|
الفصل 21 من رواية تصبحون على غزة
حبيب هنا
الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 23:59
المحور:
الادب والفن
21 الوقت كالسيف ، تقطعه ويقطعك .تتقبله مع مرور الأيام ، تتعايش معه بحلوه ومره ، تنقلب عليه وينقلب عليك ، تلعنه ويلعنك ، تستحضره فيقف أمامك ، يستحضرك فتمتثل لمشيئته ، تنتهز فرصة الانفلات من بين أنيابه فيتربص بك عند كل منعطف تحاول اجتيازه ، ينتهز فرصة نومك فيكون لغيرك ويتآمر عليك معه ، تبوح بإسرارك إليه فيحافظ عليها وينبئك بالآتي . الوقت كالسيف ، إن لم تقطعه قطعك ، يغرس سكينه في أحشائك، تصرخ ، تتألم ، ترتد على أعقابك وتلعنه في السر والعلن ، ثم تبحث عن وسيلة تقهره وتسيطر عليه ، تلجأ للقراءة والكتابة وتتجاهل الوقت لتكتشف أنك تقفز من فوقه ولا تعيره اهتماماً كأن به غير موجود ، ينفلت كي يقبض عليك دون جدوى ، تبقيه محاصراً بين الأسطر وصفحات الكتاب الوسيلة الناجحة في السيطرة عليه وإبعاده عن دائرة تفكيرك . الوقت يداهمك ، يطن في أذنيك ، يلح عليك ، يناديك أن تذهب إلى الوطن ، يحثك أن تنهي تصفية الشركة بأسرع ما يكون ، أن تكون على استعداد لتحمل تبعات قرارك ، يجعلك تصرخ في وجه السكرتيرة : - إلى أين وصلنا في أعمال تصفية الشركة ؟ - انهينا الإجراءات الضرورية وبدأنا الخطوة الأولى . - لا أريد تباطؤاً تحت أي ذريعة ، ينبغي لنا الانتهاء قبل السقف الزمني الذي حددناه حتى نكون على مستوى الحرص في تنفيذ القرارات مهما كانت صعبة وعصية .. - لن أتراخي حيال هذه المسألة . - سأكون كعهدك بي رغم الألم الذي يعتصرني جراء تصفيتها . - ولماذا ؟ - أنسيت أننا بنيناها معاً حجراً فوق حجر ، لحظة وراء لحظة ، زبوناً يجر زبون ! - لا ، لم أنس ، وستكون مكافأتك تساوي الجهد المبذول .. - يوقع بعض الأوراق التي تنتظر . يباشر اتصالاته مع الزبائن والشركات التي يتعامل معها . تستقر حياته وينتظم إيقاعها . يذهب إلى ريتا محملاً بالفرح . يتأملها كما لم يفعل من قبل . تتأمله وحنين الذكريات يسحق لحظات السعادة . يغرس أصابعه بين خصلات الشعر السابح على وجنتيها. تعود برأسها إلى الوراء، ويحملها الدلال على جناحيه . يسحقها عذب الكلمات وانتقاء مفردات اللغة . يتفيؤها في ليل الغربة المشبع بالشمس وطقوس الخوف . تلتصق به هرباً من صقيع الاحتمالات وهواجس المستقبل . يأخذهما التفكير بإسماعيل مأخذ الجد مع انفتاح المجتمع على كل الغرائب . تنتصب واقفة في وجه الصحاري : كيف سيكون عليه الحال عندما يشب ؟ ينتصب واقفاً تحت عراء النجوم : يجب أن نرسم حياته منذ الآن ! - هل هي حياته هو أم حياة ما نتمنى أن نكون عليه ؟ - الاثنان معاً . وهل هناك أفضل من أن يكون كما نتمنى نحن أن نكون ؟ - وإذا لم يطب له الأمر .. - يتخلص مما لا يحب . يتجولان بين خيوط المطر، وحبات البرد التي تصطدم بزجاج النافذة، تأخذهم موجات الدفء إلى اشتعالات الموقد وبراءات اللهب ، يرقبانها بمتعة ارتشاف القهوة العربية المرة ، يأتيهم الرعد صارخاً بكل مكونات الانفجار ، يصحو إسماعيل فزعاً راكضاً إلى والديه : - ماذا يحدث ؟ - مطر ورعد وبقايا حروب بين الأقدمين .. تشتد موجات الرياح عصفاً ، تحمل البيوت إلى أماكنها الجديدة ، تقتلع الأشجار وخطوط الكهرباء ، تضرب أبواب المحال التجارية وتحطم الواجهات ويافطات الدعاية ، يتساءل إسماعيل : - منذ متى يتحارب الأقدمون ؟ - لا أحد يعرف ، إنها كائنات غير مرئية ، ولكن ما هو مرئي ضحاياها من البشر ! - وكيف لهذا السلاح أن يكون فتاكاً على هذا النحو ؟ - ليس هذا هو سلاحهم الوحيد . إنه أضعف الأسلحة فتكاً ! - ودائماً الضحايا من البشر .. - نعم . - كيف إذن لو كان البشر الذين يتحاربون ؟ كم سيكون مقدار الخسائر والضحايا ؟ - حسب الأسلحة المستخدمة ! - اللهم قِنَا هذا النوع من الحروب ..
#حبيب_هنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفصل 20 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 19 من رواية تصبحون على غزة
-
الأول من أيار
-
الفصل 18 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 17 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 15 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 14 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 13 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 12 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 11 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 10 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 9 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 8 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 7من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 6 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 5من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل 4 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل3 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل2 من رواية تصبحون على غزة
-
الفصل1 من رواية تصبحون على غزة
المزيد.....
-
الشعر في أفغانستان.. ما تريده طالبان
-
أكثر من 300 لوحة.. ليس معرضا بل شهادة على فنانين من غزة رحلو
...
-
RT العربية توقع اتفاقات تعاون مع وكالتي -بترا- و-عمون- في ال
...
-
جامع دجينغاربير.. تحفة تمبكتو ذات السبعة قرون
-
حملة ترامب تطالب بوقف عرض فيلم -ذي أبرنتيس- وتتهم صانعيه بال
...
-
ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي
-
فنانو مسرح ماريوبول يتلقون دورات تدريبية في موسكو
-
محاكمة ترامب.. -الجلسة سرية- في قضية شراء صمت الممثلة الإباح
...
-
دائرة الثقافة والإعلام الحزبي تعقد ندوة سياسية في ذكرى النكب
...
-
كراسنويارسك الروسية تستضيف مهرجان -البطل- الدولي لأفلام الأط
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|