أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامل السعدون - بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك - الفصل الثاني & الفصل الثالث















المزيد.....



بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك - الفصل الثاني & الفصل الثالث


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 933 - 2004 / 8 / 22 - 10:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بمقدورك أن تعالج حياتك بنفسك - الفصل الثاني
كامل السعدون
2004 / 8 / 22
بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك
ترجمة
كامل السعدون
-2-
الفصل الثاني
ما هي المشكلة ؟


كمعالج نفسي معروف وموثوق به ، يزدحم الناس على بابي ، وتزدحم وتتكرر ذات العبارات ، وذات الشكاوى التي لا أظن أن قارئي سيسعد بها ، لأنه قطعاً عانى من الكثير منها .
حسناً ، قد لا يسرّكم أن أستعرض وأستفيض في تعداد تلك المتاعب التي يكثر زبائني ترديدها والتشكي منها ولكن أظن أنه لا بد من ذلك لترى قارئي وجهك في مرآة الآخرين فتقتنع أنك لست وحدك من يشكو:
فواحدٌ يشكو من أن جسمه ليس على ما يرام ، إنه ينزف ، ينتفخ ، يتجعد ، بصره ضعيف ، سمعه ثقيل ، وآخر مشكلته من نوعٍ آخر، إنه يعاني من الآخرين ، إنهم يستلبون حريته ، ينتهكونه ، يسرقونه ، يرفضونه أو ينتقدونه بقسوة ، يفتقد الدعم منهم ، لا يبالون به ، ليسوا ودودون معه .
أما الثالث فإن مشكلته اقتصادية ، إنه مفلسٌ على الدوامْ ، النقود تفرّ من جيبه حالما تدخله ، لا يستطيع أن يشتري شيء تقريباً ، بل والبعض يشكو من أنه بالكاد يسدد بعض فواتيره ويؤجل أخرى وتتراكم القروض وفوائدها .
والرابع يقول أن حياته لا تسير على ما يرام ، إنه لا يستطيع أن يحقق ما يتمنى ، وآخرٌ يقول أنه لا يستطيع أن ينجز شيء فيتمه على أحسن وجه ، آخرٌ يقول أنه لا يستطيع أن ينال الرضا الداخلي ، إنه يعاني من عدم الثقة بنفسه والشك بأنه غير متوازن نفسياً وغير منسجم اجتماعيا ، آخر يعاني من أن رغباته ضائعة وغير مستجابة من قبله لأنه مشغول بإرضاء رغبات الآخرين ، إنه يتمزق لأنه غير قادر على أن يشبع احتياجاته الشخصية ورغباته الخاصة .
مثل هذا وغيره كثير، أسمع من الآلاف من رواد عيادتي النفسية ، حالما يستقر الواحد منهم على مقعده ويسمع مني السؤال التمهيدي الاعتيادي المتكرر :
كيف تسير حياتك ؟
غالبيتهم وللأسف يتوهمون أو يظنون انهم يعرفون حقا ما هي مشكلتهم ، ولكن ما لا يعرفونه للأسف هو أن جميع هذا الذي يشكون منه سببه في الأساس أنماط التفكير والتصور الداخلية .
نعم أنماط سلبية متمكنة من الوعي ، تغطي بدورها على أنماط سيكولوجية لاواعية مغروسة في العقل الباطن من أيام الطفولة ربما ، وتلك هي الجذر الحقيقي الغائر في عمق العقل والذي لا ترى منه إلا ثماره الكريهة المفجعة المعوقة للنمو والتطور والسعادة والنجاح .
بلا …نحن نعبر عن جوهر خزيننا الفاسد من خلال الأقوال السلبية التي تدل على العجز والضعف والوهن والشعور بالذنب واللامسؤولية ، ونعبر شعورياً وسلوكياً وعملياً عن هذا بأفعالٍ وتصرفات غالباً ما تكون رعناء أو مترددة ومتخاذلة .
وطبعاً أستمع ولا أجيب ولا أتدخل ، بل أحاول قدر جهدي أن أتابع بنظر فاحص سلوكيات زبوني وتعابير وجهه وانفعالاته بينما هو يشرح مشكلته ، ثم أنتقل من السؤال العام عن الكيفية التي تسير بها حياته ، أنتقل إلى الخاص ، السؤال عن الصحة ، العمل ، التربية ، الطفولة ، الهوايات ، حياته العاطفية ، الجنسية ، وأتابع باهتمام لغة الجسد والإشارات وطريقة تلفظ الكلمات وأركز بوجه خاص على الكلمات الأكثر تكراراً .
لماذا …؟
لأن الأفكار والكلمات التي نستعملها ونكررها باستمرار ، تعكس في واقع الحال أفكارنا الداخلية ، إنها تعكس نمط التفكير المستحوذ علينا ، لكن ليس بالضرورة تأتي الكلمات معبرة عن الواقع الداخلي لزائري ، إذ يحصل أحياناً أن تكون الكلمات غير مناسبة للمشكلة المطروحة ، ولا توفق في وصف تلك التجربة أو التجارب الحياتية التي أسال عنها ، وبالتالي يتكون لدي استنتاج من اثنين أما أن زبوني يكذب ، أو انه ليس على تماس حقيقي مع المشكلة ، وكلا الاحتمالين يمثلان بداية جيدة لعملي اللاحق .

تمارين سيكولوجية :
____________

بعد أن أنتهي من طرح الأسئلة ، العامة منها والأكثر خصوصية أعمد إلى اختبار الزائر سيكولوجيا ، إذ أسلمه ورقةٍ وقلم وأدعوه إلى كتابة عبارة ( يجب أن ) في وسط الصفحة :

يجب أن
_________


ثم أطلب منه أن يدون خمس عبارات تبدأ بعبارة " يجب أن "
1- يجب أن….
2- يجب أن….
3-جب أن….
4- يجب أن….
5- يجب أن ….

البعض تواجههم صعوبة في الشروع بالكتابة ، آخرون يجري القلم بين أصابعهم بيسرٍ لدرجة انه يصعب عليهم التوقف والتقاط الأنفاس .
ثم اطلب منهم بلطف أن يقرئوا لي ما كتبوه بصوت عال ، وأمام كل جملة أسال القاري ء " لماذا ؟ " .
الواقع أن الإجابات التي تصلني ، مهمةٌ للغاية وحاسمة وتفضح الكثير…الكثير من الحقائق الخفية مثلاً :
لأن أمي ترى أنه يجب علي أن …………..
خطيبتي تقول أنه يجب ……….
يجب علي أن ….لأني لا أستطيع التخلي عن …
لأني يجب أن أكون ناجحا ..
لان الجميع كما تعرف يجب أن يفعلوا هذا ..
لأني كسول ….، أو قصير القامة……..أو طويلها … أو لأني سمين للغاية …أو لأني غبي …أو ضعيف جدا ، أو لأني لا استحق غير هذا أو اكثر من هذا …و…و …و…الخ .
مثل هكذا إجابات وغيرها العشرات ، تفصح عن فرضيات ومسلمات سالفة تعلق بها هؤلاء الناس وسجنوا أنفسهم خلف قضبانها ، إنها حدود سالفة محكمة فرضوها على أنفسهم وتوهموها غاية السلامة والصحة والعدل ، ولكني مع ذلك لا أجيز لنفسي أن أعلق وفي هذه المرحلة الباكرة من العلاج على ما يقوله مريضي ، ثم عندما ينتهون من كتابة الجمل التي طلبتها ، أتحدث لهم عن كلمة يجب الكريهة المقرفة ….!
كلمة يجب في تصوري هي من اخطر واكثر الكلمات هدما وتدميرا لإنسانية الإنسان ، إذ في كل مرة نستخدم فيها هذه الكلمة فان هناك بلا شك ، أمر غير متقن أو غير ناجز أو إن فينا خطأ من نوع ما .
كلمة يجب تناظر إلى حد كبير كلمة غلط ، غلط في هذه اللحظة أو غلط سالف أو مؤجل .
أننا حسب رأيي لا نحتاج لمزيد من الغلط في حياتنا ، نحن نحتاج لمزيد من الحرية في الاختيار .
رباه كم أود لو إن بمقدوري أن أزيل كلمة يجب من قواميسنا ولغتنا بالكامل والى الأبد ، واضع محلها كلمة " ممكن " ، فهذه الكلمة يمكن أن تعطينا حرية في الاختيار، وحيث نكون مخيرين ، فنحن لسنا مخطئين سلفاً .
عقب ذلك اطلب من زبائني أن يقرءون الجمل التي كتبوها جملة بعد أخرى ، لكن مع بادئة جديدة هي " لو إنني فعلا أردت ، لكان من الممكن ……." …!
أنظر التغيير أو التعديل الجوهري الذي تفعله كلمة ممكن في كامل المفهوم والنمط التفكيري ، فحيث يوضع السؤال تحت نور " الممكن " لا ال " يجب " فأنه يستحث بدوره كامل الوعي والذهن على انتخاب خيارات حياتية أخرى أكثر حرية وأكثر إبداعاً وأقل أسى وقرف وتأنيب ضمير …!
وحين يقوم زبائني بتسجيل خيارات الممكن أسألهم ذات السؤال ، لماذا …؟
لماذا لم يفعلوا هذا الذي قالوا عنه أنه ممكن …؟
هنا تأتيني إجابات مختلفة تماماً :
لأني لم اكن راغبا بذلك .
لأني خائف .
لأني لم اعرف كيف افعل ذلك .
لأني لم اكن ماهرا أو ذكيا بما فيه الكفاية .
الخ..الخ …الخ…
غالباً ما نكتشف كلانا ، أنا وزبوني ، أن هذا الذي كان يتوهم أنه واجب ، حين وضعنا عبارة ( أنا يجب أن ) ، في واقع الحال لم يكن أصلاً راغباً في فعله حقاً ولكنه لم يتحرر من لوم نفسه لأنه لم يفعله ، بل وغالباً ما عاش الكثير منهم في أسر شعورٍ مرعبٍ بالألم والندم لأنهم لم يفعلوا ما توهموه واجباً ، لأنهم أصلاً لم يفكروا به حتى .
مثل هذا الذي يصيبه الاكتئاب بين فترةٍ وأخرى لأنه لم ينل شهادة عالية أو لم يغدو غنياً أو …علماً بأنه في واقع الحال ، لم يكن يفكر جدياً في أن يغدو غنياً أو ينال تلك الشهادة ، ولكنه يتوهم أن هذا كان يجب أن يكون :
طيب لماذا يجب وأنت أصلاً لم تفكر به …؟
بالتأكيد هو وهمٌ له أمتدادات اجتماعية أو أسرية …أو إنه موروث من الطفولة …!!
من قبيل أن يأتيك شخص ما ، قريب أو حبيب يحرضك على فعلٍ ما ، بان يضعه في صورة التزام " يجب أو كان يجب " ، وتظل هذه ال " يجب " ، تحفر شروخاً في الروح والعقل والذاكرة وربما الجسد …!
حين فضحنا سرّ ال " يجب " واستبدلناها " ب " كان ممكن " ، شعر مرضاي بالحرية ، لأن الممكن تنطلق من المستحب المرغوب الذي له علاقة حميمة بالفرد ذاته لا بالآخرين ، ولتغطية حاجاته لا حاجات الآخرين .
الآلاف يعانون هذا الإلزام والإكراه ، الآلاف يعانون ويتألمون لسنوات لعديدة ، إذ يحشرون أنفسهم في علاقة اجتماعية " كالزواج مثلا " أو في مهنة من المهن ، لا لشيء إلا لان تلك رغبة الأم أو الأب ، إذ قالوا لهم إن من الملزم عليهم أن يتزوجوا فلانة أو فلان أو أن من الواجب عليهم أن يصبحوا أطباء أو مهندسين أو ….!!
كم من مرة لم نشعر فيها بأننا بلا قيمة أو أننا أدنى مستوى من فلان أو علان لا لشيء إلا لأننا لم نصبح كما قيل لنا أننا يجب أن نكون ، أغنياء أو اكثر ذكاء أو اكثر إبداعا أو استقامة .
فكيف لا نشعر بالسعادة والراحة ، إذ نتخفف ونتخلص من هذا الوهم وهذا الالتزام الخبيث الذي لا يمثلنا حقا ولم يكن في واردنا ألبته ، ونقوم بشطبه ببساطة من القائمة ؟
حين نمر أنا وزبوني أو البعض منهم بهذه التجربة المفيدة ونراجع القائمة ، اشعر إن المقابل قد أبتدأ ينظر للحياة بصورة مختلفة ، إنهم يقولون لي بصراحة إن الكثير من هذه الأشياء التي كانوا يظنون انهم كان يجب أن يفعلوها لم تكن لديهم أبدا أي رغبة حقيقية في فعلها أو انهم حتى لم يحاولوا جديا فعلها أو إنها لم تكن أبدا في تفكيرهم ، وقال الكثير منهم انهم كانوا يعانون من الإحساس بالنقص والقيمة بسبب هذه الأشياء التي لم يستطيعوا التحرر من وهم الالتزام القاطع بها دون مبررات معقولة ، وبعد أن اكتملت مراجعتنا للقائمة تغير وجه المشكلة بالنسبة لهذا الزبون أو ذاك ، لقد شرعنا معاً أنا وهم في مهمة تحرير الروح والنفس من الشعور بالغلط ، والندم والإحباط والانكسار الذي كان يسببه لهم فشلهم في تلبية طموحات الآخرين أو التوافق مع معاييرهم للصح والغلط ، أو النجاح والفشل ، والتي هي ليست ولا يجب أن تكون ملزمة لنا ، وإن شاءوا أن يحققوها فليفعلوها بأنفسهم لا أن يحملونا إياها .
ثم أتوجه لاحقاً لتوضيح فلسفتي الحياتية لزبائني ( والتي لخصتها في الفصل الأول ) ، فأقول لهم الحياة يا أصدقاء بسيطة للغاية ، وليست بكل هذا التعقيد الذي نتوهمه فيها ، إن ما ينطلق منا إلى الخارج يعود إلينا ، وإن الكون يدعم تماما وبمنتهى القوة كل فكرة نختار أن نفكرها ونؤمن بها .
نحن نتعرف على أنفسنا وعلى الحياة إبان الطفولة من خلال ما يلقننا إياه الكبار من حولنا ، سواءٍ بالقول أو الفعل أو ردود الأفعال التي يقومون بها ، وهذه الخبرات والسلوكيات وردود الأفعال والأفكار التي نتداولها ، هي في الغالب ثمار هؤلاء البالغون وتلك التربية التي تربينا عليها ، وإن هذه المعارف والخبرات التي أستقينا ، كانت نافعة في مرحلة ما ، إنما لا ينبغي أن تلازمنا إلى الأبد ولا ينبغي أن تنعكس بقوة على نمط تفكيرنا ، وإن فعلت فيجب أن نتحرر منها ، فإذا كان أبي إبان طفولتي متشائماً أو قلقاً أو مضطرب السلوك ، فلا ينبغي أن لا أتحرر يوما من التشاؤم والقلق والاضطراب وكأن هذا مقدسٌ لا ينبغي أن ألمسه ، لا إنها مسئوليتي الشخصية في أن أحرر نفسي أولاً من نمط التفكير الذي ورثته أو ألزمت بوراثته حين كنت عاجزاً عن الاختيار إبان الطفولة .
التغيير مطلوبٌ بقوة الآن وفي هذه اللحظة ، وهو ممكن لأنك بالغٌ الآن وحرّ ولا سلطة لأحد عليك ولم تعد كفلاً ملزماً بالطاعة من أجل لقمتك ومائك وسريرك والحنان الذي يوفر لك .


أحبب ذاتك وضعها في صميم اعتبارك وتقديرك :
________________________________


ثم أتابع توضيح مفاهيمي لزبائني فأقول للواحد منهم أنه مهما كانت المشكلة التي يواجهها ، فان هناك شيء واحد أكثر أهمية من أي شيء آخر ويمثل المدخل لحسم كل الإشكاليات ألا وهو حب الذات …!
الحب هو العلاج السحري الذي له قدرة إعجازية على الشفاء ، وإذا كان حب الآخرين قادراً على منحهم السعادة والنجاح والعافية ، أف ليس الأجدر بنا أن نحب ذواتنا لكي ما نحقق لها الشفاء والعافية الجسدية والنفسية ، بلا عندما نحب أنفسنا فان المعجزات ستحصل وتغني حياتنا من كل الجوانب .
طبعاً حين أقول حب الذات ، فإني لا أعني تلك الأنانية البغيضة ، والانشغال الدائم المرضي بالذات ، فهذا ليس حب ، لا بل هو خوف وضعف ثقة بالنفس وقلق داخلي وليس حبْ
ما أتحدث عنه هنا هو احترام الذات ، هو هذا الامتنان لهذه النعم الإلهية العظيمة وهذا الإعجاز الرباني المتمثل بهذا الجسد وتلك الروح والنفس .
بالنسبة لي الحب هو الاعتبار السامي للذات ، الاعتبار الذي يجعلني امتلئ من فيوض الامتنان والبهجة لكينونتي ولآفاقها المشرقة القادمة .
الحب عزيزي القارئ ، توسعّ انتشار ، حرية ، غزو للآفاق ، لأنه يفجر طاقات رهيبة مكنونة لم نكن نعرف بوجودها حين كنا نحتقر أو نشمئز أو نكره أنفسنا .
من العادات اللطيفة التي أشكر نفسي وثقافتي عليها ، هو أني ومنذ شبابي الباكر ، اعتدت على أن أوحي لنفسي بصوتٍ مسموع ، نصوصٍ جميلةٍ أنتقيها من هذا الكتاب أو ذاك ، أو أحياناً أنا من يكتبها ، ثم أتغنى بها مع نفسي كالصلوات ، ودائماً أقرأ لزبائني ممن أرى فيهم كراهية داخلية للذات أو اشمئزاز دفين منها ، أقرأ لهم هذا النص الذي يعبر عن حب الذات :
___________________________

لهذه الصيرورة المباركة المتصاعدة التي نسميها الحياة .
لوجودي الحياتي ضمن هذا التيار الدافق .
لكل هذا الجمال الذي أراه حولي في كل مكان .
لكل ….هذا……. أحب نفسي …!!!
لأني أملك من يحبني ، لدي من يحبني ، لدي من أحبه ، لهذا…. أحب نفسي .
للمعرفة الجميلة الغنية المدهشة ، لأجلها ، لأجل ما أملك منها …أحب نفسي .
للطريقة المدهشة التي يعمل بها الوعي .
للميكانيكية الذكية التي يعمل بها جسمي .
للحيوانات والطيور والأسماك وكل العناصر الخلاقة الجميلة الموجودة حولي .
للنمو المبدع والتطور في كل أشكاله وصوره .
لهذا الكون العظيم والطريقة التي يعمل بها في انتظام وتناسق وتجانس .
لأجل هذا كله …أحب نفسي …!!!


اللوم والتثريب والجلد الذاتي الذي لا ينقطع :
_____________________________


حسناً …كيف يمكنني أن أشخص ، أن هذا الرجل أو تلك المرأة لا يحب نفسه ولا يعتبرها .
الأمر يسير عزيزي القارئ ، بل يسيرٌ جداً .
حين نسيء إلى أجسامنا من خلال الإكثار من الطعام أو شرب الخمر والمخدرات ، فهذا دليلٌ على أننا نكره أنفسنا ونريد أن ننتقم منها بأن نستدعي لها الأمراض والعلل .
حين نختار أن نؤمن بأننا لا نستحق الحب لأي سببٍ كان ، وغالباً ما تكون الأسباب زائفة وواهية وغير مقنعة ، فهذا دليل على أننا لا نحب أنفسنا ولهذا نراها لا تستحق الحب من قبل الآخرين .
حين نخاف أن نطلب استحقاقنا الحقيقي من المال والتكريم للعمل الذي نؤديه ، أو حين نمتنع عن إطلاق طاقاتنا الخلاقة العظيمة المختزنة في دواخلنا ، لكي لا ننجح ولا ننال التكريم والمال والسعادة التي نستحقها ، فإننا نؤكد بهذا أننا لا نحب أنفسنا .
حين نخلق لأنفسنا المتاعب ونستدعي لها الأمراض ولأجسادنا الآلام ، فإننا نؤكد كراهيتنا الداخلية الشديدة لأنفسنا .
حين نؤجل أعمالنا دوماً ونتكاسل عن تطوير أنفسنا أو حين نسمح للفوضى والقلق أن يهيمنان على حياتنا ، وحين نسبب لأنفسنا الكثير من الديون والأعباء المادية التي لا مبرر لها ، فأننا بكل هذا أو بكل واحد من هذا نؤكد كراهيتنا لأنفسنا من خلال رغبتنا المرضية الداخلية في تعطيل نمونا وحرمان أنفسنا من السعادة ومنعها من أن تنال الإشباع لاحتياجاتها .
ثم …وحين نجتذب لأنفسنا المعارف والأصدقاء والأزواج الذين يشعروننا بأننا صغار وتافهين ، فإننا نؤكد بهذا أننا لا نحب أنفسنا ولهذا أجزنا لها أن تختار كل من هو سيئ وتافه ومحبط لها ليكون الحبيب والقريب والأثير .
فكيف هو الأمر معك عزيزي القارئ ؟ وبأي طريقة تعمد أنت إلى إعلان كراهيتك ( لا سمح الله ) لنفسك أو تلافي حبها على الأقل ؟
الواقع أن هناك غالباً أسباب سيكولوجية أو تربوية مكتسبة منذ أيام الطفولة أو في المراحل الباكرة من النمو تقف خلف كراهية الذات أو عدم اعتبارها ، فلو إننا مثلاً رفضنا الأيمان والاقتناع بأننا جيدون أو إن هذا الفعل أو ذاك منا هو فعل رائع وإصابة موفقة في الهدف ، فان هناك لا شك جذر تربوي أو حدث سابق سبب لنا كراهية أنفسنا .
أذكر من بعض ما أذكر زبونةٌ زارتني وكانت ترتدي نظارة طبية ، وبعد جهدٍ مشتركٍ منّا معاً تمكنا من إزاحة الغطاء المعدني الصدئ الثقيل الجاثم على عقلها الباطن والمتمثل بالخوف الداخلي العميق الأغوار ، ونجحت بالتخلص من نظارتها إذ استيقظت في اليوم التالي لزيارتها لي ، بروحيةٍ جديدة تجلت في رمي النظارة جانباً ، وإذ أجالت النظر حولها بغير نظارة ، شعرت بوضوحٍ شديدٍ في الرؤية ، لكن هل نجحت في أن تحب نفسها وتشعر بالامتنان لهذا الجسد وهذا البصر وهذا النجاح الذي حققته بالتخلص من النظارة ؟
كلا … لم تشأ أن تصدق نفسها ، ولم تشأ أن تؤمن بالتغيير الإيجابي الذي حدث لديها ولم تستوعب النعمة بل " ظلت تردد مع نفسها وللناس …هذا غير ممكن … هذا غير ممكن …" في اليوم التالي جاءت إلى موعدنا بذات النظارات التي رافقتها ردحا طويلا من حياتها .
من المعروف عن العقل الباطن أنه ليس لديه مزاج للمرح ، انه حاسم وحاد في أحكامه فبمجرد إن هذه السيدة ، لم تشأ أن تصدق التغيير ، استلم العقل البطن الأمر بان ما حصل هو غير ممكن وبالتالي يجدر العودة إلى هذا الممكن .." النظارات ".
إن نقص القيمة الذاتية هو تعبير آخر من تعابير عدم حب الذات …!
كان أحد معارفي فنانا ماهرا موهوبا ، وكان لديه بعض الزبائن الأغنياء المهتمين بأعماله ، وقد رجاه بعضهم أن يزين جدران بيوتهم من الداخل برسوم من عمله ، ومع كل هذا الجهد الفني الخلاق الذي كان يبذله فانه كان دائما مدينا وملاحقا من دائنيه …!
لماذا ؟
لأنه لم يكن يحترم أعماله التي كان يؤديها بمنتهى الأمانة والإتقان لزبائنه ، وبالتالي فهو لا يطلب مقابلا مناسبا لجهده ولإمكانات زبائنه المرتفعة ، علماً بأن أي إنسان يؤدي عملا متميزا وفريدا ، أو ينتج منتجا رائعا يحق له لا شك أن يطلب الثمن الذي يشاء ، خصوصاً وإن ذوي الدخل المرتفع مستعدون لدفع مبالغ عالية مقابل ما يمنحهم هذا الذي يقتنونه من قيمة اعتبارية كبيرة وسط أقرانهم وفي بيئتهم الاجتماعية .

وهناك نماذج أخرى للقصور في تقييم الذات :
_____________________________


من الشائع أن تجد أن الزوج يبدو متذمراً ساخطاً حين يأتي من العمل ، وهذا أمرٌ طبيعيٌ ، لكن ما ليس بطبيعي أن يكون رد فعل الزوجة هو الشعورٌ بالذنب ، وكأنها هي السبب في تذمره ، ثم تظل تعاني لفترة ، من القلق والتساؤل والشك مع نفسها ، دون أن تضع في الحسبان أنه لا يوجد أي مبرر أو سابق فعلٍ منها أستوجب مثل هذا الاتهام الذاتي ، وإن من الأكيد أن تكون هناك أسباب في الخارج ، سببت حالة زوجها النفسية ، وإن من اللائق في مثل هذه الحالة أن تقف معه وتخفف عليه بالحوار المباشر الهادئ ، لا أن ترجم نفسها وتسخط علة ذاتها .
أو خذ هذا المثال المتكرر :
يدعونا صديقٌ ما مرة أو مرتين لزيارته ، ونتبادل الاتصالات الهاتفية لعدة مرات ، ثم ينقطع عنا فجأةٍ ، هل معنى هذا أننا ارتكبنا خطأ وإننا نحن السبب في هذا الفراق المفاجئ …؟
ربما ، ولكن ليس بالضرورة .
البعض معنا ، يظل في حالة تأنيب ضمير وشك وتلاوم لا مبرر له ، وغالباً ما يشكك في أنه ربما لم يكن مستحقاً لهذه الصداقة أو أن صاحبه يراه غير ذو قيمة ليصادقه ، وجميع هذا أوهامٌ خلقها قصور الإحساس والإيمان بالقيمة الشخصية لنا في عيون أنفسنا .
أو تتحطم أحياناً علاقة زوجية ولأي سببٍ من الأسباب ، فينتاب البعض منا اقتناع عاجل بان ما حصل هو بسبب خطا فينا أو منا وان الذنب كله ذنبنا .
وغير ذلك كثير ، فنحن مثلاً ننظر دوماً إلى من هم أفضل منا في بعض عناصر الجمال أو القوة أو الثراء ، وهي ليست بالضرورة إبداعٌ شخصيٌ لهذا القوي أو هذه الثرية ، فقد تكون هناك أسباب أخرى كامنة وراء ذلك ، ومع ذلك فنحن نقارن أنفسنا بهؤلاء دون أن نضع في الاعتبار ظروفهم الخاصة ، ثم نلوم أنفسنا لأننا لم نغدو مثل هذا البطل الرياضي أو تلك الفنانة ، أو في الغالب نحتقر أنفسنا لأننا لسنا مثلهم .
أو تجد البعض منا ، يخاف الاقتراب من الآخرين ، وبالتالي فإنه يفتقد الحميمية في علاقاته ، وهذا أمر طبيعي ، وهو نتاج الشعور باللاقيمة مما يدفع لعدم الاقتراب أو الحذر في التعامل مع الآخرين .


هذا الطفل الكامل :
___________
تخيل عزيزي القارئ ، كم كنت رائعاً حين كنت طفلا صغيرا …!
هذا أمرٌ طبيعيٌ بالنسبة للأطفال أن يكونوا رائعين لأنهم لا يمثلون ولا يخافون ولا ينفعلون ، أنهم لا يحتاجون أن يفعلوا شيئا لكي ما يغدوا أناسا جيدين ، لأنهم أصلا كاملين ، وهم يتصرفون وكأنهم يعرفون ذلك .
انهم يعرفون انهم مركز الكون ، انهم لا يترددون في أن يطلبوا ما يحتاجونه أو يرغبونه، وهم قادرون على أن يعبروا ويحسنوا التعبير عن مشاعرهم وبمنتهى الحرية ، بل وحتى حين يغضب الطفل أو يتألم فإنه يعبر عن ذلك بمنتهى الحرية ، بحيث أن صوته يمكن أن يصل إلى نهاية الشارع ، أما إن كان مستمتعاً فليس مثله من يعبر بمنتهى الجمال عن استمتاعه وسروره .
بلا …هكذا كنا حين كنا أطفالاً ، ولكننا وإذ بدأنا نتلقى تلقين الكبار الذين سبقونا في تعلم فنون الخوف ، بدأنا نخاف ونزيّف ونضطرب .
لقد علمونا أن نعيش بلا حب ، وأن نتنكر لقوتنا الذاتية وثقتنا بأنفسنا ، فضمرت تلك القوة وشحبت تلك الثقة .

تمرين : المرآة :
__________

ثم أعرضّ زبائني لتمرين بسيط في مظهره ولكنه حاسمٌ خطير في جوهره .
اطلب من زبائني أن يأخذ الواحد منهم مرآة صغيرة وينظر لنفسه ويحدق بعينيه ثم يلفظ اسمه بصوت عال ويقول " أنا احبك يا …………. وأتقبلك بالكامل وكما أنت عليه في هذه اللحظة " .
الحقيقة ، هذا الذي قلت أنه بسيط ، هو في الواقع غاية الصعوبة على الكثيرون من رواد عيادتي ، القليلون منهم تمكنوا من النظر في عيونهم برهة وحافظوا على هدوئهم ، ولا أحد تقريبا أدى هذا الاختبار البسيط بسعادة . البعض بكى وآخرون قاوموا دموعهم بصعوبة ، والبعض غضبوا وآخرون انتقدوا مظهرهم ولعنوا سحنتهم . وأخيرا… أولئك الذين قالوا انهم لا يستطيعون أداء التجربة ، لا بل …لقد عشت ما هو اكثر من ذلك ، إذ أن أحد زبائني قد رمى المرآة بعيدا وولى هاربا ، وهذا ما تتطلب منه عدة اشهر حتى أمكن له أن ينظر في المرآة ، بتلك الحميمية التي أردتها منه ومن أقرانه .
أنا عشت هذا الأمر ذاته ولسنواتٍ عدة ، إذ كنت انظر في المرآة فقط لانتقد سحنتي ، ولا أنسى أن أول مرة أواجه فيها المرآة لوحدي وببعض التركيز ، سبب لي الخوف إذ نظرت في عيني .
هذه التجربة البسيطة توضح لي الكثير مما احتاج للتعرف عليه ، فبأقل من ساعة أستطيع الوصول إلى الجذور الحقيقية الغائرة والتي لا يظهر منها إلى السطح إلا المشاكل وردود الأفعال الظاهرية .
لو إننا نتعامل فقط مع تلك التي تقع فوق السطح ، فتخيل كم من الوقت والجهد نضيع دون طائل ، وفي اللحظة التي نكون فيها قد توهمنا أننا وضعنا كل شيء في مكانه ، فإذا بالمشكلة تطفو على السطح من مكان آخر .

"المشكلة " نادرا ما تكون هي المشكلة الحقيقية :
_________________________________

مما صادفني في عملي الشيق مع النفوس والعقول أن واحدة من الشغوفات بمظهرهن وبالذات الأسنان ، كانت زائرتي ذات يوم ، لقد تنقلت من طبيب أسنان إلى آخر ، لكنها كانت تشعر أن الأمر يغدو أسوا واسوا ، ثم قامت بعملية تجميل لأنفها ، لكن الأنف الذي أنتجه الطبيب الجراح لم يكن بأجمل مما كان .
لماذا …؟
لأن كل الأخصائيين الذين تعاملوا معها كانوا يعكسون ذلك المفهوم الذي كانت تحمله عن نفسها وجسدها لا اكثر ، تلك القناعة التي تقول إنها بكل الأحوال قبيحة ولا أمل من إصلاح قبحها .
لم تكن مشكلة تلك الفتاة في مظهرها الخارجي ، لكن في قناعتها الشخصية من أن هناك خطأٌ فيها ، وإنه لا أمل في إصلاحه …!
واحدةٌ أخرى كانت أنفاسها عفنة للغاية ، كان من غير الممكن الاقتراب منها ، الغريب أن هذه المرأة درست الأديان ولديها في الظاهر شخصية روحية ، ولكن في داخلها كانت تحمل كائنا غيورا وحقودا للغاية ، وفي المرات التي تشعر فيها إنها معرضة لتهديد ما ، كانت تغلي من الغضب في الداخل ويأتي التعبير الخارجي لأفكارها السلبية عن طريق أنفاسها ، كانت تبدو للوهلة الأولى وكأنها ودودة ولكنها في الواقع كانت في حالة ترقب وانتظار لهجوم يأتيها من مكان ما ، ولم يكن هناك أحد يهددها في الواقع إلا ذاتها .
وآخرٌ جاءت به أمه …كان صبياً في الخامسة عشرة ، كان لديه مرضٌ ميؤوسٌ منه وقد قال له الأطباء أن أمامه ثلاثة اشهر فقط ليعيش .
كانت ألام تتصرف بشكل هستيري ومثل هذا مفهوم ومتوقع ممن بمثل موقفها ، لكن الولد كان مثقفا ، ذكيا ومتيقظا ولديه رغبة بالعيش ، كان راغبا بعمل أي شيء اطلبه منه ، ومن بين ذلك أن يغير نمط تفكيره وأسلوب تلفظه ونبرة صوته ، وقد فعل .
كان أبويه منفصلين عن بعضهما وكان الصراع حادا بينهما رغم إنهما بعيدان عن بعضهما ، وقد أنعكس كل هذا على حياة الصبي فغدت مملة كئيبة ولم تكن على الإطلاق مناسبةٍ في تفاصيلها الخلافية تلك ، على صحته .
والطريف أنه رغم كل هذا كان يحب التمثيل وكانت لديه رغبة داخلية في أن يغدو يوماً ممثلا ، بل كانت تلك أقصى أمانيه وكان الوصول إلى الشهرة أهم بكثير من مجرد العيش كشاب مزمن العلة ، ومثل هذا الذي عرفته عنه شجعني على أن أعالجه ، فمجرد أنني عرفت أنه لديه هدف ويحب أن يعيش بالمستوى اللائق ، ولديه ثقة عالية بنفسه ، ومثل هذه الثقة يمكن أن تتعزز أكثر فيما لو إنه نال النجاح وبعض الشهرة ، فدفعته بهذا الاتجاه وسرت معه في أول المشوار وقدمت له التوصيات والعون الأدبي الذي ساعده على الارتقاء .
وشفي الفتى رغم قناعة الأطباء باستحالة شفائه ، وها هو الآن رجلاً معتبراً وممثلاً جيداً على مسارح برودواي .
ما الذي ساعده أصلاً على الشفاء …؟
حبه لنفسه وتقبله لها رغم علتها …!
من المتاعب التي يشكو منها الكثير من رواد عيادتي ، مشكلة زيادة الوزن .
هذه المشكلة هي مثالٌ من أمثلة كثيرة على سوء إدارتنا لأشكالياتنا الحياتية ، إذ إننا نستهلك طاقات هائلة في محاولة إزالة تلك الكيلوجرامات الزائدة في حين إن ذلك أصلا ليس هو المشكلة .
الكثيرون يستهلكون السنوات العديدة من أعمارهم في مكافحة السمنة ، ومع ذلك لا ينجحون في إزالة كيلو غرام واحد وان نجحوا فإلى حين ، حيث يعود الوزن المفقود إلى مكانه .
الواقع انهم يكرهون أجسامهم ويلقون بالذنب كله على السمنة وليست هي المشكلة ، فما السمنة إلا تعبير عن مشكلة متجذرة في الداخل ، مشكلة الخوف والحاجة إلى الحماية .
عندما نكون خائفون وغير واثقون من أنفسنا أو غير متأكدون من" أننا جيدون بما فيه الكفاية" فان الكثير منا يبدأ بالسمنة حيث يضيف كيلو غرامات عديدة لتوفير الحماية الذاتية .
إن من الغباء ومضيعة الوقت أن نلوم أو ننتقد أنفسنا لأننا فائقو الوزن ، لا … إننا بهذا ندمر قوتنا النفسية ونزيد من تفتيتنا لثقتنا بأنفسنا ، عبر استسلامنا للشعور بالذنب مع أي لقمة إضافية نلتهمها ، وبعد عشر سنين أو عشرون نجد أنفسنا في ذات الوزن ومع شخصية مهشمة وكلما ازداد تهشم الشخصية ازداد الخوف من الخارج وازدادت الحاجة إلى مزيد من الشحم لمقاومة الخوف وتحقيق الحماية الزائفة من مشكلة زائفة أصلا .
عوضا عن ذلك يجب علينا أن نلتفت إلى المشكلة الحقيقية ، ولهذا فأنا لا أتعامل ولا انصح بعلاج تخفيف الوزن وارى أن العلاج الحقيقي هو العلاج النفسي .
العلاج الذي يخلص الإنسان من الأفكار والمفاهيم السلبية ، ودائماً أقول لزبائني " دعونا نلقي مشكلة السمنة جانبا ونحاول بدل ذلك استكشاف أمور أخرى " .
يحدث غالبا إن زبائني يستنكرون رأيي هذا ويغضبون حين اخبرهم كم هو بسيط أن يغيروا حياتهم ، يحبوا أنفسهم ، يؤمنوا بها ويضعوا لأنفسهم أمنيات وأحلام ويسيروا بهمة نحو أهداف عملية واقعية تفيدهم وتغني المجتمع ، وبكل هذا يعيدوا بناء ذواتهم من الداخل ، فتختفي المشاكل التي يوهمونها عسيرةٍ على الحل .
يستنكرون رأيي لأنهم يظنون أني لا افهم مشاكلهم بشكل جدي .
إحدى السيدات انفجرت صارخة " لقد جئت إليك لأني لا أستطيع إنجاز أطروحتي لا لكي أتعلم كيف احب نفسي " بالنسبة لي عرفت ببساطة إن مشكلتها هي إنها تكره ذاتها ، وهذا ما سمم حياتها بأكملها وجعلها لا تستطيع أن تكتب أطروحتها وتقدمها في الوقت المناسب .
مثل هذه السيدة لن تتمكن أن تنال كائنا ما كان من المكاسب طالما هي تكره ذاتها ولا تستشعر أي قيمة شخصية لكينونتها، ولكنها لم تشأ أن تستمع لي وخرجت باكيةٍ ، ولكنها عادت بعد عام ، مع ذات المشكلة مضافا لها ملحقات أخرى .


المشكلة الحقيقية :
___________

ويأتيني زائرٌ ساخطٌ من نفسه…. حين رجوته أن ينظر إلى نفسه في المرآة ، أزداد سخطا .
عرفت في الحال أنه لا يريد أن يرى وجهه وينظر في عينيه مباشرة ، لأنه يكره نفسه ، ابتسمت له وقلت " جميل ..هكذا نستطيع أن نرى المشكلة الحقيقية في عينيك ، ثم نسعى لإزالة العوائق التي تعوق مسارك " .
وأشرع بالحديث معه عن حب الذات ، وكيف إن ذلك مهم جداً لأي تقدم يريده المرء لنفسه وإن هذا يعني أن لا تنتقد ذاتك ولا توبخها .
أسأله :
- هل تتطلع إلى وجهك في المرآة …؟
- طبعاً …!
- طوال الوقت .
- ليس كثيرا كما في السابق .
- حسناً وهل تنتقد نفسك باستمرار ؟
- بلا شك ، وكيف يمكنني أن أغير نفسي إن لم انتقدها ؟ ثم ألا يفعل الجميع ذلك ..؟
أجيبه ، وما شأني بالجميع أنا أسألك أنت ، لماذا تنتقد ذاتك ؟
- ما هو الخطأ الذي ارتكبته ؟
ويحدثني الرجل تفاصيل هذا الذي فشل في نيله أو الوصول له ، وبالتالي كرهَ ذاته لأنه فشل في تحقيقه …!
إنها ال( يجب ) اللعينة التي سمعها الرجل هذا ( أو أي رجل أو امرأة منّا ) ، من الأب أو الأم أو القريب أو المسؤول الحكومي .
يجب أن يفعل كذا أو يكون كذا ولما فشل لأي سبب من الأسباب ، كره ذاته وأحتقرها …!
وهكذا نحن دائماً .
هذا يظن انه طويل اكثر مما يجب وهذا اقصر مما يجب وهذا ضعيف جدا وهذا سمين جدا ، وهذا لا زال صغير السن وهذا صار كبير السن ، وهذا لا زال الوقت باكرا بالنسبة له وهذا تأخر به الوقت لإنجاز هذا العمل أو ذاك أو خلق هذا التغيير في ذاته أو ذاك… و… و… و؟… الخ .
حتى تلك الأجمل من في الكون تركز ذهنها على خصيصة ما قد تكون جانبية وغير مرئية أو لا وجود لها إلا في خيالها .
بشكل أو بآخر نتوصل نحن جميعا إلى ذلك الاستنتاج النهائي القائل " أنا لست جيدا بما فيه الكفاية "…
عظيم...عظيم ..ها نحن نتوصل إلى الحقيقة " نحن لسنا جيدين بما فيه الكفاية ".
أنا وأنت وهم … نحن جميعا تعلمنا منذ الصغر أن نؤمن إننا لسنا جيدين بما فيه الكفاية . يندهش الجميع حين أتوصل وإياهم وبهذه السرعة إلى هذه النتيجة . الآن لا نحتاج نحن أن نشغل أنفسنا بالتفاصيل الجانبية والمشاكل الأخرى الغير جوهرية مثل المظهر والتفاصيل الجسمانية ، المشاكل الاجتماعية والأسرية الموهومة ، المتاعب المادية ومشاكل الفراغ والعجز عن التعبير المبدع عن الذات .
إن كل طاقتنا النفسية والذهنية يمكن أن نستخدمها لمرة واحدة ومع المشكلة الجوهرية الأساسية والمسبب الأول لكل المشاكل وهو ضعف حب الذات .

*****************************

ترجمة
كامل السعدون
الفصل الثالث
___________

من أين يأتي هذا ؟
__________

" الماضي لا سلطة له عليك "
__________________


حسنا ، ها قد عالجنا لحد الآن جملة مسائل ذات قيمة وقد أمكن لنا أن نبعد جانبا هذا الذي كنا نظنه جوهر المشكلة وما كان في الواقع إلا مظهرا جانبيا من مظاهرها .
الآن نواجه المشكلة الحقيقية ، التي هي إننا أنا وأنت والكثيرون ، نشعر غالباً إننا لسنا جيدون بما فيه الكفاية ، وكنتيجة لهذا لا نستطيع أن نحب ذواتنا لأنها دون الكفاية في الأداء ، وهذا هو لبّ المشكلة في ظني وكلما واجهتنا متاعب من أي نوع وأخفقنا في معالجتها ( لأننا أصلاً لا نثق بذواتنا ولا نحبها ) كلما ازددنا فشلاً وإخفاقا وتضاعف حجم كراهيتنا لأنفسنا .
طيب دعنا نمسك براس الخيط ونتابع السير معه حتى نكتشف الأصل الذي انبثق منه هذا الشعور، أو تلك القناعة " بأننا لسنا جديرين بالحب والاحترام من قبل أنفسنا " .
المدهش أننا نحن البالغين حسب من نعاني من هذه الإشكالية ، في حين… حين كنا أطفالاً كنا ننظر لأنفسنا وللحياة عامة والآخرين على إنها كينونات متكاملة لا نقص فيها ولا ضعف ، ولهذا كلما كنا أصغر في العمر كنا أكثر شعورا بالأمان .
حين كبرنا بدأنا بالتعرض للمشاكل وكبر لدينا الإحساس بالعجز واللا قيمة واللا أهمية ، فلماذا وما الذي حلّ بنا ؟ أليس من المفترض أن من يحب نفسه لا يمكن أن يكف عن حبها في أي مرحلة من مراحل عمره ، بل ويفترض أن يزداد حبنا لأنفسنا لا أن يقل ..!
فكر بالزهرة إذ هي لما تزل برعماً ، إنها منذ لحظة التبرعم القدسية تلك ومروراً بفترة الإزهار ووصولا إلى أخر لحظةٍ من عمرها ، تراها بذات القدر من الجمال والعطاء وألق الألوان ، فلم إلا نحن نجف سريعاً ونذوي وننكمش ونتحطم مع أول هزّة ريح معاكس …!
وهل هذا هو الطبيعي في حال البشر ، الذين تميزوا بأعظم جهازٍ عصبي وأقوى قدرات ذهنية وفسيولوجية وإبتكارية ….؟
لا … ليس هذا هو الطبيعيُ أبداً ، بل العكس .
إننا على الدوام كاملون لا نقص فينا ، وعلى الدوام في حالة تغير وتطور ، ونسعى دوماً لأداء أفضل ما لدينا قياساً إلى هذا الحجم من الوعي والمعرفة والفهم الذي نملكه في كل مرحلة من مراحل حياتنا ، وقطعاً كلما أزداد وعينا وأزداد فهمنا وازدادت معارفنا وخبراتنا تغير لا شك سلوكنا وأدائنا ، وفي الحالين لا ينبغي إلا أن نحب أنفسنا بهذا الوعي السطحي الذي نمتلكه اليوم أو ذاك الوعي العميق الذي سنمتلكه بعد عام أو عشرة .

والتنقية الذهنية الشاملة
______________

حسناً …أظن أن الوقت قد حان لأجراء فحص دقيقٍ شامل للماضي وإلقاء نظرة على بعض من تلك المفاهيم التي قادت مسيرتنا المتعثرة حتى يومنا هذا .
يرى الكثير من رواد عيادتي إن هذا الجزء من عملية التنظيف ( العودة لقراءة ملفات الماضي ) هو الجزء الأكثر إيلاما ، وقد يكون كذلك ، ولكن لا بد منه ، لأن أي عملية تنظيف ، تتطلب منا أن نرفع هذا من مكانه ونضع ذاك في كذا مكان ونرمي هذا أو ذاك إلى سلة الفضلات ، وتلك إجراءات لا بد منها لكي تجري عملية التنظيف بانسيابية شديدة .
إن أول ما نفعله قبل الشروع بالتنظيف ، هو أن يلقي نظرة شاملة وودية على مجمل أثاث الغرفة أو البيت ، ثم نقوم بعدها بتصنيف الأشياء ، فهذا الكرسي مثلا يحتاج إلى تلميع فقط ، وهذه التحفة تحتاج إلى تصليح ، وهذه الأوراق أو الفواتير العتيقة المدفوعة سلفا نرميها في سلة المهملات ،
وهذا السرير العتيق الذي لا حاجة لنا به الآن يمكن إعطاءه لصديق ، أو وضعه في المخزن أو بيعه بسعر بخس ، وهلم جرا .
بذات الطريقة نتعامل مع موجوداتنا الذهنية ، أليس كذلك …؟
فما الداعي للغضب والثورة لمجرد إن الوقت قد أزف لرمي بعض الأفكار والمفاهيم البالية التي لم تعد واقعية ولا صحة لها ولا مبرر لوجودها ، بل وإنها معوقة لمسيرتنا الواعدة ، تماما مثل ذلك الكرسي العتيق الجاثم بلا ضرورة في منتصف البيت ، نصدم به كلما مررنا به أو حاولنا تجاوزه ، علما بأننا لا نستخدمه إلا نادرا …!
طيب أليس من الأولى بنا التخلص منه دون كثير غضب أو تذمر .
دع هذه الفضلات تذهب إلى سلة الفضلات تماما كما تفعل مع أطباق الغداء عقب انتهاءك من وجبتك ، انك تنظف الأطباق بحسم وقناعة تامة وترمي بفضلات الغداء إلى سلة الفضلات ، فهل جربت مثلا أن تفتش في سلة الفضلات بحثا عن البقايا التي رميتها يوم أمس لتصنع منها غداء اليوم ؟
طبعا لا .. طيب هل تمارس عملية دس الأنف واليدين في سلة فضلاتك الذهنية الموروثة من امسك القريب أو البعيد باحثا عن بقايا الماضي المتعفنة لتصنع منها وجبتك الذهنية لهذا اليوم ؟
حسناً إذا كان ما لدي أو بعض ما لدي من أفكار ومفاهيم لا فائدة منه لي ، فمن المستحسن إذن التخلص منه ! لا أظن أن هناك قانون أو منطق يقول لك ، انك إذا آمنت بفكرة ما أو معتقد معين ذات يوم وتحت ظروف معينة وفهم ومعرفة معينة ، فانك ملزمٌ بالحفاظ عليه إلى الأبد .
لذلك … دعنا نأخذ بعض تلك المفاهيم والأفكار الضيقة ونرى كيف نشأت :

" أنا إنسان غير جيد ، أنا إنسان فاشل "
________________________

كيف نشا هذا المفهوم :
_____________

بفضل أب كان يردد دوما أمام ولده انه إنسان فاشل ، أو غبي …
اخبرني مثل هذا الفتى يوماً انه كان يود النجاح ليثبت لأبيه انه ليس فاشل ، وكان يطمح وبقوة لنيل ثقة أبيه ، ولكنه كان مثقلا بشعور الذنب الذي خلق لديه كمٌ هائلٌ من المرارة ، وبالتالي كل ما كان يفعله هو الفشل والمزيد من الخسائر المادية التي سببها لوالده في تلك المشاريع التجارية التي كان أبيه يمولها .
وهكذا فشل الاثنان معا وخسرا مالهما ، وكان الخاسر الأكبر هو هذا الفتى ، خسارة … ليست مادية حسب بل خسارة بنيوية في صميم شخصيته الإنسانية .
ماذا كان سيحصل لو إن مثل هذا الأب كفّ ذات مرّة عن ترديد تلك العبارات القاتلة ، ومدّ يده لأبنه وخفف عنه شعوره بالذنب والمرارة نتيجة الفشل الأول أو الثاني بل وحتى العاشر ، قطعاً سيكون أداء الولد أحسن ، لأنه سيستعيد احترامه لنفسه وحبه لها ويتحرر من قيد تلك الكلمات الجارحة التي أستنبت أظافرها في عقله الباطن ، فسببت له التوقع المسبق للفشل ، وكلما توجه لشيء فشل فيه …!

"القصور في حب للذات"
_______________

كيف نشا هذا المفهوم ؟
_____________

فتاة تحاول كسب حب أبيها وتفضيله لها على أخواتها ، رغم إنها لم تكن أبداً راغبة في أن تكون مثل أبيها لأن شخصيتيهما كانتا مختلفتين تماماً ، ولكنها أرادت أن تنال منه حباً أكبر من خلال أنم تحاول أن تكون مثله أو أن تتشبه به ، ففشلت في أن تكون صورةٍ ولو مقاربة له ، وازدادت في داخلها كراهية ذاتها لأنها فشلت ، ومع ازدياد كراهيتها لذاتها ازدادت نقمة أبيها عليها ، بل كان يواجهها بالنقد اللاذع القارص السام الذي أدى بها إلى أن تصاب بالعديد من الأمراض الفسيولوجية بسبب شحنات النقمة التي كان هذا الأب يوجهها لها ، رغم إنها كانت تود أن ترضيه ، أو أن تجعله يؤمن بها ، لتستقيم حياتها وتتواز نفسيتها ، ولكنه حرمها بغبائه من هذا الإيمان وتركها تتألم نفسياً وجسدياً .
في الواقع هي لم تكن تعتقد أن آلامها سببها هذا الأب والطاقات السيكولوجية السلبية التي كان يبثها لها كلما التقيا ، ولكنني وبحكم مسئوليتي في إعادة ترميم نفسيتها المنهارة أوضحت لها إنها تسير بالطريق الخطأ وإن أبيها لا يمكن أن يحبها إن حاولت التمثيل على نفسها وعليه والإدعاء أنها صورة طبق الأصل له ، وقلت لها إن أبيك ذاته كان يمكن أن يحبك أكثر أو على الأقل لن يكرهك إلى الأبد لو إنك آمنت بذاتك وفكرت بأن تكونين أنتِ لا أبيك ، ثم أوضحت لها خطورة الشحنات السالبة من الطاقة التي يبعثها الأب لها وهو في حالة الغضب أو الكراهية .

الحياة غابة مليئة بالوحوش
_________________

كيف نشا هذا المفهوم ؟
_____________
بفضل أب سوداوي المزاج :
__________________

كانت واحدة من زبائني ، تؤمن وبقوة بأن الحياة ليست إلا غابةٍ ترعى فيها أنواع الوحوش ، في الليل كما النهار ، وإن السعادة مستحيلة على هذه الأرض وما حصتنا من الدنيا إلا الذل والألم والحزن والتعاسة .
كانت المسكينة تجد صعوبة رهيبة في أن تبتسم أو تضحك كما يفعل كل الناس ، وإذا ما انفرجت شفتاها عن ابتسامة شاحبة ، كانت تسارع إلى طيها وضم شفتيها بقوة وكأنها ارتكبت جرماً إذ تصرفت بتلقائية وابتسمت لما هو جديرٌ بالابتسام .
كان لديها في داخلها إحساس بأنها إذا ابتسمت أو ضحكت فإن مكروهاً سيحصل لها .
هذه الفتاة وغيرها المئات أو ربما الآلاف ، تربين على مفهومٍ غريبٍ لا صحة له على الإطلاق ألا وهو :
" الضحك يستقطب الشياطين والجن إلى البيت …لا تضحكي وإلا جاءوا ( الشياطين أو الجن ) وأخذوك إليهم "
كان هذا هو ما كان يردده دوماً أباها المتدين …السوداوي المزاج …!

عودة إلى مفهوم " أنا لست جيدا بما فيه الكفاية "
_______________________________

كيف نشا هذا المفهوم : التعرض للإهمال والتجاهل والرفض :
_______________________________________

كانت مشكلة أحد الشباب الذين زاروني في العيادة ، أنه كان يجد صعوبة في التكلم ، بحيث أن الصمت غدا نمط حياتيه اليومية والطريقة الفضلى التي يعيش بها .
كان الفتى قد تخلص للتو من عادة تعاطي المخدرات والخمور ، وهذا ما أدهشني فيه وجعلني أكبر سلوكه وأقيمه بأرق العبارات وفي أكثر من زيارة ، وقد لحظت وأنا أطريه أنه يرد علي بعبارة من قبيل ، كنت أنساناً فضيعا … كنت أنساناً فضيعاً …!!
حياة هذا الفتى في الطفولة والشباب الباكر عكست سلوكه الحياتي ونمط تفكيره ونوعية متاعبه السيكولوجية ، إذ إن أم هذا الفتى كانت قد ماتت بوقت مبكر ، تاركةٍ إياه لخالة لا تجيد في الحياة إلا الصمت والسوداوية ، وفي المرات التي كانت تكلمه فيها كانت تكتفي بإعطائه الأوامر عما يجب أن يفعل أو لا يفعل وبمنتهى الإيجاز ، وهكذا نشأ المسكين في عالم أصم وأبكم بالكامل ، ولهذا تجده حين أراد أن يتزوج ، كان نصيبه من الحياة امرأة صموتٌ أيضاً .
وإذ ماتت صديقته الصموت باكراً عاد إلى الوحدة المطلقة المطبقة .


تمرين : المؤثرات السلبية :
_________________

وأعود لأزج بزبوني أو زبائني ( إن كان لدي عددٌ منهم في ذات اللحظة ) ، في اختبار أو تمرينٍ آخر ، إذ أقوم بتسليم ورقة فارغة لكل واحد منهم ، ثم أطلب منهم أن يدون كل واحد ، قائمةٍ بتلك الأشياء أو الأقوال التي كان آبائهم أو أمهاتهم ، يرددونها دوماً على مسامعهم أو يوجهونها مباشرة لهم أو ينهونهم عبرها عن شيء ما ، من قبيل :
أنت لا خير فيك ، أنت زنديق ، أنت جبان ، أنتِ وقحة ، الخ …الخ .
ولكي ما أمنحهم فرصة أكبر للتدوين ، أقول لهم لدينا من الوقت الكثير فلا تتعجلوا وحاولوا أن تذكروا أكبر قدرٍ من المعلومات أو العبارات أو النعوت التي كانت تقال لكم .
ولتسهيل الموقف أكثر أمنحهم رؤوس أقلام أو هوامش مفيدة للإبحار صوب الماضي ، من قبيل أن أقول لهم مثلاً :
ماذا كان آبائكم أو الأمهات يقلن عن النقود ، عن الدين ، عن الشرف ، عن الحياة الزوجية ، عن الحب …الخ .
مثل هذا سيعكس لا شك الخلفية العقائدية للآباء أو الأمهات بشأن هذه العناوين المهمة ، وبالتالي فإن الأبناء قد أ استقوا لا شك تلك المفاهيم من الأبوين أو أحدهما .العلاقات الاجتماعية ، الدين ، السياسة .. الخ ؟ ماذا قالوا عن تكوينك الجسماني مثلا ؟ ماذا قالوا مثلا عن مواهبك الإبداعية ، هواياتك …الخ ؟ أي تدخلات سلبية معوقة أو محبطة تعرضت لها من أسرتك ؟
ولا أنسى أن أرجو الشخص أن يحاول قدر الإمكان أن يكون محايداً في نظرته لتلك المعوقات ، وأضيف ضع في بالك أن هذا هو جذر مشكلتك وأرجوه أن يقول لنفسه " من هنا تولد لدي هذا المفهوم أو تلك القناعة " .
وعقب الانتهاء من هذا الاستذكار الخطي للماضي ، أطلب منهم أن يدونوا الآن ما سمعوه من الآخرين خارج جدران البيت :
الأقارب….. المعلمين ….. الأصدقاء …. المسؤولين المدنيين …. الجهات الدينية…..الأطفال الآخرون .
وأنبه إلى أن هناك مشاعر تترافق مع هذه الاستذكارات ، مما يجد له انعكاس في الجسم من انقباضات قلبية أو ارتجاف أو تسارع نبض أو ما أشبه ، وأقوم بمتابعة هذه الانفعالات ، دون أن أتدخل مباشرة أو أعلق عليها .
ما يدون في ذينك الورقتين ، هو مجمل تلك الأفكار التي ينبغي أزالتها من الوعي بالتعاون بيني وبين مريضي . إنها تلك المفاهيم التي لديك والتي تدفعك للإحساس انك لست على ما يرام " .

انظر لنفسك كطفل
___________

دعنا نتخيل عزيزي القارئ ، أنا وأنت إننا نتواجد في غرفة ما مع طفل في الثالثة من العمر ، نلزمه على أن يقف في وسط الغرفة ثم نقوم بشتمه ولعنه وسبه بأقذع السباب ، نثور عليه ونصرخ بوجهه ونتهمه بالغباء وبأنه غير قادر على أن يفعل شيئا بصورة صحيحة ، ثم نشرع بعد أن ننتهي من رجمه ، نشرع بتوجيهه إلى ما يتوجب عليه فعله لاحقا لكي ما ينجح في أداء العمل الذي نريده أن يعمله .
ماذا تعتقد إننا يمكن أن ننال من هكذا سلوك ؟ إننا سننال ولدا مرتجفا يجلس في الزاوية وقد غمره عرق الخوف والخجل معا ، أو طفلا متمردا يحطم كل ما يقع بين يديه ، إنه سيرد لنا ولنفسه الصفعة ولا شك بواحدٍ من هذين الاحتمالين ، لكننا لا نعرف بالضبط أي من السلوكين سيسلكه الولد… !
لو أخذنا الطفل ذاته وأخبرناه كم نحبه ، وكم هو مهم بالنسبة لنا ، وإننا نؤمن بأنه جميل للغاية وذكي… وإننا معجبين بالطريقة التي يتصرف بها ، وانه إذا ما أخطأ فان هذا عادي جدا لان الخطأ بدوره سيعلمه الكثير ، وإننا معه بكل الأحوال وسنقف معه ونعينه مهما حصل .
ماذا تتوقع سيكون رده علينا وعلى نفسه وعلى العالم ، وكيف سيسلك حين يكبر …؟
إن في كل واحد منا… في داخل كل واحد منا … طفلا بعمر الثلاث سنوات ، وإننا نستهلك معظم وقتنا في نقد هذا الطفل وتثريبه , وبذات الوقت نتساءل لماذا لا تسير حياتنا بانتظام… !
لو كان لديك صديقا لا يكف عن انتقادك طوال الوقت ، فهل تكون لديك رغبة للاقتراب منه…؟
هل ستشتاق له وتود رؤيته باستمرار ؟
ربما تكون أنت ذاتك قد عوملت بهذه الطريقة عندما كنت طفلا ، وهذا لا شك مؤسفٌ…. للغاية .
لذلك قمنا نحن هنا بتدوين تلك القائمة عن المؤثرات السلبية مما سمعناه عندما كنا أطفالا ، لنرى كيف تنسجم تلك المؤثرات مع مفاهيمك الشخصية عما هو خطا فيك ؟
أهي تقريبا متشابهة ؟
أظن إنها كذلك .
إننا جميعاً عزيزي القارئ ، نكتب سيناريوهات حياتنا على أساس تلك الإشارات الصغيرة التي حصلنا عليها في المرحلة المبكرة من أعمارنا .
لقد كنا جميعاً أطفال لطفاء ، ولكي ما نكون حقا كذلك توجب علينا الاستماع لما كان يقوله الكبار من حولنا ، وحيث أننا أطفال مطيعين وما يقوله البالغون صحيح كل الصحة ولا يقبل التأويل ، فقد تمثلنا ما زقونا إياه زقاً من الفهم الناقص والساذج غالباً .
أعتقد أنه من السهل علينا وقد نمونا وكبرنا أن نشكو من قسوة آبائنا ونعيش ما تبقى من حياتنا بإحساس وسلوك الضحية الذي لا حول له ولا قوة ، لكن أتظنه ممتعٌ هكذا نمط من الحياة …؟
أتجدها تستحق أن تعاش مع دور الضحية وقفص السجان ؟
لا …لا أظن ذلك إننا لن نتحرر مطلقا من هذا القفص ، إذا لم نحرر أنفسنا من تلك المؤثرات العتيقة .

التذمر والشكوى من الأسرة
_________________

لو شاء الواحد منا حقا أن يحافظ على مشكلة ما حية فاعلة فما عليه إلا أن يستمر في التشكي والتذمر حتى يغدو التذمر عادةٍ لا فكاك منها .
إننا حين نعود أنفسنا على أن نلقي اللوم دوماً على الآخرين فإننا نعطي من عنديتنا القوة والسلطة للآخرين ، وما هم مستحقين لها أبداً ، بعكسه فالفهم والبصيرة يجعلانا متسامين على المشكلة ويمنحانا قوة السيطرة والتحكم في المستقبل .
نحن البشر ، أغلبنا ننسى للأسف أن الماضي لا يمكن أن يتغير الآن لأن صلاحيته نفذت ولا مجال لأحيائه أو إصلاحه أو ترميمه ، أما المستقبل فإنه يتشكل الآن في هذه اللحظة من عرق وجوهنا وألم أصابعنا وعصارة أذهاننا وتدفق عطائنا الروحي والمعرفي عامة ، المستقبل تشكله أولاً أفكارنا الآن في هذه اللحظة ، ومن المهم جداً في سبيل تشكيل المستقبل هو أن نتحرر من الماضي السلبي المقرف المفزع ، دون أن نرجم آبائنا أو أمهاتنا لا سمح الله ، بل أن ننظر لهم بحب ونقول لأنفسنا لقد فعلوا وقالوا أحسن ما لديهم بحكم حجم وعيهم وثقافتهم وخبراتهم وظروفهم التربوية هم ذواتهم ، وإننا لا ينبغي أن نلومهم وبذات الآن ينبغي أن نتحرر من الضار الفاسد مما وصلنا منهم دون سوء نية منهم …!!
بمثل هذا الموقف العادل من قبلنا ، سنتحرر من اللوم ولعب دور الضحية وربما الكراهية حتى لأبوينا ، وسنستعيد القوة والطاقة النفسية والشعورية التي فقدناها في إثناء لعبنا هذا الدور ، بما يكفل لنا حرية إعادة تشكيل حياتنا من جديد على أساس الأيمان بأن المسؤولية مسئوليتنا نحن وحدنا والإصلاح والتطوير مهمتنا نحن وحدنا وإنها لمسؤولية لا شك مشرفة .
إذا كنا دائما نحمل الآخرين مسؤولية أخطائنا فأننا نتحاشى أن نحمل أنفسنا أي مسؤولية وبالتالي سنعجز عن تحقيق أي تقدم جدي في الحياة ، ثم إن هؤلاء المساكين الذين نلقي باللوم عليهم لتلك الأفعال الرهيبة تجاهنا ، كانوا هم ذاتهم خائفون ومرعوبون مثلنا . لقد شعروا بذات العجز الذي شعرت به أنت . الشيء الوحيد الذي كان ممكنا لهم أن يعلموك إياه ، هو ذلك الشيء الذي تعلموه هم ذاتهم .
وإلا… كم تعرف أنت عن طفولة أبويك ، وبالذات عمر ما قبل العاشرة ؟
إني أتمنى والله لو أمكن لي الآن أن أتعرف على حياة أبوي ( ولكن هذا مستحيل لأنهما رحلا باكرا ) ، ويكفيني أني آمل وأتمنى منك قارئي العزيز ، أن تفعل ذلك ، لأنه مهم جداً في إعادة تقييم تصرفاتهم ، من خلال رؤية جديدة ستستولي عليك عقب الاستماع لهم ، وبالتالي سيكون من السهل عليك أن تفهم لماذا تصرفوا معك بهذا الشكل أو ذاك .
مثل هكذا فهم سيشحنك بالتعاطف ويجدد عطفك وحبك لهم وبذات الوقت ستتحرر من الخوف وانعدام الثقة بالذات ، أما إن كان ذلك مستحيل الآن بسبب الموت ، لأحدهم أو كليهما فإن بمقدورك أن تتصور كيف كانت أحوالهم آنئذ . تصور أي طفولة عاشوا وكيف لعبت هذه الطفولة الدور الذي لعبته في تشكيل مرحلة البلوغ والنضوج لديهم .
هذه المعرفة تحتاجها أنت بالذات ، من اجل حريتك الشخصية ، إذ بغير ذلك لا يمكن لك أن تحرر نفسك ، قبل إن تحرر أبويك من مسؤولية ضعفك وعجزك وترددك ، ولا يمكن لك أن تغفر لنفسك إن لم تغفر لأبويك أولاً .
من المنطقي لنا إذا ما أردنا من آبائنا ( أو أبنائنا ) أن يكونوا كاملين ، أن نطلب الكمال لأنفسنا نحن أولاً ، وحيث أنه لا نحن ولا هم قادرين على الوصول إلى الكمال ، فإذن من الجدير بنا أن نرحمهم ونرحم أنفسنا ونخلصها من قيود الأبوين التي لم يفرضوها علينا ، ولكننا نحن من تشبث بها بإصرار .


الإصغاء للآخرين
___________

نذكر لا شك نحن جميعاً إننا حين كنا أطفالاً كنا نعد الكبار من اخوتنا بمثابة آلهة بالنسبة لنا ، فعندما يكونوا غاضبين متذمرين ، ينعكس ذلك علينا في الحال ويكون في الغالب مؤثرا وفاعلا فينا ، جسديا أو لفظيا ، فمثلاً قولٌ من قبيل :
" سأخبر الآخرين انك أنت من ……." مثل هكذا قول سيوقظ لا شك شعورا بالذنب " أو " أنت مجرد طفل صغير انك لا تستطيع أن تفعل هذا …….." أو " انك غبي للغاية لدرجة انك لا يمكن أن تلعب معنا " .
هكذا أقوال تؤثر فينا بقوة ويستمر تأثيرها حتى مرحلة البلوغ .
كذلك المعلمون في المدرسة ، لهم كما نعرف تأثيرا كبيرا علينا ، وهذا مثالٌ عشته أنا شخصياً :
أذكر إن معلمتي في الصف الخامس الابتدائي قالت لي إنني طويلةٌ لدرجة إني لا يمكن أن أصير راقصة .
تصور … هي قالتها بلغةٍ ونبرةٍ تدلُ على قناعة حاسمة ، لدرجة إني آمنت بها في الحال وألغيت كل الخطط الطموحة التي كانت لدي بشان مستقبلي كراقصة ، وحين نجحت أخيرا في التحرر من هذا الحكم القاطع كان عمري قد تجاوز سن الامتهان للرقص .
حسناً …هل كنت تعرف عزيزي القارئ حين كنت صغيرا إن الغرض من الامتحانات والدرجات هو فقط للتعرف على مدى تمكنك من مادة دراسية معينة في فترة زمنية محددة ، أم انك كنت طفلا يعتبر الدرجات والامتحانات هدفا بحد ذاته ومقياسا للقيمة الشخصية ؟
كان أصدقائنا أيام الطفولة يضخون فينا معلوماتهم الخاطئة عن المدرسة والدرجات والمهن والحياة .
كانوا يسخرون منا في المدرسة ، وترك هذا جميعه جروحاً لا تندمل ، كذلك الجيران ، كان لهم أيضا دورهم ألتأثيري علينا ، ليس فقط من خلال ملاحظاتهم المباشرة بل ومن خلال تلك الاعتبارية التي نحيطهم بها من خلال السؤال " ماذا سيقول الجيران عنا ؟ " . تصور مليا أولئك الآخرين أيضا الذين لهم سلطة أدبية في طفولتك .
وأخيرا وليس أخرا هناك الإعلانات والدعاية التجارية التي تتضمن أقوال وعبارات مقنعة تؤثر فينا ، والكثير جدا من المنتجات تباع لأننا نتوهم النقص في القيمة إن لم نحصل عليها .
نحن جميعاً هنا في هذا المسعى المبارك ، نتعلم من بعضنا أنا منك ومن مرضاي ، وأنت وهم مني ، والهدف النهائي هو الوصول إلى مرافئ السعادة والقوة والجمال .
إننا هنا في هذا المشوار ، نسعى لاكتشاف الجانب الرباني فينا ، رغما عن كل ما قيل عنا أو قيل لنا . أنت لديك مفاهيمك السلبية وأنا لدي مثلها وان اختلفت ربما بالمنحى ، وكلينا يجب أن يتجاوز هذه القناعات السلبية .



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك
- هذا العابث القميء من يردعه ؟
- منهاج ال ( سيلفا ) للسيطرة على المخ - الجزئين الثالث والرابع
- قوانين النجاح الروحية السبع - قانون التباعد المحسوب عن الهدف
- متى تتحرر المرأة عندنا ...كشقيقتها الأوربية ...؟
- قوة بلا حدود -أستنساخ القدرات المتطورة لدى المتفوقين
- قوة بلا حدود -الفصل الأول
- من ليس لديه أزدواجية ولاء فليرمي الشيعة بألف حجر
- شهداء الكلدان ...شهداء العراق الأبرار ...!
- هذا الإعصار الذي كنّا بحاجة إليه
- القصة المحزنة لرجلٍ أطال إنتظار زوجته ...!
- قوة اللحظة الحاضرة -قراءة في كتاب في التنوير الذاتي
- لغة التعامل مع الطفل
- في اليوم الأول للمدرسة - قصة مترجمة
- قوانين النجاح الروحية السبع - القانون الخامس _ الرغبة والهدف
- العائد - قصة مترجمة
- الآيات الشيطانية -1-
- في بيتنا إيرانيون أكثر فارسية من أهل فارس
- إيرانيون أكثر من أحفاد كسرى
- تأثير الحب على العمر البيولوجي - ج2


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامل السعدون - بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك - الفصل الثاني & الفصل الثالث