|
ما التيار الفكري المناسب لهذه المرحلة في الشرق الاوسط
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 20:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
بامكان تيار ما ان يستلهم افكاره و منطلقاته و ممارساته من التراث، بما فيه من الايجابيات و السلبيات و يفتخر به ، سوى كان الاعتماد عليه في القراءات و التطبيق ضمن الاطر الانسانية للمفاهيم التي يؤمن بها او ضمن ما تتبناه النظرات الضيقةة الى الحياة ، و من الجانب الايديولوجي العقيدي فقط . و من ثم ربما يستند على فكر و عقيدة او دين او مذهب او فلسفة كعامل موحد و مساعد لتكاتف صفوف منتميه، و ربما يحرص على مجموعة من المقومات و الركائز لبقائه و ما يسنده و يدعمه ايضا لفترة طويلة، و يكون له طرقه و اساليبه و نواياه الخفية خلف المعلن من الشعارات و الاهداف و الوسائل المستخدمة ، و ربما يتبع محاور سوى في تقبل الاصلاح و التغييرات او التعايش مع التعددية السياسية و الثقافية لمدة معينة، و من ثم ينفي كل ما يخالفه في وقته المناسب عندما يتغنى بخطابات خاصة به و يعتبرها هي الافضل في غاياتها و محتواها كما يعتقد بنفسه فقط، و يفتخر بما لديه و يستخدمه لتحقيق عدة اهداف كبيرة، و ربما يسمي ما يعمل و ينوي الحصول عليها هي العدالة الاجتماعية بقيادته، و يخرق القوانين المرعية و يلغي الاخر باسم ضمان الامن و العيش الرغيد للمجتمع، و ربما يدرك بين فينة و اخرى الضرورة الموضوعية الملحة لاجراء مراجعة ذاته من كافة الجوانب و دراسة نفسه ليتلائم مع الواقع الجديد بعد كل مرحلة، و لكنه يقع في مآزق و مطبات عدة عند احتكاكه بالمتغيرات و المستجدات على ارض الواقع ، ان لم ينوي الاصلاح و التغيير الجذري مع التطورات الحاصلة على الساحة بشكل عام، و هذا ما يشمل كافة التيارات القومية المتشددة و ايضا السلفية من كافة انواعها. و بامكان تيار اخر ان ينطلق في تنفيذ مهامه من المفاهيم الحديثة مخلفا وراء ظهره التراث بكل ما فيه مستندا على القيم و المقومات العصرية التي لا تخرج من المساحة الانسانية بعيدا عن العرقية و الطائفية و الدينية و المذهبية، واضعا خدمة المجتمع و ما تتطلبها امام اعينه من الجوانب الاقتصادية و السياسية غير مبال بالفكر و العقيدة و الايديولوجيا و هدفه الاول و الاخير هو الحرية و تجسيد الديموقراطية و رفع مستوى معيشة الفرد و تقديم كل الوسائل الضرورية لحياته اليومية، و هذا ما تقوم به التيارات الليبرالية الحديثة . و يمكن ان يخلق هذا التفكير ما نلمسه اليوم من اتساع الهوة بين فئات و طبقات المجتمع و ايجاد الغنى الفاحش بجانب الفقر المدقع، و يعيش المجتمع تحت رحمة الاقتصاد الحر، و يمكن ان يفيد هذا التيار المجتمعات المتقدمة و الدول المستقرة التي ليس لديها اية مشاكل اساسية اخرى غير الفرد و ما يهمه ، و هذا يتحمل نقاشات و حوارات و لا يمكن ان يتقبله واقعنا حسب اعتقادي و نظري و تقييمي لما نحن موجودون فيه في هذه المرحلة في الشرق الاوسط بالاخص. بين هذا و ذاك هناك تيار وسطي معتدل يستلهم افكاره و برامجه من خدمة الطبقة الكادحة و الفقيرة المدعمة التي تحتاج الى اكثر الاهتمامات من غيرها، من اجل تقارب الطبقات و الفئات في المرحلة الاولى ، و هو الخطوة الاولى في العمل من اجل ضمان العدالة الاجتمناعية و المساواة و لهم مما يخدم بها المجتمع جميعا و هو لا يأبه بتعقيدات الافكار المثالية ولم يهمل خصوصيات المجتمع و متطلباته ايضا. و بين هذه التيارات المختلفة هناك فروع و اشباه التيارات التي تخدم المجتمع و تهتم بجانب معين فقط في نضالاته و لا يمكن التعويل عليه في المهمات الرئيسية التي تقوم بها هذه التيارات بشكل اعمق و تختلف عن بعضها بشكل واضح و بالاخص عند ممارسة افعالها على الارض . و ما نحن فيه من السمات العامة و الخصوصيات و التراث و التاريخ و ما توارثناه، و الوضع النفسي و الفكري العام للمجتمع و المستوى الثقافي و الوعي العام و الانظمة السياسية الموجودة في كل بلد و نسبة التقدم الحاصل فيه ، سيدعنا امام خيارات متعددة في التعامل مع الواقع ان كنا تيار وسطي كي نعتمد الانسب في المرحلة التي نتواجد فيها و من ثم نغير التطبيقات بعد كل مرحلة و ما تجلبها من المستجدات الينا. انني اعتقد ان المنطقة لم تسكن بعد و هي غير مستقرة منذ عهود و من كافة الجوانب و خاصة الفكرية النفسية كما يهمني ، و هي منبع الافكار و العقائد المثالية المسيطرة من الاديان و المذاهب و الطرق الاخرى، لم نجد الا نخب معينة بين من يخرج من الاطار العام المرسوم من فعل التاريخ و مؤثراته و الذي تفرضه السمات العامة و العقليات المسيطرة لحد اليوم . اذن وفق جميع المعطيات ان التيار الوسطي المستند على الاعتدال بمراعاة الواقع و الفكر التنويري هو الانسب ، كي يخلق الطلائع و يخدم و يهتم بالاكثرية و هم الطبقة الكادحة التي تشمل اكثر الفئات في المجتمع، و يجب ان يعلن عن الهدف العام الشمولي من اجل ضمان العدالة الاجتماعية و المساواة و تجسيد العلمانية و المجتمع المدني الديموقراطي الحديث ، بعيدا عن التعصب العرقي و الطائفي ، و انه التيار الذي يستوعب الاكثرية و يتقدم خطوة بعد اخرى و يقدٌم ما يحتاجه المجتمع بالحاح في هذه المرحلة، و من ثم تبدا المسيرة المنتظرة، و ما يحتاجه هو التنظيم و لمٌ الشمل و ترسيخ الامكانيات و القدرات المتوفرة لمن يقود التيار ويخطط و يطبق الانسب و يحلل ما يحتاجه الفرد بشكل يومي و بالتفصيل مستندا على الاستراتيجية السابقة الذكر و بتكتيكات مرحلية ضرورية التي يفرضها الواقع ، و النجاح مضمون حتما، و القيادة يجب ان تكون جماعية و العمل مؤسساتي .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منع الانتقاد هو الخطوة الاولى نحو الدكتاتورية
-
لم يدان تطاول تركيا و ايران على اقليم كوردستان!!
-
الاغتيالات ما بين الاخلاق السياسي و التحزب
-
موقف المثقفين من الخروقات لحقوق الانسان في كوردستان
-
قلنا فلتكن كوردستان بوابة للحرية و الديموقراطية!
-
لماذا يُستهدف الصحفيين في اقليم كوردستان ؟
-
المطلوب هو الفعل و ليس الفتاوى والوعاظات و الشعارات
-
انتشار الفقر في اقليم كوردستان رغم الميزانية الهائلة له
-
الفدرالية الحقيقة تنقذ العراق و تحافظ على وحدته
-
من يقدٌر الكتٌاب و الادباء في حياتهم ؟
-
ترسيخ التسامح يضمن التعايش السلمي في العراق
-
في مثل هذه الظروف، من يفكر بالطبقة الكادحة في العراق ؟
-
التحالف الكوردستاني و احتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبل
...
-
ما يعيق النظام العالمي الجديد هو الازدواجية في النظرة و التع
...
-
السيناريوات القابلة التطبيق لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة
-
الصحافة الكوردستانية الى اين ؟
-
هل يمتلك العراق ما ينقله الى مصافي الدول المتقدمة ؟
-
كيف نغلق طريق الفساد المستشري في العراق ؟
-
من يحدد هوية العراق ؟
-
ما يحتاجه العراق هو الحوار ام المفاوضات ؟
المزيد.....
-
وزير إسرائيلي لنتنياهو: يجب استبعاد أردوغان من أي دور في مفا
...
-
عدوى احتجاجات الطلاب تصل إلى جامعات أستراليا.. والمطالب واحد
...
-
-حزب الله- ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي عند الحدود
...
-
كينيدي جونيور يعارض ضم أوكرانيا للناتو
-
لم يبق سوى قطع العلاقات.. تركيا توقف التجارة مع إسرائيل
-
اشتباكات مع القوات الإسرائيلية شمال طولكرم وقصف منزل في دير
...
-
الاتحاد الأوروبي يعتزم اتخاذ إجراءات ضد روسيا بسبب هجمات سيب
...
-
شهداء ودمار هائل جراء قصف إسرائيلي لمنازل بمخيم جباليا
-
اشتباكات بين مقاومين والاحتلال عقب محاصرة منزل في طولكرم
-
وقفة أمام كلية لندن تضامنا مع الطلاب المعتصمين داخل الحرم ال
...
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|