أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الديوان - قراءة في مدن الملح -التيه-















المزيد.....

قراءة في مدن الملح -التيه-


جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 3044 - 2010 / 6 / 25 - 09:23
المحور: الادب والفن
    


في رائعته مدن الملح، يرصد عبد الرحمن منيف التطورات الاجتماعية في العالم العربي بعد ظهور النفط مثل قيام المدن الجديدة وتشكيل القوات الامنية (نواة جيش البادية) وفتح الطرق واستخدام السيارات وغيرها. ويشدد على بروز العمال ووسائل الضغط على السلطان (الامير او الحكومات لاحقا) من مظاهرات واضرابات وختم بها منيف الجزء الاول من الملحمة "التيه".
نقل منيف صور الحياة في الصحراء من شظف العيش وقوافل الجمال وانتظار الناس لها ومواعيدها شبه الثابتة والطرق المعروفة (الطريق السلطاني وما بين عجرة وحران) وغيرها. ويسهب في تفاصيل القافلة وقيادتها ومسيرتها مع حياة بدائية لا تتعدى تامين الخبز والملابس للانسان وعائلته دون المتطلبات الاخرى.
تحولت بعض المدن والواحات لانتاج النفط ويرحل سكانها (وادي العيون)، ويبرز هناك من قاوم هذه التغيرات اي البحث عن النفط واستخراجه وتواجد الاجانب "الامريكان" بينهم، واحتمال خرق النواميس ومنها تواجد النساء تحت انظار الخويا (الامريكان) وقد اطلق العراقيون على الانجليز وقتها "صاحب". وتظهر الاساطير حين يغادر متعب الهذال داره ووادي العيون قبل الانتاج بل محذرا من ذلك رافضا هذه التغيرات. لم تظهر له اي مشاركات في اعمال عدائية ضد الشركة والخبراء. ولكن ينتاب البدو في نوبات حراستهم هلوسة بصرية "تخيلات" عن تواجد الهذال في هذا الجانب او ذاك، وتتعب الامريكان تلك الاقاويل والقصص ولابد لهم ان يصدقوها، ضمن احتمالات لا يمكنهم المغامرة باهمالها. مخيلة المجتمع وقتها واهتمام الامريكان صنعت منه بطلا شعبيا.
وبمحاذاة ساحل البحر حران مدينة تضم بيوتا معدودة، فتتحول الى ميناء لتصدير النفط. ويستغرب سكانها والعمال تلك الات الحفر الضخمة والتسويات والرفع وغيرها وسموها بلية. وكانت هناك مخابز! وعدد من الدكاكين ومقهى وبدايات للعمل التجاري والاسواق، يتطور لاحقا ليضم وكالات النقل، ويقبل الشباب على حران للعمل. وينقل منيف الاختلافات في الاستعدادات للسكن، فحين يهمل العرب هذا الجانب تظهر مدينة للاجانب خاصة، تضم السكن ومرافقه، لتتطور الخيمة لدى العمال في حران الى بنايات عشوائية. ولم يحبذ سكان حران التفكير في سكنهم وتنظيم مدنهم وتمثل في اهمال المقاولين (ابن الراشد والدباسي). ولا زالت مدن العرب تعاني من العشوائية في كل شيء.
ويصور عبد الرحمن منيف الامير في قبوله الهدايا من الاغراب تمثلت في هدايا حسن رضائي (ايراني الجنسية) في منظار ثم راديو. ان تفاصيل تعامل الامير مع المنظار وتسخيره اتباعه لذلك يعكس اهتمامات معظم الحكام بعيدا عن هموم الشعب ولذلك توالت النكسات في تاريخنا الحديث. وينشغل الامير بمراقبة نساء عاريات تقريبا على ظهر سفينة تصل بين فترة واخرى للاجانب، فتثير لديه الشهوة والرغبة وفي احلامه يقلب النساء كما يتعامل الخروف ويفحص اليته. انها صورة معبرة لاهتمامات خلفاء العرب بالجواري واعدادها واشكالها الى سبل الحديثة التي تتماشى مع الحداثة، وتبقى تقارير الامم المتحدة عن الاتجار بالبشر تشير الى بلدان العرب. ولا ينسى منيف تاثير تلك السفينة على رجال حران وامانيهم واحلامهم.
تمكن حسن رضائي بالاستثمار في حران مقابل تلك الهدايا، وقد نصح الامير بالاستماع الى لندن في المذياع، وربما توارثنا الثقة في اذاعة لندن من تلك السنوات. لقد اظهر منيف عجز العرب عن التشريع باساليب حديثة لحفظ حقوق شعبهم. وربما يثير اليات التشريع وخلافاتنا مع الانظمة الديمقراطية باعتبار الشعب مصدر التشريع. انها مشكلة التعامل مع المشاكل ويلمس القاريء الفرق الواضح بين مدير شركة نفط والامير في تناول المشاكل ومحاولة حلها.
تنهي الشركة علاقة بعض العمال بها، ويثور العمال مطالبين بحقوقهم، وتشتعل حران مظاهرات وشعارات القوم واهازيجهم تتناول تلك المشكلة "الفصل التعسفي بدون حقوق وضمان للحياة". لم يحسن الامير التصرف فهو مشغول بالراديو والهاتف (الهدية الجديدة من الشركة) لياخذ قائد جيشه (جوهر) المبادرة باطلاق النار على بعضهم ويقدم للناس قتلى وجرحى. ويثور سكان حران مع العمال مهاجمة الشركة وجوهر.
لا يفاجأ منيف القاريء بجيش البادية، فينقل اشكاليات التدريب والملابس العسكرية والايعازات مثل سلام خذ. وما يحمل جوهر من نياشين واوسمة وغيرها، وكان الاخير احد خدم الامير! ويصبح قائدا لجيش ويملك ان يقتل من الشعب ويجرح ويسجن. وربما يطرح منيف اشكالية العدل لدى الشعوب العربية، والمحاكم العسكرية. ولا زال العراقيون يتذكرون المجالس العرفية واحكام قرقوش فيها، ونقل لي البعض بان الحاكم فيها يضع مسدسا على منضدته! ولا يمكن استثناء اي دولة من ذلك وحتى عند استلام الاحزاب الاسلامية الحكم.
يهمل عبد الرحمن منيف دور التنظيمات السياسية في قيادة المظاهرات والاضرابات والدعوة لها والمطالبة بحقوق العمال والطبقات المحرومة. فصور التظاهرة بالعفوية ولكنه يذكر اسماء قادة لها، ويجتمعون مع الوجهاء وغيرهم. كما يوحي بمسؤولية فردية لرجال الامن، فجوهر وحده قرر اطلاق النار! دون الامير والاخير رجل صالح، طفل يلهو بالراديو ورغباته، وكذلك دون ضغط من الشركة النفطية. انه يقدم براءة ذمة لطغاة مثل سعيد قزاز وبهجت العطية وغيرهم. وقد ذكر استاذ بالتاريخ مؤخرا بان التحقيقات لم تثبت اوامر القزاز باطلاق النار في البصرة. ويهمل منيف حقا تاريخيا لابطال التغير في ملاحم العرب وفي العراق منها سنوات 1948 و 1952 و1956 وغيرها. وتضاف لها 1991 وقدم العديد منهم حياته ثمنا لذلك
سلام على جاعلين الحتوف جسرا الى الموكب العابر
قدم عبد الرحمن منيف ضعف الامير الفكري وعدم حرصه على منطقته، وكذلك جوهر "خاشع خاضع مقيم على ذله صابر". وربما اوضح اهمال الحكام العرب حماية العمال من شعبهم بالضد من الشركات الاجنبية.
وتخلف الامام عن الصلاة الفجر يوم المظاهرة والاضراب، وربما يرمز منيف الى مهادنة رجال الدين للامراء والسلاطين، ولكنها اشارة عابرة لم يركز عليها ولم يسهب في شخصية امام المسجد، بل لم يبرز له دور في اصلاح سكان حران او حتى تعريته للظلم الذي لحق بهم.



#جواد_الديوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقعد تعويضي للديمقراطيين
- سلس البول في اطروحة دكتوراة
- مؤتمر للكلية الملكية البريطانية في بغداد
- رد على رسالة الدكتور كاظم حبيب لقوى التيار الديمقراطي العراق ...
- الشلل الرخوي الحاد
- الوردي في برنامج بالعراقي
- احلام اليقظة
- انتخابات في الشرق الاوسط
- في اجتماع للمجلس العربي للاختصاصات الطبية
- ندوة للحزب الوطني الديمقراطي في المحمودية/ بغداد
- هوامش حول القمة العربية في الدوحة
- اللقاء الديمقراطي نواة لقطب ديمقراطي في العراق
- ابطال بين الماض والحاضر
- تحالفات بعد انتخابات مجالس المحافظات
- عبد الزهرة غضبان = عبد الزهرة مال الله في العراق
- وزارة الصحة تعيد العمل بتعليمات لسمير الشيخلي وزير صحة جاهل ...
- صحة الطفل في اطروحة دكتوراة
- ظواهر انتخابات مجالس المحافظات
- ذاكرة عراقي في انتخابات
- الحرب الاهلية في العراق


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الديوان - قراءة في مدن الملح -التيه-