أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالوهاب حميد رشيد - ما الحياة الطبيعية في ظل الاحتلال؟















المزيد.....

ما الحياة الطبيعية في ظل الاحتلال؟


عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3063 - 2010 / 7 / 14 - 15:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


ترجمة:عبدالوهاب حميد رشيد

"على مدى 122 يوماً كنت أسمع أصوات الناس نتيجة تعذيبهم، صراخ المعذبين، بكاء المعذبين. لم استطع النوم في الأيام الأولى في ذلك الوقت. لم استطع فعل شيء أبداً لأن أصوات الناس المعذبين لم تتوقف. ولكن، ربما بعد مائة يوم، صرتُ معتاداً على هذه الأصوات، عليه تمكنتُ من النوم بصورة جيدة جداً، وبدأتُ التفكير بأن لا شيء هناك يُزعجني. بدأتُ أضحك كثيراً مع زميلي في زنزانتي الرهيبة ومع عائلتي عن زيارتي."
سمعتُ (كاتب المقالة) هذه الكلمات من محمود الذي اعتُقل ثمانس مرات من قبل كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية على مدى التسع سنوات الماضية. إنه زعيم طلابي سابق وممثل ذو تفكير سياسي. قابلته بعد أيام فقط من إكمال مقالتي حول موضوع: إعادة تأهيل الفلسطينيين ضحايا التعذيب. وفي حين صياغتي للمقالة، كنتً أُفكر مليّاً بعبارة: "إعادة تأهيل/ بناء حياة طبيعية،" غير متأكد من صواب وصف سمات فلسطينية كثيرة بأنها طبيعية.
فيما يخص محمود، الحياة داخل زنزانته 1.5-4 متر، جعلته يشعر، في بعض الأحيان، أكثر اعتيادية من أي شيء آخر عرفه. الحديث عن إطلاق سراحه بعد أربعة أشهر في سجن السلطة الفلسطينية، سبق ووصفه أعلاه. أخبرني "كنتُ أُعاني من كوابيس nightmares، وعندما اعتقلوني مرة ثانية، صرتُ أنام بشكل جيد جداً، لأني خارج السجن كنتُ أشعر بالرعب من إعادة اعتقالي ثانية. من هنا أختفى شعور الخوف من الاعتقال وأنا في السجن، وبذلك عدتُ لحياتي الاعتيادية مرة أخرى!"
هذه التأثيرات النفسية للتعذيب والاعتقال، تركت علامة أعمق في نفس محمود من الإيذاء الجسدي، رغم أنه ما يزال يُعاني من مشاكل (التعذيب) في ركبتيه، ظهره، وقدمه اليسرى. وقال: "الشيء الأسوأ بالنسبة لي أنني فقدتُ جزءً من إنسانيتي، لأنها ليست حالة طبيعية.. إنها حالة مرعبة جداً، لكني اعتدتُ عليها، وأتصور بأني استطيع الحياة أو أقضي أوقاتاً عادية أو حتى سعيدة في تلك الفترة!"
أٌعتقل 20% من الفلسطينيين و 40% من السكان الذكور في الأراضي المحتلة وبصورة غير قانونية من قبل إسرائيل منذ العام 1967. علاوة على ذلك، دفع الانقسام بين حماس (و) فتح إلى موجات من الاعتقال التعسفي في كل من الضفة الغربية (و) قطاع غزّة. إذا كانت الحياة في السجن مسألة غير عادية، فإنها ليست طبيعية، على الأقل، وخوف محمود من الاعتقال ولّد خبرة واسعة الانتشار! وهكذا، سواء داخل السجن أو خارجه، يواصل الفلسطينيون حياتهم في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وهذه قطعاً ليست "حالة طبيعية" وفقاً لأي معيار من المعايير المبنية على أساس العدل.
التعليم يُقدم مثالاً جيداً لهذه النقطة. محمود، وقد بلغ من العمر 26 عاماً، لا زال يتابع حصوله على درجة البكالوريوس. أول تأخير هام في مشاوره التعليمي حصل وهو في عمر 17 سنة عندما اعتقلته السلطات الإسرائيلية وخمسة عشر آخرين من جيرانه، فقط قبل شهرين من أدائه الامتحان النهائي التوجيهي. ورغم أنه أدى هذا الامتحان الذي يحدد الانتهاء من الدراسة الثانوية ودخول الجامعة، وهو في السجن، فإن وزارة التعليم لم تُسجل له درجاته أبداً. وهكذا، كان عليه أن يعيد امتحان السنة الأخيرة من المدرسة الثانونية. أيضاً، وفي نفس الوقت، لم يحصل رفاق محمود على تعليمهم بسهولة. امتحانات التوجيهي تأخذ عدة أسابيع، ولكن في العام 2002 أخذت ثلاثة أشهر في بلدة محمود- نابلس- حصار إسرائيل للمدينة قيدت وقت المقيمين فيها بنسبة 80% خلال إبريل/ نيسان- ديسمبر/ كانون أول من ذلك العام، مما أدى إلى تعطيل المدارس والجامعات ضمن مؤسسات أخرى.
الآن، صار محمود خارج السجن منذ ستة أشهر متتالية، يصف حياته على أنها اعتيادية وسعيدة مرة أخرى. ومع ذلك، تصله أحياناً دعوات لزيارة مكاتب تحقيق السلطة الفلسطينية، وقال إنه يحلم بترك فلسطين "حتى أكون بعيداً بعض الشيء عن هذه الحالة العصيبة، وربما العودة إلى حياتي الاعتيادية... أعلم أن حياتي اعتيادية، لكني أشعر بالتقزز من هذا الوضع."
التمييز بين الاعتيادي وغير الاعتياي normal and abnormal، شيء أقرب إلى السير برفق عبر حافة سلسلة جبلية. المسألة مغرية لإجراء التمييز بين تناقضات حياة الفلسطينيين وبين ما يبدو من حياة آمنة في الخارج. في معظم الأوقات عندما يقول فلسطينيون بأنهم يريدون الرحيل إلى الولايات المتحدة، تنتابني إيماء ابتسامة، خافياً قناعاتي بأن ما يظهر عندنا من مراكز تسويق برّاقة ومصارف تجارية، تخفي وراءها صورة زائفة من الأمن والراحة. غيابي عن الولايات المتحدة الأمريكية هو أسلوبي للهرب من بلدي، عليه، مَنْ أنا حتى أدفع بأحلام الآخرين نحو أرض بلا نقاط تفتيش وأبراج الحراسة!؟ ومع ذلك، عندما سمعتُ تأملات محمود للسفر، دون أن يحدد الجهة التي يبغي السفر إليها، انخلع قلبي من الصورة القاتمة، ونبل حلمه.
يبني محمود آماله في السفر على هدف بلوغه حياة جديدة بعد تطوعه في إحدى المنظمات الخيرية غير الحكومية NGO في ربيع هذا العام. شاركتُ في مشروع حوار مع ثلاثة شبان فلسطينيين وأثنين آخرين من الأمريكان. أعلن منسق المشروع في مارس/ آذار بأنه تمت دعوة المشاركين الفلسطينيين لتمثيل المجموعة في مؤتمر سيعقد في ميامي. تصاعدت الهتافات من الجميع، باستثناء أحدهم. كان سعيد قد قضى عاماً في السجون الإسرائيلية خلال فترة الانتفاضة الثانية. قال: " لن يُسمح لي." مدير المشروع- مواطن أمريكي- شجعه ليكون إيجابياً وعلى ثقة من قدرة المنظمة الأمريكية غير الحكومية تحقيق ذلك.
لتقديم طلب سمة دخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يجب على الفلسطينيين زيارة السفارة في القدس- المدينة التي تطلب السلطات الإسرائيلية تصريحاً ممن يدخلونها. عندما دخل موضوع الفيزا في اللف والدوران، ذهب أثنان من الأعضاء إلى القدس دون سعيد. وفي النهاية صدرت تأشيرة الدخول لشخص واحد من الثلاثة. وهكذا انحدر حماس سعيد للمشروع وبشكل ملحوظ بعد رفض التصريح له. سألته عن شعوره ومدى التأثير في مشاركته، أجاب أنه لم يتصور إمكانية ذهابه إلى أمريكا، لكن المنسق أقنعه بذلك. عندما تعجز منظمة خيرية أمريكية غير حكومية تحقيق ذلك، فمن يستطيع إذن!؟
انتابني شعور ثقيل لهذا الأمر، عدتُ إلى نفسي عندما أخبرني محمود أن هدفه دخول المدرسة العليا خارج الضفة الغربية. ربما سمعة NGO، حيث يعمل محمود متطوعاً، تكون أكثر منفعة له من سعيد. ومع ذلك يدعو الأمر إلى الاستفهام عن معنى لفظة- الطبيعية normalcy- في أي مجال من مجالات حياتنا. إن أولئك ممن يرغبون الهروب عبر الحدود الدولية اعتقاداً منهم أن ما عندنا من "حرية" يمكن أن تستخدم للحصول على حرية جزئية.. لا يتصورون أن بلداننا فيها الكثير من الحقائق غير الاعتيادية!
مممممممممممممممممممممممممـ
What s Normal under Occupation?,By Kara Newhouse, The West Bank, Palestine, July 12, 2010.
Kara Newhouse is a youth educator and journalist in the West Bank. She contributed this article to PalestineChronicle.com. Visit her blog at: rogueanthropologist.wordpress.com.



#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايتان من العراق..
- رواتب البيت الأبيض في عهد اوباما (مع ملحق باللغة العربية لرو ...
- الفلوجة العراقية أكثر مأساة من هيروشيما اليابانية!!
- حرب العراق وأفغانستان كلّفت أمريكا نصف مليون إصابة!
- المهمة أُنجزت؟.. ليس للشعب العراقي!!
- تصاعد الاحتجاجات بسبب قصور إمدادات الطاقة في العراق
- هل للعراق صفقات سرية مع جيرانه بخصوص المتمردين الأكراد!؟
- العراق.. إعادة ترحيل اللاجئين قسراً.. تُعرض الأقليات للخطر..
- تركيا وإسرائيل.. التحالف المجروح
- العمل التجاري الأكثر شهرة في أفغانستان
- القوات الأمريكية تُحول العراق إلى مقلب نفايات سامّة
- العراقيون يواجهون صيفاً حارقاً آخر بدون كهرباء!!
- صارت تركيا بطلاً حقيقياً للفلسطينيين
- سرقة وطن.. صار العراق: مشلولاً.. حزيناً.. فاسداً..
- تلوث ساحات المعارك باليورانيوم المنضب.. ولّدت محنة السرطان..
- المسيحيون العراقيون متمسكون بإيمانهم في المنفى الأردني
- قمة المخاوف العربية.. تتركز في سباق تسلح نووي إقليمي
- مشكلتان مصيريتان في العراق المحتل..
- الاضطراب السياسي في العراق يمكن أن يؤدي إلى الحرب الأهلية
- غضب عارم في الموصل بشأن إدعاءات حقيقية للتعذيب في سجن سري ل ...


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالوهاب حميد رشيد - ما الحياة الطبيعية في ظل الاحتلال؟