ، فسحقا لأهلها ولها ، منها ظهور شعائر الكفر ..ومنها الركون إلى العدو .. ومنها الرضى بحكمه .. ومنها التحريض على الضلالة واستنان الشر ، وذلك أن كثيرا من الموالين له لم يقتصروا على تلطيخ أنفسهم بذلك ، بل زادوا إلى تحرض من لم يواله عليها وتحسينها له .. ومنها إعانة العدو وتقويته .. ومنها تكثير سواده ولو من غير حلول معه أو إقامة ببلده ، لأن الموالين له من جملة رعيته ..ومنها الدخول تحت قهره وغلبته ، وينبو منصب الإسلام عن إعلاء غيره عليه ، بل يعلو ولا يعلى عليه .. ومنها مفارقة جماعة المسلمين .. ومنها نبذ العزة الإسلامية ، والطاعة الامامية ، والبيعة السلطانية ، وظهور السلطان النصراني عليها ، و إذلاله ايايها ...")
(- محمد المنوني – مظاهر يقظة المغرب الحديث – دار الغرب الإسلامي – الطبعة الثانية – 1985-الجزء الأول – ص.330-331) .
يقتضي البحث الموضوعي ، الكشف عن التوجيهات و الملابسات و الرهانات المتشابكة والمعقدة للصراع بين التصوف والتسلف بمغارب القرن العشرين ، وعن المداميك النظرية المشتركة بين البيانيين والمتصوفة ،وعن اختلاف التموقعات الظرفية على خريطة الوجود التاريخي .وحين نقارن المنجز بالمطلوب،لا نجد إلا رواسم فكرانية ، ونظرة مانوية ،يحتل بموجبها الطرقي مكانا منيفا في بيداء اللامعقول ،فيما ينعم السلفي النهضوي بهناءة التنعم بفراديس المعقول الديني .والحال أن السلفية النهضوية ، ترميق نظري ، جامع بين مالكية مخثرة وأشعرية نافية للعلية وللطبائع ومصرة على التجويز وخرق العادات ، وموجهات تسلفية متوهبنة .
فمن المؤكد إذن ، أن لا اختلاف بنيويا أو ابستيميا ، بين الرؤية الطرقية والرؤية الفقهية ؛ لا اختلاف بين الخطابين إلا في نوعية الاستجابة للإحداثيات التاريخية والسياقات الثقافية وآليات التجاوب التنظيمي مع الشركاء أو الفرقاء السياسيين أو الفكريين.
يقول نور الدين الزاهي عن المصدر الطرقي للطيف :
( واللطيف كطريقة من طرق الضغط على المستعمر جزء من طقوس الصلحاء والزوايا الدينية . فالزاوية الكتانية مثلا تحدد ترديد اللطيف في 4444مرة والدرقاوية تحدد ترديده في 70770 مرة والتيجانية في 1000 مرة .)
(- نور الدين الزاهي – الزاوية والحزب – الإسلام والسياسة في المجتمع المغربي – أفريقيا الشرق – الدار البيضاء – المغرب – 2001-ص.207) .
وبناء على هذا ، فإن الإطلالة من موقع انتسابي ايديولوجي ، على واقعة ابستمولوجية وتاريخية ،نفت المعاصرة عن القراءة وأوقعتها في خدر المقروء وفي تسويد المسكوت عنه واللامقول والمغيب قصدا . يقول نور الدين الزاهي ما يلي :
( إن الزوايا على حد تعبير الوطنيين ، كانت تنشر الاستسلام والقدرية ، أي عوضت المقاومة بالغيب الديني .ومن خلال تحليلنا للظاهرة الاستعمارية ، فإن النخبة عوضت أيضا المقاومة بالغيب السياسي . فلذا تتهم الزوايا فقط ؟ إضافة إلى أن الحكم على الزوايا من خلال أفراد مثل عبد الحي الكتاني يمكن أيضا أن نقابله بالحكم على النخبة ككل من خلال المحميين الذين عملوا داخلها وهم يحملون بطائق حماية استعمارية . )
(-نور الدين الزاهي – الزاوية والحزب – الإسلام والسياسة في المجتمع المغربي – أفريقيا الشرق – الدار البيضاء – المغرب -2001-ص.130) .

- الكشف عن سلفية الخطاب الوطني ومخالفته الصريحة لأبجدية الحداثة الفكرية .فكيف تتولى الحركة الوطنية محاربة البدع ، وهي تصدر عن مقولات ونظريات وأراء كلامية – فقهية في حاجة إلى تأسيس جديد حسب ناقد العقل العربي ؟ كيف يدمج الجابري الخطاب التبديعي في التجديد العقدي والحداثة الفكرية ؟ هل استجمع مداورو الخطاب المقرظ "العدالة الشرعية والفضيلة العلمية والخلقية " وقاموا بتأصيل الأصول ، حتى ينبروا لمصاولة خطاب التواكل الطرقي ؟
- ينص الشاهد على اعتناء الحركة الوطنية المغربية بالثقافة الشعبية ، من خلال رعايتها للأهازيج الأمازيغية والملحون ..الخ . والحق أن النص يمثل انعطافة حادة من الجدل إلى المغالطة.يقضي التناسق والانسجام الخطابيان ، تصدي الخطاب السلفي ، لغربلة الثقافة الشعبية ، خصوصا وأنها شديدة الارتباط بالتصوف الطرقي ؟ فكيف يحارب خطاب "التصحيح العقدي" البدع الطرقية ، ويحتضن "البدع" الفنية الأمازيغية ؟ هل تتحدد الثقافات بالفولكلور ؟ أليس الفولكلور دليلا على استعمال براني غيري لإبداع ثقافي ذاتي؟ ألا يفصح حرمان ثقافة من الثقافات من وسائل ومقتضيات التمكين الحداثي عن تنرجس ثقافي وعن رغبة في الاحتواء بله في المهابدة ؟
والواقع أن الشاهد يخالف البنية الفكرية للخطاب الوطني من جهة ، ومعطيات الواقع التاريخي من جهة أخرى . يقول عبد الله العروي ما يلي :
( في المغرب ، مثلا ، أثناء عهد الحماية ، كانت مدينة مراكش ، التي يعتبرها سياح العالم بمثابة متحف مفتوح ، موضوع اشمئزاز عند الوطنيين الشباب . كانوا لا يفتأون يهاجمون ما يرونه فيها من مظاهر التخلف والانحطاط ، تلك التي كان يود قادة الاستعمار أن يروها
لاصقة على الدوام بوجه المغرب . كانوا يقولون إنها سياسة تجهيلية متعمدة تهدف إلى تقوية عادات وبدع جاهلية على حساب إسلام سلفي سني . )
(-عبد الله العروي – الايدولوجيا العربية المعاصرة –( صياغة جديدة ) – المركز الثقافي العربي – الدار البيضاء – المغرب – الطبعة الثانية – 1999-ص.209)
فحصر الأمازيغية في الأهازيج ، ينطوي على رؤية فولكلورية لهذه الثقافة ، وعلى نظرة متعالية تبخيسية لمنجزاتها الإبداعية والفنية والأدبية ، ولمنتجاتها وتناولها لكثير من القضايا الإيكولوجية والقانونية والتنظيمية.
فناقد العقل العربي ،المنفتح على الفكر البنائي ، وعلى المنهج الابستمولوجي ، يصدر في تعامله مع الانثروبولوجيا الأمازيغية عن الثيولوجيا الإسلامية نظريا ، وعلى رؤية استمزاغية متاعلية ومتعالمة ، ينحصر فيها "الشيء "الأمازيغي في مجرد أهازيج للسوق والإعلام الشعبي .فالجابري لا يستحضر في تناوله للشأن الأمازيغي ، لا الجدل الهيجيلي ولا الجدل الماركسي ، ولا يرجع إلى الوعي الفينومينولوجي ولا إلى استراتيجية التناص أوالتثاقف .فالواقع الأمازيغي محصور ، في الانثروبولوجيا والاثنوغرافيا والاثنولوجيا ، ولا يمسه التاريخ الكوني إلا لماما ، ولذلك فالتاريخ الجدير بالاعتبار ، هو التاريخ العربي – الإسلامي .وكأني به يعقد مقارنة ضمنية بين ثقافة عالمة ، راقية اللغة والمصطلح والعالم الدلالي ، وثقافة اثنولوجية ، منحصرة في أهازيج اثنوغرافية واغرابية .فالمثقف المغربي ، الموغل في النقاشات النظرية والابستمولوجية ، والمطالب بتفعيل مناهج حديثة ماركسية أو فينومينولوجية أو بنائية أو اختلافية أو سيميائية أو تداولية أو حجاجية ، في مقاربة الانتاجات العالمة للثقافة العربية ، كثيرا ما يتنكر لمقتضى المنهج الحداثي المتبع ، في أي تعامل مع الشأن الأمازيغي ، مكتفيا بالتشبث بالسرود الكبرى للتاريخ العربي- الإسلامي أو بالاحتماء بالآليات الحجاجية الدينية أو بتبسيط الإشكاليات حفظا لتماسك الخطاب المرجعي العربي – الإسلامي .
فناقد الخطاب العربي المعاصر ، المدافع عن العقلانية البرهانية وعن المنهج الابستمولوجي ، يلبس لبوس المتكلم حين يتحدث عن تصدي الحركة الوطنية المغربية ، للبدع وللتصوف الطرقي ، علما أن المحلل الابستمولوجي الحق ، يستشكل الخطاب المعلن ويبحث عن حيثياته المعرفية والتاريخية.
فالحركة الوطنية المغربية ، ما كان لها إلا أن تسقط الشأن الأمازيغي من اعتبارها ، لاعتبارات ثقافية وسياسية ، عميقة ، مرتبطة بسيرورة تاريخية ممتدة على مدى قرون ، ولا تتصادى مع الواقع الاستعماري إلا في محطات يسيرة الوقع من منظور التاريخ العميق .
فالإشكال المطروح إشكال تهيئة ثقافة شاملة ، لا إشكال فلكرة واعتراف برغماتي بالثقافة الشعبية.

تركيب :
يبدو متن الجابري بالقياس إلى متون عبد الله العروي وعبد الكبير الخطيبي ومحمد اركون وهشام جعيط ،الأقل غوصا على حقائق المغارب.فكتاباته لا تستحضر المغارب بما هي فضاء ثقافي انثروبولوجي تاريخي ، له دافعيته وديناميته التاريخية ، بل تتعاطى معه في أفق تصاديه مع الأنظمة الفكرية الشرقية لا غير.فالمغارب تحضر في أسفاره بالعرض لا بالذات إذن .ومن هنا فلا أساس لإقليمية نقده ولا لشوفينيته المغربية ،ولسوى ذلك من التهم القائمة على القراءة غير الحصيفة للمقروء ولدلالة المصطلحات والمفاهيم .فكيف نتهم مفكرا بالشوفينية المغربية ، وهو ينادي بإماتة" اللهجات" ،وينظر لمسح الطاولة لصالح التسنن التسلفي وينفي صراع الرمزيات باسم صراع الطبقات ويتشبث بالتاريخ الأسطوري المصاغ على مقاس ميتافيزيقا اعترابية امتلكت بعد الفاصل الكولونيالي الوسائل اللوجيستيكية والتقنية لتذويب الأنثروبولوجيا المغاربية في اوقيانوس التاريخي – التكليمي ؟ ألا تدل صلابة المطالب والتطلبات الغيرية على رخاوة الخطاب القومي التأسيسي ومضامين الخطاب القومي النقدي كما مارسه الجابري في (الخطاب العربي المعاصر ) ؟ ألم يحن أوان التهيئة التاريخية والبحث فيما بين الأساطير والتواريخ من الانفصال ؟
يقول محمد جسوس في مراجعة ناقدة لخطاب الحركة الوطنية المغربية ما يلي :
( أعتقد أنه من الأخطاء الكبرى للحركة الوطنية أنها ، عند تطورها ،مزجت بين مشاكل الظهير البربري وبيم مسألة الأمازيغية التي هي شيء آخر .. وبالتالي فإن الحركة الوطنية كما حاربت القبلية ، كانت تعتبر أن أي كلام عن اللغات المحلية هو نوع من السقوط في خطة الاستعمار ، كانوا يعتبرون مثل هذه الأشياء بمثابة مؤامرة استعمارية . )
( - محمد جسوس – طروحات حول الثقافة واللغة والتعليم – منشورات الأحداث المغربية –مطبعة دار النشر المغربية - الطبعة الأولى – يناير 2004-ص. 70) .
ثمة تهيئة لغوية ضرورية للخروج من التعريب القسري من جهة ، ومن التنافس اللغوي الشرس بين الألسن من جهة أخرى .ومن الطبيعي أن تدمج هذه التهيئة اللغوية في إطار تهيئة ثقافية شاملة ، تتحدد فيها الأدوار استنادا إلى العمق التاريخي والأنثروبولوجي ،والى الابتكارية المفتوحة على الهجانة التكوينية وعلى التكاملية العالمية للثقافات الإنسانية ، بعيدا عن الإنشائية الثيولوجية للثقافات السكونية.
فهل يكفي البرنامج الاعترابي المقترح ، لتحرير العقل العربي من محوريته التكوينية؟
( وإذن ، فالمهمة الأولى والأساسية المطروحة على الفكر العربي هي تحقيق الاستقلال التاريخي للذات العربية ، وليس من سبيل إلى ذلك إلا بالتحرر أولا وقبل كل شيء من سلطة النموذج / السلف وآليات التفكير التي يكرسها وتكرسه في آن واحد : آليات المقايسة والمماثلة التي تقوم على قياس الغائب على الشاهد والحاضر على الماضي . وهذا ما يتطلب إعادة بناء شاملة للفكر العربي ، كأداة وكمحتوى ، قوامها تدشين " عصر تدوين " جديد يقطع مع الطريقة التي عولجت بها قضية النهضة منذ القرن الماضي ، الطريقة التي كانت في حقيقتها وجوهرها امتدادا لأساليب التفكير القديمة التي انحدرت إلى الفكر العربي من " عصر التدوين " الأول على عهد العباسيين والتي تفسخت وتكلست طوال عصر الجمود على التقليد : عصر الانحطاط ...وهكذا انتهى بنا تحليل البنية الإيديولوجية للفكر العربي الحديث والمعاصر إلى قناعة أساسية وهي ضرورة تدشين خطاب جدي في نقد العقل العربي . )
( محمد عابد الجابري – إشكاليات الفكر العربي المعاصر – مؤسسة بنشرة للطباعة والنشر –الدار البيضاء – المغرب - 1989-ص. 44)
ألا يكشف هذا الشاهد عن صعوبة التحرر من مركزية الخطاب ومن آلياته التو صيفية والتحليلية والتقويمية ؟ ألا يجدر بنا بعد انتهاء نقد العقل العربي إلى معانقة الحقائق التداولية للعقل العربي – الإسلامي ،أن نغير المنظار ، كليا، وأن نتوجه إلى نقد لا العقل بل الأنثروبولوجيا العربية ؟ لماذا ينطلق الباحث من منظور "الأكثرية" وهو يتناول القضايا النظرية ، وينطلق من موقع "الأقلية" وهو يتناول القضايا التاريخية المتعينة ؟ لماذا يوسع مدى الاستشكال في النظريات ، ويكتفي بتبرير المنقودات النظرية في التاريخيات ؟كيف يوفق الجابري بين نقد أعرابية اللغة العربية وقياس الشاهد على الغائب والمماثلة العرفانية ، والذب السلفي والقياسي والأعرابي عن الاعتراب في استمزاغه ؟ كيف يروم الخطاب القومي بناء الاستغراب وهو عاجز عن بناء الاستمزاغ ؟



إبراهيم أزروال
اكادير – المغرب



#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 5
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 4
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 3
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 2
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية
- تمثل الفضاء الثقافي الأمازيغي في - وصف إفريقيا -للحسن الوزان ...
- تمثل الفضاء الثقافي الأمازيغي في - وصف إفريقيا -للحسن الوزان ...
- تمثل الفضاء الثقافي الأمازيغي في - وصف إفريقيا -للحسن الوزان ...
- الانسداد النظري لما بعد العلمانية -نقد تفكيكية علي حرب 4
- الانسداد النظري لما بعد العلمانية - نقد تفكيكية علي حرب 3
- الانسداد النظري لما بعد العلمانية -نقد تفكيكية علي حرب 2
- الانسداد النظري لما بعد العلمانية نقد تفكيكية علي حرب 1
- مفارقات المثاقفة بسوس –الجزء الرابع
- مفارقات المثاقفة بسوس –الجزء الثالث
- مفارقات المثاقفة بسوس- الجزء الثاني
- مفارقات المثاقفة بسوس - الجزء الأول
- الحجاب الإسلامي: من تأنيث الألوهية إلى تذكيرها/الجزء الثاني
- الحجاب الإسلامي: من تأنيث الألوهية إلى تذكيرها
- التمركز العقدي في الرحلات السفارية / المثاقفة المستحيلة /الج ...
- التمركز العقدي في الرحلات السفارية / المثاقفة المستحيلة /الج ...


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم ازروال - الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 6