|
السفر بدون جواز سفر
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3075 - 2010 / 7 / 26 - 12:56
المحور:
حقوق الانسان
الوثيقة الرسمية الشخصية لتكون الهامة ، أرى إنها يجب أن تستمد أهميتها فقط من كونها تعبير عن ، أو دليل على ، محطة هامة في حياة الفرد ، مثل شهادة الميلاد ، و شهادة الوفاة ، و لعلهما الأهم من بين كل الوثائق الشخصية ، فأحدهما شهادة على الدخول للحياة ، و الأخرى على الخروج منها ، و في الحالتين هناك من ينوب عن صاحبهما لإصدارهما . البطاقة الشخصية ، و ثيقة أخرى هامة ، يمكن أن نعدها الثالثة في الأهمية للفرد في الدول التي تصدرها ، فهي الإثبات الرسمي لذاتية المواطن ، كما إنها الأساس الذي يستخدم لإصدار معظم الوثائق الأخرى في تلك البلدان . هناك وثائق أخرى مهمة مثل وثائق الزواج ، و الطلاق ، و شهادات ميلاد الأبناء ، لما تعبر عنه تلك الوثائق من مسئوليات . شهادات التعليم ، و الخبرة ، مهمة ، و إن أتت في ترتيب أدنى من ناحية الأهمية من الوثائق المذكورة أعلاه ، و هي تعبير عن تطور النضوج العقلي لأصحابها ، و تسهم - في معظم الأحيان - في الإشباع المادي ، و النفسي ، للفرد . ثم هناك عقود البيع ، و الشراء ، و رخصة القيادة التي تكمن أهميتها في ناحية السلامة ، و ما إلى ذلك من وثائق التي يصعب حصرها ، و ليست مهمة هذا المقال سردها . مهمة هذا المقال هو التعليق على وثيقة أخرى ، أهمتيها زائفة ، و طبيعتها قمعية ، على الرغم من شيوع تلك الوثيقة على مستوى العالم ، و أعني جواز السفر . حتى البلدان التي لا تصدر بطاقات شخصية لمواطنيها ، تصدر جواز السفر ، و ربما هو الوثيقة الرسمية الشخصية الوحيدة ذات المعايير الدولية . و لكن برغم شيوعه ، فليس هذا دليل على أهميته ، فهو أولا ليس دليل على محطة ، أو مرحلة ، هامة في حياة حامله ، أو دليل على شيء هام ، كوثيقة الميلاد ، أو الزواج ، أو شهادات التعليم ، و ما إلى ذلك ، بل إن رخصة القيادة تفوقه في الأهمية لما لها من دلالة على أهلية حاملها لقيادة مركبة . كما يمكن الإستغناء عن جواز السفر لإثبات الشخصية خارج حدود البلد الأصلي للفرد ، فالبطاقة الشخصية ، و بطاقة الإقامة الدائمة ، يمكن أن تحلا محله في أي مكان في العالم ، خاصة البطاقات المتعددة اللغات . كما يمكن السفر بدونه كما هو الحال لمواطني دول الإتحاد الأوروبي في التنقل بين دول الإتحاد المعني ، و مواطني البلدان التي ترتبط بإتفاقات تسمح بعبور الحدود لمواطنيها بدون جواز سفر ، كما كان الحال بين مصر و ليبيا في فترة ما . بل و يمكن أن يستغني عنه العالم ، بدون أن يكون في ذلك إلغاء للحدود السياسية ، أو إلغاء للتأشيرات ، فلازلت واقعي ، و أدرك جيداً التفاوت الضخم بين بلدان العالم في مستويات المعيشة ، مثلما أعلم بالمخاطر الأمنية التي يأتي بها الإرهاب الدولي ، و الجريمة المنظمة العابرة للحدود . لكن ذلك الواقع الكريه ، لا يمنع إلغاء جواز السفر ، لأنه يمكن أن تقوم القنصليات ، و الجهات الدبلوماسية المعنية بإصدار التأشيرات ، في الوقت الحالي ، بإصدار وثائق دخول لمن يريد السفر للدولة ، أو الدول ، التي تمثلها ، كل جهة دبلوماسية ، تسمح لحاملها أن يدخل البلد ، أو البلدان المعنية ، مع بطاقته الشخصية ، فتكون تلك الوثيقة الصادرة عن القنصلية ، جواز سفر ، و تأشيرة ، في نفس الوقت . و كما الحال مع جواز السفر ، فيمكن أن تطور دول العالم بطاقات شخصية ذات مواصفات بيولوجية ، مثل البصمة . جواز السفر ، ليس له تلك الأهمية ، و الهالة المقدسة ، التي أسبغت عليه ، و يمكن الإستغناء عنه ، بل إنه في الحقيقة ليس إلا وسيلة قمعية ، فهكذا كانت بدايته ، و يمكن أن يعود القارئ الكريم لقراءة تاريخ جواز السفر ، ليتأكد بأن جواز السفر كان تقييد من السلطات الحاكمة لحركة مواطنيها ، و هو لازال كذلك لليوم ، و ليسمح لي القارئ أن أنقل إليه تجربتي الشخصية في هذا الشأن . لقد دخلت رومانيا بجواز سفر صالح ، و بتأشيرة قانونية ، و حصلت على إقامة مؤقته ، ثم أصبحت دائمة ، و لكن جواز سفري إنتهت صلاحيته ، و لا أستطيع تجديده ، و لأنني أرفض أن أتجنس بجنسية أخرى غير المصرية ، فقد وجدت إن الحق الذي يكفله لي ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السفر ، قد سقط عني كلية ، حتى لدول الإتحاد الأوروبي ، فأنا و إن كنت لا أحتاج لتأشيرة للسفر لدول الإتحاد الأوروبي الأخرى ، بسبب بطاقة الإقامة الدائمة التي أحملها ، إلا إنني لا أستطيع ذلك ، لأن وثيقة السفر لمن هم مثلي ، من غير مواطني الإتحاد الأوروبي ، هي جواز السفر الصادر من بلدانهم ، فأصبحت أسير رومانيا ، و أقل في الحقوق حتى من اللاجئ السياسي الذي يستطيع السفر لكل بلدان العالم - و لو نظريا - إلا بلده الأصلي . شخصيا أنتظر إنضمام رومانيا لمنطقة شنجن ، ليتسع سجني ، و أصبح قادر على السفر ، و الإقامة ، في بلد أخر من بلدان منطقة شنجن ، لا يتعاون مع نظام آل مبارك ، و آل الأسد ، و لكن هل ستتركني الأجهزة الأمنية الرومانية حراً حتى مارس القادم ؟؟؟ من تجربتي الشخصية التي إطلع عليها للتو القارئ الكريم - و لا أشك أن هناك تجارب أخرى مريرة لأشخاص أخرين مع جواز السفر ، كالتي سمعت بها من سنوات عن أحد الدول القمعية ، و التي إشترطت على مواطنيها السفر إليها لتجديد جوازات سفرهم - أستطيع القول بأن جواز السفر كما بدأ كوسيلة قمعية ، فإنه لازال وسيلة قمعية ، تستخدمها السلطات الإستبدادية لقمع حق إنساني تكفله المواثيق الدولية ، و لهذا يجب البحث دوليا عن بديل أخر له ، و قد تقدمت في هذا المقال بمشروع أراه يتماشى مع الواقع الدولي ، و ليتقدم الأخرون بمشاريعهم ، فقد أصبح من المهم أن تتخلص البشرية من أحد الوسائل القمعية الموروثة عن ماضيها .
26-07-2010
ملاحظة : في مقال : حماس ليست أعز عليه من أوجلان ، كنت على وعي بأن طرد أوجلان تم في عهد حافظ الأسد ، و في طول المقال كان حديثي عن النظام البعثي السوري كوحدة واحدة ، فلم أستخدم إسم حافظ ، أو بشار ، فأنا لا أرى فارق بين عهد حافظ الأسد ، و عهد ولده بشار ، فالأخير إمتداد للأول ، مع فوارق بسيطة تمليها الظروف الإقليمية ، و الدولية ، ليس إلا .
ملحوظة دائمة : برجاء تجاهل أي تلاعب أمني صبياني خبيث في المقالات ، و هو الذي يشمل طريقة تغيير بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، و ليكن تركيز القارئ الكريم على صلب المقالات .
من المنفي القسري : بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حماس ليست أعز عليه من أوجلان
-
أخرجوا للطبيعة ، أخرجوا للحرية
-
هل هي عادة أمريكية ؟
-
الأسد يمكن قلبه إلى فأر
-
الحبكة يلزمها فارسي و يهودي ، الأفريقي لا ينفع
-
السنن السورية السياسية السيئة
-
التكنوقراط من الأقليات هم الحل في هذا الموقف
-
الأمل يمنع إستخدام القوة ضد إيران
-
وزير الري القائد الأعلى للقوات المسلحة
-
عار على النوبي إن رفض العودة
-
يا أهل النوبة الغارقة : يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة
-
خطوات صائبة من البرادعي ، و لكن
-
المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي
-
التنوير ، كلمة يملكها المؤمن أيضاً
-
و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات الم
...
-
إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
-
لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
-
الفرصة لم تضع لمبادرة مباشرة من حماس
-
غزة ، إنضمام مؤقت ، كحل مؤقت
-
شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة
المزيد.....
-
ذوو الأسرى الإسرائيليين بغزة يطالبون بإنهاء الحرب ضمن صفقة ت
...
-
ذوو الأسرى الإسرائيليين بغزة يطالبون بإنهاء الحرب ضمن صفقة ت
...
-
الأونروا: أكثر من 50 ألف طفل بغزة يحتاجون لعلاج سوء التغذية
...
-
في ظل الحرب والحصار.. شبح المجاعة يحوم على رؤوس الغزيين
-
الأونروا: أكثر من 50 ألف طفل في غزة يحتاجون للعلاج من سوء ال
...
-
عزيز الدويك للجزيرة: عشت مع الأسرى ظروفا قاسية جدا
-
تغطية مستمرة: تواصل القصف الإسرائيلي والأمم المتحدة تحذر من
...
-
الأمم المتحدة: أكثر من مليون فلسطيني قد يواجهون المجاعة بحل
...
-
برنامج الأغذية العالمي: الإمدادات الغذائية في المستودعات الأ
...
-
الأونروا: 625 ألف طفل في غزة حُرموا من التعليم منذ بداية الح
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|