أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - دون رجْع














المزيد.....

دون رجْع


صباح محسن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3052 - 2010 / 7 / 3 - 14:22
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

هنا مبعث لأقوام جديدة. يبدأ بالصراخ بأفواه محتجة تنادى بأعلى ما فيها لسد جوع عبر طول تجواب.. داخل نفق طويل ، وصراخ نسوة موجوعات يؤتين العناد لاستجلاب ما خفي من المجهول. هذا الذي يشترط لوجوده البكاء أولا وفي منتهاه. فيواجه بمقاومة مسالمة متماسكة يتوّجها بالضحكة والابتسام. غير أن المرأة العجوز المجرّبة لم تأل جهدا في البحث عن منقذ لعسر ولادة لكنّتها البكر الهلعة المتهالكة على أريكة قريبة من صالة العمليات. ما فتأت العجوز تداري من وضع كنتها فتستر ما انكشف من بطنها المنتفخة كبيضة رخ تحت ضوء خافت في ليلة تنذر بعواصف ترابية لم تفقه عاملة النظافة من رعب ما يدار من تقولات وحديث عن ما يعرف بعاصفة الصحراء فتداري سخرية من على شفتيها فيما تسر زميلتها " وهل بقي فضاء لعواصف جديدة!"
نسوة أخريات فاضت بهنّ قاعة الانتظار، يتوسلنّ الفرَجَ لقريباتهن اللواتي أدخلن الردهات منذ باكر الصباح . رائحة ٌ تبشّرﹸ بالقرية والريف لولا أبخرة بعض معقمات تشرّب بها المكان. دعاءٌ ﹸيسمع على طول رواق المستشفى الجديد وأرجل تطوي الأرض مسارعة بحفايات وأحذية بلاستيكية كالحة الألوان متربة مجهدة لا تلوي على شيء كما لو تفرّ من شيء يلاحقها.
الانتظار كالعادة طويل. أطول بكثير من تلك الباب المنتصبة خلف المرأة العجوز التي لم ينقطع دعاؤها والاستنجاد بالشفيع ، يرتفع كلما تناهى صراخ طلق أحدى النسوة من داخل الصالة ، دون أن تميّز إن كان الطلق لكنتها أم لسواها .
الآ أن ما أثار انتباهها هو تساوق دعائها الاستثنائي والتأوهات الصادرة من الغرفة المجاورة كـأنما يتزامن مع الطلق الصادر من هناك. بدا لها صوت متوسل حنون حتى راحت تكثر من الدعاء مع كل تأوه يهتز له القفل الذهبي المعلق على الباب.
عقربا ساعة الحائط المتميزان بحركتهما البطيئة يتراكبان فتغدو الساعةﹸ كلها عودا واحدا منتصبا. ما حاجتها لساعة هي لا تفقه من أرقامها شيئا؟ يكفي أنها تعرف ماهيّة الصندوق المثبت على الجدار؛ شكل مستدير كوجه "لعّابة" الصغار تتوزعه أذرعٌ تدور حول نفسها دون كلل.
على أن شغلَها ذلك الطَلقﹸ الخاص الصادر من مكان لا يبعد عن ظهرها أشبارا معدودات. فيما راح دعاؤها يخفت كلما وهن التأوه ، من ثم يعلو على نحو مفاجئ حتى يتماهى مع الصراخ الصادر من ردهة الولادة فيكاد يقطع لها أنفاسها ويخرج لها عينيها من محجريهما لولا أن أسقط بالقفل الذهبي على غرة فيطل من وراء الباب رجلٌ بلحية خفيفة بدا عليه الارتباك راح يعدل من وضع ملبسه فيغادر على عجل كاللائذ بالفرار متلفعا صدرية بيضاء يمانع كمها من الاستسلام لليد التي تجاهد للانسلال.
وسط حيرة المرأة العجوز وآلية حركة لسانها بالدعاء هدأ تماما صراخ الغرفة المجاورة بخلاف الصراخ القادم من صالة العمليات الذي أقلق النسوة المجتمعات اللواتي عضضن على شفاههن فيما عيونهن تتوسل النجدة َ والخلاص.



#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المربد الشعري في دورته السادسة .. لما يزل حنجرة الديك
- مرام المصري في كرزة حمراء على بلاطة بيضاء
- كفاح الأمين يدعو لما بعد زمن الكتابة !
- هل من تساؤل ٍ للبرق ؟
- الصحافة العراقية .. إعادة اكتشاف أبي القاسم الطنبوري
- لذاذة
- يا ليَ من ’ توم ‘.. يا ’جيري‘ !
- كثيرة هي التنهدات غير المجدية
- غزل التراب
- باول العرب .. قبل أن يغبطك الغرق
- رصاصٌ راجع
- خطابات في الضد من الحرب: خمس سنوات كثير جدا لحرب!
- كو أن ، الأدب والانتصار على لعبة الألم
- أحلى ما في ضحكتها
- مالِكُ الحزين
- هل ستشهد عملية الموصل القضاء على مهنية المقاومة بذريعة القضا ...
- تميمة ٌبأمرالفقر
- كزار حنتوش : دعهم يقولون الشعر.. ليتطهروا !
- هلاّ تجالسني...
- خمسة مليون شكرا


المزيد.....




- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح محسن جاسم - دون رجْع