أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 2963 - 2010 / 4 / 2 - 02:13
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
نحن فيمن نعرف بالعرب وفقا للمنطقة التي نقطنها كميراث تاريخ متعدد السلالات دمج في تاريخ موحد عبر
رافعة الدين الإسلامي الذي أتى بلسان عربي ، ووفقا للنزول على منطقة سلالية – ارض العرب – وانتشار
هذا الدين عبر الفتوحات وإخضاع البلدان المجاورة والمحيطية للجزيرة العربية للدولة المركزية الإسلامية كرقعة
عرفت بالعربية – الإسلامية ، التي صنعت لها تخريجات لاحقة بتصنيف العرب إلى طوائف كالعرب العاربة
والعرب المستعربة . . الخ ، هو ماجعل لاحقا فرض صفة العربية على بلدان المنطقة – رغم تعدد السلالات
وموروثها القومي التاريخي الذي جاءت منه – وفرض الإسلامية صفة للدولة الإقليمية ومجتمعها على كافة
البلدان في المنطقة ، وكذلك صفة العربية بفعل الأغلبية العددية من السكان ، وبفعل طبيعة السلطة السياسية
الحاكمة ، التي تصبغ حاملها ألمعتقدي المعبر عن مصلحتها على مسمى الدولة والمجتمع ، رغم وجود ديانات
معتقديه أخرى ، ووجود مورث سلالي وثقافي آخر ومتعدد غير عربي – ولذا تفرض رسميا على جميعهم حمل الهوية العربية
كهوية قومية للشخصية والإسلامية كمكانية انتمائية للجغرافية – السياسية في تعبير صفة المواطنة الإقليمية
لنظام يصبغ على الدولة رابطا دينيا اسميا بفعل نهج القوة القابضة على السلطة السياسية الحاكمة والغلبة العدية
السكانية من حيث المعتقد الديني ، حتى لو كان المرء مسجلا في الوثائق الرسمية (غير مسلم ) ، وللأسف هو ذات الشأن الذي
يرفضه العرب والفلسطينيون لنهج الدولة الإسرائيلية بفرض الإسرائيلية وطنا قوميا ومميزا باليهودية بحكم واقع الأمر
للنشأة والاستمرار لهذا الكيان بما ثبت عليه منذ البدء بالمسألة اليهودية – وقد نخرج هنا قليلا عن موضوعنا بالخوض
في المسألة العربية – الإسرائيلية التي تكشف لانهائية للصراع العدائي (الواقعي) ، وحتى نسهم باستنطاق مغاير بديل للرؤية السائدة
عربيا بجوهرها الشوفيني – العربي والرؤية العنصرية الشوفينية الإسرائيلية المقابلة بنهجها الاستيطاني كإرث امتدادي للاستعمار
الغربي على العالم ، والذي في اعتقادي أن حل مسألة الصراع العربي – الإسرائيلي كواقع حقيقي لن يتأتى من خلال كافة
الطرق والوسائل والأساليب التي تفض الاشتباك بين الطرفين ، والذي يؤكد ذلك أن أي حل أو معالجة لهذه المسألة تأخذ
فترة من التوافق أو الهدوء حتى يعود التفجر من جديد ويغلب طابع العداء التاريخي على كل شيء وحتى تلك التسويات التي
تم الاتفاق بشأنها أو حتى التي تم العمل بها ، وسبب ذلك يرجع إلى أن معادلة الحلول الدائمة من قبل قوى الضغط العالمي
وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لاتتزحزح أن تكون متحركة في محيط المساحة الداخلية المغذية لأصل الصراع
والقائم على مثلث فراغي من الشوفينية ، العنصرية والمصلحة ذات الطبيعة الاستعمارية ، والتي هي حلول ارضائية لهذا
وذاك وتوسط بين واقع القوة والضعف بين العرب وإسرائيل يتغاير هذا التوسط شكلا بين الفينة والأخرى لتخفيف غلو
إسرائيل بفرض واقع القوة وممارستها بما يظهرها تضرب بالقانون والأعراف الدولية عرض الحائط وتسبب حرجا لأمريكا
، وتحتاج أن تعلن عن نفسها حامية العدالة والإنسانية بما يتناسب مع دونية الأنظمة العربية التي توهم بانتصارهم لها ، حيث
يفرض واقع تمادي إسرائيل وأهمية الثروة العربية والولاء العربي للأنظمة لها يجعل باديا أن التوسط يتحرك لحماية القومية
العربية من الاستهداف الابادي الصهيوني ، ولكن تظل المسألة الاستيطانية ونهج التفرد في امتلاك إسرائيل للقوة دون منازع
في المنطقة هما المسألتان التي لا نقاش فيهما .
من هنا فإن حل الدولتين أو التعايش الإسرائيلي – الفلسطيني في دولة واحدة ، أو عودة اللاجئين وحدود 1967 م . أو
حتى حدود 1948 م. لايمكن لها أو لغيرها حل معادلة العداء العربي – الإسرائيلي ، كون أن الزرع الدولي لكيان
عنصري النهج بغطاء ديني لتوصيف الهوية القومية بدلا عن حقيقتها التعددية القوميات كإرث ثقافي عالمي ، وهو
زرع قسري على حساب سكان آخرين حمل طابع منح القوة لفرض واقع الاستيطان والتوسع ،ويقابل حركة القوة
لمعبر الدولة الصهيونية بالجنس اليهودي معبر حركة الضعف لأنظمة الحكم العربي ذات الإرث الأبوي اجتماعيا للتفوق
العربي – الإسلامي تجاه الشعوب الأخرى ، وهو ارث شوفيني وتمييزي ديني عاطفي تجتره الأنظمة العربية الحاكمة من التاريخ
بشكل موظف على الدوام لتحقيق استمرارية العبودية الطوعية لدى محكومييها بوهم درء الفتنة والتمزق والإلهاء لهم
بشحن غضبهم على عدو خارجي بدلا عن والتفكير بحقيقة حياتهم الداخلية وإفراغ تلك الشحنات كنوع من التنفيس لصناعة
وهما بالحياة والإرادة - التي لا يرى منهما سوى طابعهما الصوري لظاهرة صوتية لا أكثر .
إذن ، يمكننا هنا أن نجزم أن المسألة العربية – الإسرائيلية لا حل لها قبل أن تحل الإشكالية التاريخية العالقة بطابع
كلا الكيانين ، وهو الطابع المغلف بالعنصرية – الشوفينية للدولة والمجتمع الإسرائيلي ، والشوفينية والتمييز الديني
لدى أنظمة الحكم العربية ومجتمعاتها ، والمورثة هذا النزوع الغالب عبر مورثة تاريخية فارضة بعدم فصل الدين عن الدولة،
وأيضا تجاوز قوى المركز العالمي محاولة حل معادلة الصراع عبر ثبوتية منتج الاستيطان كواقع مخلوق برافعة الاستعمار
القديم عليه حمايته وتخليق التبريرات لتلك الحماية . ومن هنا فإن حل معادلة العداء الصراعي العربي – الإسرائيلي لن يتم
ولن يتأسس واقعا إلا بعد فك ارتباط النزعات الثلاث سابقة الذكر والمغلفة لأصل العداء بين الطرفين ، فإسرائيل يحتاج منا
العرب أن نعترف بحقيقة وجودها ، خاصة وقد أجمعت الأنظمة العربية والفلسطينيون على ذلك بالمعاهدات والاتفاقات
والتعامل معها كوجود حقيقي لا استيطاني محمية بالنظام الدولي كدولة معترف بها عالميا ، والذي لن يتحقق سلام من قبلنا
حتى لو توقفت إسرائيل عن هـمجيتها ونزوعها التوسعي ما لم يتحقق لنا مسألة فصل الدين عن الدولة ، وفصل فرض الدين
على الحياة وأمور الدنيا ،والذي بدون ذلك لا يمكن لنا أن نتخلص من حقيقة نزوعنا الشوفيني والتمييزي الديني المورث لنا
خلال واقع نظامنا الأبوي المقدم لنا عبر طريقة العرض الذي نتلقاه للتاريخ العربي الإسلامي المعظم بالقوة ، وعبر تربيتنا
في محيط الأسرة والمجتمع والإعلام الرسمي والقوى السياسية المعارضة السائدة بنهجها الإسلامي أو القومي (اليساري أو
اليميني) ، وبالمثل لا يمكن لإسرائيل أن تشبع وتقيم السلام الدائم حتى لو قدم العرب كل التنازلات . . حتى غير المعقول منها ن
وذلك ما لم تتحرر الدولة العلمانية الإسرائيلية من عقدة الوجود الأولى لنشأتها والمجتمع الإسرائيلي عبر رافعة النهج الصهيوني
الاستعماري العنصري ككيان استيطاني توسعي محمي دوليا عبر خاصيته كغرس امبريالي – غربي من جانب ، ومن جانب
آخر من حيث كونها امة استهدف محو وجودها وهويتها (العرقية – العنصرية بطابعها الديني) النازية الألمانية ، وأصبح واجبا
إنسانيا عاما على الدوام حماية هذا الكيان من محاولة محو أخرى ، خاصة وهي محاطة بجنس بشري بدائي تقليدي موسوم بالعقلية
العاطفية ، ويمثل الدين وعقليته البدوية غذاء حيا لتعميق الوحشية والكراهية لقومية أخرى يتنازع معها ، وهو غذاء لا يحقق فقط
استمرار العداء كشوفينية منكشرة ، ولكن يوفر لها نموا في اتجاهات العدائية التي لا يوجد واقعا ما يقود إلى تخففها مع الوقت .
مما تقدم يمكننا الاستخلاص بأن حل معادلة السلام في منطقة الشرق الأوسط ، لن يتم إلا بحل معادلاتنا الداخلية – التاريخية
في اتجاه ماذكرناه سابقا – بالنسبة لنا أو لإسرائيل – وعلى الخارج أن يعين في ذلك الاتجاه بعيدا عن الحسابات الضيقة للمصالح
التي لا تمكنه سوى تكرار الأخطاء وتعميق متراكمات العداء في المنطقة ، والاهم من هذا وذاك أنها لن تقوى بأي حال من الأحوال
على صناعة النهج العالمي للتحول الذي تدعو إليه ، والذي تعول عليه كمدخل لإعادة اقتسام العالم على اسس خصائص
التفوق بأبعاده المختلفة ، خاصة والمنطقة العربية تعد وعاء تسيطر عليه على امتداد تاريخ الصراع القديم السابق
بين القطبين – إن مربط الفرس يقوم هنا في اعتقادي ، حيث أن حل الداخل وبرافعته التاريخية من بنى الإعاقة
يظل هو الأساس لمفتاح المستقبل على كافة الأصعدة . . بما فيها الصراع العربي الإسرائيلي .
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟