أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 2/3















المزيد.....

مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 2/3


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 911 - 2004 / 7 / 31 - 11:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنا قد حاولنا في الجزء الأول من هذا المقال أن نبين أو نستكشف سر هيام الخطاب الشرقي بالشعارات التي فقدت مضمونها من طول ما علكت، وبالأيديولوجيات التي طواها الزمن تحت قدميه، في محاولة للإجابة على تساؤل نظنه خطير، لماذا يظل الخطاب الشرقي جامداً، يكرر نفسه مهما تغيرت الظروف وتبدل العالم، فمن ينظر إلى شعوب الشرق الآن، الصفوة والعامة على حد سواء، يذهله الانفصال إلى حد التضاد، بين ما تمليه، أو يجب أن تمليه، الأحوال المعيشية والمصالح المادية للشعوب، من محاولة التقارب مع العالم المتقدم، وتركيز الخطاب ومن ثم الفعل، على التأقلم مع الظروف الكفيلة بتحقيق الالتحاق بركب الحضارة ممثلة في العالم الغربي، وبين ما نجده من الخطاب الثابت المكرور الذي يدفعنا دفعاً بعكس اتجاه التيار، للعداء مع الحضارة وأهلها، ليثمر هذا الخطاب في قلة فاعلة ما نراه من أعمال إرهابية يندى لها جبين الإنسانية، رغم مظاهر التحديث المادية هنا وهناك، والتي بقيت معزولة عن وجداننا، ولم تثمر ثمارها المتوقعة إلا لدى قلة من المفكرين، تنطبق عليهم مقولة الاستثناء الذي يؤكد القاعدة، وهم المحاصرون المعزولون في أوطانهم، والمتهمون بالعمالة والخيانة.
على ذات الخط لابد من التساؤل: لماذا حين أثبتت الماركسية فشلها على مستوى التطبيق، انقلبت عليها شعوب الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية، كذا الأحزاب الشيوعية في أوروبا الغربية، وتبنت تلك الشعوب خطاباً حديثاً يعتمد على معطيات الواقع، فيما نجد دعاة الماركسية في الشرق مازالوا يكررون أنفسهم وكأن شيئاً لم يحدث، أو كأن ما حدث مجرد مؤامرة إمبريالية سرعان ما تفتضح، ويعود نعيم الشيوعية من جديد.
على ذات النهج أيضاً نجد المتحدثين باسم التيار الإسلامي – أقوي التيارات الشعبية في الشرق – حين يتحدثون عن إصلاح حياتنا يأخذون مثالهم وأفكارهم مما كان سائداً في عصر الخلفاء الراشدين، متجاهلين ما حدث من تغير بل انقلاب في الحياة على مدى أربعة عشر قرناً.
خطابنا إذن يتسم بمفارقة الواقع، تجاهله، فنحن ببساطة نستلهم أفكارنا من أفكارنا أو نصوصنا المقدسة، وهامش التطور المادي الذي نحققه تدفعنا له الحياة دفعاً، ولا يكاد يترك تأثيراً يذكر على أفكارنا، ويرجع هذا لانطلاق تفكيرنا من مقولة "مركزية الكلمة" وليس "مركزية الفعل"، وهو ما استعرضه الجزء الأول من المقال بالتفصيل، ونتناول في هذا الجزء وما يليه بعض ثمار هذا الأسلوب من التفكير، ونعني بعض المفاهيم التي نتعلق بها، ونحارب طواحين الهواء، وربما طابور من الراهبات يرتل في الصحراء تحت جنح الليل، كما فعل دون كيشوت، وسوف نبدأ بما تقاتل من أجله أقوى الحناجر في شرقنا الرازح تحت نير الفقر والجهل والمرض، لنبدأ إذن بمسألة الهوية، فربما شخص طبيب غربي يستمع لإذاعاتنا وفضائياتنا حالتنا بأنها التهاب مزمن في الهوية!!

الهوية: أزمة ومفاهيم

الهوية من أخطر مفاهيم "مركزية الكلمة" إيجاباً وسلباً في الماضي، وربما سلباً محضاً في الحاضر، فإن كان مفهوم الهوية قد لعب دوراً في إيقاظ وعي الشعوب، وتماسكها بما يدفعها لتحقيق ذاتها، فقد أدى أيضاً لتناحرها، وتدمير متبادل لإنجازاتها، عبر محاولة كل شعب تسييد هويته، دون التضخيم طبعاً من حجم الدور الذي لعبته الأفكار عبر التاريخ على حساب حجم تأثير الدوافع المادية على مجريات ذلك التاريخ.
مع طبول العولمة يتردد في الشرق مفهوم الهوية، خوفاً عليها من مؤامرات الغرب لطمسها، حتى يتسيد علينا بهويته الكافرة الفاسقة، ويقتضي الأمر ونحن نتقصى الشروخ في منظومتنا الفكرية أن نقلب أوراق مفاهيم هوية متعددة، فعلاوة على ضرورة هذا لاستجلاء الأمر، فإن اكتشاف التعدد في حد ذاته كفيل بخلع ثوب القداسة عن ما هو غير مقدس بطبيعته.
نفترض تسهيلاً للمعالجة ثلاثة مفاهيم رئيسية مختلفة للهوية:
· هوية أصولية.
· هوية مثالية جدلية (هيجلية).
· هوية وجودية سارترية ( لا هوية ).

الهويـة الأصولية:
تعريفها:
هي مجموعة من الملامح الثقافية الأساسية والثابتة، تميز الجماعة عن من عداها، بحيث أن تجاهل واحداً أو أكثر منها يؤدي لتصدع كيان الجماعة الأدبي.
هي بهذا جوهر ثابت ومحدد، ومستمر الوجود على مر التاريخ، بغض النظر عن مدى فعاليته في توجيه حياة الجماعة، ذلك المدى الذي قد يتضاءل إلى حد الكمون أو درجة الفعالية صفر، في مراحل الغزو الحضاري الكاسح مثلاً، ويصل إلى مستوى الفعالية التامة، في لحظات النهضة الأصولية الصافية، وما بين النقيضين النظريين من حالات عملية، تقترب من هذا القطب أو ذاك.
الأصالة هنا قيمة، تقاس إيجابياً بمدى تطابقها مع الجوهر القابع في صفائه الماسي في مكان ما، أو بالأصح زمان ما من تاريخ الجماعة، ويترتب على هذا المفهوم ما يلي:
· شدة الاستقطاب بين الأصالة وعدم الأصالة، الحق والباطل، الأبيض والأسود، بما لا يسمح بمساحة من الحرية والسماحية Tolerance، ويؤدي إلى أحادية النظرة.
· بروز إشكالية تحديد مكان الجوهر (الهوية)، بمعنى زمانه التاريخي الذي يتيح توصيفه، كما في حالة تاريخ ممتد لآلاف السنين كتاريخ الشعب المصري، مر فيها بمراحل متباينة إلى حد التضاد، مما يضع على المحك المنهج المتبع لتحديد الفترة موضع الهوية، ويمكننا استعراض أربعة مناهج:
1. منهج الاعتماد على الخيار الفكري السائد في اللحظة الراهنة: يتناقض هذا المنهج منطقياً مع مفهوم الهوية الأصولية، الذي يستمد مرجعيته من الماضي وليس الحاضر، مما يبطل الاعتماد على المناخ الفكري الحاضر لتحديد موقع الهوية بالاختيار من بين بدائل عديدة، حتى لو كانت كلها ماضوية، فسيبقى الاتهام الموجه لأي خيار هو شبهة دخول عناصر غير جوهرية، أي قادمة من تأثيرات خارجية لتحديد هوية الجوهري، وفي هذا تناقض منطقي، ينسف شرعية كل من المنهج والخيار.
2. منهج الاختيار الانتقائي الذي تمارسه كل فئة في المجتمع وفقاً للأهواء والانتماءات: يعني هذا المنهج الإقرار بتعدد الخيارات، وما هو متعدد يفقد صفة الجوهرية، أولاً لتناقض التعدد مع مفهوم الجوهرية، ثانياً لأن التعدد يعني القابلية للاستبدال، وما يستبدل ليس بجوهري.
3. الاختيار على أساس "حكم قيمة"، لأزهى العصور في تاريخ الأمة: من الواضح تناقض هذا الأساس مع مفهوم "الهوية الأصولية" المعتمد على الصفات الجذرية، بغض النظر عن تقييم نتائجها العملية، علاوة على التناقض القائم من احتمال تدخل عناصر من تأثيرات خارجية في صياغة المواصفات التي تم على أساسها إصدار "حكم القيمة".
هكذا ينسف التناقض المنطقي مع المفهوم هذه المناهج الثلاثة، التي لا يخفى أنها الأكثر جاذبية، بل هي الدافع لحماس أهل الهوية، ويبقى المنهج الأخير – الذي لن يتحمس له أحد – هو الوحيد المتسق منطقياً مع مفهومه.
4. المنهج العلمي التحليلي للاختيار: يعتمد على تحليل المواصفات العامة والملامح الثقافية المشتركة للأمة في عصورها المتعاقبة، من واقع خطابها الثقافي وأدائها العملي وأسلوب حياتها، وطرق استجابتها لمتغيرات كل عصر، وتحديد الملامح الأصيلة، وتتبع فعاليتها في كل العصور، وعزل الملامح الدخيلة، وبحث تأثيراتها سلباً أو إيجاباً على الهوية الأصيلة.

هوية مثالية جدلية (هيجلية)
إذا كانت الهوية الأصولية تمثل طفولة "مركزية الكلمة"، فإن الهوية الجدلية تمثل زمن الكهولة والنضج، في يمناها ريشة من ذهب، وباليسرى القرطاس، فيما تنظر إلينا باستعلاء من تحت عدسات القراءة السميكة.
هي المقابل للهوية الأصولية من حيث موقع "الجوهر"، الموجود في حالتنا هذه في المستقبل، فهو موجود الآن بالقوة (الإمكان)، في انتظار تحققه العيني في المستقبل، عن طريق النفي الجدلي بين الشيء ونقيضه، في عملية خطية مستمرة ذات اتجاه واحد.
" إن فكرة "الجوهر بوصفه ذاتاً" تتصور الواقع على أنه عملية يكون كل وجود فيها توحيداً لقوى متناقضة " هي عملية ديناميكية، صراع لا ينتهي بين المتناقضات، ليس بهدف انتصار أي من الطرفين، أو للوصول للمتوسط الحسابي أو الهندسي لهما، بل لتخليق كائن جديد، أقرب للحقيقة المطلقة النهائية، ليكون طرفاً في نفي جدلي جديد.
" لا يشير لفظ الذات هنا إلى الأنا الأبستمولوجي أو الوعي فحسب، بل إلى طريقة في الوجود، هي تلك التي تتسم بها وحدة تطور نفسها في عملية تتسم بالتعارض والتضاد . . وكل ما هو موجود لا يكون واقعياً أو حقيقياً إلا بقدر ما يمارس فاعليته بوصفه "ذاتاً" من خلال كل العلاقات المتناقضة التي تؤلف وجوده . . . . إن مضمون الواقع المعطى يحمل بذرة تحوله إلى شكل جديد . . . . إن ميلاد الحقيقة يقتضي موت حالة الوجود القائمة بالفعل. وهكذا يرتكز تفاؤل هيجل على نظرة هدامة إلى الواقع المعطى، وتقوم حركة العقل، التي تمتد حتى تشمل الأشكال جميعاً، بإلغاء هذه الأشكال وتبديلها حتى تصبح مطابقة لفكرتها . . . . فالشيء يتصف بالحقيقة إن كان على ما يمكن أن يكون عليه، بحيث يحقق كل إمكاناته الموضوعية، وعندئذ يكون الشيء في لغة هيجل في هوية مع مفهومه، وللمفهوم NOTION معنى مزدوج، فهو يشمل طبيعة موضوع ما أو ماهيته، وبذلك يمثل التفكير الصحيح عنه، وفي الوقت ذاته يشير إلى التحقق الفعلي لتلك الطبيعة أو الماهية، وإلى وجودها العيني . . . . وهكذا فإن الفصول الأولى في منطق هيجل تبين أن الذهن البشري عندما يغامر بمتابعة مفاهيمه، يجد نفسه إزاء تفكك وتحلل لموضوعاته المحددة تحديداً واضحاً، فهو أولاً يجد أن من المستحيل عليه تماماً أن يحدد هوية أي شيء على أساس الحالة التي يوجد عليها الشيء بالفعل، ويؤدي الجهد الذي يبذله من أجل الكشف عن تصور يحدد هوية الشيء على ما هو عليه، إلى إغراق الذهن في خضم من العلاقات اللانهائية . . فمن الواجب أن يفهم كل شيء في علاقاته بالأشياء الأخرى، بحيث تصبح هذه العلاقات هي نفس وجود ذلك الشيء "
الظاهر هنا، بعكس الهوية الأصولية، أنه يعتبر الواقع المادي ولا يتجاهله، لكن العلاقات التي يتحدث عنها، ويعتبرها وجود ذلك الشيء ليست العلاقات المادية المحسوسة بين الأشياء، والتي يتحتم علينا اكتشافها دون أن نخشى من " إغراق الذهن في خضم من العلاقات اللانهائية " حسب العبارة السابقة، وربما هذا التخوف المصطنع هو المبرر لكي نتصور في المادة، أو نفرض عليها علاقات من أعلى، مثالية، ميتافيزيقية، لتصبح المادة هنا بعد أن تم تنحية علاقاتها الطبيعية، كحبات المسبحة، لا حول لها ولا قوة، في انتظامها المصطنع في علاقات مفروضة عليها، تم وصفها باللانهائية، وقد تقرر أن " هذه العلاقات هي نفس وجود ذلك الشيء "، أي علاقات النفي الجدلي بين الشيء ونقيضه، وهي ما يحق لنا نعته بالعلاقات المثالية أو الميتافيزيقية، ما لم يتم التدليل عليها معملياً بمنهج الفرض والتجربة، وهذا ما لم ولن يحدث.



هوية وجودية سارترية (اللاهوية):

هي شهادة وفاة لـ"مركزية الكلمة" وميلاد عملاق لـ "مركزية الفعل".
" أنت حر، إذن فاختر، أعني اخترع وابتكر، فليس هناك قاعدة أخلاقية عامة يمكن أن تبين لك ما الذي ينبغي عليك أن تفعله، وليس ثمة علامات تهديك سواء السبيل في هذا العالم "
هذه هي الحرية الصريحة المطلقة، لكنها من منطلق "مركزية الفعل" وليس "مركزية الكلمة"، وبين المنطلقين في فهم هذه العبارة بون شاسع: فهي تعني من منظور "مركزية الكلمة" انفلاتاً، فالعقل حر الطيران، وبدون قاعدة أخلاقية من يدري ماذا يجلب علينا، إبداعاً بنَّاءً أم مدمراً؟ أما من منطلقها الصحيح – الذي تم إنتاجها من خلاله- أي مركزية الفعل فالأمر يختلف، فالإبداع هنا مصدره الإنسان الكامل، بجسده الثقيل في علاقاته مع الأشياء في العالم، هو مربوط بهذه العلاقات، لا يملك منها فكاكاً، وحريته المطلقة لا تعدو أن تكون ترتيب هذه العلاقات بأفضل أسلوب يراه محققاً لتطلعاته، دون حجر من قاعدة أخلاقية فوقية مفروضة.
يختفي تبعاً لذلك الزيف والنفاق وخنق الإبداع، فالحرية مطلقة والمسئولية أيضاً تامة، وزالت القواعد العامة، التي يرتاح إليها أواسط الناس، لتكون مقصلة لكل قادر على رفع هامته، أو من يجرؤ على تحريك المياه الراكدة المقدسة، ولا نستنكر والحالة هذه الاضطراب والاختلاط الذي يعتري من اعتاد انتماء القطيع، لمجرد اختفاء الحظائر والأسوار، وهذا يستدعي إشكالية الشكل والمضمون، أو الإطار والمحتوى، فرغم الاتفاق على تلازمهما، إلا أنه إذا كان المحتوى يستدعي إطاره بإلحاح، ولا يقر إلا بتكوينه، إلا أن الإطار وإن كان يرجح محتواه، ويدفع بعض الشيء في اتجاهه، إلا أنه غير قادر وحده على فرضه، لتسود حالة يمكن توصيفها بمظهر دون جوهر، وقد تجلب نتائج وبيلة، مثل حالة استدعاء إطار الديموقراطية لمحتوى أصولي في تكوينه، فيكون فرض الديموقراطية في هذه الحالة فوقياً متسامياً، مادامت لم تنبع من العلاقات "الفعل" في هذه البقعة بالتحديد، فالتغيير في "مركزية الفعل" يبدأ من "الفعل" وليس من "الكلمة" أو "الإطار" الذي هو في هذه الحالة "كلمة" في مكانة ثانوية وليس أولية، حتى وإن كان له تأثير ما باتجاه ترجيح مضمونه الخاص.
" الفعل يوجد Ex-sist أو exist ( مشتق من الفعل اللاتيني ex-sistere ) كان يعني أصلاً يبرز stand out ، أو ينبثق Emerge ، وهو يعطي إيحاء إيجابياً، حيث يعني الانبثاق من خلفية يتواجد بها وجوداً حقيقياً، لكن فلسفياً الآن تعني كلمة يوجد أنه "ملقى به حولنا في مكان ما" أي أننا سنقابله في مكان ما من العالم "
الإنسان إذن هو هذا الفرد الموجود هنا والآن، وليس كياناً نظرياً مقولباً، هو منقطع عن كل ما عداه، متجاوز لكل شيء في العالم والتاريخ، ليكون اتصاله بالعالم بعدها تحقيقاً للاختيار الحر الأصيل، والأصالة هنا بمفهوم معاكس تماماً للأصالة الأصولية، فهي أصالة الذاتية في الاختيار والقرار.
" مصطلح سارتر "الوجود لأجل ذاته Pour-Soi" يعرف من خلال فكرتي السلب والحرية، فما هو "لأجل ذاته" يظهر في الوجود Exists أو ينبثق Emerge بأن يفصل نفسه عما هو في ذاته En-Soi ، وما هو في ذاته له وجود بذاته، وهو وجود ماهوي Essential ، أما "ما هو لأجل ذاته" فهو حر في اختيار ماهيته: فوجوده هو حريته " .
تلعب الحماسة هنا دوراً أساسياً يخرجنا عن دائرة العبث Absurd حيث تستوي كل الألوان والأفعال، فتطلق النار مثلاً على "س" دون أن يتطلب الأمر السؤال أو الإجابة عن السبب، أما ما نحاول تحميله هنا على مفهوم "الهوية الوجودية" فهو أن الماضي والحاضر ورؤى المستقبل تجتمع هنا والآن في حماسة جياشة، تصنع الانفجار، الانبثاق، لحظة تحقق الهوية، وكل فعل يتم تحت هذا الشرط صحيح مهما كان المحتوى، لذا يستوي هنا أن نعتبرها هوية حرة أو "لا هوية".

يبقى لنا في الجزء الأخير من المقال أن نعلق ببعض الملاحظات على مفاهيم الهوية الثلاثة، وننتقل إلى مفاهيم الخصوصية والذاتية، لنكون قد حللنا بعض ما يعتري الخطاب الشرقي الآن من تشوهات، تمثل ما شبهناه بحجارة مقدسة تعترض سريان نهر الحضارة في هذه المنطقة.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 1/3
- نحن وأمريكا الجزء الثالث
- نحن وأمريكا الجزء الثاني
- نحن وأمريكا الجزء الأول
- الفاشيون الجدد والاقتداء بمقتدى


المزيد.....




- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح
- الجامعات الأميركية تنحاز لفلسطين.. بين الاحتجاج والتمرد والن ...
- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 2/3