أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد الديوان - احلام اليقظة














المزيد.....

احلام اليقظة


جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 2698 - 2009 / 7 / 5 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفنتازيا (احلام اليقظة) شغلت حيزا كبيرا في رواية فوضى الحواس. فاندمجت حياة (كاتبة رواية) في علاقات حميمية مع بطل قصتها الحبري، تمثلت في مواعيد في السينما وشقته وتبادل القبلات وغيرها. انها علاقات حب وسعادة في الخيال دون الواقع. في احلام اليقظة هروب من الاحباط في حياة الناس وقتها، وربما عاش معظم سكان العالم العربي في احلام اليقظة بعد الفشل في تحقيق امالهم واهدافهم. لقد فشلت الحركات السياسية السائدة في الالتزام بوعودها، بل لم تستطع ان تحافظ على الارض العربية.
تناولت احلام مستغانمي واقعا مريرا عاشته الجزائر حين اندلع العنف بعد الغاء انتخابات شارفت فيها الجماعات الاسلامية على الفوز. وتعرض رجال الامن (الشرطة والمرور والجيش) والصحفيون للاغتيال والذبح. وتعطلت الخدمات وتعثر التعليم ووثقت الرواية بعض شعاراتهم مثل "لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس" و "لا ميثاق ولا دستور قال الله قال الرسول". عندها سقطت الجزائر العاصمة تحت سيطرة الجماعات الاسلامية، ونقلت باصات النقل العام المنقبات والمحجبات يحملن القران من نوافذها، في اعادة حية لقصة الرماح المقدسة ابان معركة صفين.
شغلت توافه الامور الناس، فاستعر النقاش في الصحف حول ذيل الخروف الاسترالي وما يميز الخروف الجزائري وعندها استنتج علماء الامة عدم جواز التضحية بالخروف الاسترالي. وشغلت الناس في العراق ابان الحصار الاقتصادي قضايا جبن كيري والخل في التحريم والتحليل وغيرها. مثالا عن الاحباط في تناول مشاكل الشعب والتغلب على ازمته، وربما شجع زبانية عبد الله المؤمن مثل تلك المناقشات، وهي ظاهرة تتكرر في العالم العربي.
تابعت مستغانمي بطل رواية ذاكرة الجسد (خالد) حيث حمل جسده ذاكره نضال وكفاح شعب الجزائر، فاصبح في فوضى الحواس معطوب اليد بسبب طلقات طائشة من الجيش واضحت حكومات الاستقلال قاتلة كما هي حكومات الاستعمار! في مفارقة جميلة، اكدت عليها معظم الاعمال الادبية والفنية.
لم تجد حياة السعادة في زواجها من ضابط ذا رتبة كبيرة ومسؤوليات امنية كبيرة تمثلت في مراقبة طلاب الجامعة، وربما عبرت بذلك عن قمع الحريات الفكرية، ومع ذلك فهي معجبة ببدلته العسكرية. ويتبختر العسكر في بلدان العالم الثالث ببدلاتهم العسكرية منشغلون بتوافه الامور عن قضايا الشعب، وحصلت الكوارث عندها في العالم العربي. وتكرس مستغانمي اشكاليات الحياة مع هكذا قادة.
أمكانيات زوج حياة، البوليسية والاستخبارية متطورة وانغمس في مراقبة زوجته (حياة) وفشل في العثور على دليل عن علاقاتها بابطالها. لقد كانت هواجسه انطباع اصدقائه بدل من بناء عائلة متماسكة، وتزوجها ليكمل بها اكسسواراته (كانت تحمل الدكتوراة) وتزوجته لتحقيق مطامعها الخاصة، ووصفت زواجها قدر مكتوب. فانشغل في مراقبة 23 ألف طالب جامعي، وهكذا عاشت حياة في احلام اليقظة، وهي اقرب الناس للسلطة وتتمتع بامتيازاتها!.
فشل خالد (بطل ذاكرة الجسد) في البقاء بالجزائر بعد ان شارك في صناعة حكومة استقلال، وفشل في حياته الخاصة، واصبح شاهدا على زواج حياة في اشكالية استخدموا فيها رموز النضال لاغراض شخصية. وحقق حلمه في الابداع في فرنسا (الدولة الاستعمارية)، وامتداده في فوضى الحواس يختار المنفى الاختياري فرنسا، ويتمسك بالرئيس بوضياف باعتباره الامل لتصحيح الاخطاء ومواصلة البناء. انها محاكاة السلف الصالح، اي ابطال حرب تحرير الجزائر، فلم يستطع ان ينتبه للفارق الزمني بين حرب التحرير واحداث العنف. ان التعلق وتقليد رجال السلف الصالح (ابطال تحرير الجزائر)، ظاهرة للتعامل مع توتر العصر واحباطاته حين شاع الفشل الجماعي في تحقيق الاهداف والامنيات.
يشغل محمد بوضياف (الرئيس الجزائري بعد استقالة الشاذلي بن جديد) مساحة في فوضى الحواس. ويجد القاريء تاريخه النضالي ابان الاستعمار الفرنسي، ونظافة يده بعد الاستقلال، وكيف غدر به رفاق الامس بالسجن في الصحراء ونفيه الى المغرب، ومعاناته من شظف العيش حين عمل في صناعة البلوك يدويا. خدعه رفاقه مرة اخرى بحاجة الجزائر له، وعاد رئيسا ويشكل تنظيميا سياسيا مع وعود بتقديم القتلة واللصوص والمجرمين للمحاكمة في حين يشغلون دست الحكم، فاغتالوه امام شاشات التلفزيون. وربما مثل تاريخ بوضياف في الرواية اشكالية العقل العربي بالتمسك بالماضي وابطاله، وكأن مستغانمي تخشى نسيانه في كتب التاريخ. ولم تغفل الرواية افراح البسطاء في عودة بوضياف واحلامهم في العدل والمساواة والحرية وغيرها (منقذ)، فهو بطل من الماضي.
محاكاة السلف الصالح (التمسك بالماضي) لمواجهة الاحباط المستمر، قد تضاعف حين استجدت اشكاليات التطور الاقتصادي والحداثة والعولمة وتعليم الفتيات وعمل المراة وحقوقها وانواع التسلية. ولم تستطع الشخصية العربية تطوير اليات تعاملها مع توتر الحياة وعجزت عن مواكبة التطور حيث تاثير التاريخ واستحضاره في كل الاحداث. وترسخ الاعتقاد بان اهل ذلك الزمان افضل من سكان الحاضر. وتنقل مستغانمي تجربة حياة حين شعرت بالامان داخل العباءة الجزائرية وغطاء الراس، وهي تقطع شوارع افترش ارضها الاف المتظاهرين من الجماعات المتشددة. وحياة في طريقها لموعد غرامي وهي متزوجة.
سجلت فوضى الحواس حقبة من تاريخ الجزائر، بل من تاريخ العرب بعد عجز قادتهم او ابطالهم وحركاتهم السياسية (القومية والاسلامية) عن الالتزام بالوعود، فامضى المواطن وقته في الفنطازيا (احلام اليقظة).



#جواد_الديوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات في الشرق الاوسط
- في اجتماع للمجلس العربي للاختصاصات الطبية
- ندوة للحزب الوطني الديمقراطي في المحمودية/ بغداد
- هوامش حول القمة العربية في الدوحة
- اللقاء الديمقراطي نواة لقطب ديمقراطي في العراق
- ابطال بين الماض والحاضر
- تحالفات بعد انتخابات مجالس المحافظات
- عبد الزهرة غضبان = عبد الزهرة مال الله في العراق
- وزارة الصحة تعيد العمل بتعليمات لسمير الشيخلي وزير صحة جاهل ...
- صحة الطفل في اطروحة دكتوراة
- ظواهر انتخابات مجالس المحافظات
- ذاكرة عراقي في انتخابات
- الحرب الاهلية في العراق
- مدنيون مرة اخرى
- روسيا القطب الثاني في العالم
- صحي وسريع برنامج للتثقيف الصحي
- محاولات الولايات المتحدة لتغير الشرق اوسط
- افتراضات الشبيب في مقامة الكيروسين
- نموذج مثقف
- مع قرب موعد انتخابات مجالس المحافظات


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد الديوان - احلام اليقظة