|
تسييس الفعاليات المدنية لمصلحة من ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3008 - 2010 / 5 / 18 - 22:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان اُريد لاي مجتمع ان يتبع سكته الطبيعية في مسيرة حياته في التمدن و الحداثة و الرقي ، و تهمه مصالح مواطنيه، لابد ان تتجسد المؤسساتية في ادارة شؤونه الى جانب العمل الاختصاصي و توزيع المهمات بين مكوناته و هيئاته دون اي خلط في اداء العمل او في اتباع الوسائل المشابهة او في الاهداف و النضال من اجل تحقيقها، و لابد ان يؤدي كل جانب ما عليه من الواجبات دون المساس بما يخص الاخر . من المعلوم ان الاحزاب السياسية لها مهامات و اهداف خاصة و هي تصارع و تنافس سلميا في المجتمع المدني من اجل التقدم في امكانياتها و جماهيريتها للوصول الى السلطة و تحقيق الغاية التي تعمل من اجلها. اما المنظمات و المؤسسات و الهيئات المدنية لن تهدف في نشاطاتها و عملها الى اية سلطة تُذكر ، بل انها تنعكف في عملها و تركز على تحقيق ارتقاء المجتمع و تمدنه و رفع مستواه الثقافي و اتساع رقعة الوعي العالم و المحافظة على تطبيق المفاهيم التي تهم الشعب من الحرية و الديموقراطية و مبادئها و ضمان حرية العمل و التعبير و الصحافة و الدفاع عن حقوق المواطنة في البلد . ما نحس به في الدول النامية و بالاخص الشرق الاوسطية هو سيطرة السلطة على كافة امور الدولة و لم تسمح لاية جهة اجراء ما عليها من الاعمال و المهمات بعيدا عن تعليماتها سوى كان بشكل مباشر او غير مباشر . و هي اما تؤسس منظمات و نقابات و اتحادات مختلفة في الظل من اجل قطع الطريق امام انبثاق ما هو الحقيقي و ممثل للطبقات و الشرائح من هذه المنظمات و المؤسسات او تضغط بكل السبل من اجل بقائها تحت سيطرته بالترغيب و الترهيب . و عندئذ تكون الفعاليات المدنية التي يمكن ان تبديها هذه الهيئات تحت رحمتها و لن تهدف الى ماهوالمطلوب اصلا و من جوهر متطلبات المجتمع المدني و التنوير و الحداثة. عدا ذلك، فان ردود الافعال العفوية التي تحدث من قبل الشرائح و المهن المؤثرة ازاء الحوادث المختلفة، او عند حدوث الخروقات او تدخل الاحزاب و السلطة في امور المواطنين الخاصة، او عند التاثير على العملية المدنية اصلاو تحاول ان تعيقها، او اعاقة نتاج و ثمار النخبة من المثقفين من الكتاب و الادباء و الشعراء و الصحفيين التي تسرٌع من تمدن و تقدم المجتمع بعيدا عن مصالح الاحزاب ، فان السلطة ستغير التوجه و تحدث الفوضى و تؤخر المسيرة المدنية من اجل المصالح الحزبية القحة. ما لاحظناه بعد اغتيال الشاب المغدور سردت عثمان من ردود الافعال المختلفة من قبل كافة الشرائح في اقليم كوردستان و في مقدمتهم المثقفين و الصحافة و الاعلام بشكل عام بالذات قد اثلج صدورنا مما شاهدنا من الادانة القوية و المتعددة المصادر، و لكن ما استغربنا منه حقا هو محاولة الجهات السياسية كافة سوى كانت في السلطة ام في المعارضة استغلال هذه الحادثة للحصول على المكتسبات السياسية بعيدا عن القيم المدنية و بشكل واضح . فان الفعاليات و النشاطات الكثيرة التي اجريت عند محاولة البعض من التاثير عليها قد افرغتها من مضمونها و غيرت من جوهرها و اهدافها و اعادت عملية التمدن المستمرة الى حظن الحزب و السياسة حصرا، و لاسباب عديدة منها قلة خبرة من اداروا النشاطات او انعدام التجربة و سيطرة العقل السياسي و التسييس على كافة المثقفين و في جميع المجالات، و قلة امكانية المستقلين الحقيقيين و انعدام قدرات المؤثرين على الراي العام بعيدا عن الجهات السياسية، و استمرار وجود الكوادر الحزبية الايديولوجية في المنظمات و الاعلام المستقل و الصحف الاهلية، و عدم مهنية المقيمين و المشاركين في هذه الفعاليات في اداء واجباتهم. و من ثم استغلال السلطة الاخطاء التي حدثت لقلب الموازين و توجيه الانظار نحو الاهداف السياسية و العودة بفكر و حال الشعب الى الصراعات الحزبية المتشددة، ربما لوجود عقول و رموز حزبية وراء بعض النشاطات و منها التي بولغت فيها و هي غير مجدية بقدر ردود الافعال العديدة التي انبثقت في وقتها داخل كوردستان ، سوى كانت من المظاهرات و الاحتجاجات و اعتصامات اصدقاء و زملاء الصحفي المغدور او اهتمام العالم بها، و كان من الاجدر الاكتفاء و الانتقال الى المؤثرات الخارجية التي تغير من المعادلات اكثر من استمرار الفعاليات الداخلية ، ايما يفعله الاهتمام العالمي بالحادث وتاثيراته على الراي العام و سياسة الاقليم . بعد سحب بساط هذه الفعاليات و النشاطات من تحت ارجل الهيئات و المؤسسات المدنية و جرٌ الهدف نحو السياسة و تغيير المغزى، لم نتمكن من قطف الثمار التي كانت بالامكان ان تعود بالخير الى المجتمع و الثقافة العامة و التي حصلنا عليها بسبب الحادث ، و كان بالامكان الاستفادة منه لدفع العملية المدنية و تنوير الوضع العام للاقليم بدلا عن الصراع الحزبي و اعادة فتح صفحات الماضي الاليم من سلبيات التاريخ الحديث للعملية السياسية في اقليم كوردستان منذ حركة التحرير الكوردستانية و التي نحن في غنى عنها، و لابد من نسيانها بعد طي الصفحات الى الابد، بدلا من اعادة الذاكرة اليها . يمكن ان تفيد هذه العمليات العفوية من عدة اتجاهات منها: سوف تتردد اية جهة في مد يدها مرة اخرى لغدر من ينتقد ما يجري على الساحة السياسية الكوردستانية بشكل بناء، و من ثم لابد لرموز الثقافة و اصحاب الكلمة الحرة و الملمين الذين من واجبهم تثقيف و تمدن المجتمع ان يحذروا مستقبلا و يقطعوا الطريق امام من يريد تسييس النشاطات المدنية العفوية اي من كان، لتبقى رحلة التطور السياسي الثقافي المدني مستمرة، و يجب ان توزع المهامات بشكل صحيح دون خلط بين المكونات، و ليس لمصلحة احد تسييس كافة الفعاليات و حتى المدنية ، اواستغلال الاعتراضات النابعة من اخطاء المتنفذين لضمان مصالح الشعب قبل اي حزب او قبيلة او شخصية كانت.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما التيار الفكري المناسب لهذه المرحلة في الشرق الاوسط
-
منع الانتقاد هو الخطوة الاولى نحو الدكتاتورية
-
لم يدان تطاول تركيا و ايران على اقليم كوردستان!!
-
الاغتيالات ما بين الاخلاق السياسي و التحزب
-
موقف المثقفين من الخروقات لحقوق الانسان في كوردستان
-
قلنا فلتكن كوردستان بوابة للحرية و الديموقراطية!
-
لماذا يُستهدف الصحفيين في اقليم كوردستان ؟
-
المطلوب هو الفعل و ليس الفتاوى والوعاظات و الشعارات
-
انتشار الفقر في اقليم كوردستان رغم الميزانية الهائلة له
-
الفدرالية الحقيقة تنقذ العراق و تحافظ على وحدته
-
من يقدٌر الكتٌاب و الادباء في حياتهم ؟
-
ترسيخ التسامح يضمن التعايش السلمي في العراق
-
في مثل هذه الظروف، من يفكر بالطبقة الكادحة في العراق ؟
-
التحالف الكوردستاني و احتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبل
...
-
ما يعيق النظام العالمي الجديد هو الازدواجية في النظرة و التع
...
-
السيناريوات القابلة التطبيق لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة
-
الصحافة الكوردستانية الى اين ؟
-
هل يمتلك العراق ما ينقله الى مصافي الدول المتقدمة ؟
-
كيف نغلق طريق الفساد المستشري في العراق ؟
-
من يحدد هوية العراق ؟
المزيد.....
-
بوتين يزور كوريا الشمالية في رحلة نادرة وسط تعزز التحالف الم
...
-
صدمته سيارة وحلق في الهواء.. شاهد ما حدث لطفل بعمر 4 سنوات ب
...
-
سفن البحرية الروسية تغادر ميناء هافانا
-
رغم ظروف النزوح الصعبة، لا تزال تعزف لإيصال المعاناة
-
قوة الحقيقة ـ الإعلام في زمن التضليل والذكاء الاصطناعي التول
...
-
إنشاء محتوى بالذكاء الاصطناعي يثير مخاوف في قطاعات الإعلام
-
منتدى DW الإعلامي: محاربة الذكاء الاصطناعي والضغوط على الإعل
...
-
الشركات الألمانية في الصين تشكو ارتفاع الفائض وتدني الأسعار
...
-
خارجية سويسرا: بالخطأ تمت إضافة العراق والأردن إلى قائمة الم
...
-
-الأشهر الخمسة القادمة حاسمة-.. خبراء مصريون يعلقون على مباد
...
المزيد.....
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
المزيد.....
|