أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 4















المزيد.....

الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 4


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 923 - 2004 / 8 / 12 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقاربة لمانيفستو الليبراليين الجدد
نصل الآن إلى النقط الستة الأخيرة من مسودة المانيفستو، والتي اعتبرناها معالم على طريق التغيير، ذلك التغيير الذي تحتمه الحقائق الموضوعية على الأرض مادياً وفكرياً، إذا ما قورن بما يحدث في العالم، والذي لم تعد انعزاليتنا وانغلاقنا الأزلي بقادر على النأي بنا عنه، ويحتمه توق الجماهير المغيبة أبداً، وقد ضاق بها الحال، فصارت في مفترق طرق، إما الاضمحلال جوعاً ومرضاً وتخلفاً، وإما التغيير الشامل والجذري، ويحتمه أخيراً إصرار القوى العظمى التي تأذت وستتأذى بمنتجات ثقافتنا المتخلفة خمسة عشر قرناً على الأقل، ذلك الإصرار الذي يتبدى بنوعيات متدرجة، بداية من المساعدة المادية والعلمية وهو ما يحدث مع الشعوب والحكومات الراغبة حقاً في الإصلاح مثل تونس، ونهاية بصواريخ كروز وقاذفات ب 52 وقوات المارينز، كما حدث مع أفغانستان طالبان والقاعدة، وعراق صدام حسين، وهو ما نرجو ألا يتكرر في شرقنا الذي فقد ما يكفي من دماه وثرواته، التي أهدرتها أزمنة التخلف الموشكة على الزوال.
إذا كانت السمكة تفسد بداية من رأسها كما يقولون، فإن الجزء الأشد فساداً في رأس سمكتنا ليس الأوليجاركيات الحاكمة كما يشيع القول، وإنما جحافل المدعوين مثقفين وكتاب وإعلاميين، باعتبارهم الفاسدون المفسدون، وتأتي خلفهم جيوش جرارة من أبناء الشعوب، والذين تم إفسادهم من خلال تعرضهم المكثف لفعاليات الخداع والتزييف وغسيل المخ، من قبل السادة الأشاوس، الممسكين حتى الآن بجميع المنابر ذات الفاعلية الجماهيرية، ينفخون في أبواقهم القومية والناصرية والشيوعية والسلفية المتعصبة، مشعلين نيراناً تكتوي بها الجماهير، فيما تجلب عليهم هم الانتشار ودولارات النفط.
أما جسد السمكة المتمثل في الأغلبية الكاسحة الصامتة، والتي تعاني شظف العيش صابرة، فمازالت سليمة، تتوق ليوم خلاص حبذا لو كان في هذه الحياة الدنيا، وأنا شخصياً أتلمس نبض ذلك الجسد الشعبي البريء من كل شر وكراهية وزيف، حين يتاح لي استدراج أحد البسطاء ليعبر عما في نفسه بتلقائية، مع حرصي على عدم الإيحاء إليه باتجاه ما، اللهم إلا عكس ما أعتقد لاستطلاع رأيه، سائق التاكسي والبواب والعامل البسيط والنجار والحداد وبائع المناديل الورقية وعلب الثقاب والقداحات الصينية، هؤلاء – إلا الذين يدمنون متابعة قنوات التليفزيون الفضائية وغير الفضائية – هم القاعدة العريضة التي يعمل الليبراليون الجدد على استنهاضها، لتؤمن - كما آمنت الشعوب الأوروبية قبلها – أنها سيدة مصيرها، وأنها قادرة إذا ما أنجبت وساندت صفوة طاهرة مخلصة، أن تتقدم لتلتحق بركب الإنسانية، ركب الحضارة والتنمية والتسامح، لتحقق حلمها في التقدم، بدلاً من حلم هدم الحضارة على رؤوس المتحضرين.
بالنسبة لرفض ضغوط الإصلاح الخارجية، يبدو الأمر شعاراً جديداً من شعارات التضليل والتزييف، ولا ينطبق عليه حتى مقولة حق يراد به باطل، لأنه باطل من كافة الوجوه:
· صياغة المصطلح "ضغوط خارجية" تنحو لاستهجان المحتوى، وإذا استبدلناه بتعبير آخر حيادي مثل "تأثيرات خارجية"، فسوف نكتشف بسهولة أنه لا أحد في عالمنا المعاصر يستطيع أن ينأى عن مثل هذه التأثيرات، وأننا أيضاً نؤثر في الآخرين، إن سلباً أو إيجاباً، وأن من الطبيعي للمتأثر أن يؤثر، وبالتالي فالمسألة غير مرفوضة أو شريرة من حيث المبدأ، ويبقى الجدل في طبيعة تلك التأثيرات كماً وكيفاً.
· نحن في ظل أوضاعنا الحالية، وعلاقات القوى المعتادة، والتأثيرات الخارجية الطبيعية، لم نستطع أن نتحرك للأمام، بل نتحرك يومياً للخلف عشرات السنين الحضارية، وعليه فلابد لإحداث تغيير حقيقي من الاستعانة بالقوى العالمية المتحضرة، لتعيننا على القيام بقفزة حضارية لابد منها.
· طبيعة المساعدة الخارجية – الاختيارية أو الإجبارية – تتوقف علينا نحن شعوب المنطقة وحكوماتها، فقد يقتصر الأمر على تلقي بعض المساعدات الاقتصادية والمعونات العلمية والفنية، تدفع بزحفنا الحضاري للأمام، وقد تكون أمورنا من التعقيد بحيث ندفع الآخر للتحول من موقف مساعدتنا على التغيير إلى موقف إجبارنا عليه، رغم أن هذه الحالة من غير المضمون أن تنتج حالة حضارية جديدة، لأنها قد لا تنتج إلا الدمار والهشيم.
ولأننا نحن الليبراليين الجدد بطبيعة مبادئنا لا نحبذ الوسائل العنيفة في التغيير، سواء كانت بفعل قوى الداخل أو الخارج، نسأل السادة الأشاوس الفاشيين الجدد، الذين تعلو أصواتهم بتخويننا، عن رأيهم في محاولة زعيمهم ناصر في فرض التغيير بالقوة على اليمن، إلى حد ضرب قبائل اليمن بالنابالم المحرم دولياً، مع التحفظ أن ناصر كان يحاول أن يستبدل حالة تخلف أصولي سلفي بحالة تخلف ثوري أحمق، لم ينجب في أي مكان غير الخيبة والفشل.
المناخ الليبرالي العقلاني سيكفل معالجة جميع قضايانا سواء كانت داخلية أو مع العالم، بطريقة عقلانية رشيدة، مبدئياً من منطلق حق جميع الشعوب والأقليات والأفراد في العيش معاً بسلام، وطرح عداوات الماضي جانباً، وبراجماتياً بالتحلي بالواقعية السياسية، وعدم دفن الرؤوس في رمال الصحاري العربية المحرقة والمهلكة، وينطبق هذا أول ما ينطبق على أزمة الأزمات، والتي نقف منذ ستة عقود أمامها كما يقف أعمى أطرش أمام صخرة تعترض طريقه، رافضاً أن يلتف يميناً أو يساراً ليتجاوزها، مصمماً أن يظل يضرب رأسه فيها صارخاً باكياً مولولاً.
أما موقف النخبة في الشعوب المتحدثة بالعربية من العولمة، فهو موقف مثير للاشمئزاز والقرف بأكثر مما هو مثير للجدل أو الحزن على ما وصل إليه حال مثقفينا:
· يتحدثون عن العولمة كما لو كانت مؤامرة علينا لإفقارنا وسلب هويتنا، رغم أنها مجرد تسمية للمرحلة الراهنة من مسيرة حضارة عالمية تتطور تدريجياً ومنذ آلاف السنين، وتنحو لربط شعوب العالم بعضها ببعض، وكل ما في الأمر أن ازدادت في المرحلة الراهنة درجة ارتباط الشعوب واعتمادها المتبادل، نتيجة تطور هائل في مجال الاتصالات، وزيادة ارتباط الاقتصاد العالمي، لكن شعورنا الأبدي بالعجز لابد وأن تترجمه حناجرنا بالتصايح والتنديد بمؤامرة ما، كل ما يصدر من الخارج مؤامرة علينا، وكل ما يصدر من الداخل أيضاً بإيعاز من مؤامرة علينا، فهنيئاً لكم يا سادتي الأشاوس باستراحة رؤوسكم على صدر نظرية المؤامرة، ترضعون من ثدييها حتى الثمالة، أو حتى الفناء.
· يتحدثون عن إفقارنا في ظل العولمة، كما لو كنا نجحنا في ظل نظم اقتصادية أخري، كما لو كان الحال كلش زين كما يقول إخواننا العراقيون ثم جاءت العولمة لتلغي الرفاهية التي نرفل فيها، يا سادتي النشامى تعلمون جيداً أنكم فاشلون اشتراكياً وفاشلون رأسمالياً وفاشلون بين بين، فهل يمكنكم الصمت بشرف أو الانتحار بشرف، أو الهرب قبل أن تدركم نعال الجماهير؟!!
· يتحدثون عن العولمة كما لو كانت سلب للهوية، وهم بفاشيتهم القومية والدينية يسحقون هويات الأقليات الدينية والقومية التي تعيش في هذه المنطقة منذ آلاف السنين، ليس فقط الأقليات بل أكثرية كاسحة كالشعب المصري حاولت فاشية عبد الناصر محو هويته المصرية المستقرة منذ سبعة آلاف عام، ليخلع عليه تحقيقاً لأحلامه المريضة بالزعامة هوية غريبة ليست له، ووصل به التبجح أن ألغى اسم مصر الخالد، واستبدله باسم على غير مسمى !! العولمة يا سادة جنة الهوية والخصوصية، لكنها الهوية والخصوصية المتناغمة مع كافة شعوب كوكبنا أخذاً وعطاء وتفاعلاً بناء لما فيه خير الجميع، أما الهوية والخصوصية الفاشية المستبعدة للآخر والمحقرة له، سواء كان مصدرها الاستعلاء أو الإحساس الدفين بالدونية، فمصيرها إلى الزوال.
يترتب على المناخ الليبرالي أيضاً سيادة العدالة في العلاقات بين البشر وفي سن التشريعات الحديثة، التي تساوي تماماً بين المرأة والرجل، وإن كانت الديموقراطية باعتبارها آلية ليبرالية تعني حكم الأغلبية، فإن الليبرالية تعني الحفاظ على حقوق الأقلية، بل الحفاظ على حقوق الفرد الواحد، ولو كان في مواجهة أمة بكاملها، تلك هي الليبرالية التي تكفل حرية الإبداع والإنتاج والاستمتاع بالحياة لكل فرد ولكل الشعوب.
إن جل ما يواجه الليبرالية الجديدة من مقاومة يصدر أساساً نتيجة افتقاد سدنة الأيديولوجيات السائدة في المنطقة لشجاعة الاعتراف بالفشل كبداية لابد منها للانتقال لمرحلة البحث عن فكر جديد بديل، فعند هذه النقطة فقط يمكن نقد الليبرالية الجديدة وتقييم أطروحاتها وتطويرها أو حتى رفضها رفضاً عقلانياً موضوعياً، والإتيان إن أمكن ببديل أكثر جدة وفائدة، وربما عندها سنكون أول المروجين له.
إن ما يحدث في منطقتنا الآن هو رفض التغيير من حيث المبادئ والأفكار، والطمع في تغيير النتائج والثمار، وهذا هو المستحيل بعينه، فأفكارنا ومثلنا وقيمنا قد أنتجت وتنتج منذ الأزل كل هذا التخلف الذي نرزح فيه، والإصرار على إعادة إنتاج الأفكار والتجارب التي شبعت فشلاً سواء في النصف قرن الماضي (قومية وناصرية) أو ثلاثة أرباع القرن (شيوعية) أو الخمسة عشر قرناً الماضية (سلفية دينية)، هذا الإصرار عناد انتحاري لا جدوى من وراءه، إلا الفناء البطيء أو السريع.
يبقى في مقاربتنا لمسودة مانيفستو الليبراليين الجدد عرض لبعض ما نراه إشكاليات معلقة في فضاء الليبرالية الذي نراه يتسع تدريجياً كفجر واعد وحتمي، سنناقشه في المقال الخامس.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 3
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 2
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 1
- الفاشيون الجدد والتانجو الأخير
- الفاشيون الجدد ودموع التماسيح
- - أثداء الصبار- قصة قصيرة
- خربشات على جدار مفترض - كتابة عبر النوعية
- الشيخ وهالة الصبح - قصة قصيرة
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 3/3
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 2/3
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 1/3
- نحن وأمريكا الجزء الثالث
- نحن وأمريكا الجزء الثاني
- نحن وأمريكا الجزء الأول
- الفاشيون الجدد والاقتداء بمقتدى


المزيد.....




- مصر.. نجل وزير سابق يكشف تفاصيل خطفه
- ذكرى تحارب النسيان.. مغاربة حاربوا مع الجيش الفرنسي واستقروا ...
- لبنان.. لقطات توثق لحظة وقوع الانفجار بمطعم في بيروت وأسفر ع ...
- القبض على الإعلامية الكويتية حليمة بولند لاتهامها بـ-التحريض ...
- مصر.. موقف عفوي للطبيب الشهير حسام موافي يتسبب بجدل واسع (صو ...
- -شهداء الأقصى- التابعة لـ-فتح- تطالب بمحاسبة قتلة أبو الفول. ...
- مقتل قائد في الجيش الأوكراني
- جامعة إيرانية: سنقدم منحا دراسية لطلاب وأساتذة جامعات أمريكا ...
- أنطونوف: عقوبات أمريكا ضد روسيا تعزز الشكوك حول مدى دورها ال ...
- الاحتلال يواصل اقتحامات الضفة ويعتقل أسيرا محررا في الخليل


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 4