مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3026 - 2010 / 6 / 6 - 12:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ربما علينا أن نقتصد أو نتحفظ أكثر في التصفيق لأردوغان , ليس لأن الرجل غير صادق في كلامه أو لأنه يتحدث بلغة قوية مستحقة افتقدها الجمهور العربي من قادته في السنوات الأخيرة , بل على العكس , يجب التحفظ في التصفيق للرجل تحديدا لأنه يبدو صادقا فيما يقول و لأن كلامه قويا بشكل غير معهود من قبل . لقد اعتدنا على فردية النظام السياسي و على غياب أي دور فعلي للناس في حياتهم لدرجة أن ثقافتنا السياسية تحولت إلى عملية مفاضلة بين الزعماء و خطاباتهم و في النهاية الاكتفاء بمجرد التصفيق لهذا الزعيم أو ذاك . إن العودة إلى ثقافة التصفيق خطيرة , و هي في نهاية المطاف تكرس , شئنا أم أبينا , ثقافة السمع و الطاعة و تستبعد ثقافة المشاركة و تحرم أو تدين ثقافة النقد و الاختلاف , و سواء كان السبب وراء ظهورها هو مبالغة الجماهير نفسها التي سئمت الهزائم و خطاباتها و التي اعتادت خطابات الأنظمة التي تكرس تهميشها هي أساسا عن قضاياها أو إلى خطاب النظام نفسه المتمركز حول إبراز دور الفرد – الزعيم أو المدعوم في بعض أشكاله الفعلية و التاريخية بسطوة أجهزة الأمن , فإن ثقافة التصفيق لم تخلق أوطانا بل أنظمة فردية . و لو أن اختفاء ثقافة التصفيق أو تراجعها مؤخرا كان نتيجة لوضعية النظام العربي الرسمي الذي أصبح أكثر اعتدالا بمجموعه و لم يعد قادرا على إنتاج ما يستحق التصفيق فإن هذا وحده لا يعني تحول بلادنا و مجتمعاتنا من أشكال سيطرة السلطة الفردية المطلقة , إن الليبراليين الجدد و أزلام النظام العربي الرسمي رغم انتقادهم لثقافة التصفيق يصرون بشدة على ثقافة السمع و الطاعة , بكل بساطة لأن هذه الأنظمة لا تقل , إن لم تكن تتفوق , تسلطا و فردية على الأنظمة التي أنتجت و رعت ثقافة التصفيق . لا يحتاج شهداء أسطول الحرية , و لا المحاصرون الجياع في غزة للتصفيق , إنهم إما مضطهدون باحثون عن الحرية أو أحرار يدافعون عن المضطهدين , و كلاهما ليس بحاجة إلى التصفيق , المستبدون وحدهم يحتاجون إلى التصفيق . رغم أن الأنظمة الفردية لم تنتج سوى النهب و الفساد و الهزائم , فلو افترضنا أنه قد أمكن لنظام فردي أن يحقق تقدما تنمويا ما , فعليا هذه المرة , أو انتصارا , حقيقيا . على القوى الخارجية الطامعة فالشيء الأكيد أن الوطن الذي يقوم على ثقافة التصفيق و السمع و الطاعة و تمجيد الزعيم ليس في حقيقة الأمر وطن بل إنه أشبه بسجن كبير......
مازن كم الماز
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟