أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - قبل تغيير الشرق















المزيد.....

قبل تغيير الشرق


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 927 - 2004 / 8 / 16 - 08:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


علينا فهم حقيقة العلاقة بين الحاكم والمحكوم
تنويـه:
لسادة الشرق وصفوته، الذين يرفضون إعصار التغيير القادم من الشمال أقول: لستم في موقع الرفض أو القبول، لأنكم لستم الفاعل، أو الشريك في الفعل، وإنما في موقع المفعول به، لقد صرتم بعد أحداث 11 سبتمبر موضوعاً للبحث والدرس، تمهيداً لفعل التغيير القادم، وأي نقاش يجريه الفاعل معكم ليس لتحديد معالم التغيير، وإنما لاكتشاف الممكن المرحلي، وأفضل السبل إليه.

يسود الاعتقاد أن الشرق الذي تحكمه نظم استبدادية، يكون الحاكم فيه هو المستبِد أبداً، والمحكوم مستبَد به أبداً، وهذا خطأ فادح، رغم ما توحي به الصورة الظاهرية، ويقال كذلك أن الشعب في النظم الاستبدادية يرهب الحاكم ويخشاه، بينما في النظم الديموقراطية يرهب الحاكمُ الشعبَ، وهذا أيضاً غير صحيح بذات القدر.
فالشعوب المنظور إليها على أنها خانعة في مواجهة حاكمها لا تكون كذلك على طول الخط، الصحيح أنها تترك للحاكم الاستبداد بالأمور التي لا تهمها، وتنتزع من يده زمام ما تهتم به، لتقوم هي بدور المستبِد، ويقوم الحاكم بدور المستبَد به، عديم الحول والقوة.
وفي النظم الاستبدادية يخشى الحاكم من الشعب، ويتملقه، ويتحاشى مواجهته بكل السبل، حرصاً منه على تحلي الشعب بصمته وصبره، ليبقى هو على سدة الحكم أطول وقت ممكن، ويا حبذا مدى الحياة، بعكس الحال في النظم الديموقراطية، التي يستند فيها الحاكم على قاعدة شعبية حقيقية أتت به إلى الحكم، وكفيلة بأن تسانده إذا إقتضى الأمر اتخاذه لقرارات صعبة، ثم أن الحاكم الديموقراطي لا يكون راغباً في البقاء على كرسيه مدى الحياة، ومن ثم لا يخشى مواجهة الشعب، وإن اقتضى الأمر تقديم استقالته كما فعل ديجول.
فالشعب المصري مثلاً يحرص على لقمة عيشه وأسلوب حياته ودينه، وما خلا ذلك لا يعنيه، ولا يهتم به، وبالتالي يتركه غير آسف ولا مضطر للحاكم، إلى درجة أن الحاكم لو حاول دفعه لبعض الإيجابية في المشاركة السياسية، ولو ذراً للرماد في العيون، فإنه لا يستجيب.
ولعل أحداث 18 و 19 يناير 1977 خير دليل عما يمكن أن يفعل الشعب المصري الطيب، من أسوان إلى الإسكندرية، إذا شعر بالتضييق عليه في لقمة عيشة، وقد فعل ذلك بتلقائية ودون ترتيب أو تحريض من أي جهة، فقد كانت الجهات التي عزى الحاكم إليها تحريض الجماهير أضعف ألف مرة من أن تحدث تلك الهبَّة الفريدة ربما في تاريخ الشعب المصري، هذا عن لقمة العيش.

أما عن أسلوب الحياة، الذي يحرم الشعبُ الحاكمَ من واجبه الطبيعي للسيطرة عليه، على الأقل لإلزام الناس باحترام القوانين، فنظرة عابرة إلى حركة مرور السيارات في شوارع المدن المصرية، يمكن أن تدلنا من المستبد ومن المغلوب على أمره.
أيضاً المناطق السكنية العشوائية، دون ترخيصات من أي نوع، وتضطر السلطات لإدخال المرافق إليها، وقضية تجريف الأرض الزراعية وتبويرها، والفشل الزريع للحاكم في وضع حد لها، ومخالفات تعلية المباني، والباعة الجائلين الذين يحتلون ليس الأرصفة بل شوارع المدن، والذين يعودون لافتراش الشوارع وحملة المداهمة لم تغب بعد عن مرمى النظر، ناهيك عن إلقاء القمامة في الشوارع والاستخدام الفج لمكبرات الصوت، وتحويل بعض الشوارع إلى ورش عمل، بل وصب مطبات صناعية في الشارع لإعاقة حركة السيارات، أو لصرفها تماماً عن المرور فيها، يالها من حرية رائعة يرزح ولا نقول يرفل فيها الشعب.
أما فيما يتعلق بالدين فسوف نأخذ مثالنا من الأقلية الدينية في مصر، الأقباط الذين يُنظر إليهم على أنهم خانعون إلى حد عجيب، وربما كانوا كذلك ولكن إلى حد، فقبل الفترة الأخيرة التي صرحت فيها لهم الحكومة ببناء الكنائس، كان دونهم وحتى ترميم كنائسهم عقبات بطول امتداد الخط الهمايوني في تاريخ مصر، ومع ذلك كانوا وبإصرار لا حدود له، يعمرون ويبنون الكنائس بقدر ما يمتلكون من أموال.
الآن نأتي إلى قضية من يخشى من؟ ومن يتملق وينافق من؟ فمنع المظاهرات ومحاصرة الجمعيات الأهلية والأحزاب من قبل الأنظمة الاستبدادية تشير أول ما تشير إلى خوف الحاكم من الشعب، بعكس الحاكم الديموقراطي الذي لا يكترث بجحافل المظاهرات ولو كانت أمام مقره.
لننظر أيضاً إلى خشية النظم الشمولية من الاعتراف بوجود وباء في الشعب، والإنكار والتكتم، خشية من ذعر الشعب وبالتالي غضبه، فيقوم ليقلب المائدة على المتربعين أمامها، بعكس الحال في الأنظمة الديموقراطية التي تعلن الإحصائيات الدقيقة أولاً بأول، وتصدر التحذيرات والقرارات المناسبة.
أليس زيادة أعداد الطلاب المقبولين بالجامعات سنوياً رغم عدم حاجة سوق العمل ورغم ضيق الجامعات بطلابها إلى حد يجعل العملية التعليمية كسيحة، هو تملق من الحاكم للمحكوم، ومثله المسارعة بإعادة توزيع درجات أي مادة في الثانوية العامة ترتفع بعض الأصوات بالشكوى من صعوبة مدعاة لأحد أسئلتها؟
وعندما ينصرف نواب الشعب، وهم محسوبون على النظام، عن دورهم التشريعي والرقابي، إلى تأدية ما يسمى خدمات لأهالي دوائرهم الانتخابية، وأغلبها عبارة عن استثناءات من قوانين ولوائح وضعت فيها هذه الثغرات عند سنها لغرض في نفس يعقوب، أليس هذا نفاقاً للجماهير؟
أستطيع أن أزعم دون أن أنزلق لمبالغة التعميم أو التأكيد، أن نظم الدول المتخلفة كثيراً ما تجد نفسها إذا ما نزعت للإصلاح في مواجهة شعب معاند ومقاوم ورافض، ولا يكون هنالك بد من مجاراته.
نخلص إذن إلى أن مشكلة الشرق ليست في حكامه أو نظمه الحاكمة، بقدر ما هي مشكلة شعب، وذلك من ناحيتين:
· عدم انشغال أو اهتمام الشعب بالمسائل السياسية وما يماثلها من الآفاق التي تؤثر على حياته بطريق غير مباشر، حتى وإن كان تأثيرها عليه أخطر وأكثر جذرية من تلك العوامل التي تشغله، وهذا ما يمكن أن نصفه بقصر النظر، الذي هو حالة من عدم تطور ونضج الوعي لدى الفرد والمجتمع، الذي انتقل من مرحلة الانتماء للذات إلى الانتماء للأسرة ثم القرية والمدينة ثم الوطن، لكن وعيه وانتمائه الحقيقي والعميق بقى في مرحلة الذاتية أو الأسرة، دون أن يستوعب ارتباط مصالحه بالدوائر الأوسع، وتكون نتيجة عدم اهتمامه هي تخلف النظم التي تحكمه واتسامها بالشمولية والاستبداد.
ولاشك أن هذه النقطة هي أخطر التحديات أو العقبات التي تعترض عملية التغيير، ويقفز سؤال إن كان هذا المستوى المتواضع من الوعي هو أقصى إمكانيات هذه الشعوب، أم أن توافر ظروف موضوعية أفضل كفيل بتغيير الوضع، وكيف يمكن أن يتم ذلك؟
· تخلف الشرق في مظاهر الحضارة المادية هو مجرد ثمرة لأفكار وقيم ومثل وبالتالي رغبات شعوبه، التي قد تدفع حكامه لو فرض وأرادوا الإصلاح إلى اليأس، ورغم أن النظم المتخلفة تساعد على رواج الأفكار والقيم المتخلفة في المجتمعات، إلا أننا نستطيع أن نجزم أن قيم التخلف في المجتمعات هي التي تصنع النظم المتخلفة بالأساس، لكي تدور الدائرة وينجب التخلف المزيد منه، ليكون العثور على نقطة البداية معضلة تكاد أن تكون بلا حل، وهي ذات معضلة " البيضة أولاً أم الدجاجة؟ "
من الطبيعي والحالة هكذا أن يكون الإصلاح المرتجى صعباً وبطيئاً، مادام يستهدف القاعدة وليس القمة، الجذور وليس الأغصان أو بعض الثمرات المعطوبة، ومن الطبيعي أيضاً أن تكون المقاومة جادة وفعالة، لأن التغيير لا يستهدف ثوابت الأمة التي نصنع منها صنماً، وإنما يستهدف الأمة ذاتها، طبيعتها، أسلوب حياتها وتفكيرها، يستهدف التغيير الذي يتحدث عنه الغرب ليس تحديث الشرق، وإنما استزراع شرق حديث، فهل هذا معقول، هل هذا ممكن؟!!



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوائر الانتماء بين التفاضل والتكامل
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 6
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 5
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 4
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 3
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 2
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 1
- الفاشيون الجدد والتانجو الأخير
- الفاشيون الجدد ودموع التماسيح
- - أثداء الصبار- قصة قصيرة
- خربشات على جدار مفترض - كتابة عبر النوعية
- الشيخ وهالة الصبح - قصة قصيرة
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 3/3
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 2/3
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 1/3
- نحن وأمريكا الجزء الثالث
- نحن وأمريكا الجزء الثاني
- نحن وأمريكا الجزء الأول
- الفاشيون الجدد والاقتداء بمقتدى


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل فلسطينيين اثنين في جنين بعد مهاجم ...
- رئيسي يندد بالعقوبات الغربية المفروضة
- إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق ...
- توسع الاتحاد الأوروبي - هل يستطيع التكتل استيعاب دول الكتلة ...
- الحوثيون يعرضون مشاهد من إسقاط طائرة أمريكية من نوع -MQ9-.. ...
- -الغارديان-: أوكرانيا تواجه صعوبات متزايدة في تعبئة جيشها
- هجوم صاروخي من لبنان يستهدف مناطق في الجليل الأعلى شمال إسرا ...
- السيسي يوجه رسالة للعرب حول فلسطين
- الأمن المصري يضبط مغارة -علي بابا- بحوزة مواطن
- نائب نصر الله لوزير الدفاع الإسرائيلي: بالحرب لن تعيدوا سكان ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - قبل تغيير الشرق