أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامل السعدون - قوة بلا حدود -الفصل الأول















المزيد.....



قوة بلا حدود -الفصل الأول


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 921 - 2004 / 8 / 10 - 09:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قوة بلا حدود ……………….Unlimted Power
الجزء الأول
استنساخ القدرات المتطورة لدى المتفوقين
تأليف
آنتوني روبينس
ترجمة
كامل السعدون
ما هو النجاح …؟

أن تضحك غالباً …أن تضحك كثيراً…أن تفوز بصداقة الأذكياء واحترامهم لك
أن ترى في عيون الأطفال الإعجاب والتأثر بك ، أن تجد التقييم الصادق من الناقدين الشرفاء
، أن تنجو من نصائح أصدقاء السوء ، أن تجعل من هذا العالم ، قبل أن تفارقه ، أحسن قليلاً مما هو عليه
، من خلال طفلٍ صحيحٍ معافى وسليم العقل ، أو من خلال علاقة جميلة جعلت الحياة أسهل ولو لحبيبٍ أو صديقٍ واحدْ .
في قناعتي ، هذا هو النجاح .

رالف والدو أيمرسون
Ralph Waldo Emerson

الفصل الأول
" ما يملكه الملوك "
-1-

" ليس الهدف الأسمى في الحياة هو المعرفة ، بل الفعل…"
توماس هكسلي

سمعتُ عنه كثيراً ومنذ أشهر عديدة ، سمعتُ أنه شابٌ نابه ، ناجح ، محظوظ ، غني ومبدع .
أردتُ أن أراه ، أن أرى ذلك الذي قيل ، رؤية العين ، وكان لي ، رأيته …تابعته بعناية وهو يغادر أستوديو التلفاز ، ولاحقته لأسابيع عدة وبعينٍ فاحصةْ ، رأيته وهو يعطي آرائه وتوصياته واقتراحاته للناس ، أفراداً وجماعات ، في السياسة كما الاقتصاد كما الرياضة ، وفي كل هذا كان يتحدث عن تطوير الشخصية الفردية وإعادة برمجة المنظومة العصبية .
يتراوح مستوى زبائنه ، بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية نزولاً إلى الرياضي المبتدئ في الملاكمة أو الجولف .
رأيته يعقد المؤتمرات ويقيم الندوات ويحاضر في الجامعات ويفتتح الكورسات الدراسية الخاصة ، بل وفوق هذا رأيت كم هو سعيد في حياته الأسرية إذ كانت حوله دوماً زوجةٌ محبة ، تتبعه حيث يذهب ، وفي النهاية يرحلان إلى الفيلا الراقية التي يمتلكانها في ( سان دييغو ) على ضفاف المحيط الهادي …!
كيف يمكن أن يتسنى لكائنٍ من كان ، كل هذا النصيب من التوفيق والنجاح والسعادة والثراء وفي عمرٍ لا يتجاوز الخامسة والعشرين ؟
وفوق هذا ، لم يكن الفتى قد نال من التعليم نصيباً ذو قيمة ، فهو بالكاد أنهى الدراسة الثانوية ، وإلى ما قبل ثلاثة أعوام ، كان الفتى في غاية الفقر والإحباط واليأس ، وكان يعاني من السمنة المفرطة ، ولم يكن ممن يثيرون الانتباه أو يغرون بالاهتمام …!!
كيف تسنى لمثل هذا الشاب أن ينال هذا الذي ناله ، ويتحول هذا التحول المدهش في بحر ثلاثة أعوام ؟

ثم منْ هو هذا الفتى الغريب …؟
من…؟
ببساطة هو أنا …أنا هذا الشاب …!
لقد نجحت في تحويل اتجاهات حياتي بشكل دراماتيكي ، من العادية والفشل إلى قمة النجاح ، بفضل إعادتي لبرمجة عقلي ، بشكل جديدٍ كل الجدة ، وهذا ما أود أن تشاركني إياه عبر كتابي هذا …!


********

نحن البشر … نحن تلك المخلوقات العاقلة الذكية التي تمتلك جهازاً عصبياً غاية التطور والتعقيد والخطورة ، نحن … نختلف عن بعضنا في كل شيء ، في أحلامنا ، في قدراتنا ، في مواهبنا ، في رؤانا الخاصة عن أنفسنا ، أغراضنا الخاصة ، ولكل واحد منا طموحه الخاص في النجاح ، فما هو هذا النجاح الذي نتمناه جميعاً ونحلم به ونسعى إليه …؟
أهو كم نملك ؟ كم من الشهرة ننال ؟ كم من الفرص ، من العلاقات الجيدة المفيدة نملك ؟ أي منصب سياسي أو حكومي ننال …؟
هل النجاح ، هو وصولٌ إلى هدفٍ ما ، ونيله والاستمتاع به …؟
لا …ليس هذا هو النجاح الحقيقي .
ليس بالوصول إلى هدفٍ والاستقرار عنده حتى يفقد ألقه ويغدو مملاً ، بل النجاح هو الصيرورة الدائمة ، التطور الدائم ، التغيير ، التنوع ، الممارسة ، التجديد ، التجاوز الدائم للتحديات والحواجز والاستمتاع بالانتصارات التي تسجل في كل يوم مع كل تحدي يتم التغلب عليه .
النجاح الحق هو النمو في القدرات الشعورية ، في العواطف ، في الكفاءات الفسيولوجية ، التطور الروحي ، تنمية الذكاء ، تحسين الاقتصاد الشخصي باستمرار ، البحث عن فرص التطور ، القدرة على التواصل الاجتماعي وإشراك الآخرين في ما نفكر فيه وما نملكه وما نخطط له ، لأن السعادة الفردية والنجاح الحق لا يكتمل بغير نشره وسط الناس .
والطريق إلى النجاح ليس بالسالك دوماً والمعبد الناجز التعبيد ، بل هو دوماً بكراً وواعداً ورحباً للتعبيد والتطوير والإغناء المستمر ، وما تلك المبادئ التي أسوقها في كتابي هذا إلا بضع إشارات تدل على تعرجات الطريق واتجاهاته ، لك أن تعتمدها إن شئت ، فتصل إلى ما وصلت إليه ، ولك أن تبتدع أساليبك وتقنياتك الخاصة المناسبة أكثر لشخصيتك وتكوينك العقلي والفسيولوجي والاجتماعي .
الحقيقة أني ، كلما تذكرت حجم النجاح الذي أصبته ، شعرت بالرهبة والمسؤولية والسعادة بذات الوقت .
إنني ممتنٌ غاية الامتنان لكل من علمني كيف أصلح حالي ، كما وأني ممتنٌ لنفسي ، لمرونة فكري ورحابة صدري وقسوة ألمي وحرماني ، لأن جميع هؤلاء كانوا المعلمين الأمناء .
طبعاً لا أدعي أنني النموذج الأمثل للنجاح والتفوق فقد أصاب غيري من النجاح أكثر مما أصبت ، وخصوصاً وأن سبل النجاح في الغرب سالكةٌ وكم من الناس من وصل القمة بين ليلةٍ وضحاها .
إن ما يحصل اليوم في عالمنا ، لم يكن ممكناً حصوله ولا حتى في الأحلام في القرون التي سلفت …!!
خذ على سبيل المثال ( ستيف جونز ) . شابٌ صغير بسروالٍ من الجينز ، مفلسٌ لا يملك شروى نقير ، ومع ذلك تمخضت عبقريته عن اكتشاف الحاسوب الشخصي ، وما هي إلا أيامٌ أو أشهر وإذ بهذا الاكتشاف يتحول إلى كنزٍ من الثروة لا ينضب ، وتحول الفتى إلا ماردٍ صناعيٍ جبار ، يغرف ملايين الدولارات بلا حساب .
أو خذ ( تيد تورنر ) مكتشف التلفزيون السلكي ( Cable TV ) ، لقد خلف الرجل في فترةٍ قصيرة إمبراطورية جبارة ، من فكرة يمكن أن يكون قد فكرها في ذات الآن العشرات غيره .
بل وأنظر للمشتغلين في عالم الترفيه وصناعة الترفيه ، المخرج الرائع ( ستيفن سبيلبيرغ ) أو ( بروس سبيرغنيشتاين ) أو المئات بل الآلاف غيرهم في أمريكا والغرب عامة .
لقد نالوا الشهرة والنجاح في فترات قياسية .
ومن ينل النجاح ، ينال شيءٍ آخر أكبر وأسمى وأعظم من النجاح ذاته إلا وهو القوة …!
القوة هي الثمرة الشهية العذبة الساحرة التي لا بد للنجاح لكي ما يكون حقيقياً ، أن يتمخض عنها …!
أيُ قوةٍ نعني …؟
كلمة القوة …كلمة حساسة جداً ، مستفزّة ومرعبة وجميلة بنفس الوقت ، مستفزّة ومرعبة لأنها تستجلب تداعيات سلبية ، وجميلة حين لا تكون عدوانية وحين تفتح للآخرين أفاق المشاركة والاستمتاع …!
أنا لا أنظر للقوة على إنها الانتصار على الآخرين ، ليست تلك هي القوة الجميلة الحالمة التي تستحق أن تمتلك ، ولا هي تلك القوة الحقيقية التي يمكن أن تعمر طويلاً …!
القوة الحقة في قناعتي تعني الأتساع …الانتشار …سعة الخيارات ورحابتها وتنوعها وتعددها … القوة هي الحرية ، حرية أن تختار بدلاً من أن يُختار لك ما تأكل وما تشرب وأين تسكن ومن تحب وكيف تعيش …!
الحرية في أن تعيش تجاربك الشخصية بأقل قدر من الاضطرار ، الحرية في أن تنمو بشكلٍ طبيعي ، أن تنمي مواهبك ، قدراتك ، كفاءاتك بالشكل والسرعة التي ترجوها .
القوة هي القدرة على تغيير حياتك ، وإعادة تشكيل تصوراتك الشخصية بما يوسع من آفاق حريتك ويغني حياتك ، ومن ثم الزجّ بالأشياء والأحداث والناس وبشكلٍ لا إكراه فيه لخدمتك وخدمة أنفسهم من خلال التعاون والتعاطف معك .
ثم …أليس الفرق كبيراً بين أن تعيش تحت سقفٍ واطئ وضمن أربع جدرانٍ تزداد ضيقاً يوماً بعد يوم ، وبين أن تعيش في فضاءٍ فسيحٍ لا حدود له ؟
قطعاً خيار القوة هو الخيار الأفضل والأجمل .

*****

لقد أخذت فكرة القوة عبر العصور أشكالاً مختلفة وارتدت لبوساً تناسب كل عصر .
في العصور القديمة ، كانت القوة الجسدية ( الفسيولوجية ) هي العامل الحاسم في تحديد الزعامة الاجتماعية ، وكان المتميزون بقوة العضل والسرعة في العدو والمهارة في القتال ، هم من يسودون على شعوبهم أو قبائلهم ، ومن هؤلاء يتوج الملوك ، ولاحقاً صار التتويج وراثياً ، حتى لو لم يكن أبن القوي قوياً مثله .
ونال آخرون القوة من خلال ارتباطهم بأولئك الأقوياء وخدمتهم في بلاط أولئك الأقوياء ، وهكذا نشأت النخب السياسية والعسكرية القوية التي تحكم وتملك العبيد والجواري والأموال والأراضي .
في عصر الصناعة ، خسر الملوك أماكنهم الأثيرة لصالح أولئك الذين يملكون الرأسمال ، ونشأت طبقة الملوك الجدد ونشأت نخبٌ سياسية تعتمد على الملك الجديد ، صاحب الرأسمال .
أما عصرنا هذا ، فإنه عصر المعلوماتية ، عصر المعرفة ، عصر الإعلام ، وإذ هو كذلك فإن هناك من يغير حياتنا ويسود فينا من خلال الأفكار الجديدة التي قد تكون راقيةٍ عميقةٍ وذات قيمة خطيرة كنظرية الكم مثلاً ، أو التافه مثل آخر صيحات الأزياء أو صناعة الهامبورجر .
ما يميزُ عصرنا هذا ، هو هذا التدفق الخطير الجاري على مدار الساعة ، للمعلومات ، وما ينتج عنه من تغييرٍ سريعٍ في أنماط تدفق المعلومة وآليات تدفقها .
صناعة الخبر ، صناعة الفكرة ، صناعة المعلومة ، يمر إلينا عبر متغيرات لا تنتهي من الشرائح الكمبيوترية ، السماعات ، الميكرفونات ، البرامج ، التي تنقل لنا الجديد في ثورة المعلومات .
معلوماتٌ تُرى ، معلوماتٌ تسمعْ ، معلوماتٌ تُحسْ .
وبالتالي فملوك عصرنا الراهن هم منتجو المعلومة ، منتجو الخبر ، منتجو الفكرة .
هؤلاء هم من يملك ما كان ملوك العصور السابقة يملكون ، هؤلاء هم من يجلس على عروش ملوك العصور السالفة ، هؤلاء هم من يملكون مفاتيح القوة في عصرنا .
وكما قال ( جون كينيث كالبرايث ) :
" النقود وقود المجتمع الصناعي ، أما مجتمعنا فوقوده المعرفة "
وإذا كان من الصعب أن لم نقل من المستحيل على الرجل العادي أن يكون ملكاً إن لم يرث العرش من أبٍ أو عم ، وإذا كان من الصعب على من لا يملك رأسمالاً أن يتحول من فئة المسحوقين إلى فئة المالكين الميسورين ، فإن هذا الحال قد تغير الآن في عصر المعرفة ، لأن هذه المعرفة متاحةٍ للجميع ، وبعض المعارف يمكن أن ترفدك برزق يومك ، أما الأخرى ، الخاصة والمتميزة فإنها يمكن أن ترفدك بما هو أكبر وأسمى وأعظم من رزق يومك .
بلا …يمكن أن ترفدك بالقوة التي يمكن أن تغير قدرك بالكامل .
في الولايات المتحدة الأمريكية ، يمكنك أن تجد مثل هذه المعرفة في أي مكتبةٍ عامة ، أو في أي دورةٍ تدريسيةٍ خاصة تعلمك كيف تطور شخصيتك ، كيف تضع لنفسك أهدافا ، كيف تتعلم العلوم النافعة المناسبة للعصر .
أذهب إلى السوق ، تجد ما لا يعد من الكتب الحديثة التي تعلمك كيف تكون مليونيراً ، كيف تكون عبقرياً ، كيف تكون ناجحاً في السياسة أو الإدارة .
لماذا ينجح البعض ، ويفشل آخرون …؟
لماذا يصل البعض إلى القمة ولا يبارح آخرون السفح ..؟
الحقيقة …مع إن المعلوماتية والمعرفة هي سمة العصر ، فإن تلك المعرفة لا تكفي لوحدها للارتقاء …!
لو إن كل ما نحتاجه كان أفكاراً وأحلام واقتراحات ، لكنا منذ الطفولة قد غدونا في القمة ، لأن لا أكثر من الأطفال خصوبة في الخيال وإنتاجا للأفكار الغريبة الذكية .
هناك شيءٌ آخر حاسم في الوصول إلى النجاح …إنه العمل …الممارسة …التحرك الهادف …!
المعرفة وحدها ، ليس إلا قوة كامنة ، لا يمكن أن تتجسم وتتجسد شيئاً ملموساً مرئياً إلى عبر الفعل ، وهذا الفعل يبدأ بالذات ومن الذات ….من الداخل .
كل ما نفعله في الحياة ، كل تحركٍ نتحركه ، ينطلق أصلاً من الداخل من التفاعل مع الداخل ، من محاورة النفس ومشاورتها ، من تواصلنا مع ذواتنا ، والكيفية التي نتواصل بها مع تلكم الذوات هو ما يرسم ملامح سلوكنا وفعلنا وتواصلنا مع الخارج .
مستوى رقي حياة الواحد منّا ، حجم نجاحه والكيفية التي يعيش بها ، هو في واقع الحال ثمرة للكيفية التي يرى بها الواحد منّا ذاته ، كيف يحاورها ؟ ما حجم القيمة والاعتبار الذي يحمله لذاته ؟ بأي لغة وبأي نبرة يتحدث فيها المرء مع ذاته ؟
ما هي تصوراته عن ذاته وأي تصورات يحمل عن حياته وكيف يفهم الحياة ؟
وليس التواصل مع الذات عبر الكلام والمونولوج الداخلي الجاري في العقل ليل نهار ، لا بل وعبر لغة الجسد ، ملامح وجوهنا ، انبساط وانقباض عضلاتنا ، كيف نتصرف ، كيف نتحرك ، طريقة مشيتنا ، جلوسنا .
الناجحون هم من يرتدون ثوب التفاؤل ويسلكون مع أنفسهم ويتصرفون ويعتمدون لغة ونبرة وسلوكيات وحركات من هو مؤمن بذاته وواثقٌ من انتصاره ونجاحه .
ثم يأتي العمل في الخارج ، التواصل مع الخارج ، لأنك لا يمكن أن تنتج شيئاً في الخارج إن لم يكن لديك فعلٌ خارجي ، فمهما كنت متوازناً متماسكا متفائلاً مع نفسك ومهما كان سلوكك وتواصلك مع ذاتك سلميٌ حبيٌ متفائل فإنه وحده لا يمكن أن يثمر شيء بغير التواصل مع الخارج .
من المؤسف أننا نخدع أنفسنا كثيراً حين نحاول أن نبرر نجاحات الناجحين بأنها ثمرة مواهب خاصة أو قابليات معينة نفتقدها نحن ، لا …إنهم بالكاد يختلفون عنا كثيراً ، ولكنهم في الواقع يفعلون ما لا نفعل وهو العمل…الخروج إلى ساحة الفعل .
من منّا غير قادر على أن يفعل ، يخطو ، يتصرف ، يمارس بيده وعقله وملامح وجهه ، الممارسة السليمة التي يمكن أن توصل إلى نتيجة …؟
كلنا نملك ذلك ، كلنا نملك القدرة ، وكلنا يمكن أن ننجح لو تسنى لنا أن نطور هذه القدرة على الفعل .
لقد أمتلك الكثيرون ، ذات المعرفة التي أمتلكها ( تيد تورنر ) أو ( ستيف جونز ) ، ولكنهم لم يفعلوا ما فعله هذا أو ذاك في نقل الفكرة إلى الواقع العملي بإخراجها من الذهن إلى الخارج اعتمادا على الثقة العالية بالنفس وحسن التواصل مع الذات والإيمان بقدرات الذات والشغف الشديد بالخروج من قمقم الفقر والحرمان إلى فضاءات الحرية والسعادة .

******

حسناً …قلت سابقاً أن التواصل السليم مع الذات يفضي إلى تواصلٍ سليمٍ مع الخارج ، والتواصل مع الخارجي بالقول والفعل يؤدي إلى نتائج ، والنتائج التي نريدها هي طبعاً تلك التي تمنحنا ثماراً حلوةٍ شهيةٍ أي تمنحنا النجاح .
فكيف نتواصل مع أنفسنا ذلك التواصل السليم ؟
بأن نمتلك تصورات إيجابية سليمة ونافعة ، أن نختار للحديث مع أنفسنا العبارات الإيجابية التي تحفز على النجاح ، أن نمتلك إعلاماً ذاتياً داخلياً مشجعاً على التقدم والبناء والنصر .
وبذات الآن وانطلاقا من هذا التواصل السليم مع الذات ، ننطلق إلى الخارج ونتواصل مع الخارج تواصلاً إيجابياً سليماً ، عبر اللغة ونغمة الصوت ونبرته وتعابير الوجه الإيجابية الموحية بالثقة والشجاعة وحب الآخرين والرغبة بالتعاون والرغبة بالنجاح المشترك .
كل تواصل نحققه في الخارج ، يمثل عملاً مهماً على طريق النجاح في عصرنا هذا الذي صار الناس فيه معتمين في تقدمهم وإلى حدٍ كبير على بعضهم وعلى رقي العلاقات بينهم .
التواصلُ قوة العصر ، ومن يملك السيطرة على مفاتيح التواصل السليم مع نفسه ومع الآخرين ، يمكن له أن يغير فهمه ومعايشته وتقبله للعالم ، فيصيبه من هذا العالم فهماً ومعايشةٍ وتقبل وترحيب ، وبالتالي ينال من هذا العالم حصته الأوفر من النجاح .
لو تتابع أولئك الذين أثروا في الأجيال إن سلباً أو إيجاباً ، ك ( جون كندي ، الدالاي لاما ، غاندي ، نهرو ، لوثر كينغ ، مانديلا ، بل وهتلر وموسوليني ) ، لرأيت إنهم كانوا يحسنون التواصل مع الناس فأوصلوا رسائلهم التي كانت بناءة أو مدمرة .
لكن ..ربما يسألنا سائل ، وكيف لي بالتصرف مع هذا الذي يصيبني من الخارج من فشلٍ أو هزيمة ومن ثم انعكاساته الداخلية علي والمتمثلة بالاضطراب والشرود الذهني أو الضعف العام الذي يتمكن مني فأحير في التعامل معه …؟
هنا يكون الاختبار الحقيقي لأرادتك وإيمانك بنفسك وبالمستقبل ورغبتك الحقة الجادة في التغيير والتطور والنجاح .
إنك وحدك من يقرر كيف يتصرف وكيف يشعر وبدءاً كيف يفهم ويترجم انعكاسات الخارج على الداخل ، نحن وحدنا من يعطي المعنى لهذا الذي يحصل لنا ، فبإمكانك أن تفسر الحادث الذي يصيبك في الشارع كاصطدامك بعمود نور أو دهسك من قبل سيارةٍ طائشة ، على أنه ليس شراً مطلقاً ، بل هو تجربة مفيدة طالما أنك لم تمت ، أو بإمكانك أن تفسره على أنه كارثة حتى لو لم تصب بخدش بسيط من جرائه ، وبالتالي فإنك خلقت تصورا وترجمةٍ لحدثٍ ما ثم استنتجت فهماً وأعطيت شعوراً بالرعب أو الرضا لمثل هذا الحادث ، بحيث يمكن لمثله أن يعيش معك طوال حياتك على أنه تجربة مرعبة تترسخ في العقل الباطن وتجعلك ترهب كل سيارة أو أن تتحول ربما إلى هاوي سباق سيارات وتحوز على الجوائز السنية .
للأسف الشديد غالباً ما نسلم نحن قيادنا للطيار الأوتوماتيكي ، الأفعال الشرطية ورد الفعل العفوي ، دون أن نعنى بتمحيص الحدث واختيار ترجمة إيجابية يمكن أن تحيل حياتنا إلى نجاحٍ متواصل .
يجب أن يعود مقودنا لأيدينا ونتحرر من ردود الأفعال العفوية أو الانعكاسية أو القائمة على العادة أو على التجارب السابقة دون تمحص .
يجب أن نحرر إرادتنا الطيبة وروحنا المؤمنة بالتقدم والنجاح ، من خلال إعادة برمجة فهمنا للحياة وأحداثها ومجرياتها والشخوص الذين نتعامل معهم ونعيش بينهم ، لكي ما يمكن لنا لاحقاً أن نعيش حياة مفعمة بالتقدم والنجاح والنمو الحقيقي في كل المجالات .
هدف هذا الكتاب هو أن نتغير ، نغير عقولنا ، نعيد برمجتها لكي نحقق نتائج ، أو ليست النتائج هي ما نريد …؟
أو ليست النتائج تعني ، صحة أفضل ، عمر أطول ، سعادة أكبر ، مال أكثر ، شهادة أرقى ، مركز قيادي …؟
لكن قبل أن يكون بمقدورك أن تحقق نتائج ، عليك أن تعي ما سلف أن حققت من نتائج ، أن تنظر بإيجابية وتفاؤل وثقة لذاتك ، أن تقول وتؤمن وتوحي لنفسك بأنك ناجح أصلاً وإن مجرد استعدادك لقراءة هذا الكتاب واهتمامك بتطوير شخصيتك هو ذاته نجاح وذاته نتيجة قابلة للتطور .
هذا الموقف السيكولوجي الإيجابي من الذات ، موقف الاحترام والاعتبار السالف لذاتك ، مهمٌ جداً في تحقيق التقدم ، وإلا فالبديل عن التفاؤل والثقة بالذات والإيمان والمتابعة والتقييم لكل تطورٍ يحصل ، البديل عنه هو التشاؤم والقنوط واليأس ، وحيث يحل التشاؤم ، يغدو من المستحيل تحقيق أي تقدم .
الكثيرون للأسف يتوهمون أن من غير الممكن السيطرة ذاتياً على العقل وبالتالي تشغيله بالشكل الذي نريد والزج به بمنتهى الكفاءة في معركة التطوير الشخصي ، هذا خطأ كبير وشائع جداً ، بل بمقدورنا السيطرة على عقولنا وتوجيهها حيث نريد .
إذا كنت في لحظةٍ ما كئيباً ، فإنك أنت من أختار أن يكون كئيباً ، وبعكسه إذا كنت في حالة حماسٍ وتدفق ، فهذا خيارك أنت لا غيرك وليس بحكم الظروف .
لهذا قلنا من الضروري أن تؤمن بأنك ناجح قبل أن تشرع في بناء قلعة نجاحك المأمول .
حسنا …كيف خلقت لنفسك الكآبة وتوهمتها آتية من الخارج ؟
ببساطة في لحظةٍ ما امتلكت فهماً خاطئاً لفعلٍ ما حصل في الخارج أو لصورة قديمة استذكرتها أو لمقارنة ظالمة قمت بها بين حالك وحال غيرك ، وأوحيت لنفسك أنك فاشل أو كئيب وأن الحياة لا معنى لها وأنك لا تستحق أن تكون سعياً وأن الناس لا تحبك و…و…و…الخ .
ثم سمحت لهذه الترجمة الخاطئة أن تتلبسك ، ولعبت الدور بعناية ، تركت لذراعيك أن يهبطا بيأس إلى الجنبين ، شددت أعصابك ، عكرت صفحة وجهك ، تركت للغتك أن تبدو مضطربة ، أجزت لنغمة صوتك أن تبدو هابطة حزينة ، بل وربما خلقت اضطرابا في كيما-بيولوجيا جسمك عبر احتساء كمٍ كبيرٍ من الكحول أدى بدوره إلى هبوط السكر في الدم ، وبالنتيجة انخفضت طاقتك ومعنوياتك واستولت عليك الكآبة .
إذن فأنت اجتهدت لخلق الكآبة ، وليس غيرك من سببها لك .
هناك للأسف الكثير من الناس من يعيشون كالطفيليات على استثمار عواطف الآخرين عبر تمثيل أدوار الكآبة والحزن واليأس للفت انتباه الآخرين واكتساب تعاطفهم .
بل وهناك من لا يجد أمانه وتوازنه الداخلي إلا من خلال الشعور بالحيف والكآبة والحزن والألم ، ومثل هؤلاء لا يمكن أن نتوقع لهم أو منهم أن ينجحوا في الحياة .
الحقيقة أن الخارج هو انعكاس للداخل وليس العكس ، فإذا كنت كئيباً في داخلي فإن كل ما في الخارج سيبدو كئيباً …!
بإمكانك أن تغدو حيوياً متحمساً متدفقاً بمشاعر القوة والثقة والأمل ، من خلال أن تتخذ لنفسك بالإيحاء أو بالتصرف ولغة الجسد ، وجهة نظرٍ حماسية تخلق لاحقاً شعوراً بالحماس أو بإمكانك أن توحي لنفسك بالسعادة أو الشجاعة أو الرقة أو الحنان ، لتجد نفسك لاحقاً وقد تلبسك هذا الشعور الذي أوحيت لنفسك به .
ولنتذكر قول شاعر الإنجليز الرائع شكسبير:
" الشجاعة هي الإحساس بالشجاعة "
وذات الأمر مع كل المشاعر الأخرى …!

*****

من المفيد أن نقارن عملية خلق المتغيرات الشعورية من خلال قيادة الحوار الداخلي وعمليات التصور الداخلية بما يفعله المخرج السينمائي أو التلفازي حيث يتلاعب بالمشهد التمثيلي بخلق متغيرات صوتيه وصورية تحقق عند المشاهد التأثير الذي يريده هذا المخرج ليضمن وصول رسالة المشهد وبالتالي نجاح هذا المشهد أو تلك اللقطة ، فإذا أراد أن يخيفنا أو يبهرنا رفع الصوت وملأ الشاشة بأكملها بمؤثرات صورية خاصة في لحظة تصاعد الحدث الدرامي ، أما إن شاء إضحاكنا أو إمتاعنا حسب أو تحقيق استثارات أخرى خاصة فإنه يضع المؤثرات الصوتية والصورية والإضاءة و…و…و… بما يناسب الرسالة المراد توصيلها لنا .
وفي أحايين كثيرة من الممكن أن يكون ذات الشخوص وذات الموضوع وذات المشهد ، ولكن برسالة أخرى مغايرة ، فمن التراجيديا إلى الكوميديا وبالعكس ، هنا تجد المخرج يتلاعب بالمؤثرات الصوتية والصورية والديكور وحركة الممثل وملامح وجهه ولغة جسمه ، بحيث يعكس الرسالة الجديدة المغايرة للأولى .
ماذا لو إننا فعلنا الأمر ذاته فنلعب دور المخرج المبدع ونغير المشهد الداخلي في شاشة العقل ونملأه بهذا الذي ينفعنا ويطور شخصياتنا ويدفع مسيرتنا قدماً على طريق النجاح والتفوق .
بإمكانك أن ترفع الصوت في حوارك الداخلي مع نفسك أو تخفضه ، بإمكانك أن تغير نبرة الصوت ونغمته ، فتجعلها هادئةٍ واثقةٍ دافئة وتدل على السعادة عوضاً عن الحزن أو الكآبة ، بإمكانك أن تكبر الصورة وبالذات تلك المتفائلة الجميلة الموحية بالنجاح والسعادة وتضيئها ، وبذات الآن تصغر وتعتم الصورة الكريهة المتشائمة التي لا توحي بالإيجاب ولا تدفع للتقدم .
بل وبإمكانك أن تمنح الصورة الجميلة لوناً جميلاً في الذاكرة وتضفي عليها حرارةٍ وحيويةٍ ودفئاً فتغدو مشعة في داخلك وتسهم في تغيير مشاعرك من السلب إلى الإيجاب .
ربما بتوهم الواحد منا أن هذا غير صحيح وغير معقول ، ولكن الواقع يقول العكس ، والبحوث العلمية وممارسات الحكومات وأجهزة المخابرات بل وشركات الدعاية والإعلان وصناعة السينما ، كلها تقول إن هذا صحيح ، فحيث أن الآخر قادر على أن يؤثر عليك ويغير مزاجك ومشاعرك بمثل هكذا مؤثرات ، فكيف لا تستطيع أنت أن تفعل ذلك مع نفسك …!

******

" إن كل جهدٍ منضبط ومكثف ، يعطي مكافأة مضاعفة "
جيم رون
Jim Rohn
_____________________________

أولئك الذين طوروا قدرات خاصة ، أتبعوا طريقاً واضحاً محدداً نحو النجاح ، وإذ نقول واضح فنعني أن هناك علاماتٌ دالة على الطريق أختبرها هؤلاء الناجحون واعتمدوها وقد تسنى لي أن أعتمدها ، لا بل وأضعها في قوالب نظرية يسيرة التناول .
الخطوة الأولى في الطريق إلى النجاح هي أن تعرف النتيجة سلفاً من خلال معرفتك لما تريده بالضبط ، فكلما كان الذي تريده واضحاً أمكن لك أن تعرف إلى أين يوصلك هذا الذي تريد بل وتتخيله بعناية ووضوح ، أما الخطوة الثانية فهي أن تعمل ، تتحرك ، تخطو … وإلا فإن الرغبات لن تخرج من ظلمة الحلم إلى فضاء النور والتحقق .
وإذ نقول تعمل فإننا لا نعني هنا أن تخرج شاهراً سيفك أو هادراً طاقاتك في جري بلا هدف ، لا وإنما نقصد أن تنتخب السلوكيات والعلاقات وتضع الخطط والبرامج والإجراءات التي تجدها الأنسب والأقدر على تحقيق أهدافك .
حسناً … حين تكون لدينا رؤية سليمة وواضحة للهدف ثم نضع الخطط والبرامج ونشرع بالعمل ، هنا قد نفاجئ بأن عملنا هذا لا يقربنا من الهدف أو ربما يشتت جهدنا ويظللنا ، هنا نستطيع وعلى ضوء وضوح الهدف أن نغير اتجاهنا أو وسائلنا المعتمدة ، وهذا يتطلب منّا حواساً نشطة وحادة للغاية بحيث تستطيع أن تتعرف على تعرجات الطريق وأنحناءاته حتى قبل الوصول إليها ، وبالتالي نغير الاتجاه أو نستبدل الأدوات ، وإذن فالخطوة الثالثة هي حواسٌ مرهفة ، أما الأمر الرابع فهو المرونة والمرونة تعني أن تطور في نفسك القدرة على التعامل بمرونة في أثناء مسيرك نحو الهدف ، بحيث يمكنك أن تغير الاتجاه أو تغير سلوكك دون أن تضحي بالهدف .
لو إنك تراقب الناس الذين نجحوا ، لوجدت أنهم اعتمدوا هذه الوصفة الرباعية وبقوة ، معرفة الهدف ، التخطيط والبرمجة والعمل ، الحواس المرهفة وأخيراً المرونة .

*****

لنأخذ على سبيل المثال " ستيفن سبايلبيرغ " ، المخرج السينمائي الذي وصل القمة في صناعة السينما وهو بالكاد يصل السادسة والثلاثين من عمره .
في عام 1986 كان الرجل يستند في تاريخه السينما على أربعةٍ من أكثر الأفلام إيراداتً في تاريخ السينما آنذاك .
كيف تسنى له أن ينال كل هذا النجاح في هذا العمر المبكر ؟
حين كان الفتى في سن الثانية عشرة ، عرف أنه يحب السينما ومنذ ذلك الحين وضع لنفسه هدفاً .
في سن السابعة عشرة دخل الأستوديو في جولةٍ عادية مثل الكثير من السواح والشباب الفضولي ، ولكنه كان أكثر من فضوليٌ عادي ، لقد تسلل إلى داخل الكواليس ووصل الأماكن التي لم يكن مسموحاً للزوار الوصول لها ، ودنى من العاملين وأظهر الاهتمام وبدأ يثرثر مع أحد مساعدي المخرج عن أحلامه واهتماماته واقتراحاته ، فلفت له الأنظار رغم صغر سنّه .
هل انتهت القصة عند هذا الحد ، قطعاً لا فالرجل ( سبيلبيرج ) يعرف ما يريد ، ولديه إستراتيجياته الخاصة وخططه ولديه قوته الشخصية وقد أفاده اللقاء الأول مع أحد العاملين في الأستوديو ، أفاده كثيراً في إجراء التعديلات المناسبة على سلوكه ومظهره ، لكي ما يكون مقنعا حقاً كفتى نابهٍ وذو اهتمام جديٍ بالفن .
في اليوم التالي استعار بذلة مناسبة من أحد أصدقائه ، أقترض حقيبة أبيه ، ولم يكن لديه ما يضعه فيها غير بضع سندويجات وقطعتا شوكولاته ، وتوجه بخطى واثقة صوب الأستوديو ، دخل بمنتهى الثقة وكأنه يدخل باب بيته ، وفعل هذا طوال الأشهر التالية من تلك السنة ، يدخل بهمة ، يجلس ، يراقب ، يتعلم ، ينمي قدراته وكفاءاته .
قابل الكثير من المخرجين والعاملين في الإنارة والصوت والمكياج وغيره ، أستمع إلى أحاديثهم وأختزن خبراتهم ، ولم يطل به الزمن وإذ به يدخل الأستوديو لا كمتفرج ولكن كعضو في أسرة الإنتاج السينمائي ، وبعد بضع سنين جاءت الفرصة ونال أول عقد عمل كمخرج ولمدة سبعة أعوام .
هل أستخدم ( سبيلبيرغ ) تلك المباديء الأربع التي أشرنا لها سابقاً ( معرفة الهدف والعمل والحواس النشطة والمرونة ) ؟
بلا لقد فعل ، كان لديه المعرفة الخاصة المتميزة العميقة بالسينما سلفاً وبالتالي كان يعرف ما يريد ، ثم شرع بالفعل والحركة منذ اللحظة التي وجد نفسه فيها في الأستوديو ، لم يقل لا مكاني ليس هنا ، أو أنا لا أصلح للعمل السينمائي أو أنا لا أملك رأسمال أو أنا لا زلت صغيراً ، مطلقاً لم يقل شيء من هذا ، بل قال لنفسه أنا أحب السينما وأنا لدي معرفة جيدة تؤهلني للمباشرة بالاحتكاك بعالم السينما ، ثم كان يقظاً منتبهاً غاية الانتباه وهو يخطو جهة الهدف ، كان متابعاً واعياً لتحركاته وللنتائج التي يحققها وهل هي تدفعه صوب الهدف الأساسي أم إنها تبعده عنه ، ثم كان ( سبيلبيرغ ) مرناً ولم يتشبث برأيٍ واحد أو سلوكٍ واحد بل كان على الدوام يقيس المسافة بين إستراتيجيته وتكتيكاته وأهدافه ، فما يراه غير مجدي ولا يوصل إلى الهدف ، كان يتخلى عنه ويعتمد أسلوباً آخر غيره .
الحقيقة أن كل الناجحين يتميزون بالمرونة والانسيابية واليقظة الموجهة لمتابعة مسيرتهم وتعديلها وتقييمها باستمرار على ضوء ما يتحقق من أهداف .
طيب …ولنأخذ السيدة ( بارباره بليك ) ، كانت في البدء معيدةٍ في كلية الحقوق في جامعة كولومبيا ، كانت تحلم في أن تغدو يوماً عميدة الكلية ، وظل هذا الحلم ملازما لها ، ولكنها فجأة ونتيجة وقوعها في الحب ، فضلت البيت والأسرة على طموحها العلمي …!
ومرّت السنين .
ومجدداً … بعد تسعة أعوام استيقظت في تلك السيدة رغبتها القديمة في أن تكون يوماً عميدة كلية الحقوق ، فكرت مع نفسها ..لا زال الوقت باكراً ولا زال الحلم حياً ما المانع …!
طيب والأسرة ، والأبناء …؟
لا بأس وليكن ، بمقدوري أن أجمع الاثنين معاً طالما أؤمن بكليهما بذات الوقت ، وعادت إلى الكلية ، درست من جديد لتنشيط معلوماتها ، أخذت دروس خاصة ودورات خاصة وعلى حسابها الشخصي ، طورت إمكاناتها ثم تقدمت للكلية بطلب العودة إلى العمل ، حين تعرضت للفحص المهني المطلوب ، وجدوها لا تقل كفاءةٍ عن أي منهم ، ونالت الوظيفة التي طالما حلمت بها .
حسناً …لا شك إن أي واحد منّا تذوق دجاج ( الكنتاكي ) ، ربما تندهش وتسأل وما علاقة ( الكنتاكي) بموضوعنا هذا…؟
لا …هناك علاقة …بل علاقة حميمة ليس بين هذا الكتاب والدجاج وإنما بيننا وبين الرجل الذي أكتشف وصفة ( الكنتاكي ) …!!!
فمن هو هذا الرجل ..؟
من هو هذا الذي صنع إمبراطورية ( الكنتاكي …( ؟
إنه ( وبيرست سانديرز ) … رجلٌ متقاعدٌ من العمل ، فقيراً إلى حدٍ ما وفي سنٍ متقدمة نسبياً ، ولا يمتلك إلا وصفة لشواء الدجاج …!
، قبل أن يكتشف تلك الوصفة ، كان يملك مطعماً صغيراً وحين أفلس مطعمه ، بدأ الرجل يعيش على المعونة الحكومية للمفلسين من أمثاله ، حين قبض راتب المعونة الأول ووجد أنه بالكاد يكفي لطعامه وسكنه ، فكر في أن يحسن رزقه بالعمل الإضافي وذلك ببيع وصفته على المطاعم مقابل حصة من الأرباح .
وشرع بالتجوال ليل نهار على المطاعم صغيرها وكبيرها ، نام في السيارة ، غاب عن البيت يوم ويومين وثلاث ، جرّب خططاً عديدة وغير من أساليبه مرات ومرات ، وتجاوز عدد المطاعم التي زارها عارضاً وصفته قرابة الألف وتسعة مطاعم ، وكلها رفضت الفكرة …!
فجأة جاءت الفرصة الوحيدة التي أنتظرها ، وسمع لأول مرة من مدير أحد المطاعم كلمة " نعم …أنا آخذ وصفتك وسنرى …!! " .
كم واحد منا لديه وصفة ما أو فكرة ما يمكن أن تنقله للنجاح والشهرة والثراء …!
قطعاً الكثيرون …!
وكم منّا من كان لديه هذا الإصرار والعناد والثقة والإشعاع الذي كان يشع من عيني الرجل السمين القصير البائس الذي أسمه ( سانديرز ) …؟
هذا الرجل … تميز بما يفتقده الكثيرون ، تميز بالحسم والإصرار ، تميز بالمرونة وتقبل الهزيمة وإعادة رسم الخطط مرات ومرات حتى وصل إلى النجاح ، تميز بالأيمان بما يريد والثقة بتحقيق هذا الذي أراده مهما طال الزمن وتكررت الأخفاقات …!
إن كل ما يسعى له هذا الكتاب هو بشكل أو بآخر تنشيط المخ وتغذيته بتلك الإشارات الفعالة القادرة على منحك القوة في الأداء والعمل .
لقد مشى الناس على الجمر لآلاف السنين وبألف طريقة وطريقة ولألف سببٍ وسبب ، وأنا أفعل هذا مع الناس في الدورات الدراسية التي أفتتحها إذ أن أول اختبار أعرض له طلابي هو أن يمشون حفاةٌ على الجمر ، ليس لأسبابٍ دينية أو غيرها ، ولكن لأثبت لهم أو بالأحرى ليثبتوا هم لأنفسهم أن لا شيء مستحيل وأنهم قادرون على تحقيق أي هدف ومهما كانوا يظنونه مستحيل .
إنني أستحث تلاميذي ، هؤلاء البالغون الذين يأتون لي ليتعلموا كيف يحسنوا أدائهم الحياتي وينالوا النجاح ، أستحثهم على أن يؤمنوا ، وأن يعيشوا الإيمان عملياً .
إن قدرتك على المشي على الجمر أو عدمه ، يعتمد على الطريقة التي تتواصل فيها أو تتحاور مع نفسك ، الطريقة التي توصلك إلى التخلص من برمجتك الذهنية السابقة التي تقول لك غالباً أنت لا تستطيع …أنت لا تقدر …!
الإنسان قادرٌ على أن يفعل كل شيء شريطة أن يتمكن من تحرير طاقاته الداخلية التي تعزز إيمانه بالقدرة على فعل كل شيء ، إنها الطاقات والقوى الروحية التي تجهز الإيمان بالوقود الذي يحتاجه ليتوهج وينير ويدفئ ويفعل المستحيلات .
هناك سبعة ميزات أساسية يمتلكها أولئك الذين يرومون النجاح أو تقف خلف نجاحهم :
الملمح الأول : الشغف أو الهوى :

كل هؤلاء الذين استعرضناهم لحد آن في هذا الفصل من الكتاب ، تميزوا بأنهم اكتشفوا سبباً راسخاً في نفوسهم يستحثهم للإبداع والإصرار والتحدي وبالتالي النجاح ، سبب يمدهم بالطاقة التي لا تستنفذ للاستمرار والعمل والصبر والتفوق وتجاوز الذات والقفز على الحدود والتسامي إلى قمم المجد ، إنه الشغف الشديد بهذا الذي يرومون التفوق فيه …!
وإلا ما الذي يدفع بعض الناس للسهر إلى ساعة متأخرة في العمل الفني أو الفكري أو حتى العمل في المطبخ لدى البعض ، ثم تجدهم ينهضون باكراً في الصباح لمتابعة المشوار .
الهوى أو الميل أو سمه الشغف هو ما يعطي للحب هذه النكهة المتميزة الخاصة النقية ، الهوى هو ما يعطي للحياة هذا الجمال الذي تراه فيها . كل ما في الحياة من أشياء عظيمة ، الاختراعات الجبارة التي غيرت وجه الحضارة ، المنجزات الفنية والأدبية الرائعة ، جميع هذا ما كان ممكن أن يتحقق وتنعم به البشرية لولا رغباتٌ قويةٌ تستمد رحيقها من الشغف الداخلي العميق الذي يتجاوز أحياناً حدود المنطق العقلي .

الملمح الثاني ( الإيمان ) :

كل الكتب الدينية في كل أنحاء العالم وبمختلف اللغات ، تتحدث عن قوة الإيمان ، وتأثيره في البشر .
ما يميز أولئك الناجحون ، في مختلف أنشطة الحياة ، هو أنهم يمتلكون إيماناً قوياً بشخصياتهم ، هواياتهم ، كينونتهم ، قدراتهم و…بهذا الذي يطمحون للوصول إلية .
لو إننا آمنا بالسحر ، لرأينا السحر في كل مكان ، ولو إننا آمنا بأن الحياة ضيقة ودروبها وعرة وآفاقها غير رحبة ، لوجدناها كذلك ولما نلنا منها شيء ، لأن الحياة لا تعطيك إلا بقدر ما تريد منها ، وما تريده من الحياة هو ما تؤمن سلفاً بأن بمقدور هذه الحياة أن تهبه .
في كتابنا هذا ، نمنحك أساليب علمية خاصة لتغيير منظومتك الإيمانية بحيث يتسنى لك أن تحقق تلك الأهداف والرغبات السامية .
الحقيقة أن هناك الكثير من الناس لديهم شغفٌ وهوى بشيء ما ، هواية ، رغبة ، طموح معين ، ولكنهم يمتلكون بذات الآن تصورات ضيقة جداً عن كينونتهم ، من هم وماذا يريدون ، قدراتهم وكفاءاتهم ، وبالتالي فهم لا يفعلون شيء لتحقيق هذا الشغف الذي لديهم وتحويله إلى واقع عبر العمل الجاد البناء المبرمج .
الناجحون من الناس ، يعرفون من هم وماذا يريدون ، وكيف يصلون ، إنهم يملكون الإيمان القوي بقدرتهم على تحقيق ما يريدون .
الشغف مع الإيمان يمكنهما أن يساعدانا في توفير وقود التقدم نحو الهدف ، ولكن الوقود ليس كافي ، لأنك لا يمكن أن تملأ صاروخا بالوقود فقط وتتوقع منه أن يصل إلى السماء ويستقر في مدارٍ ما ويؤدي وظيفةٍ معينة .
مضافاً إلى القوة ، وقود الحركة ، طاقتها نحتاج نحن إلى طريق ، ومحطات استراحة على الطريق ، إنها …الإستراتيجية …!

الملمح الثالث : الإستراتيجية :

الإستراتيجية هي طريقة لتنظيم الموارد والإمكانات المتاحة وبرمجة الحركة نحو الهدف بالشكل المناسب الذي يمكن أن يوصل لهذا الهدف بأقل قدرٍ من المعوقات والمتاعب والخسائر ، ولو أخذنا ( ستيفن سبيلبيرج ) نموذجاً لرأينا أنه ومنذ لحظة أن قرر أن يكون صانع أفلام متميز ، نلحظ أنه رسم لنفسه خطاً يوصل بين لحظة الحلم ولحظة الوصول ، ثم رصد إمكاناته المتاحة وسجل نقاط ضعفه وما ينقصه من إمكانات ومن معرفة ، ثم زجّ بنفسه في مهمة إكمال نواقصه المعرفية بتعلم ما يحتاجه حقاً .
وبدءاً كان لدى الرجل شغفاً دافقاً بالسينما ، وكان لديه إيمان شديد بنفسه وبإمكاناته ، قبل أن يضع إستراتيجيته …!!
إن كل الأفراد والمؤسسات والحكومات تعتمد الإستراتيجية والتخطيط الذكي المنسجم للوصول إلى الأهداف ، فأنت يمكن أن تملك شغفاً وإيماناً وتفتقد الإستراتيجية السليمة الصحيحة العقلانية ، وبالتالي لا يمكنك أن تصل إلى شيء مطلقاً .
إن كل المتميزين من ساسة وفنانين ورجال أعمال يعرفون أن الإمكانات المادية والمعنوية ( الإيمان والشغف ) لا تكفي للوصول إلى الأهداف ، إن لم توضع تلك الإمكانات في إستراتيجية سليمة .
بمقدورك أن تفتح الباب بأن ترفسه بقوة فتحطمه ، لكن أهذا هو الحل السليم للتقدم والنجاح …؟
قطعاً لا … بل من الأجدى أن تبحث عن المفتاح ، فلا تحطم الباب ولا تكسر ساقك ….!

الملمح الرابع : المنظومة القيمية :

ما الذي جعل أمريكا على ما هي عليه الآن من عظمةٍ في الفكر والعلم والتقدم والحرية والديموقراطية والتأثير الدولي الحاسم …؟
أهي ثروات أمريكا الاقتصادية ، الذهب والبترول والنحاس والزراعة و…و…و…الخ .
لا … فكثير من البلدان لديها أكثرُ مما لدى أمريكا ربما قياساً إلى عدد السكان ، فما هو إذن ..؟
إنه القيم الأمريكية ، الحلم الأمريكي ، الثقة بالنفس وبالوطن ، الوطنية الأمريكية ، حب الحرية ، حس التسامح ، جميع هذه قيم أخلاقية أساسية ، قيم عملية ، واقعية ، إنسانية تضع الأهم قبل المهم ، وتقدم النافع المفيد الدافع للتطور والتفوق والنبوغ ، قبل الهامشي الانعزالي الفردي المثالي .
القيم …نظمٌ إيمانية خاصة ومتميزة تعنى بما هو صحيحٌ وما هو خاطئ ، ما هو نافعٌ وما هو ضارْ ، ما يجعل الحياة ذات معنى وقيمة ، وما لا يغني ولا يطور ولا يؤسس لمعنى سامي للحياة ، إنها المعايير للصحة كما الخطأ .
الكثير من الناس وللأسف لا يملكون صورة واضحة عن ما هو مهم وما هو غير مهم بالنسبة لهم ، وبالتالي فأنت تراهم يتخذون قرارات أو يقتنون أشياء أو يمارسون ممارسات تبدو ساعتها مهمةٍ لهم ، ولكنهم بعد حين يودون لو يتخلون منها ، وقد لا يكون ذلك يسيراً عليهم .
لو أنك تتابع بعينٍ فاحصةٍ أولئك الناجحين في الحياة ، للحظت إن لديهم حسٌ ذكيٌ للغاية لما هو مهم بالنسبة لهم وما هو غير مهم ، وبالتالي فهم لا يتخذون القرارات الخاطئة ولا يهدرون منابع ثروتهم الروحية والمادية عبثاً .
أنظر إلى ( جون كندي ) مثلاً أو ( مارتن لوثر كينغ ) أو غيرهم كثيرون ، تلاحظ أنهم ومع الاختلاف الكبير في الرؤى لما يجب أن تكون عليه الحياة والعلاقات بين الناس ، رغم هذا فقد كانت لكل واحدٍ منهم منظومة قيمية ، تعكس هويتهم الأخلاقية والإنسانية وأولوياتهم في الفكر والعمل .
إن فهم القيم والتمسك بها هو أبرز مفاتيح التقدم نحو الهدف .
لو تنظر لمجموعة الملامح البارزة لفكر وسلوك الناس الناجحين التي ذكرناها بإيجاز في هذا الفصل ، لرأيت أنها تبنى على بعضها البعض وتتداخل بقوة مع بعضها البعض ، لتشكل نسيجاً متكاملاً ، الشغف يبنى على الإيمان ، فكلما آمنا بقدرتنا على شيء ما كلما أزداد شغفنا بهذا الشيء وبالعكس ، ثم تجد الإيمان والشغف لا يكفيان بغير الإستراتيجية ، فلو إنك آمنت بأن الشمس تشرق من الشرق وكنت ولوعاً وبقوة بأن تعيش لحظة الشروق ، فإنك لا يمكن أن تتوجه صوب الغرب وتنتظر أن ترى الشروق من هذا الاتجاه ، إذن فأنت تحتاج للإستراتيجية ومعرفة الطريق .
طيب …وهل تتأثر الإستراتيجية بالقيم الأخلاقية والمعايير ..؟
طبعاً ، فأنت لا يمكن أن تعمل وتخطط وتنجح في شيء لا يتناسب مع تصوراتك القيمية ومشاعرك ومنظومتك الأخلاقية ، قد تنجح فعلاً ولكن إلى حين ، وسيصيبك الألم والندم لاحقا لأنك خالفت ضميرك وفعلت شيئاً لم يكن منسجما مع قيمك .
بذات الوقت فإن هذا الرباعي من الميزات المطلوبة للنجاح ، يرتبط بالعامل الخامس التالي :

الملمح الخامس : الطاقة :

هذا الديناميك ، هذه الحيوية الفسيولوجية ، هذا التدفق من القوة والحركة والفعالية ، إنه من مستلزمات النجاح والتقدم والتفوق ، ولا يمكن الوصول لشيءٍ دونها .
يمكن أن يملك المر شغفاً ، يمكن أن يكون مؤمنا بنفسه وبأهدافه وقدراته ، يمكن أن يضع إستراتيجية ، ويمكن أن يكون ذو قيمٍ واضحة صريحة ، ولكنه يفتقد إلى الطاقة للفعل ، يفتقد إلى الحيوية الفسيولوجية ، بالنتيجة تجد مثل هذا لا يفعل شيء ولا يصل لشيء .
النجاح الحقيقي لا يمكن أن يتحقق بغير تلك الطاقة الروحية والنفسية والفسيولوجية التي تمكننا من تحقيق أفضل النتائج اعتمادا على هذا الذي نملك من إمكانات وقيم وإستراتيجية وإيمان وشغف .

الملمح السادس : القدرة على تكوين علاقات اجتماعية :

كل المتميزين المتفوقين الذين نالوا من النجاح النصيب الأكبر ، كانت لديهم قدرات عالية على ربط أنفسهم بأشخاص حتى ممن يختلفون معهم في الخلفية الاجتماعية وفي التصورات والبنية الفكرية .
لا شك أن هناك البعض من العباقرة ممن كانوا منعزلين اجتماعيا ولم يبرحوا أبراجهم الشخصية العالية ، ولكنهم قطعاً ينجحون في شيء ويفشلون في أشياء أخرى ، وبالتالي ليس مثل هذا النجاح ما يتوق له المرء .
إن (كندي ، غاندي ، لوثر كينغ ) وغيرهم المئات أو الآلاف ، كانوا يملكون تلك القدرة على التواصل الحر والحي والدافئ مع الآخرين ، بل مع الملايين من الناس .
إن النجاح الحقيقي الكبير لا يتحقق على مسرح الحياة ، بل في البدء يتحقق في الداخل ، في القلب ، في الضمير ، في الروح ، في الإيمان بالإنسانية وحب الناس كافة وفهمهم مهما اختلفوا معك ، في هذه الحاجة الداخلية العميقة في أن ننال حب الآخرين واهتمامهم ، وبدون تلك الروابط مع الآخرين ، وبغير تبادل الحب والاهتمام ، لا يكون النجاح نجاحاً حقيقياً ، بل في الغالب سيكون عبئاً ثقيلاً وسيكون طريقه وعرة للغاية ومرهقة .

الملمح السابع والأخير من ملامح النجاح والناجحين هو :
القدرة على الاتصال والتواصل مع الآخرين :

وهذا هو جوهر هذا الكتاب وعصبه الأساسي وعموده الفقري …!
الكيفية التي نتواصل بها مع الناس ومع أنفسنا ، تحدد بالنتيجة كفاءة ورقي مستوى حياتنا . الناس الذين نجحوا ونالوا من الحياة نصيباً راقياً من الثراء والاعتبار والقيمة ، هم أولئك الذين امتلكوا فن التواصل مع الناس ، وقبل ذلك فن التواصل الإيجابي مع أنفسهم ، إنهم أولئك الذين تعلموا كيف يواجهون التحديات وينجحون في التواصل مع ذواتهم ونقل التحدي أو التجربة المرّة إليها بلغةٍ متفائلة تفضي بالتالي إلى أن يستمدون من أنفسهم الصبر والشجاعة والتحمل ، فيعبرون بالنتيجة خطوط النار وهم أكثر قوة ، فينتصرون وينجحون .
التمكن من فن التواصل ، هو سمة أولئك الآباء الناجحون ، الأمهات الرائعات المنجبات للعظماء ، المدراء الجيدون ، الفنانون الرائعون الذين ينشرون قيم الحب والجمال وسط الأجيال الصاعدة .
فن التواصل ، هو فن النجاح ونشر عدوى النجاح وسط الناس .
حسناً … تلك سمات النجاح الأساسية ، وذات تلك السمات سنفصلها بعناية في الفصول اللاحقة عبر صفحات كتابنا هذا ، وما أردناه هنا هو التقديم لها والتعريف ببعض محتوى كتابنا الواسع هذا .


لقد ترجمنا لك قارئي العزيز كامل الفصل الأول من هذا الكتاب الشيق ، وسنترجم بعض الفصول الأخرى لاحقاً ، ونحتفظ لأنفسنا بالترجمة الكاملة حتى نيل الإجازة من المؤلف ذاته ، لكي ما يتسنى نشرها في كتاب فتكون الفائدة أعم وأشمل .



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ليس لديه أزدواجية ولاء فليرمي الشيعة بألف حجر
- شهداء الكلدان ...شهداء العراق الأبرار ...!
- هذا الإعصار الذي كنّا بحاجة إليه
- القصة المحزنة لرجلٍ أطال إنتظار زوجته ...!
- قوة اللحظة الحاضرة -قراءة في كتاب في التنوير الذاتي
- لغة التعامل مع الطفل
- في اليوم الأول للمدرسة - قصة مترجمة
- قوانين النجاح الروحية السبع - القانون الخامس _ الرغبة والهدف
- العائد - قصة مترجمة
- الآيات الشيطانية -1-
- في بيتنا إيرانيون أكثر فارسية من أهل فارس
- إيرانيون أكثر من أحفاد كسرى
- تأثير الحب على العمر البيولوجي - ج2
- تأثير الحب على العمر البيولوجي
- قوانين النجاح الورحية السبع The Seven Spirtual Laws
- قوانين النجاح الروحية السبع -3-
- تقنيات السيطرة على المخ- 2
- قوانين النجاح الروحية السبع - القانون الثاني - الإيمان بالعط ...
- تقنيات السيطرة على المخ
- الإيمان بالطاقات الكامنة ...الخفية !


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كامل السعدون - قوة بلا حدود -الفصل الأول