أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الهاتف















المزيد.....

الهاتف


أمين أحمد ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 00:26
المحور: الادب والفن
    


أمسية بعيدة في المعمورة , تتخذ الجبال شبح حياة – الموت على القمة المواجهة – كان رأسها يظهر محترفاً كبرج نار .. عندما لامسته أذيال نجمة آفلة .. هاربة للتخفي – فكل شيء يتبدى عارياً .. أمامه – حتى السحب المتجمدة غيماً .. داكناً في الأفق .. تحتار أي مواضع تسترها – حيرة .. أتعبها التنقل .. فسكنت خاملة .. أعلى رأسه – كان رأسه لا يقف عند حدود .. يمكن تعليمها .. قياساً !! ..
.. جلوس .. يخط المسافات تارة بين ضوء القمر المتسلل خلسة في بدء نشوئه – لم يكن الظلام قد أسدل عباءته على المنطقة – وزمن حلمه المستكين – وتارة بين حزنه ووحشة وحدته . التي دفعته بعيداً إلى هذا .. الخلاء – نقائض من الأحاسيس – الدهر لم يأت بلذات الشعور مثل هذه الأحاسيس الجارفة .. إلا في سويعات يتيمة من العمر – كان كل أسر من خانق من الكمد أو الحلم .. يسمره في الفضاء المترامي في الجهة المقابلة – المعمورة – كانت عيون الضوء الفسيفسائية تزداد توسعاً .. كلما سقط السواد , وتزايد تركز لونه في المساحة – كانت عيون مستدقة تتوزع اللون بين البياض والصفرة و .. السواد الظلالي ؛ كانت تتكشف شديدة الشحوب – كأني أرى نفسي المثقبة .. أمام عيني– أيعقل هذا التماهي – ربما لأني منها !! ...

***
اللحظة تنسيه ما مضى ؛ حين أطل برأسه من علو السفينة – كانت تتعرى أمامه – لم يكن في الساحة غيرهما – لحظات احتراق الشمس .. الأخيرة .. قبيل انغمارهما في مياه المحيط – ياما أغرته بجسدها الأفعواني مراءاً ؛ كلما سقط عليه الضياء القرمزي .. الفاني – كان الحب الذي ذاق خمرته – لم تكن كل الكتب والفنون قادرة على أسرار تلك المتعة – سكرات تحملك خارج هذا الوجود – وكانت نوافذ عدة يسترق من داخلها الضوء , لترسم في عينيه أشباح نساء من مختلف العمر – لم يكن يعرف حالتهن – كن يسامرن الليل بين أحضان رجال شبقين , وبين فراغ يمارسن العشق مع سكون الليل .. الجاثم على صدورهن – مستلذات .. يمتص شحناتهن .. ليخلدن لاحقاً للنون .
في الأمس كن يرتكزن إلى زاوية في قارعة الطريق ؛ يتودد اهتمام فتيات يسرقن في الجوار, خاصة من كان قدرها رفع بصرها إليه .. فرعشتها القطبية ؛ وتعبر أيام وزمن وراء زمن – قارعة الطريق لم تزل متجمدة في المكان , تشي بكل ما حملته من ذاكرة – الحب .. الضيق .. النساء .. الأمل .. الوهم .. الحزن – أجدني وحيداً .. لا سلوى تنبض في إحساس الحياة .. غير صوت البحر , والتراتيل الممزقة الحزينة لصيادي سميك الجحش في مثل هذه الليالي شبه المقمرة قبل أن تحجب السحب الأفريقية المدينة الطرفية من آسيا .
- يا ساكن المعمورة
... ليس الحزن ... هو
بسط بصره بحثاً عن مصدر الصوت المتلاشي – من أين جاء ؟ ماذا كان يريد قوله – كان رأسه يستدير في دورات كاملة .. كاليوم – ماذا يرمي إليه – كل ما التقطه رأسه .. تلك النجمة الراجفة المتسللة كطفل خجول وراء قمة الجبل المغطس قدميه حتى الركبة في المياه , وأصوات متداخلة من النورس وأزير الحشرات وبعض ضربات على سطح المياه لأسماك السردين .. ونعيق الغربان التي تقدم متقطعة .
- أين مصدر الصوت ؟
بين قعدته المسحورة و .. قلق الجسد في انفعالاته .. أزمان طويلة تمتد – كل شيء يعتقد معرفته به , لكنه يكتشف مؤخراً .. أنه لم يعرف البتة .. في أي شيء – أي جدوى لحياة إنسان ميز عن سائر المخلوقات .. بأنه يعرف , وعندما يمر العمر ويجد نفسه لم يفهم شيئاً ؛ أما كان من الأفضل أن تكون الحياة سرطانات وحيوانات ونباتات بحرية ويابسة وطيوراً .. وزواحف .. أفضل – على الأقل لا تعرف العذاب , لا تكتشف أكان لحياتها جدوى .. أم لا إنها لا تعي القبر , لا تدرك العبث ؛ لا يؤلمها زمن الأمس .. اليوم .. أم غداً – ماذا لو كانت حياتنا كسرطانات البحر .. كان كل شيء سيكون أجمل !! ..
أقوى من عقولهم , من إرادتهم – مساكين .. لأنهم جبناء .

- شبعنا كلاماً .. رجاء
- أوصلتم لدرجة .. لا تريدون حتى تصحكم .. بالكلام .
- وَهَمْ .

.. وهم ؛ وهم تفرس بوجهه في المرآة – يبدو أن كل شيء أصبح دون منطق , مرة يرى وجهه كروياً .. خالصاً مفقوداً من أذنا , وأخرى يستطيل كملقمة ابنته منار , ويخرج من أعلى قمتها الضيقة أنف .. يحس من طوله أنه يسبقه بأمتار , يصطدم بالأشياء التي في طريقه قبل أن تراها عيناه أحياناً يصير أنفه هو الوجه , ومتى حدق في المرآة مكتئباً , يختفي الرأس .. فلا يرى سوى قطرات دمع تسيل على وجه المرآة .. ضباب مشوش من الذكريات الأليمة !!! ...

- لِمَ كل هذا الحزن
.. ما زلت صغيراً
... صغيراً ...

من أنت . أين أنت – أشعل الموقع بنظراته اللاهثة في كل الاتجاهات – لم يكن هناك سوى الصخور المحيطة به احتفاء – كانت تتخذ هيئات بشرية في ذلك الفضاء الشبحي – المعمورة تدخل ساعات الليل المأخرة – كانت عششهم المبنية من بقايا الخشب والصفيح المتهالك بالصدأ ونخر السوس , تحاصرهم في صمت أزمان غابرة , تقطع عنهم الإحساس بالزمن , سوى صراخهم وسط المياه وهم يعدون شباكهم قبل لقائها للصيد – كانت حياة تأسرين بساطتها – فالبحر لا يذل محتاجاً يلجأ إليه , كما نذل بعضنا في مجتمع الاسمنت ودوائره !! ....

... تعتل اسماً له من بلد لآخر – مواليد تأتي وتذهب – يذهب الذين يؤمل فيهم شيئاً , والذين شاء لهم أن تطمئن القلوب وتسعد إذا ما تأملت في وجوههم .. أو في مسالكهم النورانية – لا يبقى إلا متكرر .. تفريخ الفاشية – رداء عسكري .. مدني ؛ طفيليات تغتني ولا تشبع .. السادة اللصوص و .. عامة جبناء – أين أهذب.. أي أرض غير طاردة لقادم يمشط الأرض بحثاً عن ملجأ للحب – من أين جاء أولئك الكتاب بنظراتهم الوردية ؛ محال أن تأتي من فراغ – أم أن الإنسان تغير .. فأعدم مفردات تلك الحياة– لم يعصرني كل هذا الهم , أترى هناك غيري .. في مثل حالتي ؛ وإذا وجد .. لماذا لا تتغير الأمور – أهو مكتوب أن يسير الناس في حياة تنحدر .. لتصل إلى حالة يتمنى المرء لو كان أي شيء .. غير كونه إنساناً – ظلم خامل ؛ نهار منخور – بيوت .. شوارع .. أناس مساكين .. ضعف الحال – مرحلة النعاس الخامل – كان الليل كسولاً في زمنها – كضربات الموج الساكن في إيقاعاته الزاحفة للاستلقاء بين مفاصل الصخور .
مد بصره نحو عودة المد المتنامي في الساحة التي طلت عارية من زمن مجيئه – ها هي نجمته الخجولة تخرج للعيان – إنها تبتسم – من سيصدق ذلك – سكينة نفحته – نعم أحس بذلك – ثم سقطت هاربة وراء الجبل الغافي في الظلم – نهض عائداً أدراجه إلى المعمورة .. مردداً صوت الهاتف الذي سمعه :
- يا ساكن المعمورة
.. ليس الحزن .. هو ما تراه
لكن الحزن .. هو أن يصبح قدرا
... لا يتغير .

***



#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمى
- إشهار المرصد العربي لمكافحة السرطان
- ( ورقة العمل بفكر الضرورة ) مشروع التحرر الإنقاذي اليمني (ال ...
- مؤتمر لندن - مكشاف عورة العقل السياسي اليمني ( الجزء الأول + ...
- مشروع رؤية إستراتيجية لمكافحة السرطان يمنيا ، قابل للتطبيق ع ...
- مرآة . . في وجه طفل راحل
- أقدر . . ممكن له أن يأتي نثر شعري
- ملخص رؤية مشروع إستراتيجي - يمني . . عربي لمكافحة الأورام وا ...
- اليمن : السياسي السائد . . والهجرة الخارجية
- جامعة تعز . . غرائبية الوجود والإستراتيجية التطويرية (2)
- يامجور . . يظل لنا وطن
- جامعة تعز . . غرائبية الوجود والإستراتيجية التطويرية
- في الثقافة ... مقدمة لما قبل النص
- المسألة الإسلامية. . وجدل الضرورة ( الجزء الأول )
- المجتمع العربي . .قراءة في الدوران في الفراغ خارج مسار التار ...
- مجموعة أغنيات مرتبكة . . لبغداد 2000 - 2004 م. نثر شعري
- بيعة . . لباحث عن ثمن نثر شعري
- وحدك . . ايقونتي نثر شعري
- اغاني حزينة في المقابلة اقصوصات نثر شعري
- حين . . . نثر شعري


المزيد.....




- برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع التخصصات عبر ...
- دورة استثنائية لمشروع سينما الشارع لأطفال غزة
- تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا: معركة ضد مشروع استعماري متجدد ...
- انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السي ...
- محمد حليقاوي: الاستشراق الغربي والصهيوني اندمجا لإلغاء الهوي ...
- بعد 35 عاما من أول ترشّح.. توم كروز يُمنح جائزة الأوسكار أخي ...
- موقع إيطالي: هذه المؤسسة الفكرية الأميركية تضغط على إدارة تر ...
- وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم ...
- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين أحمد ثابت - الهاتف