أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - سجال حول المواطنة















المزيد.....

سجال حول المواطنة


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2994 - 2010 / 5 / 3 - 17:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سجال حول المواطنة

أعترف أن هذه السطور استفزتها مقالة الكاتب اللبناني علي حرب في الملحق الثقافي لجريدة النهار في شهر شباط فبراير الماضي بعنوان "الأصولي هل يمكن أن يكون مواطنا ؟" , يبدأ الإقصاء في المقالة من عنوانها كما هو واضح , و يمكننا بكل بساطة أن نفهم , من مقالة الكاتب و من الاستخدام الدارج للفظ و مفهوم المواطن , أن مفهوم المواطن لا يعني الإنسان عموما و لا يتطابق معه , أنه يقوم على التحديد و التقييد , لدرجة الإقصاء , و ليس الإباحة , فليس كل إنسان مواطنا , هناك شروط محددة بدقة وفق الإيديولوجيا البرجوازية السائدة لتعريف المواطن , إنه المكافئ البرجوازي للتعريف الستاليني للبروليتاري , أو التعريف الأصولي للمسلم أو التعريف الصهيوني لليهودي , تعريف يقوم على إقصاء كل ما هو غير برجوازي في وجود الإنسان الفعلي , في البشر الفعليين لصالح الإنسان البرجوازي , و لذلك فإن هذا المواطن ليس إنسانا حرا أيضا , إنه خاضع مثله مثل سابقيه لسلطة ما و سادة ما , هذا هو ما يميز هذا المواطن البرجوازي عن كل هؤلاء , أي أسماء السادة و نوع السلطة التي يخضع لها , أو يفترض أن يخضع لها عن طيب خاطر ليستحق هذا "اللقب" , و الشرعية التي يمنحها هذا اللقب , لقب المواطن , لا تعود للإنسان الخاضع أي لحقوقه المفترضة بل للسلطة التي يفترض أن يخضع لها . يقول أنطونيو نيغري و مايكل هاردت في كتابهما الإمبراطورية أن "المفهوم الحديث للأمة ورث الجسد الوراثي للدولة الملكية و أعاد اختراعها في ثوب جديد" ( الإمبراطورية , إصدار العبيكان ص 152 ) , لقد حافظت هذه العملية "على الكيان المادي للعلاقة مع الحاكم" ( ص 153 ) لكن في سياق هذه العملية نجد أن "نظام الرعية الإقطاعي أخلى مكانه لنظام المواطن القائم على الانضباط لدى تحول الأفق الوراثي إلى أفق قومي" ( 1 ) . إن المواطن هو قن سابق يناضل من أجل الجمهورية , من أجل سيادة الطبقة الثالثة سياسيا و اجتماعيا , ضد سادته السابقين , لكنه أيضا فيما بعد البروليتاري الذي يمارس عمله الشاق بسعادة أو دون تذمر على الأقل , و الذي يلبس البزة العسكرية ليقتل من يؤمر بقتله من خصوم برجوازية بلده أو ليموت بأمر من جنرالات الجيش و الحكومة البرجوازيتين بشجاعة . لقد تصور كل نظام طبقي , و منظروه , العالم , الطبيعي و الإنساني على شاكلة هذا النظام الطبقي , صور أفلاطون و أرسطو العالم و الإنسان نفسه على شاكلة تراتبية المجتمع العبودي , و كذلك صورت الكنيسة العالم و الإنسان على شاكلة تراتبية المجتمع الإقطاعي , و بدورهم أقام البرجوازيون و منظروهم أيضا المجتمع حول فكرة مركزية بالنسبة للبرجوازية و نظام إنتاجها : العقد , الشكل الأساسي للعلاقة بين البشر في السوق الرأسمالية , حتى أن جون راولز و هو يتحدث عن العدالة في كتابه الشهير لا يمكنه تصور المجتمع إلا على أنه شركة مساهمة محدودة , و هو يحول بذلك مفهوم العدالة إلى حالة قانونية لمنع الغش بين الشركاء , لكن هذا العقد الاجتماعي حتمي أو إلزامي بطبيعته و لا يحتاج لا مصادقة البشر الخاضعين له أو حتى معرفتهم به و نتيجته التي تتمثل في إلغاء حرية البشر الفردية إلزامية هي أيضا , إنه ليس حرا كالعقد الذي دعا باكونين مثلا لبناء التجمعات الإنسانية على أساسه . هكذا يحقق الأفراد "حريتهم" من خلال "التعاقد الحر" داخل السوق الرأسمالية , فالبروليتاري "حر" ببيع قوة عمله و الرأسمالي "حر" أيضا بشرائها و تحويلها إلى ثروة , يصر منظرو الرأسمالية أن رأس المال يشارك في هذا العقد بصفة فرد عادي , "يتساوى" مع البروليتاري في حرية التعاقد و في شروط هذا العقد . هذه هي الحرية التي تقدمها البرجوازية للبشر : إما حرية الموت الهادئ من الفقر و المرض أو حرية الموت الصاخب كثائر عدمي . في الحقيقة تجري محاولة إنتاج "المواطنين" أو "المواطنة" كمركز لإنتاج نظام رأسمالي محلي و عالمي على قدم و ساق على جبهتين : أولا محاولة تدمير عناصر الهوية التقليدية قبل الرأسمالية عن طريق عملية "علمنة" تنقل الحقيقة من الكتاب المقدس إلى وسائل التعبير عن الفكر البرجوازي "العقلاني" وسط قناعة البرجوازية و منظريها بأن الخطاب العلماني المعارض قد جرى احتوائه أو القضاء عليه بعد سقوط الأنظمة الستالينية في شرق أوروبا , و ثانيا عن طريق عملية تدمير شاملة لأية وسائل حماية اجتماعية للأفراد تقف في وجه تحولهم إلى بروليتاريين , هذا لا يعني فقط القضاء على كل أشكال التضامن الإنساني قبل الرأسمالي التي يتنازل فيها الأفراد أيضا عن حريتهم لصالح المؤسسات السائدة قبل الرأسمالية ( الدينية أو العشائرية أو الإقطاعية ) في مقابل درجة متفاوتة من الحماية الاجتماعية , بل و بشكل أساسي القضاء على كل أشكال الحماية الاجتماعية أو الأمن الاجتماعي الدولتي , أي التي كانت توفرها دولة الرفاه الأوروبية و الروزفلتية و الدولة الشرقية الاستبدادية و الدولة الشمولية الستالينية ( 2 ) . خلافا لكل مزاعم اختفاء البروليتاريا , فقد قامت الرأسمالية مع صعود النيوليبرالية بأكبر عملية في التاريخ لإعادة تحويل البشر أو معظم البشرية إلى بروليتاريين لا يملكون سوى قوة عملهم لبيعها , ربما بشكل يتجاوز حتى حجم نفس العملية في فترة التراكم الرأسمالي الأولي . يصبح الجميع تقريبا أشبه بملكية خاصة لرأس المال , يجري "تحرير" البشر عمليا من أية إمكانية للعيش بعيدا عن عبودية العمل المأجور و خصخصتهم لصالح رأس المال , ليصبحوا سلعا , كأي شيء آخر في هذا العالم , الأرض , السماء , الجنس , الفن , باختصار كل شيء أصبح سلعة لا يملك سوى رأس المال القدرة على شرائها . هناك إذا مسائل جديدة تنهك عقول المثقفين و ذكاءهم , فما دام لا يمكن إلا الخضوع للبرجوازية كما اكتشف ذلك غالبية المثقفين المؤمنين بالفكر السائد فلماذا لا نمارس هذا الخضوع بصمت و حتى برغبة ؟ يجرؤ المثقفون البرجوازيون الليبراليون على طرح مثل هذه الأسئلة الغبية لأنهم مضطرون في النهاية لتأكيد و إعادة تأكيد أن البشر يعيشون أحرارا عندما تحكمهم البرجوازية و عليهم أن يتجاهلوا في سبيل راحتهم الفكرية هذه الواقع و أي نقد مناهض للبرجوازية . يمكن تعديل عنوان مقالة علي حرب ( 3 ) ليصبح أكثر واقعية على الشكل التالي "لماذا يرفض الأصولي , أو الكثير من البشر الذين لا يجدون أمامهم إلا وعدا غيبيا غامضا و غير محدد من السماء ليحتجوا من خلاله و دون طائل على واقعهم , أن يصبح بروليتاريا خانعا , لكن هذا يبقى السؤال الأقل وطأة , فالسؤال الفعلي الذي يخفيه الكلام عن المواطنة هو الخوف من أن يعلن البشر جميعا دون أية شروط بشرا جديرين بالحياة تماما كما خلقتهم الطبيعة , أن يحل الكلام عن حرية الناس مكان الكلام عن قمعهم و تهميشهم , عن اجتماعهم القائم على اتفاق حر طوعي ( كما تحدث عن ذلك ميخائيل باكونين ) مكان العقد البرجوازي الإلزامي و "الديمقراطي" في نفس الوقت , هذه هي النتيجة "الحتمية" الأخرى أيضا لعملية تحويل البشرية إلى بروليتاريا , إلى ملكية خاصة لرأس المال المحلي و العالمي , و لتحطيم كل الأشكال السابقة ( الرجعية و المعادية للإنسان خاصة التي تكفر حريته ) لحمايته اجتماعيا مقابل خضوعه "الطوعي" لتلك المؤسسات قبل الرأسمالية أو الدولتية الاستبدادية..................

مازن كم الماز

(1 ) طبعا لا يساوي نيغري و هاردت بين نظام الرعية الإقطاعي و المواطنة البرجوازي رغم أنهما يعتبران , عن حق , أن الفارق بينهما في الكم و ليس في الكيف
( 2 ) ليس المقصود هنا طبعا الدفاع عن أنظمة رأسمالية الدولة الاستبدادية أو الشمولية الستالينية و لا حتى الدولة التي تثير خيال بعض المثقفين البرجوازيين الصغار أي دولة الرفاه الروزفلتية , بل على العكس , إن قيام كل هذه الأنظمة و في نفس الوقت تقريبا بتبني السياسات النيوليبرالية يمثل حلا منطقيا للتناقضات الشكلية بينها و تطورا منطقيا لأشكال الدولة الرأسمالية على اختلافها
( 3 ) الغريب هنا أنه من المفترض أن علي حرب يستخدم حفريات فوكو الفيلسوف الذي كرس حياته و إنتاجه لتعرية الإقصاء و فضحه حتى في أكثر ممارساته صمتا , هنا يستخدم علي حرب مقاربات فوكو و دريدا لممارسة الإقصاء ضد آخر ما و نفي حقه في الاختلاف , دفاعا عن أحادية قديمة جديدة



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو يسار عربي جديد
- بين الديمقراطية و الليبرالية
- ما بعد أمريكا
- أوجه الشبه بين ستالين و بوش
- الحراس أو العسكر من وحي مزرعة الحيوانات لجورج أورويل
- القصة الأخرى لكتاب لينين مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية
- الصراع الطبقي في سوريا
- وجه الشبه بين مبارك و الأسد و أمريكا والله
- عن موت أو نهاية المثقف
- كلمة عن الانتخابات العراقية البرلمانية القادمة
- سمات السلوك الانتحاري
- المراجعة المطلوبة هي باتجاه الشعب - تعليق على ما كتبه محمد س ...
- الدين كحالة جنون
- عندما تكلم ليبرمان
- تعليق على ما قاله مفتي سوريا
- الفقراء و القتل
- تعليق على رسالة مفتوحة إلى القضاء اللبناني المنشورة في جريدة ...
- عاهرة المقاومة
- كلمات عن جورج وسوف
- النزاع الأمريكي الإيراني


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - سجال حول المواطنة