أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - حادث عادي جدا















المزيد.....

حادث عادي جدا


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3022 - 2010 / 6 / 2 - 23:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لماذا يحمل الجنود البنادق و غيرها من أسلحة القتل ؟ إنهم لا يفعلون ذلك ليحموا الناس و لا حتى ليحموا أنفسهم بل ليحموا النظام , في هايتي بينما كان مئات الآلاف يئنون تحت الأنقاض أو من الجوع أو النوم في العراء استمر هؤلاء بحمل البنادق بل و أطلقوا منها الرصاص القاتل فقط عندما كان لا بد من فعل ذلك لوقف "نهب" الناس الجوعى لمخازن الطعام التي يملكها السادة , هذا هو بالتحديد النظام الذي يجب حمايته و لو بقتل أي عدد من البشر . عندما اصطدم الجنود الإسرائيليون على سفينة مرمرة ببشر لم يكونوا مستعدين لرفع الراية البيضاء بمجرد رؤية بنادق الجنود , لم يكن لديهم بنادق لكن هذا لا يهم , إذن فإن نظام الكون أصبح في خطر و دماء هؤلاء ليست إلا ثمنا ضروريا لإعادة الأمور إلى نصابها , هكذا جرت مواجهة يعتبرها القتلة عادية جدا , بمجرد اكتشاف السكاكين و الهراوات مع من يصرخ في وجه الجنود أصبح دم هؤلاء مباحا , عشرة , عشرون , أو مائة ألف , أو ملايين , نعود من جديد لقصة حقوق الإنسان و الجدل السفسطائي بين الأنظمة و الدول و أزلامها و مشرعي قتلها لخصومها أو لمن تشاء , و يبدو أننا مضطرين لأن نسأل , لو أن الطيار الأمريكي الذي قتل مائة ألف إنسان في هيروشيما قد سقطت طائرته فوق هيروشيما نفسها فهل كان واجبا , وفق "شريعة حقوق """"الإنسان""""" العالمية" , حمايته و إيصاله بسلام إلى حيث يمكنه أن يقود طائرة أخرى تحمل موتا جديدا لآلاف آخرين , أي إنسان تريد هذه "الشريعة" أن تحمي , بالتأكيد ليست تلك الآلاف التي قتلها ذلك الطيار أو الآلاف التي ما زال ينوي قتلها بأمر من جنرالاته , و ليس هو هذا الطيار بالذات بل في الحقيقة الجنرال و رئيس نظامه الذي أمره بهذا , أي باختصار القتلة الحقيقيين , إنها تحمي فقط الإنسان الذي ينتمي للنظام , للمؤسسة , للطبقة الحاكمة , و هنا يصبح خادم هذا النظام و حارسه أي من يقتل باسم النظام و لصالحه متمتعا بالضرورة بكل الحقوق المعتبرة للسادة , تريد هذه الشريعة أن تحمي القتلة و ليس الضحية , لا قيمة للملايين من الجوعى أو الفقراء , السادة ( و لنكن أكثر تحديدا : القتلة فقط ) وحدهم يخضعون لشريعة حقوق الإنسان . إن القتل و انتهاك إنسانية البشر حادث عادي جدا , و يومي جدا في كل مكان على هذه الأرض , و هو وظيفة رسمية لبشر محددين , يقومون بها لصالح القوى السائدة اجتماعيا و التي تختزل و تتركز فيما يسمى بالدولة , يتحمل الناس العاديون و الفقراء هذا القمع و الاستفزاز على أنه شيء عادي لسنوات , أو أكثر ربما , قبل أن ينفجروا غضبا و رفضا , لا شك أن تنمر أجهزة القمع الأمريكية البيضاء أساسا على الزنوج كان حدثا عاديا حتى قبل و بعد انتفاضة لوس أنجلوس 1994 أو كذلك تنمر هذه الأجهزة الفرنسية على المهاجرين القادمين من شمال أفريقيا قبل و بعد انتفاضة الضواحي الباريسية , و هذا الانتفاض و الغضب نفسه ترف لا يمكن للعمال السوريين في لبنان أو العمال الأجانب في الخليج أن يفكروا فيه حتى . إننا نرفض أن يكون قتل الفقراء أو قمعهم أو تهميشهم حدثا عاديا و من المؤكد أن هناك آلاف الانتفاضات الصغيرة التي تحدث على مستوى شخص , عدة أشخاص , شارع , في مواجهة هذا القتل و القمع اليوميين , لكن قوى "النظام" السائد ما تزال متغلبة حتى اليوم على مقاومة الضحايا . بالمقابل يجب ألا تنسينا حمى الخطابات التي يطلقها رئيس هذا النظام أو ذاك معاناة بشر آخرين منسيين اليوم لأن صراخهم ضد القتلة لا يصل آذاننا بعد , أردوغان و هو يتحدث عمن قضوا على سفينة مرمرة يتحدث في نفس الوقت عن سياسة حكومته القمعية ضد أكراد تركيا المسماة بفرض الوحدة الوطنية أي فرض المواطنة التركية على ملايين الأكراد بما يعني رفض حقهم في تقرير مصيرهم بل و تكريس وضعيتهم كبشر من الدرجة الثانية بالكاد تمكنوا بالأمس فقط من انتزاع حق الحديث بلغتهم الأم , إن الأنظمة السياسية تقوم أساسا على تهميش المحكومين و هي تحاول البحث عن شرعية ما عن طريق قتل ضحايا تزعم أنهم يهددون هؤلاء المحكومين كما تفعل حكومة إسرائيل التي يصفق لها مجانين المذابح اليمنيون و كما تفعل حكومة أردوغان في كردستان تركيا , لا شك أن الأنظمة و أزلامها تنتقد سجل بعضها البعض في حقوق الإنسان , لعل بعض مجانين اليمين الإسرائيلي المتعطشين لدماء العرب و المسلمين قد تذكروا فجأة الأرمن و رغم استذكارهم لمذابح الأرمن إلا أنهم كانوا مستعدين للابتهاج بذات الدرجة لو أن الجنود الإسرائيليين وجدوا كثيرا منهم على سطح سفينة مرمرة و قتلوهم جميعا حتى , في وقت سابق بينما كان عبد الناصر ينتقد مجرمي تل أبيب كانت أجهزته الخاصة بالقمع تعذب فرج الله الحلو حتى الموت ثم تحاول تذويب جثته بالأسيد و تعدم سيد قطب فقط لأنهم مختلفون , و بينما كانت أمريكا تقتل آخر الهنود الحمر مخفية و إلى الأبد آثار جريمتها كان ويلسون يكتب محاضرة أخلاقية عن أخلاق الحروب ليساهم فيها بالنفاق المقرف الذي حاول تبرير أكبر مجزرة عالمية عرفها التاريخ حتى ذلك اليوم , إن الأنظمة لا تقاتل بعضها البعض دفاعا عن حقوق هذا الإنسان أو ذاك , فقط السذج أو الأذكياء بما يكفي هم الذين يصدقون هذا الهراء أو يحترفون ترويجه , لم يحارب الغرب و لا ستالين هتلر لأنه فاشي أو نازي , جرى ذلك في إطار الصراع على الهيمنة على العالم و لو أنه من الجيد في نهاية المطاف تبرير ذلك إيديولوجيا أو أخلاقيا بما يجعل المجزرة تبدو و كأنها ذات مغزى و طبيعة أخلاقيتين , الجميع نصب و ينصب هولوكوسته الخاص و لا أحد يكترث لهذا إلا ليستخدمه ضد خصم ما في إطار الصراع على الهيمنة , الأنظمة تقاتل بعضها البعض لأنها تمثل تهديدا لسعيها إلى الهيمنة و السيطرة و لهذا بالذات لا يحارب جيران إسرائيل العرب جارهم الغارق في دماء الفلسطينيين و السوريين و المصريين و اللبنانيين و مؤخرا الأتراك , بكل بساطة لأنهم مستسلمون للهيمنة الإسرائيلية على الشرق الأوسط , بما في ذلك على مناطقهم ذاتها , أما أردوغان نفسه فهو اليوم يتحدث في نفس الوقت عن إعادة العلاقات مع مجرمي تل أبيب حتى قبل أن تجف دماء الضحايا . هكذا لم تكن هناك أية علاقة مثلا بين منح الديمقراطية للشعب العراقي ( و كأنها سندويش همبرغر أو علبة بيبسي ) و بين أن يحول بريمر العراق لمختبر للسياسات النيوليبرالية للمحافظين الجدد بفتح العراق على مصراعيه لرأس المال الأجنبي , و لم يكن يسوع شخصيا يحتاج لقتل و ذبح الهنود الحمر للاستيلاء على ذهبهم عندما وصل المسيحيون الأوائل إلى العالم الجديد , و كان بمقدور المسلمين أن يبلغوا رسالة ربهم الجديدة إلى الشعوب المجاورة لهم دون أن ينهبوا ثرواتها و يقتسموها كغنيمة فيما بينهم قبل أن يتخاصموا فيم بينهم على من هو الأحق بالتمتع بهذه الغنائم , لكن لحسن الحظ أن هذه الكنوز و الثروات التي نهبها الاسبان من العالم الجديد و المسلمون من العالم القديم كانت في الأساس ملكا لأرستقراطية هذه الشعوب و حلفائها من كبار رجال الدين و ما جرى بفعل الغزو هو مجرد نقل ملكيتها من أرستقراطية الشعوب المهزومة إلى أرستقراطية الشعوب الفاتحة أما الفقراء فقد كانوا محرومين منها في السابق و ظلوا محرومين منها في الحاضر , هذا هو حتى اليوم , و الغد ربما , هو جوهر التغيير الحادث في التاريخ , بحلول نخبة اجتماعية جديدة مكان القديمة , هكذا مثلا استولى سادة العراق الجدد على ما كان في السابق حصة صدام و أزلامه من ثروة العراق بينما بقيت حصة الشعب العراقي بالكامل على حالها كما كانت في السابق , هكذا بقي الجوع و الفقر و غياب أبسط أشكال الحياة المتمدنة واقعا ضروريا لملايين العراقيين تماما كما كان في السابق . أما بهجة الليبراليين الجدد خاصة العرب منهم لسقوط هؤلاء الضحايا , و غيرهم من الضحايا , على يد جيوش "التمدن و التنوير" و سجودهم لرب الجنود بل و اعتبارهم هذا القتل دليلا و برهانا على ضرورة أن نتمدن على طريقة القتلة و السفاحين و أن هذا القتل , و بكل وقاحة , دليل على تفوق حضاري ما للقتلة و على ضرورة أن يسجد الناس العاديون , الفقراء منا , لرب الجنود هذا , فمن المؤسف أن نذكرهم أنهم ليسوا أول من فعل هذا , أي أول من سجد لرب الجنود راكعا شاكرا وهو يعتبر ما حل بالناس "عقابا" مستحقا لكفرهم بإلههم , إله الرأسمالية هذا الذي يسمي نفسه بالحداثة و التنوير و ما شئت , ففي الخامس من حزيران يونيو سجد محمد متولي الشعراوي , و آخرون , لإله ما , شكرا ليس فقط على هزيمة عبد الناصر , بل على موت الآلاف ممن لا يعتقدون بإله هذا الموت المستحق برأي الشعراوي و أمثاله تحت جنازير دبابات من يؤمنون بإله و لو كان اسمه يهوه , الفرق هنا بين الاثنين هو اسم الإله , لكن أفعال هذا الإله هي نفسها و ظمأه لدماء الضحايا هو نفسه , إذا لم تؤمن بهذا الإله فلتذهب إلى الجحيم بل إن من سيقودك إلى الجحيم لن يكون إلا قوة إلهية أو منفذة لمشيئة الإله . لقد رفعت الرأسمالية من إنتاجية الجندي المحارب , أصبح بمقدور طيارين مثلا أن يقتلا ربع مليون إنسان بكبسة زر , حتى جيش جنكيز خان , بل و الطاعون نفسه , كان يحتاج إلى شهور على الأقل لحصد هذا العدد من الأرواح , و لذلك تستحق الرأسمالية لقب طاعون البشرية الجديد , و أخذا بالاعتبار تأثيراتها المدمرة على الأرض و كل أشكال الحياة عليها تستحق لقب طاعون الأرض و الحياة الجديد , هكذا فإن عبارات نهاية التاريخ و البشر التي تحدث عنها فوكوياما و نبوءة فوكو المتشائمة عن نهاية أو موت الإنسان أصبحت واقعا قريبا و لم تعد خيالا بعيدا , طالما كانت المؤسسات الدينية الرسمية ترى في سيادة الهرطقة على الأرض إنذارا بنهاية العالم و بعقاب يتجاوز الخيال مستحق سينزل ببني البشر , لقد أصبح بمقدور الرأسمالية اليوم أن تحكم على البشرية بالانتحار , إن قلة مجنونة بمصالحها , بالسلطة و الهيمنة , باستمرار الشعوب , بما في ذلك فقراء شعبها هي بالذات في دفع الأتاوات لها , أصبحت اليوم , قادرة على أن تقرر نهاية البشرية , و حقيقة أنها جرت البشرية إلى حربين عالميتين هما الحدثان الأكثر دموية في تاريخ الإنسان على هذه الأرض يؤكد ما هي قادرة عليه , يجب إيقاف هذا الجنون , يجب إيقاف هؤلاء , و إلا فإن القتل و الموت الذي تمارسه لن يعرف أية حدود.......


مازن كم الماز



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق على ما كتبه غسان المفلح و كامل عباس عن اليسار و اليمين
- الرهانات في -معاقبة- اليونان
- لماذا لا سادة و لا آلهة ؟
- تضامنا مع نضال العمال اليونانيين !
- لا رأسمالية بلا أزمة بيان الأول من أيار
- سجال حول المواطنة
- نحو يسار عربي جديد
- بين الديمقراطية و الليبرالية
- ما بعد أمريكا
- أوجه الشبه بين ستالين و بوش
- الحراس أو العسكر من وحي مزرعة الحيوانات لجورج أورويل
- القصة الأخرى لكتاب لينين مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية
- الصراع الطبقي في سوريا
- وجه الشبه بين مبارك و الأسد و أمريكا والله
- عن موت أو نهاية المثقف
- كلمة عن الانتخابات العراقية البرلمانية القادمة
- سمات السلوك الانتحاري
- المراجعة المطلوبة هي باتجاه الشعب - تعليق على ما كتبه محمد س ...
- الدين كحالة جنون
- عندما تكلم ليبرمان


المزيد.....




- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - حادث عادي جدا