أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كمال غبريال - الفاشيون الجدد والاقتداء بمقتدى















المزيد.....

الفاشيون الجدد والاقتداء بمقتدى


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 869 - 2004 / 6 / 19 - 05:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ليس مشاركة منا – نحن المنسوب إليهم تسمية " الليبراليين الجدد "، مع كم وافر من الاتهامات التي تدخل في نطاق السباب، كما حدث مع المفكر الكبير د. شاكر النابلسي أخيراً، في أشهر برنامج بأكبر الفضائيات العربية انتشاراً – في لعبة خلط الأوراق وتقاذف الأحجار مع الحلف غير المقدس، المكون من فلول عهد الستينات البائد ( ماركسيين وناصريين وقوميين ) مع الجماعات السلفية الدموية خطاباً وفعلاً، وقد تماهى النقيضان، وتبادلا المقولات، حتى استحقوا جميعاً لقباً واحداً، هو " السلفيون الجدد "، فهم جميعاً أسرى أيديولوجيات الماضي ومعاركه، فبعضهم أسرى للنصف قرن الماضي، والبعض أسرى بدايات القرن العشرين، ثم هؤلاء الراغبين في مغادرتنا الزمن تماماً لنرجع خمسة عشر قرناً للوراء، ولأنهم ليسوا خلف الأجداد الذين أقاموا الحضارات على هذه الأرض قبل أن يعرف العالم معنى الحضارة، فالصحيح إذن نسبتهم لأسلافهم المناسبين، ليكونوا بالفكر والممارسة " الفاشيون الجدد ".

ولا هي محاولة منا لأخذ نصيبنا من حجم الضوضاء وقذائف الشعارات والتلاعب بالجماهير المنكوبة بمثقفيها، بأكثر مما هي منكوبة بحكامها، بل وربما عد حكامنا – أو بعض منهم على الأقل – ضحايا لفاشية وديماجوجية من يتصورون أنفسهم صفوة ودعاة وأصحاب فكر وقلم، فنحن غير مؤهلين للمنافسة لعدة أسباب:

· الخطاب الليبرالي يتجه للعقل، لنقد الذات ومراجعة حتى ما يبدو كأنه بديهيات، استشرافاً لآفاق جديدة، فيما يتجه خطاب أصحابنا " الفاشيين الجدد " إلى عواطف الجماهير ومشاعرها الدينية العميقة، يدغدغها ويستثيرها، نافخاً فيها إحساساً بعقدة تفوق كاذبة، تعوض عقدة شعور بالدونية، متغلغلة في الشخصية منذ واجه الشرق حضارة الآخر ومنجزاته.

· يتجه الخطاب الليبرالي للواقع بنظرة تحليلية، غريبة على عقلية شفاهية تستهويها حماسة الفخر والهجاء والرثاء، وقد تحجرت عبر دهور من نظم تعليمية قائمة على التلقين والاستظهار، تعتبر الفكر المبدع من وسوسة الشيطان.

· التحالف المعلن والمستتر بين " الفاشيين الجدد " والقوى التقليدية بالمجتمعات، من أصحاب المصلحة في بقاء الوضع على ما هو عليه - كما يقولون - يضع بين أيديهم الإمكانيات المادية التي تتيح لهم احتلال الساحة، واحتكار القدرة على التأثير، فيما تبقى الأصوات العقلانية تعاني الشتات، داخل مجتمعاتهم وخارجها، لا يستدعون للموائد إلا لاستخدامهم كهدف لتصويب السهام والخناجر.

لا يبقى أمام الليبراليين والحالة هذه إلا الرهان على المستقبل، كأنهم يقولون مع الكواكبي: هذه كلمات حق وصرخة في واد، إن ذهبت اليوم مع الريح فقد تذهب غداً بالأوتاد، والمراهنة على الأغلبية الصامتة المستسلمة من الجماهير، والتي تتفاقم مشاكلها ومعاناتها، جراء حالة التخلف المقيمة، ومتاجرة المتاجرين - من أصحاب الشعارات البراقة - بحاضرها ومستقبلها.

لا بأس ولو على سبيل المناورة أن نأخذ أشاوس " الفاشيين الجدد " على محمل الجد، مفترضين أنهم أهل حوار بغير الخناجر المعنوية والمادية، لنتأمل محتوى حجرين يقذفان دائماً في وجه كل من يحاول إعمال عقله: اتهام بالعمالة والخيانة، حسن، لماذا لا نبحث الأمر مادام دائم التردد على ألسنتهم وميكروفوناتهم الشريفة المجاهدة؟

يمكن أن نعترف بالخيانة، لكن خيانة من، ولصالح من؟

الليبرالية بلا شك خيانة لميراث التخلف والجمود والقهر، الذي تواطأنا جميعاً على الانصياع له، نمارسه على أطفالنا فور ولادتهم، ليظل ملازماً لهم حتى الممات، خيانة هي إذن لميراث الآباء والأجداد، لكنها لصالح الأبناء والأحفاد، فلا أعتقد أنه حتى أشد المتفائلين من جيلنا يطمع في تذوق ثمار ما نسعى لاستزراعه في صحراواتنا.

يمكن كذلك أن نقر بالعمالة، أيضاً لمن ولصالح من؟

يقولون عمالة للغرب، ويمكن أن نعترف بالذنب مع تصحيح التهمة لتكون عمالة للحضارة الغربية، الحضارة المسماة تجاوزاً بالغربية، لأنها ملك للإنسانية جمعاء، المحطة الأخيرة لموكب الحضارة الذي بدأه الفراعنة والسومريون بدخول مرحلة الزراعة، تلك المرحلة التي لم تطأها حتى الآن أقدام بعض مجتمعات شرقنا الكبير، وهي المجتمعات الأكثر قدرة على إنجاب الأشاوس من " الفاشيين الجدد "، عمالة هي إذن، لكن لصالح مجتمعات البداوة المادية والفكرية بالدرجة الأولى، والمجتمعات الزراعية الساكنة كشواهد القبور من الدرجة الثانية، وتلك المتعثرة على عتبات عصر الصناعة من الدرجة الثالثة، عمالة تحاول جر المنطقة لعصر المعلوماتية، فهل نحلم بالمستحيل؟

أو يقولون عمالة للـ CIA وللقوى التي تريد الهيمنة على المنطقة، والمارينز وما شابه، وهنا نأتي إلى بيت القصيد، ولنحاول أن ندعو السادة الأشاوس أن يجربوا ما لم يعتادوا عليه، وهو محاولة إعمال المنطق - ولو لبعض الوقت - فنسألهم: من كان أول من فتح الباب لدخول القوات الأمريكية للمنطقة؟ أليس بطلكم المغوار خريج الحفرة، البعثي المناضل صدام حسين، بمحاولته ابتلاع دولة الكويت؟ ومن التالي، الذي استدرج صواريخ الكروز وطائرات ب 52 لتدك قرى وجبال ووديان أفغانستان أليس مجاهدكم وشيخكم أسامة بن لادن وفتيانه الطامعين في دخول الجنة على أشلاء عباد الله، المؤمنين منهم والكفار؟

أذكر أني قرأت في كتاب " عودة الوعي " لتوفيق الحكيم قوله أنه بعد موت عبد الناصر كان قد اقترح إقامة تمثال له، فجاءته رسالة من مواطن من بغداد تقول أن أفضل مكان لإقامة تمثال لعبد الناصر هو تل أبيب، لأن كل ما فعل كان يصب في النهاية لصالح إسرائيل، أليس هذا صحيحاً؟‍‍‍‍

مناضلكم الفتى مقتدى الصدر، ماذا يفعل أكثر من إعطاء المبرر للقوات الأمريكية للبقاء على أرض العراق، غير سفكه لدماء العراقيين وكأن صدام لم يسفك ما فيه الكفاية من دماهم تحت سمعكم وبصركم، وسفك دماء القوى العالمية التي جاءت لتحرير العراق من قبضة كبير الأشاوس البعثي؟

وأنتم يا سادتي " الفاشيون الجدد "، ومع عظيم احترامي وتقديري لنضالكم بالميكروفون والخنجر والسيارة المفخخة والحزام الناسف، ماذا تفعلون أكثر من الاقتداء بمقتدى الصدر، ألستم بدعاواكم وتحريضاتكم وممارساتكم تعطون المبررات لما تسمونه قوى الهيمنة – ونسميه رسل الحضارة – للتدخل عسكرياً، ومحاولة فرض إصلاح لن يتأتى إلا إذا نبع فعلاً من داخلنا، ليس جرياً على منطقكم الرافض أصلاً للإصلاح، وإنما لأن الإصلاح لا يمكن أن يكون حقيقياً وعميقاً إلا إذا نبع من الداخل، مع مد اليد للأيادي العالمية الممدودة لنا بالمساعدة؟

يصعب على مثلي تصديق من يدفع الشعب الفلسطيني الأعزل - إلا من أدوات يقتل بها نفسه أولاً – لمواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، ويعيد إشعال النار كلما خبت، يصعب علي تصديق أن مثل هذا الشخص أو الجماعة تمتلك ذرة من ضمير، أو ذرة من حب أو حتى عطف على الشعب الفلسطيني الذي يتاجرون بمأساته، أمراء الموت وأمراء الميكروفونات من أصحاب الأرصدة في بنوك سويسرا، والمتصدرون لقوائم كوبونات النفط الصدامية، يصعب علي تصورهم مخلصين لقضية الشعب الفلسطيني، وتصور أن الليبراليين المنادين بالسلام والتعايش للجميع خونة.

هل نحن دعاة هزيمة؟ ربما، فمن الشجاعة حين تصل لحائط مسدود أن تقر بالهزيمة، ومن الغباء ألا تفعل، لكنكم أيها السادة الأشاوس دعاة انتحار، ليس انتحار ذواتكم المتضخمة بالزيف، ولكن انتحار أمة تدعون أنكم ضميرها ومناضليها.

هل من المجدي أن نناشد السادة " الفاشيين الجدد " العودة إلى ضمائرهم الإنسانية - لا نقول ضمائرهم الوطنية، فقد أفسدها الجمود والغوغائية والارتزاق – ليحكموها فيما هو من صالح أولادنا وأحفادنا من بعدنا، أن يكونوا مطاردين مستهدفين من العالم – كما نحن الآن – أم أن يتواصلوا مع العالم قبل فوات الأوان، أم أن الأوان فعلاً قد فات؟‍‍

الليبراليون لا يعتقدون أن الأوان قد فات، وإلا لالتزموا صمتاً من ذهب، لكنهم سواء من بقى منهم في أرض الأشاوس، أو من غادر مكان وزمان التخلف، يحاولون قدر استطاعتهم إنقاذ أهلهم والأجيال القادمة من مصير الهنود الحمر، الذي يسعى إليه " الفاشيون الجدد " كما تسعى الفراشة للنار.

سوف ينتصر الشعب العراقي على مقتدى الصدر والمقتدين به، وسيحقق أحفاد السومريين - أصحاب أول حضارة في تاريخ البشرية – أول ديموقراطية في تاريخ الشرق الكبير، وسينتصر الشعب الفلسطيني - صاحب أكبر تراجيديا في العصر الحديث – على أمراء الموت، وسيمد يده بالسلام لجيرانه عوضاً عن الأحزمة الناسفة، ليسود الرخاء والحب والديموقراطية والليبرالية، فموكب البشرية لا يوجهه القتلة والكارهون للحياة، وإن استطاعوا تعطيل مسيرته، ولكن إلى حين.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه ...
- مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال ...
- رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
- لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة ...
- باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر ...
- بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة ...
- ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر ...
- مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
- لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كمال غبريال - الفاشيون الجدد والاقتداء بمقتدى