|
موقف المثقفين من الخروقات لحقوق الانسان في كوردستان
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3004 - 2010 / 5 / 14 - 19:53
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
كما هو حال اي مجتمع فعال نشط و ما يحتوي من المكونات، فان المثقف يكون دائما في الطليعة لابداء موقفه الحاسم و المؤثر حول القضايا العامة التي تخص المجتمع بشكل عام، و كلما كانت هذه الشرائح اكثريقظة و تاثيرا في تعاملاتهم مع ما يطرح على الوضع السياسي الاجتماعي، اتسم الشعب بالحيوية و كان منتجا و مثابرا و متقدما بخطى ثابتة في جميع نواحي الحياة . فالمثقف الكوردستاني المتاثر بظروف المنطقة و ما موجود فيها اصلا، له الحق في ان يحمل الراية على الساحة الثقافية و السياسية في هذه المرحلة محاولا اثراء الشعب بما يمتلك من الامكانيات . العائق الكبير الذي فرضه التاريخ و توارثه المثقفون هو الخلط بين الثقافة و الايديولوجيا و بين السياسة و الثقافة في المراحل السابقة، و هذا ما خلٌف مسيرة الثقافة الكوردستانية عن ركب الثقافات العالمية بشكل ملحوظ. انهم لم يعلموا بان الثقافة الحقيقية في تغيير دائم و تكون متاثرة بمستجدات الحياة من العلم و المعرفة و الوضع الاجتماعي و بالعكس ايضا، بينما الايديولوجيا ثابتة على حالها رغم الاصلاحات التي من الواجب اجرائها على ما يتعلق بهذا المفهوم ان اريد لها النجاح في التنظير و التطبيق . من المعلوم ان الوضع العام في هذه المنطقة يمر بازمة خانقة من النواحي كافة ، و بديهي ان يتاثر المثقف و الثقافة حتما وبشكل عام باية ازمة تمسه و يتفاعل معها، و يمكن القول ان الثقافة بذاتها في ازمة خانقة بعيدا عن الظروف السياسية العامة، و يعيش المثقف في اطار معين من حيث التفكير و لم تثمر ايديه مشروع فكري ثقافي معاصر منذ مدة . هنا يطرح سؤال هل يتعامل المثقف مع المواضيع بانفتاح دون اي محددات في العقلية او على الارض، و هل حدد اصلا اهدافه و ما يصبو اليه في هذه المرحلة بالذات. و هنا يمكن ان نتلقى تفسيرات و تنظيرات و افكار مختلفة بقدر الاختلافات الموجودة بين المثقفين و نظرتهم الى الثقافة و السياسة و المجتمع بشكل عام. لو حللنا الواقع الثقافي بموضوعية، يجب ان نتذكر بان واجبات المثقفين في هذه المنطقة بشكل عام و كوردستان بشكل خاص في هذه المرحلة بالذات يختلف عن المثقفين في المناطق و الدول الامنة المستقرة، اي الظروف السياسية تفرض نفسها على اي مثقف ان يفكر فيها كالسياسيين المحترفين، من اجل تجسيد الامن و الامان و توفير الارضية المناسبة لحرية عمل المثقف و تشجعيه على الانتاج. اي يجب ان لا يكون المثقف مكتوفة الايدي من الاحداث التي تهم جميع الفئات و الشرائح و مكونات المجتمع، و عليه ان يقول كلمته بحزم و يكون في مقدمة المهتمين بما يحصل و دوره مؤثر و فعال في تغيير المسارات و له اليد الطولى في اثارة الراي العام و توجيه المجتمع، ان ابتعد المثقف نفسه عن الخمول و اهمال المواضيع المطروحة كما يتصف به مثقفونا الاصلاء للاسف نتيجة الضغوطات السلطات السياسية و ما توارثوه عبر التاريخ الحديث و ما جرعوه من الضيم على ايدي المتسلطين و الدكتاتورية . على المثقف ان لا يكون مشاهدا عابرا للسبيل عند مواجهته للقضايا و يجب ان ينتقد ما يراه سلبي بشكل ما كي يساعد على البناء و يحافظ على المصالح العليا . اما في اقليم كوردستان و ان قيٌمنا و ضعه من النواحي السياسية الاجتماعية الثقافية فيمكننا ان نقول انه يتميز بظروف خاصة يجب مراعاتها بشكل جيد، و لكن هذا لا يعني ان يقف المثقفون بعيدين و لم يكن لهم القول الفصل و خاصة في الخروقات التي تحدث، و من فعل السلطة السياسية الذاتية او نتيجة فشلها او اهمالها او ما تنشرها من الفساد الذي يتفشى و ينتشر كالنار في الهشيم دون حل جذري او اصلاح يذكر. نعم يجب ان تكون هناك علاقة منطقية هادئة بين السلطة و المثقفين و خاصة في اقليم كوردستان الذي تفرض ظروفه تلك الاوضاع، الا ان الانتقاد و التصحيح و التهذيب و الارشاد يكون مكملا للسلطة التقدمية الحداثوية المتمدنة. النحبة هم اكثر الشرائح الفعالة و الضرورية وجودها لتصحيح المسار، و لكن يجب ان يهتموا بما يهم الشعب بشكل عام في هذه المرحلة و ليس العمل من اجل النخبة ذاتهم فقط . مايهم هذه المرحلة هو الحفاظ على الحرية النسبية و الديموقراطية السائدة وتجسيد مبادئها بشكل اقوى في كل يوم، لضمان بقائها مما ستنتج عنها الطريق السوي امام تنفيذ واجبات المثقف الخاصة في المستقبل القريب ، و ما نشاهدها من الخروقات في الحرية و الديموقراطية و حقوق الانسان تفرض على المثقفين قبل غيرهم ان يقفوا سدا منيعا امام عودة المضايقات السياسية الثقافية ، و العمل على قطع طريق الوصول الى وضع حجر الاساس او بداية الانفراد بالحكم و عودة الدكتاتورية مهما كان عرقها او شكلها ، و نحن في بداية انشاء البنيان و كلما كان صحيحا و دقيقا رفعنا صرح العملية السياسية الثقافية بشكل سليم . و هذا ما يتطلب موقفا موحدا من جميع المثقفين على حد سواء مهما كانت رؤيتهم او فكرهم او عقيدتهم كي تعيد اية جهة كانت النظر في محاولتها لاحتكار الوضع و الانفراد بالحكم و الغاء الاخر ، و يجب ان يعود المخطئ الى رشده .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قلنا فلتكن كوردستان بوابة للحرية و الديموقراطية!
-
لماذا يُستهدف الصحفيين في اقليم كوردستان ؟
-
المطلوب هو الفعل و ليس الفتاوى والوعاظات و الشعارات
-
انتشار الفقر في اقليم كوردستان رغم الميزانية الهائلة له
-
الفدرالية الحقيقة تنقذ العراق و تحافظ على وحدته
-
من يقدٌر الكتٌاب و الادباء في حياتهم ؟
-
ترسيخ التسامح يضمن التعايش السلمي في العراق
-
في مثل هذه الظروف، من يفكر بالطبقة الكادحة في العراق ؟
-
التحالف الكوردستاني و احتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبل
...
-
ما يعيق النظام العالمي الجديد هو الازدواجية في النظرة و التع
...
-
السيناريوات القابلة التطبيق لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة
-
الصحافة الكوردستانية الى اين ؟
-
هل يمتلك العراق ما ينقله الى مصافي الدول المتقدمة ؟
-
كيف نغلق طريق الفساد المستشري في العراق ؟
-
من يحدد هوية العراق ؟
-
ما يحتاجه العراق هو الحوار ام المفاوضات ؟
-
اهم نقاط التحول في تاريخ العراق الحديث
-
التحزب و الثقافة السياسية في العراق
-
هل مجتمعاتنا تتقبل الحداثة كما هي بشكلها الصحيح؟
-
انفال انفال و ما ادراك ما الانفال
المزيد.....
-
قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا
...
-
أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق
...
-
الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي
...
-
موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق
...
-
الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام
...
-
السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC
...
-
بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى
...
-
كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول
...
-
واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ
...
-
البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|