أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة - صباح محسن جاسم - أحلى ما في ضحكتها














المزيد.....

أحلى ما في ضحكتها


صباح محسن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2217 - 2008 / 3 / 11 - 11:16
المحور: ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة
    


اقصوصة
تمانع أمي المقعدة منذ زمن طواحين الهواء مرورا بأشداق الشعراء وصوْلات العَسَس زمن الفرسان الأفذاذ أمثال سيف بن ذي يزن والزير سالم وحمزة البهلوان ، من أن تمتطي كرسيها الطبي الخاص ، متحججة ساعة ببرودة في الجو أو سخونة في الهواء، متلفعة بشال رأسها الذي تماهى ولون شعرها بضفيرتيه القصيرتين الناصعتي البياض.
أقبَل كل عنادها عدا رفضها أن تضع طقم أسنانها الاصطناعية رغم كل ما اعرضه عليها من المحفزات آخرها يوم أمس وأنا أتوسل:
"مائة ألف دينار ، فقط ما أن تضعي طقم أسنانك وتجربي أن تأكلي وجبة طعامك !"
تضحك معاندة فأنكص محبطا لوسع ابتسامتها الرافضة رفضا مطلقا مواسيا نفسي إن لا بأس طالما ابتسامة وجهها بذلك الكرم.
أما سر عنادها فلأنها تشعر بالتقيؤ ما أن تضع طقم الأسنان في جوف فمها.. أو ربما لشعور من رهاب تجاه كل ما هو غريب عن الجسد فقد أمضت حياتها والجيران يقسمون برأسها أنهم حتى لم يروا وجهها بسبب من تحجبها . وهي فوق كل تحفظها وحجابها تزيد في لبس ما يعرف بـ (البوشي ) تلك قصاصة القماش المخملية السوداء حريرية الملمس بقصد حجب الوجه من نظرات الفضوليين.
ولما كانت حبيسة الدار أغلب وقتها وطوال سنوات عمرها الذي تجاوز السبعين عاما فقد أصابها ما أصابها من أمراض فرط السمنة وسوفان المفاصل وشيء من الضغط وآخر من السكّر .. الخ.
لكنها أمي بكل ما فيها وما تعاني منه.
اليوم الثامن من آذار.. وهي تعلم جيدا ما تعنيه هذه المناسبة بالنسبة لي.
جهزت لها كرسيها الطبي المتكاسل زمنا ، حتى تفاجأت ومحاولتي إيجاد متسعا للكرسي قرب فراشها. حاولت الاعتراض. أقنعتها بمفاجأة تنتظرها.
سرعان ما فتح الأولاد الأبواب الداخلية من غرفتها عبورا للرواق ، ليستقبلنا فناء الدار تحت فيء شجرة السدر التي تمايلت أغصانها الغنية بالثمار لنسمات آذار الهابّة من جهة النهر.
لم تمض لحظات حتى شرع حفيدها يهز فرعي شجرة السدر فتنزل الكرات الملونة كزخات مطر وسط اندهاشها وصياحها الطفولي فتسارع تفترش شال رأسها طمعا بلم أكبر كمية من الثمار.
كان حضنها قد امتلأ أو كاد بثمار تلونت بلون الشفق . وأمام إغراء لا يقاوم ، نادت على حفيدتها الصغيرة تطلب منها جلب طقم الأسنان.
كنت مندهشا وأنا أفكر بصوت عال : كل المال لم يحرك ساكنا كهذا!
تلك كانت طريقة مبدعة للاغتسال بنسيم آذار والتطهر بتناول تلك الكرات الذهبية من الثمار.. وذكرى يوم أمسكت بي أمي بقبضة كفها الحديدية لتقتص من مشاكستي لأختي الكبرى فيما راحت تقضم لي أذني بأسنانها التي لم تعد بالدائمية.
كنت وما أزال أفتش عن ذلك الناب الحاد المغلف بلبوسه الذهبي فأوشك سماع صراخي بأعلى صوتي وسط ضحكات أمي وفضولي المتردد بحثا عن شيء كم أفتقد صداقته الآن ، بين زمن نبذته كان يعض علي بنواجذه وآخر أبحث عنه في طقم أسنان منسي يتوق معي لحراك !



#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مالِكُ الحزين
- هل ستشهد عملية الموصل القضاء على مهنية المقاومة بذريعة القضا ...
- تميمة ٌبأمرالفقر
- كزار حنتوش : دعهم يقولون الشعر.. ليتطهروا !
- هلاّ تجالسني...
- خمسة مليون شكرا
- معلّقات في معلّقة
- خطأ ما
- سركون بولص – حين ترتاح الفرائس
- ليست بقدم ٍ للماموث*
- يعلّبوننا ثانية !
- دمدمي نارنا الأزلية وأَُريهم
- نزهة ُرغيف القمر
- أمريكا- إيران ووليمة الثعلب واللقلق
- عند بلاد النَعْناع حيث يغفو الحب ويتكئ القمر
- شتيمة الرئيس الإيراني لمعارضي الحكومة العراقية لسان حال أمري ...
- الانكفاء أسكتناهً لضوء ما في ماض سحيق
- الحبُّ... سموّاً
- صادق الجلاد .. شكرا لنقائك
- يتشيأ ُ ثانية ً نورسٌ آخر


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- المرأة النمودج : الشهيدتان جانان وزهره قولاق سيز تركيا / غسان المغربي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة - صباح محسن جاسم - أحلى ما في ضحكتها